الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
متاهة
دلور ميقري
2018 / 11 / 3الادب والفن
أيام ثلاثة، بلا لحظة نوم ليلاً. في خلال النهار، كنتُ بالكاد أصيب في كل مرة ساعة من الإغفاء الأقرب إلى التهويم. رأيتني في الطريق إلى المركز الصحيّ، سعياً لمقابلة الطبيب. كنت أمشي وأنا في غاية الإعياء، تسند قدميّ أرض صلبة بينما رأسي مدعوم من لدُن السماء الرائقة. مع ذلك، لاحَ من نظرات المارة، الفضولية المتفحصة، وكأنهم بإزاء رجل ثمل مترنّح الخطى. مبنى المركز الصحيّ، المكون من طابقين، كان يبدو عن بعد جاثماً فوق رابية ملفوفاً بالأسرار والأحاجي ـ كأبي هول الأسطورة.
قالت لي الطبيبة، بلكنتها المفصحة عن أصولها البولونية: " لدينا سرير فارغ في المركز، وبوسعك الاستفادة منه ". ثم ما لبثت أن رمقت مساعدتها، السويدية السمينة، بابتسامة ماكرة مواربة. وعلى الرغم من عدم تحمسي للفكرة، فإنني طلبت مهلة تفكير. ردت علي فوراً: " ولِمَ التردد؟ السرير جاهز، وأنت لن تمكث لدينا سوى يوماً أو يومين "
" الحقيقة، أنني لست متأكداً مما إذا كنتُ قد أطفأت الشموع في مطبخ الشقة "، أجبتها كاذباً. نداء داخليّ، على شكل هاجس، جعلني في ريبة من الأمر. على أي حال، استعدت حريتي للحال فيما كنتُ أمرق من باب المبنى الرئيس. ولكن فكرة أوقفتني على غرة، فمددت يدي إلى جيبي كي أتيقن من وجود مفاتيح شقتي. آه، لقد نسيتهم على الطاولة في حجرة الطبيبة. عدتُ على أدراجي، فاجتزت الباب الرئيس مجدداً وسرت في الرواق الطويل وصولاً إلى الحجرة. إذا بصوت المرأة ذات اللكنة المنحوسة يطرق سمعي: " لا، أنا على يقين من إيابه. وإلا، فكيف سيدخل شقته؟ ولكننا في هذه المرة سنحتفظ به، كونه يُشكل خطراً على المجتمع! "
" أهوَ كذلك، فعلاً؟ "
" غير مهم، في أيّ حال، سوى أن لدينا الحق باحتجازه لحين الوثوق من حالته النفسية ". ثم أعقبَ ذلك همهمة وضحكات. تراجعت بهدوء، مروّع الفؤاد مضطرباً. لما ألتفت نحو الباب الرئيس، أختلطت عليّ الجهة إليه. اندفعت في أحد مماشي الرواق، المثبت فيه سهم يدل على ناحية الخروج. في الأثناء، ولدى اجتيازي مدخل إحدى القاعات، هبّت في أنفي رائحة مقيتة جعلت نفسي تزداد انقباضاً. كانت رائحة جثث، وعلى الأرجح أن تلك كانت قاعة مشرحة ما. صار سيري أشبه بالهرولة، متنقلاً من ممشى إلى آخر دونما أن أعثر على الباب الرئيس. إلى أن وجدتني ثانيةً أمام حجرة الطبيبة. على الأثر، صدرت جلبة من خلفي مع الصوت المميز لانفتاح الباب الرئيس. أصخت السمع، إلى أن أدركت من أين صدر الصوت. وكنت من العجلة واللهوجة، أنني كدت أصطدم بأحدهم وهوَ عند عتبة الباب. تنفست خارجاً بعمق، وأطلقت بعد ذلك قدميّ للفرار من المكان. أمام موقف الحافلات الكبيرة، همدت على أحد المقاعد مهدوداً من النعاس والإرهاق. غدت السماء قاتمة بلون الغسق، مهيمنة عن قرب على مشهد الرابية، المعتلي فوقها ذلك المبنى المرعب، الذي كان عندئذٍ يحدق فيّ بعين بابه الرئيس، السيكلوبية.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فودكاست الميادين| مع الممثل والكاتب والمخرج اللبناني رودني ح
.. كسرة أدهم الشاعر بعد ما فقد أعز أصحابه?? #مليحة
.. أدهم الشاعر يودع زمايله الشهداء في حادث هجوم معبر السلوم الب
.. بعد إيقافه قرر يتفرغ للتمثيل كزبرة يدخل عالم التمثيل بفيلم
.. حديث السوشال | الفنانة -نجوى كرم- تثير الجدل برؤيتها المسيح