الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمكانية التحول الأجتماعي

أياد الزهيري

2018 / 11 / 10
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات



أن ظاهرة التحول الأجتماعي , ظاهره طبيعيه دأبت عليه كل المجتمعات منذ الخليقه, حتى قيل دوام الحال من المحال, ولكن ما يثير الأنتباه ويسترعي التوقف هو عندما يحدث تحول مفاجيء وشاذ كما أن للتحول ايضآ قوانينه وسياقاته المعروفه لدى المهتمين به والمتخصصين فيه, فمثلآ أن ما يحدث في مجتمعنا العراقي يثير الفزع بما يحمله من مظاهر خطيره , وسلوكيات تهدد كيان المجتمع العراقي, وقد تقوض وجوده مما يعرضه للتصدع الوجودي, ويعصف بتماسكه مما يجعله عرضه للأنحلال والتفكك.
أن طبيعة المجتمعات ودرجة رقيها تحددها منظومة القيم الأخلاقيه والفكريه التي ينطبع بها المجتمع ومدى تمسكه بها, وأن أي أخلال بهذه المنظومه ينعكس على شكل تغير في طبيعته , وكلما كان التغير سريع وحاد كلما يكون التحول يحمل من المخاطر ما يتناسب ودرجة سرعة التحول . طبعآ ليس كل تغير يعتبر سلبي , بالعكس التغير حاله أيجابيه بل تشكل حاله صحيه أذا كان تغيرآ أرتقائيآ , بعكس التغير الذي يعكس حاله نكوصيه, في حاله تعتبر سلبيه ولا تبشر بخير , وينظر اليها بكثير من القلق والريبه .
نقطة الأرتكاز في موضوع التغير الأجتماعي هو المنظومه القيميه التي تحكم العلاقات بين أفراده والتي ينظر بها من قبل أفرادها بالحكم بما هو جميل أو قبيح , بما هو تقدمي أو رجعي. لا شك أننا مجتمع أسلامي , وهو مجتمع مرتبط بمنظومه من القيم التي تميزه عن غيره من المجتمعات , وهي هذه المنظومه القيميه السبب في تصنيف الشعوب بأنها غربيه أوشرقيه , رجعيه أو تقدميه, متحرره أو تقليديه وهكذا. هذه المنظومه جاءت على أنقاض منظومه جاهليه مسخها الأسلام وأسس لما هو معروف من قيم أسلاميه مغايره الا في بعض المشتركات بأعتبارها قيم أنسانيه وذات طابع أيجابي مثل الكرم , والحميه , وأيثار الجار وغيرها , وقد طرأ على هذه القيم شيء من الأختراق بفعل التمازج الأجتماعي مع الشعوب الأخرى ,سببها ما تعرضت له بلداننا من أحتلال من قبل شعوب أخرى وكذلك بفعل التلاقح الثقافي والحضاري , لحد الآن الأمر طبيعي وليس هناك ما غير الملامح العامه للمجتمع العراقي , وهو أمر طبيعي ولا يدعو للقلق الشديد ما دام الملامح العامه تحتفظ بخصائصها العامه , وهناك من المرتكزات ما تمنع التماهي بالأخر البعيد.
طبعآ القيم ذات الأصل الديني تعتبر بحقيقتها قيم محفزه وتدعوا الى التغير الأرتقائي وهذا واضح في قول النبي محمد (ص) في حديثه القائل (من تساوى يوماه , فهو مغبون) , وهو حديث يكشف عن الرغبه في الدفع نحو الأمام ومقت الركود , كما الحديث النبوي الشريف الذي يقول (خالط الناس ودينك لا تكلمنه) اي لا تجرحنه لدليل على رغبة التجانس والتعارف والتفاعل بين الشعوب . أي أن هناك قيم أساسيه تميز الشخصيه العراقيه المسلمه وهو يمثل الجانب الثابت بالشريعه السلاميه , وهناك سلوكيات قابله للتغير ولكن نحو الأفضل أي هناك مشروطيه في التغير لكي ينال هذا التغير صفة الأيجاب . طبعآ عندما تكون الصيروره الأجتماعيه بهذه الأيقاعيه المتوازنه والتغير المتوازن , تكون حينها المسيره الأجتماعيه مسيره مطمئنه ولا يترشح منها ما هو مقلق وشاذ الا هوامش شاذه لا يمكن تجنبها بفعل جوهر الأنسان المتقلب نتيجة تداخلات كثيره وكبيره.
الأساس في موضوعنا هو ما نراه من ظواهر مخيفه تصل الى درجة الرعب في مجتمعنا , والذي تعرض وجوده للتهديد الحقيقي , هو أختلال في قيمه الأصيله , وتعرضها للأختراق من قبل قيم لا تمت لها بصله بل على النقيض منها , وهذا ما خلق لدينا حاله من اللاتوازن في العلاقات الأجتماعيه , وخلق حاله من التوتر المجتمعي والذي أنعكس على نفسية أفراده مما خلق حاله من التذمر شبه الدائم بين أفراده بالرغم من وجود حاله أقتصاديه شبه جيده لدى أفراده ولكن هناك شعور بحالة تذمر شديد, وهذه مرجعها ليس الحاله الأقتصاديه ,بل سببها حالة الشتات والتخبط القيمي الذي أقلق المجتمع وأقض مضاجع أفراده, فبسبب الدخول المفاجيء لشبكات التواصل الأجتماعي وتطور وسائل الأعلام ,أربك النسيج الأجتماعي وخلق فجوه كبيره بين الأجيال والذي سبب حاله من الأنقطاع بينهم ,بسبب تباعد المفردات القيميه والأخلاقيه ,حتى أصبح كل جيل يضيق ذرعآ من الجيل الأخر ولنا أدله وشواهد كثيره نشاهدها مره بأم العين ومرتآ من خلال شاشات التلفزه , حيث حالات الأنتحار , ورمي كبار السن بالشوارع العامه , والألحاد, والمخدرات, والطلاق,ووو.
من الواضح أن هناك قيم بالأضافه للقيم التي أتت بها الشريعه الأسلاميه ,قيم لها أصول أخرى بعضها ما يصطدم بالمنظومه القيميه الأسلاميه ومنها ما يتفق معها, ومن هذه القيم هي القيم القبليه , وهي قيم بطبيعتها عصيه على التغير , ومتبسمره في الوجدان الشعبي , ومن خواصها أنها الممانعه على التغير ,حيث تبدي مقاومه عنيده أزاء أي تحول في المجتمع التقليدي , كما أن لها سطوه الأمتثال, لأنها تمثل مسطرة القياس للتقيم الأجتماعي للفرد , فالمتمرد عليها , مجازفه لا تحمد عقباها ويسقط لا محال أعتباريآ . هذه القيم منها ما يتفق مع المعيار الأسلامي , ومنها ما يتقاطع تمامآ مع القيم الأسلاميه وكان ولا زال أحد أخطر الموانع في نشر القيم الأسلاميه في المجتمع , والأخطر أن بعض القيم القبليه وبسبب عمرها الطويل وأنتشارها قد تسربت الى المنظومه القيميه وأعتبروها وكأنها جزء لا يتجزء من المنظومه الأخلاقيه الدينيه وهذا خرق خطير يسحب على الدين تداعيات خطيره تمسه في الصميم ,مما يصيب منظومته القيميه بالتعثر بل وبالتحجر مما يفقدها مرونتها التي اسست عليها , والتي أعطتها صفة التعاطي مع الواقع بأريحيه عاليه.
كما هناك قيم ماديه تسربت الينا بطرق مختلفه خاصه بالفتره الأخيره , وهي قيم ذات طابع أستهلاكي . هذه الثقافه أن أخذت موقع البديل لقيمنا الأسلاميه ,فسوف لا محال نؤسس لواقع يتسم بالاقيم ويكون حينئذ (كل شيء يباع ويشترى في روما) . عندما يصل المجتمع الى هذا المستوى من التحلل الخلقي مما يصاب المجتمع بالعوق الأخلاقي , وتختنق أجوائنا بكل ما هو سيء , وتنتشر الرذيله في كل مفاصل مجتمعنا , والفساد بكل أنواعه وأشكاله في كل جوانب حياتنا , فحينئذ تتحطم كل أواصر المجتمع , ويغيب التكامل والتعاون , وتشيع الجريمه, ويتحول الى مجتمع بشع بكل شيء. أنها الفوضى الأجتماعيه التي بدأت تظهر أثارها في مجتمعنا , فالعوائل تشظت, والعرى الأجتماعيه أنفصمت , والشك هو المهيمن , والمصلحه الشخصيه هي السائده, والأحترام أفتقد , والأمان تبخر , والأخلاص أختفى , والوطنيه أصبحت في خبر كان , بل الوطنيه كلمه تثير السخريه لمن يتكلم بها. أنه وضع لا يطاق وبلغ مرحله خطره , وهي المرحله التي تبدي بها أختفاء ملامح مجتمع كان, الى ظهور مجتمع لا صله تربطه بما سبق ,فتتغير ملامح أمه , وتعرض بلد للضياع والتقسيم .
لا شك هناك الكثير ممن لا يسعدهم لما حدث من تغير في واقعنا الأجتماعي , لكن التباكي على الأطلال لا يعيد لها الحياة , ولكن بنفس الوقت هناك لا شك شمعه في نهاية النفق يمكننا الأهتداء بها الا وهو الأيمان بأننا نمتلك بعدآ حضاريآ وأرثآ أخلاقيآ يقوى على الصمود وقابل للحياة , بل ويملك القابليه على تجميلها والأضافه اليها , بما تمتلكه من منطلقات دافعيه , وحوافز تشجيعيه , وقدره خلاقه على حمل المؤمنين بها الى ما هو أفضل , فالثابت والمتحول بالمنظومه الأسلاميه كفيله ببقاءها حيه وفاعله , ولكنها بحاجه الى مؤسسات ترعاها وأراده تفعلها, لتكون مفرداتها فاعله محركه لكل من يتبناها , فالشعب الذي يؤمن بمبادئ ويعشقها , سوف يجعل منها نبراسآ ودليلآ لنضاله في حياته.
أنا لا أريد أن عدد مفرداتنا, القيميه فالأمر يطول ولكن أشير فقط للعشق الحسيني بأنه مشروع قادر على بناء أمه لا تهزم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احمد النشيط يصرح عن ا?ول راتب حصل عليه ????


.. تطور لافت.. الجيش الأوكراني يعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسي




.. أهم ردود الفعل الدولية حول -الرد الإسرائيلي- على الهجوم الإي


.. -حسبنا الله في كل من خذلنا-.. نازح فلسطين يقول إن الاحتلال ت




.. بالخريطة التفاعلية.. كل ما تريد معرفته عن قصف أصفهان وما حدث