الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى عربي مسلم يحمل الجنسية التونسية

سلام محمد المزوغي

2018 / 11 / 5
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


عندما يتكلم المسلم انطلاقا مما لقن، ينتابني للحظات شعور بالاشمئزاز وأتساءل متى سيستيقظ هذا الانسان وإلى متى ستصبر الحياة والبلاد عليه وعلى سفهه؟ أتساءل كيف إلى الآن يحكم هكذا بشر؟ كيف يعقل أنه إلى الآن يسيطر على شعب برمته؟ وكيف إلى الآن لا يزال مصدقا للأقوال الغريبة التي يكررها دون ملل على مسامعي..
المعادلة جلية بالنسبة لي؛ من حقك أن تؤمن، لكن ليس من حقك أن تدمر بلدي، ليس من حقك أن تزيف تاريخه وحاضره وتقضي على مستقبله.. من حقك أن تؤمن، لكن من حقي أن أسائلك عما تؤمن لأن إيمانك سبب رئيسي لتخلف شعب بأكمله.. إذا كان إيمانك يصنع ثقافة تقتل وتدمر، يكون من حقي الدفاع عن وجودي ووجود كل من حكمت عليهم بالفناء؛ أنا، شعب وبلد.
أصل إيمانك إله يدعى الله أرسل من صحراء العرب رسولا برسالة للعالم بأسره، الرسول عربي والرسالة عربية قالبا ومضمونا، قرأت الرسالة وتتبعت أصولها فوجدت أنها كلام لا يقدم ولا يؤخر، حملت ثقافة تلك الصحراء البدائية وعاداتها علاوة على البعض من عقائد وثقافات كل من كان على صلة بتلك الصحراء من أقوام أخرى، وبذلك يكون من التجني أن تقول أن ما فيها يصلح لي اليوم..
تلك الرسالة صنعها أقل البشر حضارة، الحضارة التي نشأت على ضفاف الأنهار أين فهم الإنسان المستقر أنه من الأفضل التعاون مع أخيه الإنسان ليستطيع الحياة من أرضه التي وعى قيمتها فقدسها ودافع عنها ضد الخطر القادم من الصحراء التي خرج منها العربان جياعا حفاة عراة وهبوا هبة واحدة كالجراد، فلم يتركوا في طريقهم مكانا إلا نهبوه ودمروه وما بقى منه فلم يجدوا من حل إلا نسبته وتاريخه ومنجزاته إليهم.. كلامي عن الحضارة لا أقصد به ميزوبوتاميا ومصر بل بلدك، الحضارة لم توجد فقط هناك كما علموك..
الرسالة عربية وحملتها عرب؛ هكذا قرأت في تاريخ إيمانك، لكني لم أؤمن بها ليس عنادا مني أو جحودا من نفسي ولكن لأني لم أجد شيئا واحدا صالحا لي في هذه الرسالة وللبلد الذي نتشارك النسبة إليه في وثائقنا الرسمية.. إيمانك جعل بلدي يختلف عن بلدك، بلدك ينتمي إلى الصحراء وأهلها ورسالتها، أما بلدي فينتمي إلى قارته الأفريقية أولا وإلى تاريخه الحقيقي الذي تجهله وتصم آذانك عن معرفته ثانيا.
إيمانك صنع منك العربي قبل المسلم، جسدك يعيش معي في بلدي أما عقلك فهناك ينبش صحراء قاحلة باحثا عن أمجاد زائفة لم تكن يوما فصلا من فصول التاريخ الحقيقي لبلدي.. ترى أن إيمانك دين مرسل من عند إله، لكن حقيقته أنه مجرد منظومة استعمارية نهبوية تسلطية ككل الأيديولوجيات التي صنعها البشر طوال تاريخهم..
أكلمك عن دينك لأنه الذي يهمك ويهمني، فهو الوحيد الذي يعيش على حياة بلدي وشعبي.. وإن أردت أن أعمم فكلها سواء؛ ما تسميه أديانا سماوية وغيرها من الأديان، كلها أفكار بشرية بدائية أنتجها البشر إجابة عن تساؤلاتهم وجهلهم وتلبية لرغباتهم النفسية والسلطوية. لا تزال هذه الأفكار قائمة إلى اليوم والناس تزور معابدها وتحترم سدنتها لأنها السبيل الأنجع للسيطرة على الشعوب ونهبها بمباركتها.. ألا ترى أن أصل تشبثك بإيمانك يعود إلى ما لقنته في صغرك؟ ألا ترى أنه أين حكم الدين ازدهر الفقر والجهل والتخلف والدمار؟ ألا تتساءل لماذا يدافع الغرب عن إيمانك وينزه دينك عن كل نقيصة راميا بكل المسؤولية على من تسميهم "متعصبين" و "إرهابيين"؟ ألا تزال مصدقا أن الغرب علماني ويحترم عقائد الآخرين؟ ألا ترى أن سياسته النهبوية منذ قرون لم تتغير منها إلا الطريقة؟
سأصارحك أني في بعض الأحيان، أقول أننا شعب حقير لا يستحق الحياة، كل شيء نهب منا حتى أنفسنا.. من نحن ومن نكون.. إيمانك جعل شعبنا يلبس خيمة الصحراء ويتبنى قضاياها وعنترياتها الدونكيشوتية، بإيمانك صار الحر مولى وكيف للتابع أن يتقدم؟ ألا تتساءل كيف تكون غزة أهم عندك من تالة والقصرين وسيدي بوزيد؟ ما علاقتك بعبد الناصر وبصدام؟ كيف أصبح بلدك المصدر الأول للقتلة والسفاحين؟ ألا تسأل لماذا ذهبوا إلى العراق وسوريا ولم يذهبوا إلى مالي والنيجر؟ أفي سوريا إسلام وفي مالي سيخية أم أن الحقيقة أصل إيمانك الذي جعل منك عربيا قبل أن تكون مسلما؟
لن أطيل عليك، وسأختم بسؤالك الذي لن تجد له جوابا ما بقيت مؤمنا بالإله الذي أرسل رسولا عربيا برسالة عربية لك.. ألا ترى أن كل من يحكمون بلدك لصوص؟ ستقول أن الاخوانجية لا يمثلون الدين الحقيقي لكنك ستنتخبهم، ستقول أن السبسي وعصابته ليسوا إلا بورقيبة وبن علي لكنك ستنتخبهم ولا خيار لك، أما حمة والرعاع الذين معه فأمرهم منته عندك لأنهم كفار وهم كذلك "كفار" لكن ليس الكفر بإيمانك بل الكفر بما سيعيد للبلد كرامته ومنعته؛ أصله.. ليتك تفهم أنهم كلهم غرباء عن البلد ولا يوجد في عقولهم المغيبة غير ثقافة الغنيمة التي تعلموها من إيمانك ومن صحرائه.. ليتك تفهم أنك تستطيع أن تؤمن لكن ليس بالإسلام الذي تتبعه اليوم، الذي تؤمن به وتظن أنك أرقى من غيرك من إخوتك العرب كما تعتقد ليس دينا بل أبشع استعمار عرفته الأرض لا يزال بلدك وشعبك تحت أقدامه القذرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انطلاق معرض بكين الدولي للسيارات وسط حرب أسعار في قطاع السيا


.. الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على بنى تحتية لحزب الله جنوبي




.. حماس تنفي طلبها الانتقال إلى سوريا أو إلى أي بلد آخر


.. بايدن يقول إن المساعدات العسكرية حماية للأمن القومي الأمريكي




.. حماس: مستعدون لإلقاء السلاح والتحول إلى حزب سياسي إذا تم إقا