الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاقتصاد الاوروبي يتأخر بفعل العقوبات الاميركية ضد روسيا والصين وايران

جورج حداد

2018 / 11 / 6
السياسة والعلاقات الدولية


إعداد: جورج حداد*


منذ سنوات طويلة والولايات المتحدة الاميركية تعاني ازمة مالية ـ اقتصادية مستعصية. ومن اسباب هذه الازمة:
ـ1ـ تضخم الالتزامات المالية الخارجية لاميركا (ولا سيما العسكرية) للحفاظ على زعامتها الدولية.
ـ2ـ الانخفاض النسبي الكبير لحصة الانتاج الوطني (فالتصدير) في اجمالي الاقتصاد الاميركي الضخم. وما ينتج عنه من تضييق سوق العمل.
وقد بلغت الازمة احيانا حد وقوف الدولة الاميركية على حافة العجز عن دفع رواتب واجور موظفيها (بما في ذلك الجيش). كما جرى في عهد اوباما.
ولمواجهة الازمة كانت الادارات الاميركية التي سبقت ترامب تلجأ الى قاعدة "وداوني بالتي كانت هي الداء"، اي اعتماد الحلول المالية لمواجهة الازمة المالية، وخاصة عن طريق رفع سقف الدين العام للدولة وطباعة كميات اضافية من الدولارات الورقية المكشوفة، وتخفيض الضرائب وتخفيض الفائدة المركزية. وكان ذلك يقلص امكانية اللجوء لمثل هذه الحلول لاحقا، وينعكس سلبا على آفاق تطور الاقتصاد الاميركي ولا سيما قطاع الانتاج.
وجاء دونالد ترامب الى البيت الابيض، صاعدا من وسط قطاع الاعمال (البيزنس)، وقلب اتجاه حل الازمة المالية ـ الاقتصادية الاميركية من الداخل الى الخارج. ورفع ترامب شعار "اميركا اولا" وبدأ يطالب جميع الدول الحليفة لاميركا ان تدفع تكاليف الحماية الاميركية لها. وحيال السعودية ومن لف لفها من دول الخليج النفطية اتخذت المطالبة الترامبية طابع الابتزاز المكشوف والاذلالي.
وطبعا انه ليس بامكان اميركا ان تتعامل مع الدول الحليفة الاخرى بمثل تعاملها مع السعودية والحكام الاتباع العرب. ومن هنا كانت الخطط الاميركية لابتزاز الدول الاوروبية والاسيوية (اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان) وكندا والمكسيك وغيرها، بطرق التفافية. ومن هنا عمدت الادارة الاميركية الى نبش تراث "الحرب الباردة" وتصعيد الخطاب الحربي وسباق التسلح، كما شهرت سيف العقوبات الاقتصادية، مع كوريا الشمالية ومع روسيا والصين وايران.
والهدف الاساسي من كل هذا السيناريو الساخن من "الحرب الباردة" هو تضييق الخناق على اقتصادات جميع دول العالم، بما فيها الدول الحليفة لاميركا، وانعاش الاقتصاد الاميركي. وقد انعكس ذلك بشكل خاص على الدول الاوروبية ذات العلاقات الاقتصادية الواسعة مع روسيا والصين وايران، اكثر مما لاميركا بكثير.
وتشير الاحصاءات الرسمية الاوروبية ان الناتج الداخلي القائم في منطقة اليورو قد تضاءل نموه بشكل ملحوظ في الاشهر الثلاثة قبل الاخيرة من العام الحالي. فقد نما الناتج الداخلي القائم بالكاد 0،2% على قاعدة الثلاثة اشهر و1،7% على قاعدة السنة. كما ان الناتج القائم للدول الـ28 الاعضاء في الاتحاد الاوروبي قد نما 0،3% على قاعدة الثلاثة اشهر و 1،9% على القاعدة السنوية. في حين ان المحللين كانوا يتوقعون لمنطقة اليورو نموا مقداره 0،4% على قاعدة الثلاثة اشهر. والنمو المسجل في الثلاثة اشهر الثالثة هو الادنى منذ سنة 2014.
ويقول المحللون ان السبب الرئيسي لهذا التأخير الملحوظ في النمو يكمن في الحرب التجارية التي باشرتها اميركا والتي ستؤثر على الاقتصاد العالمي في السنوات القادمة. وهناك مخاوف ان نهاية هذه الدورة الاقتصادية ستكون قريبة وستنتهي باوروبا الى الركود الاقتصادي. في حين ان فائدة البنك المركزي الاوروبي هي الان الادنى تاريخيا. وبرنامج شراء السندات لم يكتمل بعد.
وكانت توقعات الخبراء الاقتصاديين الاوروبيين تفترض نموا لمنطقة اليورو بمقدار 0،4% على قاعدة الثلاثة اشهر و 1،8% على القاعدة السنوية. وتفيد مؤشرات مؤسسة الاحصاء الاوروبي عن تضاؤل الثقة الاقتصادية، والانهيارات الاكبر تلاحظ في المانيا، فرنسا وايطاليا.
وتتناقض المؤشرات الاقتصادية الاوروبية بشدة مع تلك الاميركية. حيث تقول المعطيات كما نشرت مؤخرا ان الناتج الداخلي القائم لاميركا قد نما 3،5% في الثلاثة اشهر الثالثة للسنة الجارية 2018. وبلغ النمو في الثلاثة اشهر الثانية من السنة نسبة 4،2%. وهو اعلى بكثير من توقعات الاقتصاديين الذين كانوا يفترضون ان النمو لن يتجاوز 3%.
ويقول الخبراء ان هذا النمو الزائد هو ناتج عن زيادة النفقات الاستهلاكية والحكومية.
وهذه الاخبار "الجيدة" هي ملائمة للحملة الانتحابية للجمهوريين ولترامب في الانتخابات النصفية في شهر تشرين الثاني الجاري.
ويواصل الاقتصاد الاميركي النمو بنسب اكبر من توقعات الخبراء الاقتصاديين. وترى هذه التوقعات ان الناتج الداخلي القائم في اميركا سيبلغ 3% سنة 2018 وهذه هي النتيجة الافضل في العقد الحالي. وقد انحفضت البطالة الى مستويات قياسية.
كما ان سياسات ترامب القائمة على تخفيض الضرائب وزيادة الميزانية الحربية تؤدي الى زيادة النفقات. وفي الثلاثة اشهر الثالثة من هذه السنة ارتفعت النفقات الاستهلاكية على القاعدة السنوية بنسبة 4% وكانت في الثلاثة اشهر الثانية بنسبة 3،8%.
وكان نمو التصدير قد قفز الى نسبة 13،5% في الثلاثة اشهر الثانية من هذه السنة الا انه عاد فانخفض الى 7% في الثلاثة اشهر الثالثة.
ان الوقائع تكشف اكثر فأكثر ان الحملات الاميركية ضد روسيا والصين وايران وكوريا الشمالية ليست هدفا بحد ذاتها بقدر ما هي وسيلة للتضييق على الاقتصاد العالمي بمجمله ولتحفيز الاقتصاد الاميركي على حساب جميع شعوب ودول العالم وفي طليعتها الدول الحليفة لاميركا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توترات متصاعدة في جامعات أمريكية مرموقة | الأخبار


.. !الرئيس الألماني يزور تركيا حاملا 60 كيلوغرام من الشاورما




.. مئات الإسرائيليين ينتقدون سياسة نتنياهو ويطالبون بتحرير الره


.. ماذا تتضمن حزمة دعم أوكرانيا التي يصوت عليها مجلس الشيوخ الأ




.. اتهام أميركي لحماس بالسعي لحرب إقليمية ونتنياهو يعلن تكثيف ا