الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مع صديقتي اللاأدرية (1)

سلام محمد المزوغي

2018 / 11 / 7
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


رفضتْ أن أنقل كل ما دار بيننا في نقاشنا قناعة منها أن ذلك لن يضيف شيئا لمن سيقرأه، رأيي عكس رأيها لذلك قررت أن أنقل للقارئ بعضا مما قيل.. سأقتصر على نقل ما له علاقة بالدين - وعندما أتكلم عن الدين فالمقصود الإسلام، وليس ذلك تنزيها لغيره بل لأنه الوحيد الحاكم لثقافة شعبنا – بالمرأة وبالكتابة..
أرى نفسي محظوظا بمعرفتها.. درسنا معا كل سنوات الابتدائية ثم انقطعت أخبارنا عن بعض حتى سنة الباكالوريا.. كنا كل في مدينة سنتها، واقتصرت علاقتنا على رسائل شهرية يذكر فيها كل واحد للآخر ما غاب عنه.. بعد الباكالوريا التقينا في الجامعة وأمضينا كل سنوات الدراسة معا حتى التخرج.. اختارت هي العمل في الوظيفة العمومية وخيرت أنا العمل الحر.. هذه المعلومات البسيطة ستهم موضوع المرأة في نقاشنا وستساهم في الإجابة عن سؤال: "هل يحق لمرأة تعيش في عالم العروبة إسلام أن يكون عندها صديق حميم؟"
الصديقة لاأدرية، وفي تعاطيها مع المسألة الدينية أراها "سلبية"، تعرف الخطوط العريضة للدين وتعي جيدا خطره لكنها لا تهتم لتبليغ ما تعرف لغيرها، أما مسألة الإله فلا تتكلم فيها إلا عندما يستفزها ملحد في نقاش "عقيم" كما تراه؛ الملحد تراه محتكرا للحقيقة مثله مثل المتدين ولا جدوى من النقاش معه، الملحد يفرض عليها تحديد وجهتها بعد أن يضعها في مفترق طرق؛ من هنا حضور الإله - بأي طريقة كانت - ومن هناك الإنسان وحده. السؤال في حد ذاته قد يكون مشروعا للملحد لكن إصدار أحكامه عند عدم إجابتها عنه هو ما ترفضه.. الملحد يحكم على من سلك طريق الإله بالغباء وعلى من أراد طريقا ثالثا بالجبن.. تقول أنها قرأت لملحدين كثيرين، وتستغرب كيف يطلقون أحكامهم بتلك البساطة، الوصف بالجبن عندها "مسبّة" هي الرقيقة الحيية التي تُفضّل في حياتها اليومية أن تتحمل من الغير على أن تجرحه بكلمة وإن كانت مُحقّة.
أما المتدينون، فتقول أن من حقهم أن يؤمنوا - هي من تقدّس حرية العقيدة وتراها حجر الأساس في تقدم أي شعب – وعند سؤالها عن أن إيمانهم غير مقبول كونه سلفي نصي حرفي ويجب محاورته بل ومحاربته، تقول أن أساليب المسيحيين والملحدين من خلفية إسلامية أغلبها صدامية تهكمية لا تحترم المسلمين، ثلاثتهم احتكروا الحقيقة ولا سبيل لنقاش عقلاني محترم بينهم، جدالاتهم حروب نتيجتها أن يتمسك أغلب المسلمين بدينهم وبذلك يعجز الملحدون والمسيحيون عن الوصول للهدف المنشود.. وعند سؤالها عن كيف تضع المسلمين الأغلبية الحاكمة المضطهِدة مع المسيحيين والملحدين الأقلية المحكومة المضطهَدة، تقول أن المسلمين كالمسيحيين لم يختاروا دينهم بل ورثوه، الإرث الثقيل يجب محاورته بلين لأن الإسلام هوية المسلم ووطنه ودنياه وآخرته؛ إذا كان المسلمون مرضى بدينهم وإذا زعم أحد أنه طبيب يريد علاجهم فإن عليه أن يتعلم قبل كل شيء كيف يعامل المرضى وإلا فإنه سيفشل في شفائهم حتى لو كان أكثر الأطباء علما وخبرة..
لا أتفق مع آرائها لكني أراها صالحة لرجل سياسة أو امرأة سياسة نزيهة: رئيس دولة يحاول التوفيق بين أبنائه، أبناء شعبه..
هي آراء لا أظنها صالحة لشعبنا الذي لم يبدأ نقاشاته الدينية بعد مثلما يحصل في مصر أو المغرب، شعبنا أغلبه يتكلم عن مبادئ علمانية ويتشدق بحقوق الإنسان لكنه يرفض فتح المقاهي والمطاعم في رمضان ولا يهتم لدستور يشترط في رئيس الدولة أن يكون مسلما، شعب ورث من بورقيبة مكاسب كثيرة لم يتعب عليها ولم يناضل من أجلها لذلك هو شعب لا يعرف النضال وأساليبه والتضحيات التي يجب أن تُقدّم إليه..
كلمة "النضال" كلمة سحرية يستعملها الجميع، كله عند العرب صابون وكله عند الشعب التونسي "نضال": فالاخوانجية مناضلون وحمة وجماعته مناضلون وحزب السبسي وريث خط بورقيبة وبن علي مناضل وكل أفراد الشعب مناضلون حتى النشالون والمنحرفون مناضلون..
حقوق الإنسان، حرية العقيدة، النضال: كلمات سحرية يستعملها الجميع وكلٌّ يظن أنه صاحب الفرج، وتحت "ديمقراطية التوافق" تكون النتيجة فوضى عارمة تحت غطاء القانون وتحت حكم الدستور.. كلام صديقتي سيعجب الكثيرين، لكنه كلام هروب من مواجهة الحقيقة التي لا تطلب اليوم إلا المواجهة مع موروثنا الثقيل، شعبنا يظهر عليه أنه الأكثر "تمدنا" إذا ما قورن بغيره من شعوب العروبة إسلام فلا بيدوفيليا مُشرَّعة عندنا ولا تعدد زوجات ولا مشاكل مع تحديد النسل ولا حد ردة مشرَّع إلخ من المكاسب التي ورثها شعبنا عن الحقبة البورقيبية، وأؤكد في هذه النقطة أن هذه المكاسب وغيرها لم يناضل من أجلها هذا الشعب بل فُرضت عليه فرضا وأؤكد أيضا لمن يجهل أو ينسى أو يتناسى أن هذا الشعب قد رفض وحارب كل ما فرضه بورقيبة بالقوة كالتعليم الإجباري وخصوصا تعليم البنات..
شعبنا لا ذاكرة عنده ولم يتعب على مكاسبه لذلك ترى نسبة هامة منه لا تعي أهمية حظر تعدد الزوجات مثلا والذي لا تزال تعاني منه مصر وغيرها من البلدان؛ فمنع التعدد صار عنده أمرا بديهيا دخل في ثقافته ولذلك ترى الشيزوفرانيا البغيضة التي فيها يفتخر التونسي على غيره ويسمه بالمتخلف وفي نفس الوقت يشتم بورقيبة الكافر المعادي للدين وقيمه النبيلة..
ملاحظة: لست من المفتونين ببورقيبة، لكن الحق يجب أن يُقال، الرجل عليه مآخذ كثيرة لكن له في وقته الكثير، ولو انتصر التيار اليوسفي الاخوانجي في ذلك الوقت لكانت تونس اليوم لا تختلف كثيرا عن أفغانستان أو الصومال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحقيق مستقل يبرئ الأنروا، وإسرائيل تتمسك باتهامها


.. بتكلفة تصل إلى 70 ألف يورو .. الاتحاد الفرنسي لتنمية الإبل ي




.. مقتل شخص في قصف إسرائيلي استهدف سيارة جنوبي لبنان


.. اجتماع لوكسمبورغ يقرر توسيع العقوبات الأوروبية على إيران| #م




.. استخراج طفلة من رحم فلسطينية قتلت بغارة في غزة