الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جلال زنكبادي بين (مانريكي والرّندي)

مصطفى الهود

2018 / 11 / 3
الادب والفن


جلال زنكبادي بين (مانريكي والرّندي)
قبل الدخول الى كتاب( خورخيه مانريكي شاعر عصره) الذي تم طباعة عن الدار العربية للعلوم ناشرون في بيروت ،احب ان اتكلم عن مؤلف الكتاب قبل الخوض في مضمون الكتاب ،الحقيقة انني لم اكن اعرف شيء عن حياة المؤلف الا عن طريق الاستاذ القاص صلاح زنكنه عن طريق الصدفة حين راح يتحدث عن صحبته لجلال زنكبادي حينها تبين لي ان المؤلف سكن في مدنية بعقوبة ثم في منطقة شفته وبعدها في بهرز وذلك لظروف عمله اذ كان يعمل معلم في مدارس الابتدائية في تربية ديالى وقضى ما حوالي ثلاثة سنوات فيها ثم اتنقل الى اربيل ،الكاتب يجيد ست لغات ما بين الكردية والانكليزية والاسبانية ... ،وانه رجل عصامي ثقف نفسه بنفسه ودراس اللغة الاسبانية في وقت قريب وعن طريق الصدفة ايضا حين وجد لوحة مكتوب عليها تعليم اللغة الاسبانية ليتفوق على زملائه بدرجة عالية ،ما شدني اليه هو هذا الكتاب الذي بين يدي هو المعرفة التفصيلية لتاريخ اسبانيا والادب الاسباني بل حتى مدى تأثر الاسبان في الادب العربي ،الشاعر خُورخيه مانريكي صاحب اهم موروثة شعرية رثائية رثاها بحق اباه الذي كان يعده رمز في الشجاعة والكرم والادب وكذلك منزلته الدينية ،الشاعر خُورخيه مانريكي(1479-1440) اسباني من العصر الوسيط ومن اسرة ارستقراطية عريقة الحسب والنسب ،كان معروف عنه كشاعر ارستقراطي جامع ما بين السيف والقلم ،سيما بمرثيته التي تعد من عيون الشعر الاسباني على مر العصور، والتي حظيت بالترجمة الى العديد من اللغات العالمية ، واستطاع جلال زنكبادي ان يتوصل الى طريق يتوسط ( القريض الصارم )و (النثر الفضفاض) وذلك بالمزج بين البحور الثلاثة (المتدارك، الخبب، الرجز والمتقارب) حتى اقصى الاوجه ( الجوازات / الزحافات ) هو طبعا ليس اول من مزج بين بحرين واكثر ، وقد سيمت طريقته الترجمية هذه ( المنثومه ، من النثم )لا ( المنظومة من النظم )كمال ابو اديب ،لقد شهد عصر مانريكي انقلابات وتحولات تاريخية كبر ، فقد كان عصر صراعات حاسمة وارهاصات بواكير (النهضة الاوربية) والاصلاح الديني،والمتغيرات المشهودة على صعيدي شبه الجزيرة الايبرية (اسبانيا والبرتغال) ،والمعمورة قاطبة ، لاسيما اوربا ، وهذه المرثية الفريدة بخطابها الانساني الآسر وبنظامها الدينامي الحب ، فهي تخاطب الانسان في كل زمكان حيث يستعملها الشاعر داعيا الى المتلقي الاستقامة من غفوته وغفلته وبذكر فيها الوجود والعدم والحياة والموت والزمن ومصائر البشر طرا والاخرة وناهيكم عن المتع ، واللذات ، المال ، الجاه والسلطة ثم بذكر بمصاير الملوك الجبابرة وبعض شخصيات عصره البارزين ، ومن ثم يتطرق الى ذكر والده السياسي الداهية والمحارب الشجاع ، الجامع بين المجدين الدنيوي والديني وكتب على قبره ابية (هنا يرقد ميتا ، الرجل الذي ظل اسمه حيا) ....
اما الشخصية الثانية هو ابو البقاء ،او ابو الطيب صالح بن يزيد بن نصالح بن موسى ..بن شريف النفزي الرّندي، وهو مولود في مدنية (رنده) بالأندلس ويعد خاتمة ادباء الاندلس ،فقد كان شاعر مبدعا ، كاتبا بارعا وفقيها متبحرا ، لقد عاش الرّندي في عصر اضطراب اوضاع الاندلس الكبرى حينما انهارت سلطات (الموحدين) وساد ملوك الطوائف والزعماء المحليون ،في بعض انحاء الاندلس الشرقية الوسطى ، ومنها مملكة غرناطة الصغيرة ، الواقعة بين (الوادي الكبير)و(البحر المتوسط) ...
قضى الرندي معظم ايامه في مدينة رنده واتصل ببلاط (بني نصر ابن الاحمر) في غرناطة وتنقل الرندي في معظم قصور الملوك وقد شهد ما ألت اليه الحروب بين المسلمين والمسيحين وسقوط الزعامات استطاع الرندي ان يكتب مرثية على الاندلس (1285-1204) ،ويمكن ابداع الرندي في اوصافه المتنوعة لاشياء متباينة مثل العقل،النهر،الورد،السيف،القوس،القلم،السكين،....وغيرها وكذلك جمعه بين الجانبين المبهج والمؤسي من الحياة ، فنظم الرندي في تلك الظروف المؤسية مرثية ، التي تعد من اعظم المراثي القومية ، والجميل في هذه المرثية انها كُتبت قبل سقوط غرناطة بعامين .
هنا يستوقف القراء مدى التشابه الوارد بين تساؤلات الشاعرين ، بل والتطابق العددي بين الابيات الاثنين والاربعين لمرثية الرندي والمقطوعات الاثنين والاربعين لمرثبه مانريكي ! ياترى هل حصل ذلك بمحض الصدفة اكيد الجواب كلا .
لمرثية الرّندي تؤشر انيهار الاندلس وانحسار الاسلام ، بينما تؤشر مرثية مانريكي نهوض اسبانيا المسيحية ، ومن الجلي ان الرّندي كان يرثي المكان في حالة نكوصية تنازلية ،بينما يرثي مانريكي المحارب البطل ،هنا لابد من ان اشير الى ان الادب العربي الاسلامي في دولة الاندلس اخذ من الازدهار والرقي ما تأثر به سكان الاندلس ،هذا لا يقبل الشك ان الشاعر مانريكي كان متأثرا بالأدب العربي الاسلامي وذلك بسبب المدة التي قضاها العرب في اسبانيا حوالي خمسة قرون ،واخيرا يعد هذا الكتاب الذي استطاع جلال زنكبادي من تأليفه واعتماده على مصادر كثيرة من اهم المراجع التاريخية ومصدر مهم للباحثين في الادب العربي والاسباني ، لا سيما ذكر كبار الادب الاسباني من قداما وحتى شعراء معاصرين ،تحية طيبة الى الكاتب جلال زنكبادي على هذا الجهد في توظيف هذا الكتاب وتحية حب للقاص صلاح زنكنه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا