الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرة أخرى، عودة إلى محطات في حياة الدكتور خليل عبد العزيز.

خليل عبد العزيز

2018 / 11 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


مرة أخرى، عودة إلى محطات في حياة الدكتور خليل عبد العزيز.

الدكتور خليل عبد العزيز


مرة أخرى نشر الدكتور إبراهيم خليل العلاف في موقع الحوار المتمدن بتاريخ 31 / 10 / 2018 ردا على ردي حول استعراضه لكتابي محطات في حياة الدكتور خليل عبد العزيز الصادر هذا العام (2018) عن دار نشر سطور في بغداد.
أقول إن الكثير في هذه الدنيا قد تغير فعلا، ونظرتنا إلى الكثير من الأمور والأحداث قد تغيرت أو يمكن أن تتغير، وهو أمر طبيعي لكن إيماني وقناعتي بالفكر الماركسي باقيتان كما كانتا وتلكم ما نشدته وعملت عليه طيلة الوقت، ولم أكن غير باحث فيهما، أحاول إلَّا تكونان في موضع الإجحاف والتجديف والسوء لنفسي وللآخرين. ودائما ما واجهت في مسيرة حياتي من الصعاب والمنغصات وكذلك المفرحات التي تعلمت منها إن ليس من السهولة إقناع البشر وإخراجهم مما اعتادوا وتربوا وبنوا قناعاتهم عليه، مهما قدمت لهم حججا وأدلة عقلية كانت أو نقليه. فقد ترسخ في خاطرهم قناعات ليس من السهولة تغييرها، ولكن هذا لا يمنع من قول الحقيقة أو حجبها.
بالفعل لقد انتقدت الحزب الشيوعي السوفيتي ومازلت، لأني عشت في ظل ذلك النظام لعقدين من الزمن، ووجهت نقدي للكثير من مواقفه وخاصة نظرته الملتبسة والمجحفة في بعضها لباقي الأحزاب الشيوعية ومنها العربية، وكذلك تعامله مع بعض القضايا الدولية والداخلية. ولكن هذا لا يعني وقوفي بالضد من بعض المبادئ الشيوعية التي كان يتبناها ويدافع عنها، فقد كانت هناك أخطاء كثيرة لا بل كبيرة حدثت عند التطبيق والعمل، وما عادت تذكر في الخفاء عند الكثيرين من أمثالي ممن عاش هناك. والإشارة لتلك الأخطاء والعثرات لا يعني نكراني وابتعادي عن مبادئي وقناعاتي بأهمية الفكر الماركسي الذي قدم النظرية العلمية للسعي من أجل كرامة الإنسان ورفعته. وليس تجديفا وطعنا بالمكاسب الكبيرة التي قدمت إلى العالم من قبل الاتحاد السوفيتي.
أنت يا دكتور إبراهيم خليل العلاف، قلت بأنك عروبي قومي وغيرت مواقفك حول العديد من الأحداث التي جرت، وهذا من حقك وأنت مشكور عليه. وهنا أذكر إن تغيير المواقف لا يعني بالضرورة تغيير المبادئ، فأنا مازلت ثابتا على مبادئي التي آمنت بها منذ خمسينيات القرن الماضي، وفي ذات الوقت أواكب الأحداث وبالذات ما يدور ويحدث في بلادنا العزيزة والعالم أيضا، وأحدد مواقفي وأغيرها وفق مبادئي وقناعاتي، وهذا ما أعلنه في وسائل الإعلام باستمرار. وسوف أبقى دائما مناضلا من اجل العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
وهنا أود أن أؤكد بأني مازلت مصرا على تسمية حركة الشواف بالمؤامرة، لا لرغبة ذاتية بل لطبيعة الفعل الذي حصل حينذاك. ومهما أراد غيري إن يرفع من شأنها ويعطيها تسمية أخرى، وهي المؤامرة التي أثبتت الوقائع والوثائق طبيعتها وما كانت تسعى إليه. وهنا أود أن أسألك والبعض الأخر، ماذا كان يعنيه مشاركة الجمهورية العربية المتحدة بالإعداد والتخطيط لتلك "الحركة" وتكليف وزير الداخلية السوري عبد الحميد السراج بالأشراف على تلك المؤامرة وتنفذها، وتخصيص إذاعة القاهرة برنامجا خاصا لمساندة تلك الحركة؟ ألا يعني كل ذلك بأن تلك "الحركة" كانت مؤامرة مدبرة بالضد من الجمهورية العراقية، ومنفذها كان العقيد عبد الوهاب الشواف وأعوانه. وفي البحث عن إنصاف الجميع من كلا الطرفين، أتساءل وأجيب، من هو البادئ باعتقال الناس، وأنا كنت واحد منهم، وكذلك الهجوم واغتيال المواطنين، وكان أولهم الشهيد كامل القزانجي، أليس هو العقيد الشواف وأعوانه؟
لقد كنت شاهد عيان عندما كنا مجتمعين مع العقيد الشواف في مقره بمعسكر الغزلاني ليلة المؤامرة، بعد أن طلب الشواف اللقاء بقادة المظاهرة،ومن ثم دخل مقدم اللواء محمود عزيز وتحدث همسا مع العقيد عبد الوهاب الشواف،عندها تغيرت لهجة الشواف وبدا بنهرنا وزجرنا وثم قام بطردنا، ثم أرسلونا معتقلين إلى الثكنة العسكري ( القلعة الحجرية) وكنت قد شاهدت خلال النافذة عند اجتماعنا بالشواف، كيف كان يجري نقل وتفريغ صناديق السلاح والذخيرة وأجهزة الإذاعة الخاصة بالمتآمرين.
وعودة على معلومة الأستاذ مثري طه العاني، أعيد مرة أخرى وأنا أملك ذاكرة حية بالأحداث والوقائع جميعها، بأن الأستاذ مثري العاني لم يأت بعدي ليكون مسؤولا أو رئيسا لاتحاد الطلبة العام في الموصل، وإنما من حل بعدي برئاسة الاتحاد كان حازم جميل وهو يعيش حاليا في باريس، وحين كنت أنا رئيسا للاتحاد حينذاك، لم تسنح لي فرصة للعلم بوجود الأستاذ مثري بين الطلبة من قادة اتحادنا، لذا أرجو من الدكتور العلاف أن يراجع معلوماته جيدا، فليس كل ما روي ونقل له، كان هو الحقيقة عينها، خاصة وهو كان طفلا حين وقوع مؤامرة الشواف، على حسب ما يذكر ذلك شخصيا. إن إشارتي إلى أن الأخ العاني لم يأت بعدي إلى رئاسة الاتحاد ليس القصد فيها أية إساءة له أو مأخذاً عليه.
ومرة أخرى وكشاهد عيان ومشارك بوأد المؤامرة، أقول وبكامل الثقة والصدق وبإصرار، بأن لم تكن هناك أية محكمة مثلما يدعي البعض، وقد لفقت وصنعت تلك المحكمة القصابية في دهاليز إذاعة صوت العرب من القاهرة، وعقول من روج لها، وهي من اختراع المذيع المهرج أحمد سعيد. نعم كان هناك مركزان لقيادة العمل المسلح ضد المتآمرين، أحدهم كان في المركز العام لشرطة مدينة الموصل والثاني كان في الإعدادية المركزية، وكنت أنا مع عبد الرحمن القصاب في مركز الشرطة ثم انتقلنا إلى الإعدادية الشرقية بعد تعيين إسماعيل عباوي مديرا للشرطة، وجاء هذا بعد حديثي التلفوني مع الحاكم العسكري العام أحمد صالح العبدي ومن ثم الزعيم عبد الكريم قاسم اللذان أخبراني بتعيين العقيد حسن عبود آمرا عسكريا لموقع الموصل وإسماعيل عباوي مديرا للشرطة، وطلبا منا التعاون معهما ومساعدتهما وتسليم أمور المقاومة للقطعات العسكرية والشرطة والانسحاب خارج مركز الشرطة، وهذا ما قمنا به، وحدث ذلك رغم محاولاتنا السابقة لاعتقال إسماعيل عباوي بعد أن أُخبرنا بأنه كان من مؤيدي المؤامرة، ولكنا قبلنا بما أمر به الزعيم عبد الكريم قاسم والحاكم العسكري أحمد صالح العبدي.
أعتقد إن تجربتي الحياتية علمتني أن أقف بعيدا جدا عن القول العربي الشرقي (من علمني حرفا ملكني عبدا ) فهذا القول أحد أكثر التعاويذ الإشكالية في المفاهيم العربية، فالتعليم يجب أن لا يخضع لهذا الاشتراط القاسي بين أستاذ وتلميذ، أو رئيس سلطة ومواطنيه، ليصل البشر فيه إلى العبودية. فليس نقل المعلومة يحتاج لمثل هذا التضخيم بالفضل والمساعدة، وإذا قيل بأن الأمثال تضرب ولا تقاس، وإن مثل ذلك القول جاء من باب الأمثال التي تضرب دون قياس مناسب، فأنا بعيد عنه.
وهنا أعرج لمقولة الدكتور إبراهيم خليل العلاف عن العلاقة بالرئيس جمال عبد الناصر، وقوله بنكراني لجميل الرئيس ناصر، بعد نقدي لطريقة حكمه، أو طبيعة الحراك السياسي الذي فرضه على أداء السلطة أثناء توليه الحكم. نعم لقد قدم لي الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مساعدة كبيرة، فقد أمر باستضافتي على حساب الحكومة المصرية، بعد أن أعتقل السيد محمود أمين العالم الذي قدمت إلى مصر وفق مؤازرته ورأيه الشخصي وتبنيه موقف تقديم المساعدة لي إن حضرت إلى القاهرة. لقد كان حدث اعتقال الأستاذ محمود العالم كبيرا مؤلما، ولفتني جراؤه الحيرة وأخذني القلق، فقد حشرني اعتقاله في زاوية شعرت بأن ليس لي من بعده معين. ولكن مثلما رويت في كتابي استجدت أحداث ووقائع سهلت عليَّ الاستمرار في مهمتي، وكان أحدها موافقة الرئيس على تقديم المساعدة لي من قبل الجهات الرسمية، وتسهيل مهمتي في البحث العلمي، وقد اشترك في هذه المساعدة العديد من الوزراء والإعلاميين. وجاء ذلك وفق ما ذكرت عن العلاقة بين الاتحاد السوفيتي ومصر، وأيضا لطبيعة بحثي الذي يتعلق بشأن الصحافة المصرية وليس شأن أخر.
كل ذلك لم يمنعني من إعداد أطروحة الدكتوراه وفق رؤيتي لوقائع مسيرة السياسة المصرية على عهد الرئيس ناصر. فقد كان هناك قانون للصحافة سمي من قبل رجال الحكم في القاهرة بقانون تنظيم الصحافة، ولكني وجدت فيه قانونا لتأميم الصحافة وليس غير ذلك، حيث تكون الصحافة من خلاله تحت إشراف الدولة ورقابتها وناطقة رسميا بسياستها. وقد انتقدت من خلال بحثي سياسة الدولة المصرية استنادا لوقائع ووثائق مصرية وليس من صناعتي أو تأليفي، أيضا تعرضت وهذا المهم لمسألة البناء الاشتراكي في مصر ومتبنيات الرئيس عبد الناصر لطرق بنائها، وقدمت صورة مغايرة لبعض ما كان يعتقد عنها بعض الساسة السوفييت. فالبناء الاشتراكي وفق النظرية الناصرية، لم يكن له علاقة بجوهر البناء الاشتراكي وبالذات الماركسي منه.
انتقادي للسياسة المصرية على عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، تصورها الدكتور إبراهيم العلاف، حاله حال الكثيرين من الذين يتمسكون بإخفاء الأخطاء وتزكية أصحابهم وأحبابهم وأساتذتهم ورؤسائهم، وأنا هنا أقف بعيدا عن كل هؤلاء في موقفي المبدئي، وأعتبر مثل هذا الموقف لا يعدو كونه مبني على أعراف قبلية، وفيه يظهر الاختلاف بين المبدأ وبين التمسك بالعادات والتقاليد. وموقفي ذلك دفع الدكتور العلاف لوضعي في خانة خيانة المعروف ونكران جميل، وكأن انتقاد سياسة الرئيس عبد الناصر كان انتقاصا منه. وهذا الاعتقاد مبني على أساس من قدم لك يد المساعدة عليك أن تغض النظر وتصم الأذان عن أي فعل يرتكبه، حتى وإن كان مؤذيا وغير حكيم. صحيح أن جمال عبد الناصر كان وطنيا مصريا قدم خدمات كثيرة وكبيرة لشعب مصر، ولكن كانت لديه أخطاؤه وخطاياه حاله حال الكثير من قادة العالم وبالذات منهم من وضع سياسة بلدانهم بين أصابع أيديهم وتحت تصرفهم. إن نقد بعض سياسات عبد الناصر الداخلية والعربية لها أهميتها في المرحلة الراهنة، وليس فيها أي إساءة للرئيس المصري، بل هي ذات فائدة لمستقبل العلاقات بين الدول والشعوب العربية أولاً، وتسمح بتجنب المزالق التي يمكن أن تقع فيها سياسة هذا الحزب أو ذاك وهذه الدولة العربية أو تلك في أخطاء مماثلة، كما يحصل الآن.
كذلك أود القول للدكتور إبراهيم العلاف، بأن السيد محمد حسنين هيكل قدم لي مساعدة كبيرة من خلال توفير مصادر البحث العلمي من صحف ومجلات ووثائق في دار الأهرام في القاهرة وليس شيئا أخر، وكانت علاقة مصر بالاتحاد السوفيتي لها أهمية خاصة عند جميع رجال السياسة والصحافة المصرية حينذاك، وكنت قد حصلت على توصيات وتسهيلات لإعداد أطروحتي من العديد من رجال الفكر والأعلام والسياسة المصريين، ووفق هذا المنحى فتح لي السيد محمد حسنين هيكل باب مؤسسة الأهرام وسهل لي الاطلاع والحصول على المعلومة عن الصحافة المصرية.
أخيرا أشاطر الدكتور إبراهيم العلاف الرأي بأن مدينتنا العزيزة الجريحة تستحق منا الكثير. وأنا متأكد بأنها سوف تنهض من جديد رغم الدماء والدموع والخراب والدمار الذي طالها، وسوف يقوم مواطنات ومواطنو الموصل بإعادة أعمار المدينة والتخلص من آثار الماضي الأسود الذي خلفها الإرهاب بجميع مسمياته.
آمل أن تكون لي فرصة لقاء مع الدكتور الفاضل إبراهيم العلاف على أرض الموصل الباسلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقاله رائعه وكللش نازكه مع البعثي ابراهيملا العلاف
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2018 / 11 / 10 - 06:43 )
بعد التحيه وتمنيات الصحه وطول العمر للصديق د خليل-عندي سؤال وهو يراود نفوس اوساط واسعه من العراقيين وليس فقد الاكاديميين والسياسيين العراقيين الوطنيين والتقدميين وهو -لماذا لا تملك الموصل-والعديد من المدن غربي العراق اي تاريخ وطني وتقدمي في ال100سنة الاخيرهبل تملك تاريخا سلبيا ليس اول احداثه مؤامرة الشواف عام 59اي قبل قرابة ال60سنه وبالتاءكيد اخر مصائبه الاحتلال الداعشي للموصل وقرابة ثلث اراضي العراق-تحياتي

اخر الافلام

.. انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو العسكرية شمال محافظة بابل ج


.. وسائل إعلام عراقية: انفجار قوي يهزّ قاعدة كالسو في بابل وسط




.. رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بابل: قصف مواقع الحشد كان


.. انفجار ضخم بقاعدة عسكرية تابعة للحشد الشعبي في العراق




.. مقتل شخص وجرح آخرين جراء قصف استهدف موقعا لقوات الحشد الشعبي