الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عاشق طواحين الهواء

اياد حسن دايش

2018 / 11 / 9
الادب والفن


عاشق طواحين الهواء
لا أخفي سرا حين أقول دوما ما تستهويني أي فكرة او مقالة او تحليل نص أو حتى إعادة قرأتها أكثر من مره بشغف، كأنما اقرأها اول مره لأعيد اكتشافها من جديد (دون كيخوته ). رواية الكاتب الاسباني ميغيل دي سرفانتس ، التي تعتبر من اشهر روايات الادب العالمي بشكل عام ، والادب الاسباني بشكل خاص. حيث مثلت الخط الفاصل بين عصر الخيال والرومانسية في الاعمال الروائية وبين بداية عصر الواقعية لعالم الرواية .لم تكن قصة الاقطاعي ابن الخمسين عام الذي أدمن قراءة قصص الخيال التي تصف شهامة الفرسان ومروءتهم معتقدا أن هذه القصص قد حدثت بالفعل مصدقا كل ما ذكر فيها ،والتي افقدته بدورها القدرة على التميز بين الواقع والخيال، فيقرر الفارس دون كيخوته ان يحيي قيم الفرسان من جديد لأصلاح العالم .حيث يعامل النساء الغير محترمات كأنهن نساء فاضلات .ثم يجد في طريقة رجلا يقوم بضرب صبي بمنتهى القسوة فيتدخل دون كيخوتة وينقذ الطفل من ظلم هذا الرجل . ليجد بعدها مجموعه من الرعاة فيقرر أن يلقي عليهم خطبة متحدثا فيها عن السلام والمحبة .الموقف الاكثر اثارة في الرواية هو حين مر دون كيخوتة ورأى طواحين الهواء حيث تصور إنها جماعة من العملاقة الاشرار، فقرر أن يدخل معها في معركة وقام بذلك الا انه شعر بالخيبة والخسران فيما بعد اذ لم يستطيع ان ينتصر عليهم .يعتبر دون كيخوت مثالا لكل شخص يرفض ان يعترف بالواقع او من يحاول ان يغير من بؤس الناس والظلم الذي يتعرضون له غير ناظر للحياة كما هيه، بل ينظر اليها كما يراها خيالة وتصوراته، حتى لو تعامل مع الواقع بمنتهى النبل والانسانية ، الا ان نهايته ستكون مأساوية وسيئة ،كما انتهى الامر بدون كيخوت حين عاد الى مزرعته خائبا امام توحش العالم المادي وجنونه ليكتب وصيتة بكل ما يملك لإبنته اخية بشرط واحد هو أن تمتنع بتاتا أن تقرا الكتب الخيالية التي تتكلم عن الفروسية .دون كيخوت رواية كل حالم لبناء عالم أفضل، لتغير حياة الناس ومشاكلهم . الا ان الاحلام والامنيات دائما ما تصطدم بطواحين تختلف بالحجم والشكل من شخص لأخر لتذهب بالأمنيات والاحلام في مهب الريح، ليرجع دون كيخوته الا خيباته بحزن وبؤس لا ينتهي. دون كيخوت ايضا الفارس الذي عاش وقاتل من أجل أوهام وخرافات إعتقد بأنها مقدسة ليكتشف بالنهاية انها مجرد اوهام وخرافات لا قيمة لها على أرض الواقع .كم هي الافكار التي تمسكنا بها معتقدين بأنها مقدسة لنكتشف متأخرين بأنها ليست سوى اوهام بثياب مقدسه .

ومضة:
درب الفضيلة ضيقة وطريق الرذيلة عريضة.
سرفانتس

اياد حسن دايش








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024


.. السجن 18 شهراً على مسؤولة الأسلحة في فيلم -راست-




.. وكالة مكافحة التجسس الصينية تكشف تفاصيل أبرز قضاياها في فيلم


.. فيلم شقو يحافظ على تصدره قائمة الإيراد اليومي ويحصد أمس 4.3




.. فيلم مصرى يشارك فى أسبوع نقاد كان السينمائى الدولى