الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اَلْصَّدْمَةُ وَتَجَلِّيَاْت اَلْخُبْثْ اَلْإِسْلَاْمَوِي ..!

فيصل عوض حسن

2018 / 11 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


اَلْصَّدْمَةُ وَتَجَلِّيَاْت اَلْخُبْثْ اَلْإِسْلَاْمَوِي ..!

فيصل عوض حسن

ذَكَرْتُ في حُوارٍ نَشَرَته التيَّار يوم 6 أكتوبر 2018، بأنَّ أزمة السيولة (صَنَعها) المُتأسلمون، ضمن أُسلوبهم المعهود (الإدارة بالأزمات Management by Crisis). كما ذَكَرْتُ بأنَّ الصدمة الاقتصاديَّة تقوم على استغلال/صُنْعْ الكارثة، كالانقلابات والحروب أو الانهيار الاقتصادي أو الكوارث الطبيعية، حيث يفقد الجميع الوعي والتركيز، وفي خضم هذه الظروف غير المُواتية، يتم تطبيق الرأسماليَّة بكل بشاعتها، أو ما يُعرف بـ(رأسمالية الكوارث)، حيث الحُرِّیَّة المُطلقة وقابليَّة كل شيئ للإتجار، بعيداً عن القيم الأخلاقيَّة والإنسانيَّة الأصيلة.
وللتذكير، فإنَّ الإدارة بالأزمات تستندُ بشكلٍ كبير على الإلهاء، وافتعال الأحداث وإطلاق الشائعات وتصعيدها وتبريرها، لبلوغ المَرامي الحقيقيَّة لـ(صَّانِعِي) الأزمة/الأزمات، عقب فُقدان المُستهدفين لتَوازُنهم/وعيهم، وهو ما يُعرف بـ(التحكُّمِ والتطويع). ولقد أتقن المُتأسلمون هذا الأسلوب المُدمِّر تماماً، ومن خلاله استطاعوا نهب وتدمير السُّودان وما يزالون، والمُسْتَوْزِرْ (مُعتز موسى) يجتهد كثيراً في تطبيق رُؤى عصابته عبر هذا الأسلوب، مُستغلاً ترسانتهم الإعلاميَّة المأجورة ووسائل التواصُل المُختلفة. فمنذ (اسْتِوْزَاره) الأخير، وهو يعمل على (إلهاء) السُّودانيين بتصريحاته (المبتورة)، عن التضخُّم وتَرَاجُع الإنتاج وغياب السيولة وتدهور الاقتصاد السُّوداني، ولعلَّ أبرز (إلهاءاته) التي ما تزال تداعياتها ماثلة، هو (ادِّعائه) بمُعالجة مشاكل البلاد بـ(الصدمة)! ولو تَدَبَّرنا المُعطيات الماثلة، سنكتشف بأنَّ المُتأسلمين (صَنَعُوا) أزمة السيولة من العدم لتحقيق هدفين رئيسيين، أوَّلهما التغطية على (حقيقة) انفراط التضخُّم، وانهيار الجنيه السُّوداني وفُقدانه لقُوَّته الشِّرائيَّة. والهدف الثاني لأزمة السيولة، هو إلهائنا عن تسليم ما تَبقَّى من مُقدَّراتنا للدَّائنين، الذين يُطالبون بالقروض التي نَالَها البشير وعصابته باسم السُّودان و(امتنعوا) عن سدادها، حيث انتبه السُّودانيين لهذه (الخِيانة) الإسْلَامَوِيَّة وناهضوها بقُوَّة في أكثر من حالة، وهذه هي (الصدمة) التي تعمل العصابة على تنفيذها الآن. وبعبارةٍ أُخرى، فإنَّ تطبيق (الرأسماليَّة) في السُّودان لا يحتاج لـ(صدمة)، لأنَّ المُتأسلمين يَدَّعون تطبيق (التحرير الاقتصادي) منذ التسعينات، مما يعني وجود أهداف أُخرى للصدمة التي يعنيها (مُعتز)، خاصةً إذا تَتَبَّعنا مُمارساتهم الحاليَّة التي تُؤكِّد ذلك.
لمزيد من التوضيح، سنضرب مثالين واقعيين للأهداف (الخَفِيَّة) من الدرامات الإسْلَامَوِيَّة الماثلة، المثالُ الأوَّل، هو سَعيهم لتسليم ميناء بورتسودان الذي باعوه للإماراتيين، وقبضوا الثمن وأحالوه لمصالحهم الشخصيَّة، حيث اصطدموا بصلابة العُمَّال الشرفاء، الذين طردوا الوفد الإماراتي من الميناء، ورفضوا مبدأ إدارتها للغير (إماراتيين وغيرهم) من أساسه. وعقب سلسلة من الأكاذيب/التناقُضات، أعلن مُسْتَوْزِر النقل في 23 نوفمبر 2017، أنَّ اختيار الشركة الفائزة بعطاء الميناء سيكون في 7 يناير 2018، رغم قراره رقم 23/2016 القاضي بحسم الأمر لصالح موانئ دبي! وفي 2 أغسطس 2018، أعلن ذات المُسْتَوْزِرْ عن (فوز) الشركة الفلبينيَّة بعطاء الميناء، وذكر بأنَّه أبلغ شركة موانئ دُبي بذلك! ثُمَّ وبلا مُقدِّمات أو (عطاءات) أو إجراءات قانونيَّة، أعلن المُتأسلمون في 28 أكتوبر 2018، عن اتفاق السُّودان والإمارات لتطوير وتحديث ميناء بورتسودان تنفيذاً لتوجيهات البشير، دون اعتبارٍ للشركة الفائزة بالعطاء وفق إعلانهم السابق! هذه الرَبكة تُؤكِّد أنَّ الإمارات (تضغط) البشير وعصابته لاستلام ميناء بورتسودان، مما دفعهم لهذه الدراما حتَّى يُكملوا (خِيانتهم) العُظمى هذه! والمثالُ الثاني، يتمثَّل في تسليم الصينيين أراضي إنتاج الحبوب الزيتيَّة، مُقابل (بعض) قروضهم الضخمة المحسوبة على السُّودان، وهو أمرٌ تَنَاوَلْتُه أيضاً في عددٍ من المقالات، آخرها مقالتي (اَلْفَخُّ اَلْإِسْلَاْمَوِيُّ اَلْصِّيْنِي)، التي شرحتُ فيها استهداف الصينيين لهذه الأراضي، لمعرفتهم الأكيدة بفوائدها وعوائدها الاقتصاديَّة (المُجزية) حالياً ومُستقبلياً.
وتصديقاً لهذا الأمر، نَشَرَت صحيفة الأخبار السُّودانيَّة في 29 أكتوبر 2018، خبراً عن (احتكار) الصين لإنتاج البلاد من الفول السُّوداني، كما نَشَرت السُّوداني في ذات التاريخ، خبراً عن إلغاء جميع الرسوم والضرائب المفروضة على الاستثمارات (الأجنبيَّة)، ونَشَرَت الصيحة يوم 29 أكتوبر أيضاً، مُطالبة نائب البشير الأسبق ببيع مياه النيل الأزرق للمُزارعين، وجميع هذه الأخبار (ضد) السُّودانيين عموماً المُنتِجين الزراعيين خصوصاً. فالاحتكار يتقاطع مع التحرير الاقتصادي، ومع إعلانات المُتأسلمين المُتكرِّرة بشأن مُحاربته، والأهمَّ أنَّه يُخالِف دستور السُّودان (الانتقالي)! وأمَّا بَيْعُ المياه، خاصةً للاستخدمات الزراعيَّة، فيُخالِف ما أقَرَّته الدول والمُنظَّمات ونَادَت به الدراسات والبحوث التخصُّصيَّة، بشأن استرداد تكلفة إتاحة المياه للإنتاج الزراعي، كما يتقاطع مع إعلان القاهرة للأمن المائي الذي وَقَّعه، نيابة عن السُّودان، يعقوب أبو شورة منذ التسعينات. والأغرب في هذا الأمر، أنَّ صاحب هذه المُطالبة يَدَّعي انتسابه للزراعيين، ولا أدري كيف فات عليه ذلك، وهو يسبق اسمه بحرف (الدال)! من جهةٍ ثانية، فإنَّ أزمة السيولة (المصنوعة) تُعيق عمليات حصاد وتسويق المحاصيل الزراعيَّة، وفق التيَّار في 22 أكتوبر 2018، حيث نَبَّه مزارعو القضارف لآثار شُح السيولة، على عمليات حصاد وتسويق السمسم، واحتماليَّة تَسبُّبها في خروج العديدين من دائرة إنتاج الموسم القادم، ولعلَّ هذا ما يُريده المُتأسلمون تماماً.
هذه المُعطيات، تفضح تغريدات/تصريحات مُعتز الإلهائيَّة/التضليليَّة، بشأن مُعالجة أزمة السيولة التي (صنعوها) من العدم، والتي أصبحت الآن (مُركَّبة) وأكثر تعقيداً. فمن جهة (طَبَعُوا) مئات الآلاف من الأوراق النقديَّة المحليَّة، دون غطاءٍ إنتاجي أو احتياطيٍ معلومٍ من العُملات الأجنبيَّة، مما يعني المزيد من إضعاف الجنيه السُّوداني وإفقاده قُوَّته الشرائيَّة! ومن جهةٍ ثانية، تمَّ (حَجَبُوا) الأموال المطبوعة ذات القيمة المُتراجعة عن المُزارعين، لتعطيل عمليات الحصاد والتسويق والإيفاء ببقيَّة التزاماتهم، حتَّى ينهار الموسم ويدخل المُزارعون السجون، ويبتعدوا عن الإنتاج في الموسم القادم، ليتسنَّى (تسليم) الأراضي للصينيين، أي مُواءمة/شَرَعَنة اقتلاع أراضي الحبوب الزيتيَّة، من المُنتِجين المحليين لصالح الغير، مع إعفاء (الأجانب) من كافَّة الرسوم والضرائب التي قَصَمَت ظَهْرْ المُنتِج المحلي!
ليتنا نُدرك الحالة الاستثنائيَّة لميناء بورتسودان، وأبعادها السياديَّة والسياسيَّة/الاستراتيجيَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة الحَسَّاسة، باعتبارها مُتَنَفَّسنا للعالم الخارجي ومفتاح تجارتنا الدوليَّة. وليتنا نُدرك (حَسَاسيَّة) الحبوب الزيتيَّة، كآخر ما تَبَقَّى لنا من آمالٍ للنهضة الاقتصاديَّة المرجُوَّة، بجانب قطاع الثروة الحيوانيَّة، بما يُحتِّم علينا العمل على تشكيل جبهة عريضة، لدعم ومُساندة نقابة عُمَّال ميناء بورتسودان، وأهلنا المُزارعين بمناطق الإنتاج المُختلفة، وعدم التهاوُن ومُقاومة تسليم هذه المُقدَّرات الوطنيَّة/السياديَّة، لأي جهة مهما كانت المُبرِّرات.
لِنَعْلَمْ بأنَّ هذا التكتيك الشيطاني لن يتوقَّف على ميناء بورتسودان أو أراضي الحبوب الزيتيَّة، وسيمتد ليشمل مُقدَّرات وطنيَّة أُخرى، ودونكم ارتفاع الجدل بشأن سُكَّر النيل الأبيض وكنانة وغيرها من مُقدَّراتنا. لذلك، وبدلاً من مُتابعة أكاذيب/تغريدات مُعتز الهايفة، علينا استيعاب هذه الحقائق المُرعبة والتعامل معها بما تستحق من جِدِّيَّة وسُرعة. والبشيرُ وعصابته باقون حتَّى الآن فقط ليُكملوا (خِيانتهم)، ويُنقذوا أنفسهم من الدَّائنين و(المُبتزِّين) الخارجيين على حساب السُّودان وأهله، وسيهربون للبلاد التي يحملون جوازاتها فور إكمال (الخِيانة)، لأنَّ البلد لم يَتَبَقَّ منها شيئ من مُقوِّمات ومُتطلَّبات الحُكْمِ ومُغرياته.. وللحديث بقيَّة.





مُلاحظة: عقب انتهائي من هذه المقالة، اطَّلعتُ على خبرٍ نشرته المجهر السياسي في 3 نوفمبر 2018، بشأن دراسات (جديدة) لسدي كجبار وستيت (تقلل الآثار الاجتماعية).. فتأمَّل..!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط


.. جيش الاحتلال يعلن إصابة 4 جنود خلال اشتباكات مع مقاومين في ط




.. بيان للحشد الشعبي العراقي: انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو