الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
لئلا ننسى أول كاتب ذُوبت جثته في تاريخنا المعاصر
رضي السماك
2018 / 11 / 15مواضيع وابحاث سياسية
لأن التاريخ المزيّف والاكثر انتشاراً هو التاريخ الرسمي الذي يكتبه الحكّام المستبدون ويفرضون تدريسه في المدارس والجامعات فيما التاريخ الحقيقي هو تاريخ الشعوب المُستضعفة الذي يُطمس أو يُزيّف ولا يلم به سوى الحركات والقوى المدافعة عنها وعن حقوقها ومصالحها ، فلربما ظن الكثيرون على خلفية قضية خاشقجي المتفجرة الآن بأنه أول جثة صحفي عربي قتيل تُذوّب بالاسيد في أن أول عملية إجرامية من هذا القبيل تُرتكب بحق كاتب وشخصية سياسية وطنية صلبة مُحنّكة هو القيادي في الحزب الشيوعي اللبناني الشهيد فرج الله الحلو وكل جريمته تحفظ حزبه على حل نفسه والتعجيل بإتمام الوحدة الاندماجية الفورية بين مصر وسوريا والتي سرعان مافشلت بعد مرور ثلاث سنوات من عمرها فقط .
وإذا كان الرأي العام العالمي وذوو خاشقجي ومحازبوه محظوظين في عصرنا الراهن بكشف كل ملابسات الجريمة المروّعة بحقه وجثته أولاً بأول بفضل ما وصلته ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والسوشيل ميديا من تطور هائل ، فإن كل ذلك لم يكن متوافراً في عصر المغدور فرج الله الحلو ، بل ولما تظهر بعد كل أو معظم المؤسسات الحقوقية الدولية الحالية الشديدة البأس ، أما وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية فقد كانت جميعها تحت السيطرة الكاملة لسلطة دولة الوحدة ، وهكذا لم يتبقَ من يستطيع إماطة اللثام عن فضيحة الجريمة المدوية التي تقشعر لها الأبدان سوى صحافة حزب الشهيد ومناشيره السرية بإمكانياتها المتواضعة المحدودة الإنتشار الجماهيري مقارنةً بالامبراطورية الإعلامية التي كانت تملكها دولة الوحدة .
الكاتب الصحفي والقائد السياسي اللبناني فرج الله الحلو الذي تمر الذكرى الستون على استشهاده العام القادم حيث اُستشهد تحت التعذيب الشديد الشرس في صباح 25 يونيو / حزيران من عام سنة 1959 بعد سويعات من اعتقاله في غرفته الصغيرة بدشق لم يكن " ارهابياً " أو يُضبط مدججاً بالسلاح أو يقود فرقة من الميليشيا العسكرية التي تهدد أمن وسلامة الجمهورية العربية المتحدة بقيادة زعيمنا العربي محبوب الملايين جمال عبد الناصر ، بل كل ما يملكه سلاح القلم ذي الكلمة الحرة ؛ وحتى مع تحفظ حزبه على مشروع الوحدة نشر ببنط عريض في صحيفة حزبه " النور " التي يشرف عليها مرحباً بالزعيم عند زيارته لدمشق : " أهلاً وسهلاً بعبد الناصر " ، ومع ذلك لم يشفع له ولا لحزبه هذا الموقف المرن المسالم ما دامت قيادته لم تستجب لقرار حل الحزب ومادام مناضلوه مازالوا نشطون في تنظيماته ، فكان أن صدر قرار "التصفية الجسدية " بحقه وبحق نخبة من رفاقه القياديين من أعلى المستويات في دولة الوحدة وتُركت الوسائل والتفاصيل التنفيذية للأجهزة الاستخباراتية والتي تولاها وخطط لها في سوريا رئيس جهاز الاستخبارات في الاقليم الجنوبي ( سوريا ) عبد الحميد السرّاج الذي صمت دهراً ونطق كفراً أقبح من ذنب الجريمة ، فلم يرف له جفن وهو يدلي باعترافاته في حوارصحفي أجراه معه المؤرخ القومي الفلسطيني كمال خلف الطويل قبيل سنوات قليلة من وفاته ( 88 عاماً ) ونشرته مجلة الوعي العربي ( 23 فبراير / شباط 2018 ) واشترط عليه ألا يُنشر إلا بعد موته ، بأنه كان يتابع خطوات المغدور خطوة بخطوة من عتبة منزله في لبنان حتى وصوله دمشق ، ولم نكن نقصد قتله لكن جسمه العليل بمرض القلب لم يتحمل " الخشونة البدنية التقليدية " التي واجهه بها ضباط استخباراته على حد تعبيره ؛ ويضيف : " بدلاً من أن تقوم شلة الأغبياء عندي بإعادة الجثمان الى عتبة منزله بلبنان - ولا من شاف ولا دري - ارتكبت واحتاست وقررت اخفاء قرائن الحادث " ! ثم يستطرد : " وأبلغت عبد الناصر وفضّلنا معاً نفي المسألة برمتها " !
أما وسيلة اخفاء قرائن الحادث التي ربما رف جفنه عن الحديث عنها وهو في تلك السن من أرذل العمر بعدما صمت صمت طوال اكثر من نصف قرن حتى رحيله قبل خمس سنوات فقط وهو في كنف الضيافة والحماية المصريتين منذ فراره الى القاهرة غداة الانفصال عام 1961 فقد تكشفت للجميع ولم تُطمس للأبد ؛ كما يتوهم عادةً الطغاة مرتكبو مثل هذه الجرائم ، فقد جرى دفنه في قرية قرب غوطة دمشق ، ولشدة المخافة من كشف معالم الجريمة على أيدي أغبياء السرّاج كما وصفهم فقد تقرر استخراجها من القبر وتذويبها في مغطس حمام ؛ والارجح ان هذه الطريقة هي من لبنات عبقرية السرٰاج الفذة بعد أن وبّخهم على سذاجة الدفن .
والحق ما كان لمثل هذه الجرائم أن تتكرر بحق الصحفيين وكل أصحاب الكلمة الحرة أن تتكرر لو اعترف مرتكبوها بها مهما تكن مبرراتهم وتمت محاكمتهم دون أن يفلتوا من العقاب ، لكن هذا لا يحدث إلا في ظل الانظمة الديمقراطية الحقة فمثل هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم ، ومن أسف أن أنظمتنا العربية الوطنية والمحافظة على السواء لا تتشارك في ارتكاب مثل هذه الجرائم خارج القانون فحسب ؛ بل وتفزع من مجرد الاعتراف بها .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. رفح تتعرض لقصف وغارات، ما يثير مخاوف من اقتراب الهجوم البري
.. مهاب ا?يوب.. من الصفر ا?لى راي?د في عالم الا?عمال ????
.. سوق سافور في مونفارميه الفرنسية يقدم أسعارا تتحدى التضخم في
.. ما هي مخاطر الإدمان على الشاشات؟ • فرانس 24 / FRANCE 24
.. محمد الضيف يستغيث بالشعوب العربية للتحركضد إسرائيل ،،،،فهل ه