الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الميتافيزيقي

بديع الآلوسي

2018 / 11 / 15
الادب والفن


(1 )
قال الوحش المناط بمهمة غامضة ، تعال معي الى اللامكان ، كانت عيناه مخيفتان قلبي المسكين ظل يرتعد ، قلت : انا عبد الله ، ارجوك لا تخرجني من الزمان .اين تريد ان تولي بي ّ ؟ . لكن الوحش وبخني وهو يجرني ،وقال : الى متى تريد ان تتحمل هذه الحياة العقيمة . وأنا انظر الى السماء ، ضحكت كمن اضاع معنى الحقيقة
(2)
نظرا ً لأنك وحش رهيب ، تعرف أني عانيت ضيما ً اكثر من كل البِغال ، ولكي أذهب معك مطمئن البال ، قررت من الآن فصاعدا ً ، أن لا أنظر الى عينيك المرعبتين ، وان لا أتأمل سوى الى ورود الخزامى . لكن جدي قال لي : يا ولدي حياتنا اجازة قصيرة ، يهددنا الوحش باسلحة رهيبة . عقدت العزم ان اصغي إلى الوحش ولو لمرة واحدة ، قال لي : التمسك بحياة ليست كريمة كَمن يمارس الخطيئة والرذيلة ...
( 3 )
اذا قيل لي : انه يتربص بنا ، يصفر وجهي وترتعد فرائصي . هكذا ايها الوحش ، يامن ترهبنا عيناك الفوسفوريتان ، ندرك جيدا ً ان قبضتك لا تتركنا بسلام ، قلوبنا بلا مأوى أو منأى عنك يا ايها المتجبر . وحتى لو عقدنا العزم وهربنا الى الصحراء ، لم نجد هنالك من ملاك يواسينا ولا نجد الحمام . لكنا نَجدك تفاوض البدو عن رحلات الغمام ، أين نولي وجوهنا وانت تهددنا بمنكر ونكير .نحن عشاق الحياة ، ربما سنعيش تفاصيل الغرام . لكن ما هو معلوم لنا ان حياتنا رهيبة خطيرة ، خطيرة اكثر من انفجار قنبلة بغيضة ..
( 4 )
نعلم ايها الرهيب ان الحياة أخترعت لنا سرابا ً ، ليس منا من يتحدى مبارزتك ، لكنا قررنا ان نسخر من مهزلة سيزيف ، صممنا ان لا نبالي بالعاصفة ، ان لا نكترث لسهامك القاتله ، عزمنا ان نحب ونحيا ما دام ثمة وقت للضحك ، ما دام ثمة وقت كي نترك ولو آثارا ً مضطربة ، تعيد الى أذهاننا ان فكاهة الخلود وحدها المنتصرة ...
( 5)
انت ايها الوحش الغريب ، يا وحش الرب العجيب، إلى متى تلعب معنا لعبة التخفي ؟حين تظهر يختفي خي أبا عمران ، لا كما ظننت ، ظهرت ً فجأة ً ، فاختفى ابي ، وفي الخريف هبطت علينا فأختفت أمي ، ونظرا ً لأن ارواحنا مهددة بالحنين والنسيان ، ولأننا في تناقص منذ الولادة . حاولنا ان لا نفكر في فخاخك ، فقد صممنا ان نحيا دون ان نخشى او نأسى . لكنك تضحك مرددا ً: ان حياة البشر سراب يتلون بين بطر وضجر ...
( 6)
نظرا ً لان الحياة تعلمنا ان القبور مراتب ، نظرا ً لأننا لم نستسلم إلى صوتك المجلجل بالمخاطر ، فقد قررنا ان نتحسس مذاق الأمل الباذخ ، ونعمر الأرض بشغف ممزوج برائحة الغيم الماطر . وحين تصمت لغة المدافع ويعود الجندي المحارب، سنزرع حقولنا ذرة وذكريات وقمح وتفاؤل ، نظرا ً لأنك لا تفهم سوى القتل ايها القاتل الماهر . ونظرا ً لأنك تتسلى بصرخات الجنائز ، وما دمنا في هذا العبث المتكامل ، أو ما يصيب قلوبنا من وجع مباغت . فقد قررنا ان نقف صامدين ، بلهونا نقاوم تعب السنين ، نهزمك بقصائد تحكي استعارات متأملة ، نغيضك برسومات أليفة عن قرانا الساحرة ، وحين تتراقص النجوم في ليالينا المدلهمة سنعزف الحانا ًتبارك الشمس البهية الطاهرة ، صممنا ان لا نخشى تَطفلك ، بل نحيا ونفكر بالخلود الذي يلق بنا ، وبحياتنا الناعمة الراقصة الضاحكة ، ونزهو بانتصاراتنا الصغيرة . في المعركة لا شأن لنا بغد في طي الغييب ، ولا بمصيرنا المحفوف بلغز القيامة المحتملة …...









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا