الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تبعية الاعلام وانعكاساتها على المجتمع

عبد الحسين العطواني

2018 / 11 / 15
المجتمع المدني


لم يلاحظ إن الأهداف التي تقوم عليها اغلب المؤسسات الإعلامية لاسيما الفضائية بخططها وبرامجها ومنتجاتها وأنشطتها ومواردها ونظمها الداخلية مبنية على رسالة إعلامية مستقلة تتبنى مصالح الشعب وطموحاته النهضوية , بل هي إما تجارية تجعلها على استعداد تام لتبتعد عن المبادئ والقيم , أو ناطقة بلسان النظام الحاكم أو المؤسسة السياسية .
وهذا ما أدى بالتالي إلى أن يكون إعلاما سطحيا وهزيلا لاسيما في خطابه الذي يفتقد أحيانا إلى العمق والى الفاعلية اللازمين لإيصال التأثير , فضلا عن أعماله الجادة القليلة التي مازالت تعاني من نقص واضح, ولسد هذا النقص كانت الاستعانة في معظمها من باب التبعية والنقل العشوائي من إنتاج الإعلام الغربي , وهكذا بقيت منتجاته الخاصة أسيرة المحلية وضعيفة فنيا , بهذه المحصلة سيبقى العصر الإعلامي خاضعا لسيطرة وتأثير المؤسسات الإعلامية المتخفية والأجنبية لتعيث في الأرض فسادا, ولتعمل على إعادة تشكيلها أو برمجتها وفق لمخططاتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية .
لذلك فان كل ما يهم معظم إدارات المؤسسات الإعلامية هو جني الأموال وتضخيم الأرصدة المصرفية لأصحابها أن كانت مؤسسة خاصة , أو تخفيف العبء المالي على الموازنة الحكومية أن كانت مؤسسة عامة مع تنصل واضح من المسؤولية الوطنية من خلال الترويج لكل ما هو فاسد وانحلال أخلاقي , والى تشجيع الناس على السلوك الاستهلاكي وإتلاف الأموال , ليتغير دور هذه المؤسسات من إصلاحي إلى تخريبي في عقلية المجتمع ومن ثم اقتلاع الأجيال الجديدة من بيئتها وهويتها وثقافتها وجذورها , ليعيد برمجتها وفق القيم والمبادئ والمفاهيم التي تخدم أجندة العولمة , وتربية أجيال جديدة عدائية السلوك , ذات نفسية منحرفة , أو تربية أجيال ذات فكر منحرف لكي تتناقض مع كل المبادئ الفكرية لثقافتها وهويتها ولمعتقداتها ولثوابتها , ومهاجمة عاداتها وتقاليدها لاجتثاثها , أو تربية أجيال ذات تصورات تتصادم مع كل المفاهيم الدينية والحياتية , وبذلك تتمكن العقليات المحركة للآلة الإعلامية من جعل تلك الأجيال في أعلى درجات جهوزيتها لتتبنى هذه السلوكيات القيم والمبادئ والمفاهيم التي تقوم عليها الوسائل الإعلامية , حتى تكون مستعدة للتعايش مع القيم والمبادئ والمفاهيم الجديدة , أو لا تختلف أو لا تتصادم معها على اقل تقدير .
هذا الخطاب الإعلامي الذي تتغذى عليه الناس, هو خطاب عدواني في قمة الدهاء والخبث , أو هو بلغة السياسة المعاصرة إعلام إرهابي , يقدم طروحاته بالطريقة التي تخدم مصالحه , فالصور والمشاهد والكلمات والأصوات والموضوعات والطروحات والأجواء والتصاميم التي تقدم عبر اغلب القنوات الفضائية , ليس فيها مسحة تدل على انتماء هذه الأشياء إلى البيئة الثقافية العربية والإسلامية .
فعندما ننظر إلى قضية تشكيل الرأي العام وفق مبدأ توفير حرية الرأي وحرية تدفق المعلومات , فان المشكلة تكمن في مدى استقلالية الإعلام عن السلطة , وكذلك تتركز المشكلة في القوى صاحبة المصلحة في التغيير والإصلاح , ومدى قدرتها على دفع الإعلام باتجاه عملية المشاركة الحقيقية بتفعيل الرأي العام كحصيلة يجمع أو يؤمن بها عموم الناس تجاه عملية الإصلاح والدفاع عنها وتجسيدها في الواقع من اجل تحقيق أهداف وتطلعات الجماهير الإنسانية والتثقيفية , فهل يستطيع الإعلام الحالي أن ينتج رأيا عاما تجاه القضايا المصيرية , كالإرهاب , والإسلام السياسي , والعولمة , وغير ذلك .
إن الدور الإعلامي في صياغة أو صناعة التأثير في الرأي العام يجب آن يكون ايجابيا ويتحرك في فضاء معلوماتي لقضايانا وقضايا العالم , ولذلك تتم في الغالب صياغة قضايانا من خلال رؤى غربية تقدم للعالم من خلال وسائل الإعلام , إلا انه هناك دور مفقود للتأثير في الرأي العام , ومفهوم خاطئ للتجربة وللحرية الإعلامية , تشدد دائما على حرية انسياب المعلومات , ولكن الشئ الأساس الذي ننظر أليه هو الإنسان وحريته في الوصول إلى المعلومات وهذا أمر يكرسه إعلان حقوق الإنسان العالمي والمواثيق المرفقة به أو اللاحقة , فالمواطن الآن أمام حالة من الضياع , ودوره مفقود كمعنى ودلالة , في ظل انفتاح إعلامي بين ضغط السلطة , وهيمنة المال .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف قارب أبو عبيدة بين عملية رفح وملف الأسرى وصفقة التبادل؟


.. الولايات المتحدة: اعتقال أكثر من 130 شخصا خلال احتجاجات مؤيد




.. حريق يلتهم خياما للاجئين السوريين في لبنان


.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تجتاح الجامعات الأميركية في أ




.. السعودية تدين استمرار قوات الاحتلال في ارتكاب جرائم الحرب ال