الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحج إلى إسرائيل

يوسف سلطان

2018 / 11 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


قرابة عام من الزمن والذي بدأ في 6/12/2017, تاريخ الإعلان الترامبي, القدس عاصمة لإسرائيل, وقد اشتمل على كوارث على قضيتنا الفلسطينية, فتلا الإعلان نقل السفارة الأمريكية الى القدس, وبعدها قطع الدعم عن الاونروا, وإغلاق مكتب منظمة التحرير في أمريكا, وتلاه ضم القنصلية الأمريكية في القدس والتي سبق وجودها في القدس إعلان دولة إسرائيل نفسها, الى سفارتها الجديدة.
في هذه الفترة الوجيزة زمنيا, بدا كتابة فصل اسود من تاريخ المنطقة, الذي يشهد الاستكمال النهائي للإستراتيجية الصهيونية القديمة الجديدة, للسيطرة على ما كان يعرف منذ سنوات قليلة بالوطن العربي, حيث من المتوقع أن ينتهي رسمياً العمل بهذا المسمى, فور الإعلان عن التحالف الجديد او الحلف الجديد, بعد انتهاء جولات رئيس وزراء إسرائيل ومسئوليها, ووزرائها, في المنطقة التي كانت عربية, وكانت تحرم العلاقات بين الدول العربية والكيان الصهيوني, حيث يوضع حجر الأساس للتحالف القادم الإسرائيلي وتابعيه العرب.

بدأت تلك الرحلة الطويلة التي قادها قادة إسرائيل, بصبر وأناة, واستفادوا من جملة رؤساء أمريكا من الحزب الجمهوريين, انطلاقا من الفكر الانجليكاني المؤيد لليهودية ولدولة إسرائيل التي تمثل اليهودية, لتنفيذ الاستراتيجيات الصهيونية النابعة من الفكر التوراتي.

كانت البوادر الأولية من اللقاءات, والتي تمت بسرية بين بعض مسئولي الخليج, وزيارات مسئولين إسرائيليين لبعض دول الخليج, مطلع التسعينات وفتح مكاتب تمثيل في أكثر من دولة خليجية, ما شكل نوعا جديدا من العلاقات الثنائية, لكن تعميم الفيروس التطبيعي, جاء بعد إنشاء قناة الجزيرة, بعد فترة مخاض لترسيم وسيلة إعلامية, تقدم خطابا أوسع وأعمق من البي بي سي الانكليزية الأقدم والأوسع انتشاراً, فتم افتتاح قناة ذات خط إعلامي, لم يعتده المشاهد العربي من قبل, وذو سياسة إعلامية اخوانية الهوى, واسعة الانتقاد لكل ما هو على الأرض العربية, عدا أرض قواعد العديد والسيلية, وبالتالي .. وفي السياق المبرمج صهيونياً, السماح للوجوه الإسرائيلية والخطاب الإسرائيلي بدخول البيت العربي, تقديماً وتبريراً وتحسين وقلب الصورة الجمعية عن العدو الإسرائيلي, في عقول الشعوب العربية كنوع من كي الوعي, للوصول الى التطبيع الشعبي بعد أن يتم التطبيع الرسمي المرتقب .

بعد فشل كامب ديفيد الثانية عام 2000 ,برفض الراحل ياسر عرفات, العرض الأمريكي الإسرائيلي تحت الضغط الشديد تقديم التنازلات التي طلبت منه, كان القرار هو تجاوزه والسير في الخطة الأكبر, الشرق أوسطية وما تلاها, فكان لزاماً تقديم عرض عربي يعلن بوضوح الاستعداد لقبول إسرائيل , بشروط , لا ترقي الى ما طرحه القذافي, في احدي القمم العربية, والذي أثار ضحكات واستهجان الملوك والرؤساء العرب.

في شباط 2002 ,وبعد إعلان الصحفي اليهودي الأمريكي,الكاره للإسلام والعرب, توماس فرديمان, عن فكرتة الثورية, التي سميت فيما بعد, مبادرة الأمير عبد لله, الملك عبدالله فيما بعد توليه الحكم, والتي تبنتها القمة العربية في بيروت آذار من نفس العام, (والتي لم يحضرها ابو عمار, حيث احكم عليه الحصار الاسرائيلي في مقاطعة رام الله), وقد اتخذت خطوات عديدة من زيارات مسئولين عرب الى إسرائيل تحت مسميات عديدة وبشكل سري, لوضع أسس التعامل المستقبلي بين إسرائيل والدول العربية, بخلاف الدول العربية التي وقعت اتفاقيات سلام رسمية مع إسرائيل وهي الأردن ومصر, حيث بقيت العلاقة في النور, لكنها لم تتجاوز الحد الرسمي الدبلوماسي من التعامل, ولم يتم تطويرها, الى ابعد من الرسميات, لرفض النخب والشعبين ككل, وحتى الدول التي لم يتم تبادل الزيارات من والي إسرائيل, أرسلت إشارات على شكل تصريحات من مسئوليها تخطب ود إسرائيل, تمهد للقادم, والذي سيكون في النهاية علاقات طبيعية, لدولة طبيعية ,بل وقائدة للمنطقة, على حساب الفلسطينيين شعبا وقضية.

لقد تجاوز الحكام العرب كل الخطوط الحمراء والمحرمات التي وضعت بالإجماع وتوافق الكل العربي, ابتداء من لاءات الخرطوم الثلاث, وحتى المبادرة العربية, وبدئوا عملية التطبيع المجاني لدولة الاحتلال, بشكل ثنائي,وهم الذين كانوا يرفضون حتى ذكر اسمها, وها نحن نري تحقق رؤية شمعون بيريز التي وضعها في العام 1995, ووضع حجر أساسها العملي, من خلال افتتاح أول وثاني مكتب تمثيل إسرائيلي في دول عربية في زيارات لاقي فيها كل الترحاب والود, وبهذا جردوا الفلسطيني من حائط الإسناد العربي, بل وتحولت الى تشكل جبهة ضغط عربية في الاتجاه العكسي, لإنهاء القضية الفلسطينية, حسب الرؤية الترامبية الشديدة الوضوح بكل صفاقة, إنسانياً وسياسياً, فأصبحت إسرائيل قبلة القيادات العربية اللاهثة ومكان حجها الجديد, لاجل نيل رضا السيدين, البعيد منهم والقريب.

بعد لقائه زعماء أكثر من خمسين دولة في اجتماع الرياض , رسم ترامب الخطوط العريضة لمستقبل المنطقة, وشكل التحالف القادم, تنفيذا لرؤية الشرق الأوسط الجديد, التي تمثل إسرائيل فيها دولة المركز, فيما تشكل البلاد العربية الأطراف, فتتحالف إسرائيل مع الإسلام السني, في مقابل العدو (المصطنع مؤقتا) وهو الإسلام الشيعي, أو القوس الإيراني الشيعي, حتى إذا ما تم التحكم الكامل في العرب والسيطرة التامة على مقدراتهم وثرواتهم وأموالهم واستنفاذ مخزونهم من العتاد العسكري الذي كدس علي مدى سنوات, وأصبحوا في حاجة إلى المزيد والمزيد, حينها يسهل الانتقال إلى المرحلة التالية حيث يتم الآن ,وفي مراكز الفكر الأمريكي والإسرائيلي التوأم ,صياغة إستراتيجية القرن القادم, الذي بدا في العام 2017.

إذا كنا نتهم القادة العرب بأنهم تجاوزوا الخطوط المحرمة وتناسوا القضية الفلسطينية وهرولوا لاهثين إلى إسرائيل, ورضخوا لأوامر أمريكا, فهل نطالبهم بان يكونوا فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين أنفسهم, الذين انقسموا وقسموا الشعب واضعفوا صموده, وبددوا مقدرته على مقاومة المحتل, رغم وقوعهم في أتون الصراع, وفي ارض المعركة,في ظل عودة الاحتلال المطبق على الضفة الغربية وحصار غزة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجوم إسرائيل -المحدود- داخل إيران.. هل يأتي مقابل سماح واشنط


.. الرد والرد المضاد.. كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟ و




.. روايات متضاربة حول مصدر الضربة الإسرائيلية لإيران تتحول لماد


.. بودكاست تك كاست | تسريبات وشائعات المنتجات.. الشركات تجس الن




.. إسرائيل تستهدف إيران…فماذا يوجد في اصفهان؟ | #التاسعة