الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليس بالخبز وحده... - تحية إلى ذكرى ثورة 7 أوكتوبر –

حسين مروة

2018 / 11 / 7
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


ليس بالخبز وحده... - تحية إلى ذكرى ثورة 7 أوكتوبر –

مقالة كتبها الشهيد حسين مروة في جريدة " النداء" بتاريخ 5 تشرين الثاني 1965 في الذكرى الثامنة والأربعين لثورة أوكتوبر العظمى..



ليس بالخبز وحده يحيى الإنسان..

هذا حق، ولا جدال.. ولكن ماذا تعني كلمة السيد المسيح.. في لغتها الإنسانية الواقعية؟

أليست تعني، نَصّاً ومضموناً، أنّ الخبزَ هو القاعدة الأولى الأساس لحياة الإنسان، غير أنه ليس القاعدة الوحيدة.. أي لا بد للإنسان، كي يحيا أولاً، من أن يجدَ خبزَ يومه بالأقل، ثم لا بدّ له، كي يحيا حياةً ذات معنىً وقيمةً وكرامة، من أن ينعمَ بغير الخبز، بعد أن يضمنَ النعمةَ الضروريةَ الأولى هذه؟..

هل يصحُّ في الحسّ السليم والفهم السليم أن يكونَ لهذه الكلمة الطيّبة المجيدة معنىً غير هذا المعنى الإنساني السليم؟

هو ذا معناها الحق.. وهي ذي دلالتها الكبيرة العميقة التي عناها السيد المسيح.. وباطل الأباطيل أن نحرّفها إلى وجهٍ غيرِهذا الوجه المضيء بما في لمحاته من إنسانية الإنسان..

ولكن، ماذا بعد الخبزمن قوام الحياة الإنسانية لكي تكونَ حياةً ذات معنى وقيمة وكرامة؟

في تجارب التاريخ، منذ مداه الأبعد السحيق إلى مداه الحاضر الذي نحياه، جوابٌ حاسم لهذا السؤال..

إنّ الإنسانَ ذاتَه هو الذي يُجيب.. إن كفاحَ الإنسان في تاريخه الطويل، هو الذي يضع المسألةَ في وضعها الصحيح دون جدال..

إنّ ملحمةَ الكفاح البشري، بكلِّ ما احتوته من بطولاتٍ وانتصاراتٍ وعظائم، وبكلّ ما حَفلت به من مآسي وفجائع وهزائم، تُنبئ أنّ قضيةَ الخبزِ والحريةِ والمعرفةِ معاً، كانت هي المنطق والمدى لمعاركِ الإنسان ومطامحِه وأشواقِه الكبرى..

الخبز، والحرية والمعرفة..

تلك هي الأقانيم الثلاثة لملحمة الوجود الإنساني بكاملها..

وتلك هي التي تختصرُ قضيةَ العدالة: مطمح هذا الكائن - الإنسان، منذ ضربَ أولَ ضربةِ مِعْوَل، وأولَ ضربةِ مطرقة، وأولَ ضربةِ سَيْف، على وجه هذا الكوكب الأرضي..

أيةُ حركةٍ في التاريخ البشري وأيةُ مرحلةٍ من مراحل تطوّره الصاعد، وأيةُ ثورة، أو انتفاضة من أيةِ فئةٍ بشرية في أيِّ مجتمعٍ وجيل، لم يكن وراءها دافعٌ من طلب الخبز أو الحرية، أو المعرفة؟..

ما أعظمَ كفاح الإنسان، ما أروعَ ما انتصر، وانهزم!..

ولكنْ، أيّ كفاح، وأيّ انتصار وانهزام، استطاع يوماً أن يحقّقَ كلمة المسيح، فيحيا الإنسانُ حياتَه التي ينعمُ فيها بطمأنينةِ الفرحِ بخبزه وحريته ومعرفته معاً في وقتٍ واحد، وفي مجتمعٍ واحد، كما نَعِمَ منذ استقرار هذه الثورة الكبرى التي تتباشر الدنيا، في هذه الأيام، للاحتفاء بذكراها الثامنة والأربعين؟

* * *

ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان..

نعم، هوذا الحق.. وهوذا الذي جاءت ثورة 7 أوكتوبر العظمى، في موعدها التاريخي، لتضعه دستوراً كُتبَ بالدم والعَرَق من أنْ يحيا الإنسان الجديد، في عالمنا الأرضيّ كلّه، بخبزه المادي، وبخبزه الروحيّ، متلازميْن متكاملبْن لا ينفصلُ واحدٌ منهما من صاحبه: خبز الجسد، وخبز القلب والعقل.

إنّ مجتمعَ الثورة الاشتراكية الأولى والكبرى، ليس مجتمع الخبز المادي وحده، ليس مجتمع الإنسان الآلي يعمل ليأكل، إنه مجتمع الإنسان الذي يعيش ليأكل.. إنه مجتمع الإنسان الذي يصنع الخبز بطمأنينة ويأكله ليعيش، أي ليكونَ إنساناً يعيش لإنسانيته: للكرامة، والحرية، والمعرفة.

وماذا تعني الكرامة عنده، وماذا تعني الحرية، وماذا تعني المعرفة ؟..

إنها جميعاً تعني أن يكونَ سيّدَ مصيره، وسيّدَ الطبيعة.. لا استعباد ولا استغلال من إنسان ٍ لإنسان أولاً.. واستكشاف جمال الحياة وجمال الكون وجمال الفن والفكر ثانياً.. وفتح مغاليق الأسرار ومجاهيل الأكوان ثالثاً.. ثم الاستمتاع بالنعمى العظمى والهدف الأسمى لكل تلك النعميات: الحب بكلِّ إشراقه وجماله وشموله.. الصداقة بكل طيبتها وبهائها وعمقها وسموّها.. السلام بكل صفاته وطمأنينته وفرحه الشاملِ شعوبَ الأرض ومناطقَ الأرض وحضارةَ الأرض: أرض الإنسان العظيم..

ذلك هو دستور ثورة 7 أوكتوبر، كتبه المناضلون الأوّلون بالدم والعرق والصبر، وهندسَهُ لينين وحزبه بضياء العلم الماركسي والفكر اللينيني الخلاّقيْن.. وظلّت قوافلُ المناضلين تكتبُ المزيدَ من حروفه وصفحاته تِباعاً دون كللٍ بالبذلِ السّخيّ والجهدِ الرائد المبدع، والانطلاق العاصف الفاتحِ دائماً لأبهى الآفاق وأكثرها سعةً وامتداداً وارتفاعاً وأعماقاً.. وبقي ضياءُ لينين وحزبه المجيد هو المنار القائد أبداً..



***

تحية الإنسان في لبنان إلى الذكرى الثامنة والأربعين للثورة المجيدة التي فتحتْ لإنسان عصرنا طريقَه نحو حياةٍ يحياها لا بالخبز وحده، بل بالشَرَفِ والكرامةِ والحريةِ والمعرفة كذلك.. نقول: المعرفة، ونعني: الحب والصداقة، والسلام، والأمان.. نعني كنوز الجمال كلها في الإنسان والكون والحقيقة.. نعني كل الفرح الأنبل والأعمق والأسمى..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - 7 نوفمبر
فؤاد النمري ( 2018 / 11 / 7 - 12:36 )
أنا أشك أن العالم الجليل حسين مروة عضو المكتب السياسي في الحزب الشيوعي اللبناني قال 7 أكتوبر لأن الثورة قامت في 7 نوفمبر أو 25 أكتوبر شرقي
ربما محرر النداء أخطأ في تسمية الشعر او ترجمة الإسم العري تشرين ثاني إلى أكتوبر وليس نوفمبر

اخر الافلام

.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي


.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا




.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري