الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من تاريخ الحركة النقابية العربية الفلسطينية:مؤتمر العمال العرب الأول 11كانون الثاني1930 حيفا

جهاد عقل
(Jhad Akel)

2018 / 11 / 10
الحركة العمالية والنقابية



(الحلقة الثانية والأخيرة)



التنظيم والإتحاد
ضمن كلمته وضع النقابي محمد قليلات امام أعضاء المؤتمر نقاطًا – اقتراحات - مركزية تحت عنوان "ماذا نتعلم من هذا" ص12 جاءت في سبع نقاط أولها كان "نتعلم أنه لتحسين حالة العمال يوجد طريقة واحدة هي التنظيم والإتحاد" ص12 وأشار الى أهمية أن تكون القيادة من بين العمال كما وفي البند الأخير من هذه الاقتراحات عاد وأشار الى أهمية الوحدة العمالية: "إن سر الضعف في الطبقات العاملة هو تفرقها وتباعدها، وسر القوّة والنجاح هو تنظيمها وإتحادها"


في المقال السابق تناولنا الموضوع التنظيمي، انتخاب رئاسة المؤتمر والرئيس وكلمة الافتتاح باسم اللجنة التحضيرية للمؤتمر وبرقيات التضامن مع المؤتمر.
وهنا ننتقل الى ابحاث المؤتمر والكلمات والمداخلات من قبل المندوبين، واقتراحاتهم، ربما تكون هناك بعض الاخطاء اللغوية أو المصطلحات لكننا توخينا الأمانة في نقلها كما هي واردة في كراس المؤتمر، مثل استعمال كلمة "استثمارهم" والتي يقصد بها استغلالهم أي استغلال العمال، قضية أخرى علينا الإشارة اليها قسم من الكلمات كانت طويلة قد تحتاج الى حلقة كاملة، وقسم فيها اقتراحات تفصيلية، على الرغم من أهميتها حاولت الإشارة لمضمونها فقط.

• الحضور الطبقي الماركسي في المؤتمر
لا بد من الإشارة أيضًا الى مضامين العديد من كلمات المندوبين بخصوص الموضوع الطبقي، فإن أكثر المتحدثين استعملوا مصطلح "الطبقة العاملة" أو طبقتنا العاملة، وطبقة الرأسماليين والأغنياء، ومنهم من اعتمد في نقاشه على مقولة لماركس، الأمر الذي يؤكد على الخلفية الفكرية الطبقية لأكثرية المبادرين لتشكيل "جمعية العمال العربية الفلسطينية" ولمؤتمرها الأول، لكن الأمر الذي لاحظته من خلال دراساتي ومطالعاتي لتاريخنا النقابي قيام البعض ممن تناولوا تاريخ الحركة النقابية الفلسطينية بمحاولة طمس هذه الحقيقة التي لا يُمكن طمسها إلا لأسباب ذاتية – فكرية، لكن الحقيقة باقية مهما حاول البعض ذلك.

• حركة العمال العالمية
تحت هذا العنوان جاء خطاب النقابي محمد علي قليلات رئيس المؤتمر والذي قدم خطابه "باسم جمعية العمال العربية الفلسطينية" (صفحات 18-9) من الكتيب الصادر عن المؤتمر، الخطاب كان شاملًا تناول فيه تطورات الحركة النقابية العالمية على الصعيدين الاوروبي والشرقي (آسيا) وربط ذلك بالوضع النقابي المحلي في فلسطين وضرورة النهوض بالتنظيم النقابي العربي فيها من أجل الدفاع عن الطبقة العاملة وضمان حقوقها الاقتصادية والسياسية.
ووضعت العديد من العناوين الفرعية لكلمته مثل "حركة العمل في أوروبا" ص9 و"العمال في الشرق" ص10 و"ماذا نتعلم من هذا" ص12 و"حالة عمال فلسطين وواجباتهم" ص13 و "نحن وعمال اوروبا" ص 16.
ومما جاء في هذا الخطاب الهام والمركزي "لأول مرّه في تاريخ الحركة الفلسطينية نحن معشر العمال نجتمع في مؤتمر خاص بنا، نحن بثباتنا واجتهادنا نظمنا هذا المؤتمر... ان العامل اليوم لا يشبه العامل بالأمس... يريد أن يتبوأ مركزه في المجتمع الانساني ليس فقط بالعدد بل وفي التنظيم أيضًا" ص9 وبخصوص الحراك النقابي والتنظيم العمالي في اوروبا وغيرها جاء "كان العمال قبل عشرات السنين في تلك البلدان في حالات تشبه حالنا اليوم، لم تكن لهم جمعيات منظمة وكانت أجورهم بسيطة، يشتغلون اثني عشر واربعة عشر ساعة في اليوم، ليست لهم نشرات مخصصة بهم، ويمكننا القول أنهم كانوا يحلمون في يوم من الأيام أن يبتسم لهم الدهر، وتصير السلطة في أيديهم بعد أن كان كبار المتمولين وأصحاب الفبارك العظيمة، هم أصحاب البلاد وأولو الحل والعقد فيها" ص10.
واستعرض قليلات موضوع التنظيم النقابي وأهميته ليس فقط في اوروبا بل وفي المشرق (آسيا) ووضع النقاط على الحروف بخصوص الموضوع الطبقي وسيطرة الرأسماليين من الطبقة "قليلة العدد" التي تعيش برفاهية على "حساب تعاسة وشقاء الآلاف" من ابناء الطبقة العاملة ليس فقط في اوروبا بل في مختلف انحاء العالم بما فيها بلادنا وقيامهم بمحاولات قمع كل حراك تنظيمي نقابي للعمال. الامر الذي ما زالت الطبقة العاملة تعاني منه حتى يومنا ضمن النظام العولمي القائم حاليًا.

• لتحسين حالة العمال توجد طريقة واحدة، التنظيم والاتحاد
وضمن كلمته وضع النقابي محمد قليلات امام أعضاء المؤتمر نقاطًا – اقتراحات - مركزية تحت عنوان "ماذا نتعلم من هذا" ص12 جاءت في سبع نقاط أولها كان "نتعلم أنه لتحسين حالة العمال يوجد طريقة واحدة هي التنظيم والإتحاد" ص12 وأشار الى أهمية أن تكون القيادة من بين العمال كما وفي البند الأخير من هذه الاقتراحات عاد وأشار الى أهمية الوحدة العمالية: "إن سر الضعف في الطبقات العاملة هو تفرقها وتباعدها، وسر القوّة والنجاح هو تنظيمها وإتحادها" ص13، كما وتناول في كلمته مختلف مناحي حياة الطبقة العاملة في فلسطين والتي قدر عددها في ذلك العام 70 الف عامل منهم "خمسون الفًا من العمال العرب وعشرون الفًا من العمال اليهود وهؤلاء وعائلاتهم لو جمعوا، لتألف منهم عدد ما يقارب الـ٢٠٠ الف نفس" وأضاف ضمن رؤيا أممية طبقية: "يجب أن لا نحصر تنظيمنا واتحادنا على المساعدة الأخوية لبعضنا، بل يجب أن نجعل من هذا التنظيم والاتحاد قوة تُخلصنا مما نحن فيه من بؤس وشقاء، ان عمال القرية وعمال المدينة والفبارك والمرافئ والمعامل متساوون باستثمارهم ودوس حقوقهم... يجب أن نؤسس جمعية عمال مركزيه في فلسطين ومنها تُشكّل باقي فروع العمال في القرى والمدن لأن التجارب أظهرت لنا أن النقابات الصغيرة المنقطعة عن بعضها البعض تكون ضعيفة ولا يمكن لجميعها مع هذا التفرق أن يفعل شيئًا من شأنه أن يأتي نتيجة مفيدة" ص17 وختم كلمته بقوله: "ان طبقة العمال في فلسطين استيقظت وهي سائرة معنا في طريق التنظيم والاتحاد، اذ يكفينا بؤسًا وشقاء يكفينا سكوتًا على دوس حقوقنا ويجب أن نغيّر هذه الحالة بأيدينا ص18.


• نقاش المندوبين
أول المتناقشين كان الرفيق بولس فرح عن نقابة عمال سكة الحديد مشيرًا الى "روح اليقظة والنهوض" ثم استعرض ظروف عمال سكة الحديد ونضالهم ضد قيام الادارة بتقليص حقوقهم وقال: "نستنتج من هذا أن صاحب العمل لا يهمه سعادتنا وشقاؤنا بل يعمل مجهوده لاستغلالنا واستثمارنا فيجب أن نرفع عقيرتنا بالشكوى من الظُلم الواقع علينا ولا يجب أن نتراجع ونتخاذل، بل نعمل ونعمل ونصبر حتى نصل الى جميع مطالبنا الحقه"ص19.

• ولو وجوهكم شطر العامل
أما المندوب عن عكا نمر العيسى فافتتح كلمته بأبيات شعرية من تأليفه، ثم استعرض ظروف العمال في عكا والمنطقة وأضاف مناشدًا:"ولّو وجوهكم شطر العامل فهو القوّة المعنويّه الساحقه ولا تنجح البلاد بغيره ولا كرامة للوطن إلا به فهو حصنه المنيع الذي يدفع عنه تيار الطامعين وكفاه فخرًا أنّه يأكل ليعيش ويعيش ليفيد في هذه الحياة" ص21.
وفي كلمته قال صادق الجرّاح من عمال سكة الحديد، حيث استعرض اوضاع العمال في ورشة الشركة وقيام الادارة بخطوات استغلالية تم اعادتها بفضل الوحدة وقال: "فلم اعثر على غير الاتحاد الذي ضمن لنا النجاح والذي لا يمكننا أن نصل لطريق التنظيم بغيره" ص23.



• عمال الدهان: نعمل خمس عشرة ساعة

المندوب فضل غزاوي عامل الدهان وممثلهم من حيفا ستعرض اوضاع عمال الدهان بقوله: "إن حالة الدهان من العمال العرب هي أسوأ بكثير من حالات باقي العمال. ان العامل منّا يشتغل في فصل الصيف خمسة عشر ساعة أو أكثر بأجر لا يزيد عن خمسة وعشيون قرشًا." ص24.
ونقل في كلمته ما يتعرض له عمال الدهان من استغلال وقمع وطرح مطالبهم التي يتوقع أن يتولاها المؤتمر.



• واجب الحكومة أن تجد لنا أعمالًا

ثم تحدث المندوب عبد الرزاق عرفات مندوب فرع الجمعية بمدينة يافا قائلًا:"لتكن كلمتنا واحده على العمل بإخلاص لإحياء العامل العربي ورفع مستواه لأنّ العامل أساس كل شيء بالشرق كان أم بالغرب، وبإحيائه نحيي البقية الباقية من جميع الطبقات ونحيي بلادنا العزيزة وإلا فليس أمامنا إلا الشتات" ص27. كم كان صادقًا بكلمته، لأنه لو كانت الحركة النقابية والطبقة العاملة هي القيادة لفلسطين في ذلك الوقت ربما لم يحدث ما حدث من شتات.
أما المندوب حسني العاصي من عكا فتحدث عن الاضطهاد الذي واجهه العمال وضرورة الوحدة وأضاف: "واجب الحكومة أن تجد أعمالًا لنا كما تجد للعمال الصهيونيين، يجب على الحكومة أن ترفع الضيم والحيف..." ص29



• عيد سليم حيمور كلمة شامله طبقيًا ونضاليًا بوضوح ثاقب.

يظهر من كلمة النقابي عيد سليم حيمور من نقابة عمال سكة الحديد، كم هي شاملة وواضحة بالنسبة لأوضاع الطبقة العاملة الفلسطينية في تلك الفترة، وليس صدفه انها كانت طويله، وأشار الى "أنّ تسعين بالمئة من العمال العرب يتضورون جوعًا ويعانون أمر آلام الفاقة.." ص30 مؤكدًا أن الطريق للوقوف أمام هذا الوضع هو الوحدة والتنظيم والنضال النقابي، مشيرًا الى ما حدث على الصعيد العالمي، ومؤكدًا أن الصراع القائم هو صراع طبقي بقوله: "..وغلط كبير اذا كنا ننتظر أن تقوم نهضتنا على غير طبقتنا ويديرها من البشر من ليس منّا ومن العبث الاعتماد على الغير في تحسين حالتنا ورفع الظُلم عنّا" ص33.

وأضاف النقابي عيد حيمور في كلمته: "إننا مع تطورات الزمن قد شعرنا أن لنا حقوقًا صريحة إن لم نستخلصها لا يقوم فرد من طبقة غير طبقتنا ليمنحنا إياها" ص34. وقال: "إن العامل إنسان خُلق على وجه البسيطة ليعيش كأمثاله وليتمتع بحياة طبيعية ولم يُخلق ليكون شقيًا على دور من أدوار حياته"ةص34.



• المندوب ابراهيم العمري - نابلس وماركس

قال في بداية كلمته "أيها الرفاق" وبأنه سيتحدث بالعامية، على ما يبدو أنه لم يكتب خطابه مسبقًا، لكن كلمته كانت تحمل العديد من الفكر والرؤى الطبقية الماركسية، وقال:" إن هذا المؤتمر ليذكّرني بقول مأثور لزعيم الإشتراكيه الأكبر كارل ماركس وهو: أن العمال لا بد لهم في تطوير حركتهم من أن يمروا على مرحلتين، الأولى أنهم عمال بأنفسهم والثانية أنهم عُمّال لأَنفسهم، ولهذا يمكنني أن أقول عن اعتقاد تام أن عمالنا ابتدأوا يختطون الآن المرحلة الثانية التي نوه عنها كارل ماركس في تأليفه" ص37. وضمن الرؤيا الأممية له قال: "أقول لا فرق بين الرأسمالي العربي والرأسمالي الصهيوني من جهة استغلالهم للعمال" ص 38. وأضاف في الصفحة نفسها: "فصل مسائل العمال الاقتصادية عن المسائل السياسية لأنهما يرتبطان ببعضهما ارتباطًا متينًا.. إذ أن كل نضال إقتصادي ما هو إلا نضال سياسي".
والقى ممثل الناصرة حنا معيوف تحية قصيرة للمؤتمر، أما عبد الرحمن عبد الله وهو مندوب من القدس ويعمل فرانا فقد تطرق في كلمته الى ضرورة اتخاذ قرار يطالب بفصل السجناء السياسيين عن السجناء الجنائيين وأضاف: "الرأسمالية ليس من صالحها أن تساعد العمال بل تعمل على كسرها نحن نطلب من المؤتمر أن لا يكتفي بالأمور الاقتصادية بل يتعداها الى السياسية".ص41.
كما تحدث العديد من المندوبين ومنهم رشاد ابو غربية وغيره أو كما جاء في كتاب المؤتمر: "وقد تكلم كثير من الإخوان ارتجاليا ولذلك لم يتمكن المؤتمر من تسجيل خطاباتهم كما أننا نعتذر للمندوبين عن اختصار خطاباتهم" ص42.
هذا وانتخب المؤتمر لجنة مركزية من احد عشر عضوًا(انظر الصورة التي فيها الاسماء) تنتخب لها مكتبًا من ثلاثة أعضاء وأمين مساعد وأمين صندوق كما واتخذ المؤتمر العديد من القرارات الهامة جاءت في 30 بندًا وقرار خاص يتعلق بعمال سكك الحديد.
وقدم كلمة المؤتمر الختامية المختصرة رئيس المؤتمر شكر فيها الأعضاء مؤكدًا ان أحداث المؤتمر وقراراته ستنشر في كتيب خاص ضمن سياسة الجمعية بالشفافية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صدامات بين طلبة والشرطة الإيطالية احتجاجا على اتفاقيات تعاون


.. التوحد مش وصمة عاملوا ولادنا بشكل طبيعى وتفهموا حالتهم .. رس




.. الشرطة الأميركية تحتجز عددا من الموظفين بشركة -غوغل- بعد تظا


.. اعتصام موظفين بشركة -غوغل- احتجاجا على دعمها لإسرائيل




.. مظاهرات للأطباء في كينيا بعد إضراب دخل أسبوعه الخامس