الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحزب الشيوعي العراقي ................آن أوان التغيير !!!!!!!

غدير رشيد

2018 / 11 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


ترددت كثيرا في كتابة هذه المقالة حتى إنني كتبت أكثر من نسخة مزقتها جميعا لأنني كنت أحاول أن أكون دقيقا ،منصفا، وأن أختار الكلمات بدقة بحيث لا تثير الحساسيات، خاصة وإن الموضوع خطير..كما إنني أجلتها لحين إكتمال تشكيل الحكومة التي قد تثبت صحة قرار القيادة بالتحالف مع التيار الصدري.
أخيرا وبعد أن إنتهت مهزلة تشكيل حكومة عادل عبد المهدي التي كان قادة الحزب الشيوعي العراقي يوعدون الشعب كونها المنقذ له،قررت أن أكون صريحا متوجها بكلامي الى جماهير الحزب من أعضاء ومؤيدين ومناصرين وصولا الى قيادة الحزب نفسها،مستندا في ذلك الى حقيقة ملكية الشعب العراقي للحزب ومن غير المقبول التنازل عن ذلك لأعضاء الحزب فقط.
أقول لهم جميعا، وعلى الأخص من إندفع في تأييده للتحالف مع الصدريين : هل إستيقظتم الآن ؟
هل نسيتم كلام السيد رائد فهمي وجاسم الحلفي وغيرهم من قادة الحزب والذي إدعو فيه ولأكثر من مرة إنهم إتفقوا مع الصدريين على برنامج وطني ،وهل تسألون أنفسكم الآن ، أين البرنامج الوطني المزعوم بعد أن شكل عبد المهدي حكومة لاعلاقة لها بالإصلاح ولا بالتغيير وليست عابرة للطائفية لاكليا ولا جزئيا (كما يقول رائد فهمي)، بل حكومة طائفية وزعت مناصبها بين الطوائف والقوميات وفق المعادلة نفسها التي صاغها بريمر مع بعض الرتوش، بل إنها الأسوأ حيث مثل فيها الفاسدون والإرهابيون والبعثيون ، ومع هذا لازال كل من رائد والحلفي وغبرهم من قادة الحزب يتباهون بإنجازهم موهمين الشعب إنها حكومة إنقاذ فعلا.
وأسأل الرفاق أين المقاعد الثلاثة عشر في مجلس النواب التي كان الحلفي يتباهى إنه إتفق هو شخصيا عليها مع الصدريين حتى وصل الحال بكثير من الشيوعيين الى التباهي بذكاء القيادة التي جرت الصدريين الإسلاميين الى مواقع الحزب ،بل ان الكثير منهم تبادل التهاني عبر وسائل التواصل الإجتماعي عند الإعلان الأولي عن نتائج الإنتخابات مصدقين إنهم حصلو على اكثر من عشرة مقعد،وتمادى الكثيرون في النفلسف في موضوع تبني الصدريون لأهداف التيار المدني ،مثلما كان بعض الشيوعيون يتغنون باللقاءات الخاصة للمرحوم عامر عبدالله مع الطاغية صدام في السبعينيات وكيف كان يدرسه الماركسية –اللينينية منتظرين إعلان صدام لتبنيه النظرية الماركسية !!!!! ثم أظهرت أحداث ال 1978 إنه لم يتعلم إلا مهارات تصفية الرفاق والحلفاء والتي طبقها ستالين مبتكر الماركسية – اللينينية.
أقول على الشيوعيين العراقيين أن يستيقظوا خاصة بعد أن حصلوا على مقعدين فقط وتحت راية سائرون وليس الحزب، مقابل خذلانهم للتيار المدني والعراقيين الناقمين على القوى السياسية الإسلاموية ومنها التيار الصدري بإعتبارهم سبب مآسي البلد، ولذلك كانوا يبحثون عن تيار بعيد عن تلك القوى، وعندما لم يجدوا أحدا قاطعوا الإنتخابات خاصة وإن الحزب اليساري الوحيد في البلد إندمج مع الإسلاميين الفاسدين .
إنني أتوجه لأعضاء الحزب لأن قيادة الحزب إدعت علنا إن 80% من أعضاء الحزب أيدوا التحالف مع الصدريين وأعتقد إنها حقيقة ،لأنني ناقشت عددا غير قليل منهم وكانوا مؤيدين حد التعصب للإتفاق...
أتوجه بكلامي الى أعضاء الحزب الذين بدلا من إنتقاد سياسة القيادة خاصة بعد 2003،لازالوا يصبون غضبهم على الشعب العراقي مدعين إن الشعب تغير وإن عراقيي 2003 يختلفون عن عراقيي الستينات والسبعينات وهم سبب تراجع الحزب، في ظاهرة معيبة بحق من يرفع راية الشيوعية التي إيتكرت نظريات وأدوات تنوير الشعوب وإكتشاف أدوات التغيير المناسبة لكل شعب ولكل مرحلة والدليل يقاء اسم الشيوعية في العراق رغم حملات القتل البشعة التي شنتها الأنظمة على الشيوعيين منذ تأسيس حزبهم....كما إنني وأنا أستعرض الظواهر السلبية وأنتقد منظومة القيادة بإعتبارها المسؤول الأول عن حالة الحزب الحالية،لايمكنني أن أغفل عن عشرات الآلاف من الشيوعيين الذين ضحوا بحياتهم إيمانا منهم بوطنهم وحزبهم رغم عدم قناعة الكثير منهم لممارسات القيادات المتعاقبة منذ الستينيات وخاصة السبعينيات التي شهدنا فيها خيرة الشباب الشيوعيين الذين إسشهدوا في أقبية البعث والشهداء في قوات الأنصار وأخيرا النزاهة التي تميز بها الشيوعيون بعد2003 مقارنة ببقية الأحزاب ومنها الأحزاب الإسلامية المهيمنة على السلطة.
أذ أذكر بالتاريخ لأوكد،إن هدفي هو تحدبد سلبيات يعرفها الكثيرون حرصا على حزب وطني عريق أراه هو المنقذ للبلد،بل إنني سأكون صريحا جدا إحتراما لشهداء الحزب وخاصة أصدقاء لايمكننا نسيانهم،وقد رحلوا دون أن يقولوا رأيهم الصريح بأخطاء القيادة وأعتقد إنهم رحلوا وفي قلوبهم غصات ....وبالتالي سأحاول أن أعبر عن الشيوعيين الراحلين والكثير من الحاليين الذين يمنعهم محبة الحزب من البوح عن الحقائق وهم مخطئون وسكوتهم قد يسبب كارثة بحق أعضاء الحزب وأنصاره.
علينا أن نضع النقاط على الحروف ونعترف إن شيوعي اليوم وليس العراقيين ، هم الذين يختلفون عن شيوعي الأمس، وكان لقيادة الحزب دورا رئيسيا في إشاعة مفاهيم وممارسات جديدة بعيدة عن الشيوعية جعلت الشيوعيين يبتعدون بمسافات عن شيوعي الأمس.
الخطوة الأولى في تقييم الحالة التي وصل إليها الحزب هي أن نؤشر على عدد من المظاهر التي إنتشرت بعد 2003 لنحدد بعدها مايجب فعله لإعادة الروح الشيوعية للحزب.، وإليكم بعضها....
 أقول وبكل جرأة إن قيادات الحزب المتعاقبة بعد قيادة (سلام عادل)،أي منذ 1963،فقدت نكهتها الشيوعية تماما وظهرت قيادات خلال العقود الخمسة الماضية تجيد العمل في الصالونات السياسية بدل المعامل والمزارع والجامعات ومدن الفقراء، وكل الشيوعيين يتذكرون خط آب في 1964 والذي كان مستعدا للإنضمام للإتحاد الإشتراكي وإلغء الحزب، ونفس القيادة هي التي تحالفت مع البعثيين في السبعينيات وزورت آراء القاعدة التي كانت في أغلبها معارضة للجبهة مع البعثيين إلا إن القيادة أعادت التصويت في اللجنة المركزية مرتين بعد إن كان التصويت الأول ضد الجبهة ثم تحولت الكفة بفارق صوت واحد لصالح الجبهة، وهي نفسها التي تحالفت مع القوميين الشوفينيين في الثمانينات في جبهتي (جود) و(جوقد)، بل هي نفسها التي شجعت على إنفصال الشيوعيين الكورد في حزب شيوعي قومي يرفع راية الشيوعية الأممية الكوردية بالرغم من المعارضة الكبيرة من قواعد الحزب، ولكن القيادة راعت إرضاء القيادات الكوردية القومية بسبب تحالفها معه .
وبالرغم من تبدل الأشخاص القياديين إلا إن أغلبهم كانوا ولازالوا من نفس مدرسة خط آب والجبهة مع البعثيين.
 وبدلا من التعلم من الأخطاء،إستمرت القيادة في نهجها غير الثوري وخاصة بعد 2003 عندما شاركت في مجلس الحكم وإستمرت في المشاركة فيه رغم مساوىء المجلس والهيمنة الأميركية عليه والتي كانت تستدعي فعلا ثوريا يتمثل في الإنسحاب من المجلس والذي لو كان قد حصل لوصلت سمعة الحزب أعنان السماء، ولكن حرص القيادة على المجاملة للقوى الإسلاموية والقومية وشهوة السلطة هي التي تغلبت فبقى الحزب في المجلس الهزيل الذي لايليق بالشيوعيين، ويمكنني القول إن الرغبات الشخصية للسكرتير العام والذي إستهوته الأضواء (وهو تصرف إنساني متوقع وحصل مع قادة عالميين كثيرين عانوا الحرمان) كان العامل الحاسم في قرار المشاركة،وكان على قيادة الحزب وأعضاؤه الإنتباه والتصدي له بدلا من إطلاق يد السكرتير ليفعل مايشاء وهو ماحصل مع ( أبو داود).
 هنا أتحدى أي شيوعي أن يبرز لي بيانا للحزب بعد 2003 يصف الأحداث والمواقف للقوى الإسلامية التي نهبت البلد وعبثت به ،يصفها كما هي وبمثل ماكان يفعله (فهد) في وصفه لنوري السعيد مثلا بالرغم من إن جرائم الأحزاب الإسلاموية والقومية الكوردية فاقت كثيرا أخطاء السعيد والنظام الملكي، بل إن الكثير من الشيوعيين يشتمون تلك الأحزاب في جلساتهم الخاصة دون أن يتجروأ في الطلب من القيادة على إصدار بيانات شديدة.هذه المواقف أبعدت العراقيين عن الحزب، فيما كانت لبيانات (فهد) الأثر الكبير في إلتفاف العراقيين حول الحزب بالرغم من وجود أحزاب منافسة وشخصيات عريقة لها وزنها السياسي والإجتماعي،حتى إن بيانات الحزب في ذلك الوقت كانت تحرج الأحزاب البورجوازية أمام جمهورها.
 ويبدوا إن إنهيار الإتحاد السوفيتي وتراجع الماركسية عالميا أحدث هزة في عقول القيادة، ففقدت بوصلتها الشيوعية والدليل إن الحزب لم يصدر بيانا واحدا يهاجم فيه المحتل الأميركي العدو التاريخ للشيوعيين،كما لم يصدر الحزب بيانا شديدا ضد ممارسات مليشيات الأحزاب الإسلاموية وأعمالهم الإرهابية ضد المواطنين وعلى الأخص القوى المدنية ،بل كان يختار أرق الكلمات الدبلوماسية في وصف الإنتهاكات الخطيرة لتلك القوى مستخدما مصطلحات وفذلكات لتبربرها أو تفسيرها مثلما كان يفعل في السبعينيات عند وصفه لجرائم البعث ضد الشيوعيين في معتقل قصر النهاية وغيره والتي إبتكر لها في ذلك الوقت مصطلح (العسف الثوري) ومن لايصدق ليراجع أعداد الثقافة الجديدة في ذلك الوقت.
 وفي سعيها لإرضاء الكوادر وتجنب الإنتقادات دخلت القيادة في سباق مع القوى الإسلاموية في الحصول على مكاسب لها ولكوادر الحزب حتى لو كانت بطرق قانونية ملتوية وبعيدة عن الروح الشيوعية التي تأبى أن يقبض الشيوعي ثمن تضحياته ، وإلا هل يعقل أن يقبل أعضاء اللجنة المركزية قطع أراضي يوزعها عليهم الطالباني والبارزاني الملطخة أياديهم بدماء الشيوعيين، وهل حصل مثل هذا للقيادات الشيوعية قبل 1963. لقد أدت مشاركة الحزب في تأمين مصالح كوادره الى إنغماس الأعضاء في الحصول على المكاسب من رواتب ومناصب، وخلق لديهم النزعة نحو المصلحة الشخصية خاصة وإن الكثير ممن حصل على المكاسب لم يكن يستحقها وإن المقربين للقيادة وبالذات للسكرتير كان لهم الحصة الأكبر مما خلق تنافسا شديدا على المصالح بدلا من التنافس على التضحيات والتي إتسم بها مناضلوا الأربعينيات والخمسينيات الذين تجروأ على قيادة الحزب وأعمارهم لا تتعدى العشرينيات،لم تدرك القيادة إنها بعملها هذا قتلت الروح النضالية لدى الرفاق، والدليل عدم تجرؤ أي شاعر شيوعي معروف على إنتقاد الإسلاميين فيما فعلها الكثير من الشعراء من غير الشيوعيين ، ونفس الشيء ينطبق على المقالات والأغاني لإنشغال الأعضاء في نزاعات وتسقيطات شخصية حتى وصل الحال برفض الكثير ممن حصل على الإمتيازات دفع التبرعات للحزب.
 وبرزت بعد 2003 ظواهر لم تكن مألوفة في الحزب ومنها أن يصبح عضو الحزب غنيا بعد إنتمائه للحزب بل ويتباهى بما يملكه والتي حصل عليها من مخافات مالية خطيرة حصل عليها من موارد الحزب ،وأعرف شحصا دخل الحزب وهو معدم ولكنة بعد 2003 وبعد بضعة سنوات أصبح غنيا وعضوا في اللجنة المركزية ولازال يستغل اموال الحزب دون أن تردعه القيادة لكونه مقرب منها ،في حين كان الشيوعي الغني مثل السركال يتنازل عن أراضيه ليوزعها على الفلاحين لأنه يجد تعارضا بين غناه وشيوعيته الجديدة لذلك أصبحوا قدوة للعراقيين الذين كانو يتبعونهم لمعرفتهم بمواقفهم النبيلة.
 ومثلما فعلت بقية القوى السياسية ،سعت قيادة الحزب في الحصول على مناصب حكومية قيادية لبعض أعضائها حتى إن كانوا لا يستحقونها أو مخالفة للسياقات المعروفة بمعنى الموافقة على الإنتهاكات الإدارية التي مارستها تلك القوى، بل إن الحزب حصل بفعل المحاصصة على بعض المناصب ولكوادر قيادية في الحزب مما ألهاهم عن العمل الحزبي الحقيقي( وهنا لا أعني بها الإجتماعات) والذي يتطلب كادرا متفرغا عقلا وروحا،ويعرف الشيوعيون كم كادرا حصل على مناصب قيادية وأصبح متمردا على الحزب لأن إمتيازات الموقع الوظيفي وإغرائاته جعلته يتبرم وينتقد من الحياة الشيوعية التي يستدعيه موقعه القيادي، خلقت هذه الممارسات ردود أفعال سلبية لدي كوادر الحزب، وأصبح طموح الشيوعي الحصول على مناصب مماثلة لما حصل عليه شيوعيون أقل كفاءة منه بل وكل مفائتهم قربهم من القيادة،فأنشغل الكثير منهم بالتقرب من القيادة بدلا من التفكير بهموم أكثرية الشعب العراقي الذي كان شيوعيو الأمس يعتبرونه هاجسهم الأساس والوحيد .
 وبعد 2003 أصبح الكادر الشيوعي المتقدم والذي حصل على المناصب يقسم وقته بين وظيفته ونوادي الصيد والعلوية والهندية وبشكل يومي، فيما كان (فهد) و( سلام عادل) يجوبون المحافظات والقرى ويحضرون إجتماعات الخلايا الصغيرة في المزارع وبيوت الفقراء دون أن يقصحوا عن إسمائهم لأن الحزب كان يمثل كل حياتهم ( وأتمنى على كل شيوعي مراجعة تاريخ فهد ليعرف ماكانت الشيوعية تمثله له) وهو الشيء الذي تفتقده القيادة الحالية.
 وظهرت ظاهرة جديدة وهي تقاعد الرفاق من الحزب، وكأنه دائرة حكومية وخاصة من حصل على الإمتيازات ،فهل سمعتم بشيوعي ينتزع روحه الشيوعية وهو حي يرزق ، فيما كان شيوعيو الأمس يأخذون شيوعيتهم معهم الى القبر، وكلكم تعرفون إن الشاعر الشيوعي الكبير ( رشدي العامل) أوصى أصدقائه بالطرق على قبره سبع مرات عند سقوط الطاغية لأنه كان يشعر بأنه سيبقى شيوعيا حتى في قبره.
 وسلكت القيادة بعد 2003 سلوكا غريبا وهو إعادة من خان الحزب وأصبح وكيلا للأمن للتنظيم الحزبي وبمناصب قيادية(عضو لجنة محلية) ، فيما كان الشيوعي الذي يخرج من المعتقل يبقى تحت النظر لحين أن يثبت إنه صمد في المعتقل وأعرف صديقا ظل لسنوات بعد خروجه من المعتقل يحاول إقناع القيادة بموقفه أثناء الإعتقال حتى وصل به الحال الى عمل متهور فقد فيه حياته تحت التعذيب ،وتتحجج القيادة بإضطرارهم لذلك لقلة الأعضاء دون أن يفكروا بنوعية ذلك الشخص وماسيشيعه بين الرفاق ومقف من يعرف خيانته مع إضطراره للعمل بأمرته، لذلم ترك عدد من الرفاق الحزب بعد إصرار القيادة على إيقاء الخونة.
 ومن تابع (أبو داود) عندما كان عضوا في مجلس النواب ،يدرك الإنطباع السيء الذي تركه لدى العراقيين عندما كان يضحك بصوت عال عند مناقشة المجلس لخبز الفقراء، كما إنني أتحدى أي شيوعي أن يبرز دليلا واحد يثتبت فيه إن (أبو داود) دافع عن العمال وقضاياهم مثل قانون العمل والحريات النقابية أو عن الفلاحين أو عن الفقراء أو كان صوتا متميزا وشيوعيا في البرلمان، والنتيجة كانت عزوف العراقيون عن الحزب بسبب مواقف سكرتيره العام الذي لم يعط إنطباعا عن ثورية الشيوعيين المعروفين بها..
 ولأول مرة في تاريخ الأحزاب الشيوعية ، تلغي قيادة الحزب الصفحة الإسبوعية المخصصة لقضايا العمال من الجريدة اليومية لحزب الطبقة العاملة فيما تبقي الصفحة الرياضية اليومية في إستهانة واضحة بقضايا العمال. حتى إن البعض تندر على القيادة وطالبها برفع شعار المطرقة من علم الحزب، ولو إن بعض القياديين فعلوها عندا غنوا لأبو داود ( عمي ...يابو داوود...احنا كلنا وياك ) بدلا من (عمي يابو جاكوج).
 وشهدت سنوات مابعد 2003 ظاهرة تسابق قيادات حزبية في الحصول على شهادات عليا ومنهم من إستغل المستوى المتدني للجامعات في الحصول على شهادات عليا ولم يعد الرفيق القيادي يكتفي في الإشارة إليه كشيوعي بل يذكر المذيع بشهادته أو تخصصه العلمي، فساوو انفسهم مع غيرهم من القيادات الحزبية في الأحزاب سيئة الصيت التي إستغلت غياب الدولة في الحصول على شهادات عليا لايستحقونها، فيما كان الشيوعي أيام زمات يتباهى بشيوعيته وبكونه خريج مدرسة الحزب وانه تعلم الإقتصاد السياسي مثلا في السجون.
 وبعد 2003 أصبح المقياس الوحيد للشيوعي هو مدى تواجده في المقرات الحزبية وليس عدد لقائته مع العمال والطلاب والشباب والفلاحين وكم شخص استطاع التأثير عليهم ولم تعد البيوت مقرات للخلايا كما كانت حيث كانت الأسر تحيط الخلية الحزبية بمحبتها وحمايتها وتعمق من جهادية الشيوعي حيث يشعر بأن دفاعه عن أسرته يكمن في الدفاع عن حزبه، لذلك يعزف عدد غير قليل من أبناء الشيوعيين من الإنتماء للحزب أو المشاركة في فعالباته بل وحتى إنتخابه وألدهى إنتخاب منافسيه، ويعرف الشيوعيون الأعداد الكبيرة من الشيوعيين الذين تقاعسوا عن المشاركة في التظاهرات والتجمعات الجماهيرية بالرغم من تيقنهم من عدم تحملهم أية مسؤولية، فيما كان الشيوعي يتصدر المظاهرات وهو يعرف إن مصيرة سنوات طويلة من السجن.
 وسًن (أبو داود) سنة غريبة عندما أصبح عضوا في البرلمان وتبعه في ذلك السيد رائد فهمي‘ في حين يفترض به كونه سكرتير الحزب التفرغ لإعادة بناء الحزب والتدقيق في جميع مفاصل أنشطته خاصة بعد إنقطاعه عن جماهيره لعقود وهي مهمة تتطلب أكثر من 24 ساعة في اليوم، فكيف بإنشغال السكرتير بجلسات البرلمان تاركا الحزب وشؤونه مما ولد الكثير من اللامبالاة بين الأعضاء داخل الحزب.

كل ماذكرته أعلاه هي مجرد مقتطفات ونماذج فقط ،ويعرف الأعضاء أكثر مما قلته بكثير ويتداولونها فيما بينهم فيما يرفضون التصريح بها مكابرة ومحافظة على الصورة الناصعة للحزب خاصة في ظل انتشار الفساد بين الأحزاب السياسية المهيمنة على السلطة.
إن يقاء الحزب الشيوعي كعنوان للوطنية لحد الآن يعود الى ماتكتنزه الذاكرة العراقية من بطولات للشيوعيين في العقود السابقة،لكنها بطولات سيطويها النسيان وبالتالي لن يبقى للحزب ذكرا وسيتحول الى أطلال إن لم تستمر عملية إدامة هذه السمعة من خلال تبني مواقف شجاعة، وستحمًل الأجيال القادمة الجيل الحالي من الشيوعيين مسؤولية ماآلت إليه سمعة الحزب من إنحدار وتدني قيمته في الحياة السياسية، ويعرف الشيوعيون إن هيبة الحزب وهو حزبا سريا بدون مقرات وملاحقا من الشرطة الجنائية وأمن السلطة في العقود السابقة كانت أكبر من سمعته الحالية بمقراته العلنية الكثيرة ومشاركته في الندوات التلفزيونية والإجتماعات السياسية.
الآن علينا أن نحلل هذه الظواهر لنكتشف الأسباب التي أوصلت الحزب لما هو عليه من ضعف، وفي تقديري لو تسنى لكل شيوعي وتفرغ لمراجعة تاريخ الحزب ووثائقه لأستطاع بكل سهولة تحديد الأسباب وأهمها هيمنة (أفندية) الحزب كما كان يسمبهم فهد ،هيمنتهم المطلقة على كافة مفاصل الحزب التنظيمية والثقافية ،ويكفي الشيوعي الحالي أن يراجع السير الذاتية لأعضاء اللجنة المركزية بما فيهم الشباب الذين يتباهى المكتب السياسي بإعطائهم فرصة تبوأ مراكز قيادية، لأكتشف خلو القيادة من قائد عمالي حقيقي أو قائد فلاحي أو كاسب، وبالتالي تراجعت قضايا الفقراء والعمال والفلاحين وأصبح الحزب صالونا سياسيا وتجمعا لمثقفين تستهويهم السمعة الشيوعية كرمز للتقدمية محاولين أن يلبسوا العباءة الشيوعية الجميلة عند حضورهم الصالونات والإجتماعات مع القوى السياسية،بالرغم من معرفتهم إن بقية القوى تعرف إن حضور الحزب تلك الإجتماعات يمثل ديكورا يحسن من صورة القوى السياسية البائسة، وقد يكون الصدريون الأكثر ذكاء بتحالفهم مع الشيوعين مستغلين سمعتهم دون أن يعطوهم شيئا، ويظهر هوان القيادة الحالية للحزب من تلهفهم نحو التحالف مع الصدريين ومغادرتهم التجمع المدني بطريقة لايفعلها الشيوعي الحقيقي المعروف بنبله ووفائه، بل يمارسها المثقف النرجسي المعني بموقعه الشخصي، وهو ماكان يخشاه فهد من غلبة الأفندية على المناضلين الحقيقين في القيادة بالرغم من إن مثقفي الأمس في الحزب هم أكثر شيوعية من مثقفي الحزب وأفنديته الحاليين.
تذكروا نحن نتحدث عن حزب شيوعي له مواصفاته ومبادئه وأدواته التي تميزه عن بقية الأحزاب لذلك من غير الصحيح التحجج بتغير الأزمان.
وأعتقد ان السيد (ابو داود) يتحمل الوزر الأكبر في ماآل إليه وضع الحزب (بالرغم من تاريخه النضالي الذي لاينكره أحد)، لتركيزه على العلاقات والمجاملات للقوى السياسية المهيمنة على السلطة، لذلك تخبط في علاقاته وانتقل في تحالفاته من (علاوي ) الى التيار المدني وصولا الى التيار الأسلامي حتى أصبح الحزب بلا لون ولاطعم ولارائحة، وبالتالي لم يعد للمواطن العراقي مبررا للإنجذاب الى الفكر الشيوعي الذي يفترض أن يمثله السكرتير العام الذي يستخدم الكلمات المبهمة والمواقف المتخاذلة والمصطلحات الغامضة التي لا تعرف منها من هو الوطني ومن هو الخائن ومن هو الصالح ومن هو الطالح، بخلاف قيادة فهد وسلام عادل اللذان كانا يسميان الأشياء باسمائها وأوصافها التي يتداولها الناس في بيوتهم وفي المعامل ومدن الفقراء مثل الحكومات العميلة وصنيعة الإستعمار وعدوة الفقراء، وكانوا يتظاهرون ضد الحكومات دون إنتظار موافقة وزارة الداخلية كما يفعل شيوعيو اليوم، لذلك إنجذب العراقيون للشيوعيين لتضحياتهم التي أبهرت العراقيين ولإنهم كانو يشعرون بهم كجزء من الشعب ،وكانت القيادة في قمة وعيها عندما كانت تطلب من الرفاق الإندماج في حياة الفقراء مستثيرين الدوافع الداخلية للفقراء من الشيوعيين والدوافع الإنسانية للشيوعين من أبناء الطبقة الوسطي وكان المثقف الشيوعي يسعى لأن يتحدث بلغة العمال والفلاحين والفقراء بخلاف شيوعي اليوم المصرين على إستخدام مصطلحات المثقفين، ووصل إنتباه القيادة في ذلك الوقت لإدامة الزخم النضالي حدا كانوا ينتقدون فيه من يكتب قصيدة غزل في وقت الأزمات ....
كان الشيوعي مقداما لأنه لايملك إمتيازات يحافظ عليه بل إن مصلحته كانت متطابقة مع مصلحة الشعب والحزب الذي يطالب بالعدالة، بخلاف الكوادر القيادية الحالية التي تنعمت بإمتيازات حصلت عليها بقوانين شرعها الفاسدون قبضوا فيها ثمن نضالهم ،فيما لم يكن الشيوعي ينتظر ثمنا لنضاله وسنوات سجنه .
كما يتحمل (أبو داود) مسؤولية تغليب الولاءات الشخصية في الترشيح للمواقع القيادية داخل الحزب لذلك يستغرب الشيوعيون وجود عناصر عليها مؤشرات فساد كثيرة،ومن أسطع الأمثلة على ذلك الدعم الكبير الذي وفره (ابو داود) للسيد (جاسم الحلفي) رغم المؤشرات السلبية الكثيرة عليه قبل 2003 وما بعدها ومنها مخافات مالية ومواقف خطيرة، وقد يكون الحلفي أول شيوعي يملك إسثمارات في أكثر من مكان وفي نفس الوقت يحصل على عضوية المكتب السياسي خاصة وإن إستثماراته عليها مؤشرات وتساؤلات كثيرة لدرجة أصبح الحلفي يتصرف نيابة عن القيادة ويصرح كما يشاء ويدبر المؤامرات ويحيك الدسائس ضد الرفاق حينما كان يتفاوض مع الصدريين في الوقت الذي تتفاوض به القيادة مع التيار المدني، وبالرغم من معرفة الكثيرين بحال الحلفي إلا إن (ابو داود) لازال يدعمه ويفرضه على القيادة.
ويعرف أعضاء الحزب جيدا إن من يدير الحزب فعلا في الوقت الحاضر هو أبو داود وليس رائد فهمي، اي مدرسة الأفندية التي هيمنت على الحزب منذ عقود ولو كان شيوعيو اليوم أبناء شيوعي الأمس لحاسبو الحلفي على تصريحاته حول المقاعد الثلاثة عشر والحكومة العابرة للطائفية و حكومة التنوقراط التي كان يرفعها المتظاهرون وجيرها الحلفي للتيار الصدري ثم أصبحت نسيا منسيا دون أن يبرز شيوعيا واحدا لمحاسبته.
علينا أن نعترف بأن الحزب الحالي لاعلاقة له بحزب فهد ولايمتد تاريخ أعضائه الى نقرة السلمان وسجن الكوت وقصر النهاية...وليس له علاقة بعمال كاورباغي ولابعمال النفط ولابعمال الزيوت،وهوغريبا عن الفلاحين والفقراء ..
وقد يبرر البعض ان منهجية الحزب القديمة لم تعد صالح للزمن الحالي حيث العمل الدبمقراطي الذي تحكمه الإنتخابات وإنه من حق الشيوعيين التمتع بالحياة شأنهم شأن بقية المواطنين وإن أدوات النضال قد تغيرت ولم يعد إسلوب المظاهرات صالحا، أقول إن ميزة الشيوعين هي قدرتهم على الإبتكار مع الإحتفاظ بالنكهة الشيوعية وإلا، إن كانت الأساليب قد تغيرت جوهريا، فما هم مبرر الإحتفاظ بإسم الحزي الشيوعي.
لازالت الفرصة سانحة لنهضة الحزب الشيوعي ليؤدي دوره الوطني الذي إعتاد عليه العراقيون، على ان تتغير منهجية الحزب ويستعيد ثوريته من خلال العمل على تجميع القوى الوطنية الديمقراطية والإستعداد من الآن لإنتخابات 20222 والإستناد على العمل الجماهيري الحقيقي والخروج من المقرات الى المعامل والمزارع والجامعات والقرى ومدن الفقراء، ومغادرة الخطاب المجامل الى الخطاب الثوري الذي يسمي الأشياء بأسمائها ويصارح العراقيين بحقيقة فساد الطبقة السياسية وعمالتهم للدول وتأشير فسادهم بالأسماء وكشف مايحصل من تضييع للثروات والتلاعب بمصير الوطن والدعوة للتظاهر والتجمعات الجماهيرية حتى بدون موافقة الحكومة وتحشيد الجماهير للدفاع عن مصالحها.
إن شيوعي اليوم كلهم ،من كان منهم قياديا أو عضوا أو مؤيدا بل حتى من ترك الحزب،كلهم مسؤولون عن إنقاذ الحزب من حاله البائس ليس إعتزازا بتاريخه بل لكون وجوده وفاعليته ضرورة تاريخية يحتاجها العراقيون ، ويكفي خمسة عشر عاما من الهزائم المتتالية وضياع الفرص الكثيرة التي اتيحت لهم والمتمثلة بفساد الأحزاب الإسلاموية والقومية،وهي فرص لم تتح للماركسيين الأوائل في عشرينيات القرن العشرين الذين كانوا بحاربون جهل المجتمع من جهة وتسلط الحكومات من جهة ثانية ومع ذلك إنتصروا بفضل نضالهم وحماسهم ومبدأيتهم العالية .
نعم الشيوعيون على مفترق طرق ...وفي تقديري إنهم أمام ثلاث إختيارات هي:
1- أما الضغط على القيادة لتغيير سلوكها ونهجها وطرد الفاسدين والمطالبة بعقد مؤتمر لمناقشة منهج الحزب وتبني منهجا شيوعيا حقيقيا بعد الإعتذار عن الأخطاء والعودة للمنهجية الشيوعية.
2- أو تكوين قيادة شيوعية جديدة تعيد النكهة الشيوعية للحزب وتسنعيد إسمه ومنهجيته الثورية وأدواته النضالية التي أوصلت الحزب الى مكانة مرموقة في ضمير العراقيين لعقود طويلة.
3- أو الإعلان عن إنتهاء دورة حياة الحزب بسبب تغير الزمن وبالتالي لم يعد لوجوده كحزب شيوعي مبرر، والتحول لحزب غير ثوري ....محتفظين بتاريخه المجيد .. محافظين على سمعته التي يلوثها بعض القادة الحاليين، خاصة وإن الحزب ليس ملكا لقيادته بل هوملكا للعراقيين..بهذا الحل تحترمون تاريخ الحزب وشهداؤه الذين لو عادوا للحياة لمزقوا بأنفسهم الراية الحمراء على مقرات الحزب،وعلى الأغلب سياخذوها معهم الى القبور ليلفوا بها أجسادهم بدلا من تركها ليعبث يها من يشاء.....
وقد يكون ذكرى إستشهاد فهد فرصة لإعلان نهاية الحزب قرب قبره....
وقد يكون 31 آذار القادم هو التاريخ المناسب لوفاته ،أو لتبني حل من الحلول ....
وتذكروا إن الفرصة لازالت سانحة لإنقاذ الوطن وتحشيد كل القوى الوطنية والديمقراطية،ودعوة كل من ترك الحزب وخاصة الكوادر الشيوعية في الخارج والتي تتمنى أن تعيد الروح الشيوعية للحزب ......

أخيراعذرا لصراحتي الجزئية ....فأنتم تعرفون الكثير...وحان آوان المكاشفة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را


.. قيادي في حماس: الوساطة القطرية نجحت بالإفراج عن 115 أسير من




.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام