الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العقوبات ضد روسيا تأتي بنتائج عكسية

جورج حداد

2018 / 11 / 16
السياسة والعلاقات الدولية


تحاول ادارة ترامب بشكل محموم تصدير الازمة الداخلية الاميركية الى الخارج، ولكنها تسير من فشل الى فشل. وظهر ذلك بشكل فاضح في فشل المقاطعة والعقوبات ضد ايران، وفشل الحرب التجارية ضد الصين، وفي فشل حملة العقوبات المتوسعة ضد روسيا. وهو ما نتوقف عنده بشكل خاص.
فالعقوبات لم تمنع روسيا من بيع الاسلحة، وإقامة التحالفات، وتطوير تجارتها الخارجية. واذا كان هدف العقوبات هو عزل روسيا فإن خطاب واضعيها يتناقض مع ما يجري على ارض الواقع. وهذا ما تؤكده جريدة "فايننشال تايمز" الاميركية في مقال لها نشرته الاسبوع الماضي ونقلته وكالة تاس الروسية.
ونظام العقوبات المعادي لروسيا بدأ في اذار 2014 وكان هدفه "فصل روسيا عن العالم وعزل قطاعاتها الحيوية، وتحويلها الى دولة منبوذة بدون اصدقاء". و"لكن هذه المحاولات فشلت، ولم تصل الى اهدافها" كما تؤكد الجريدة، ومن ابرز الامثلة على ذلك ان روسيا باعت المنظومة الصاروخية الدفاعية المشهورة S-400 "تريومف" الى الصين والهند وتركيا وان "العلاقات الروسية الوثيقة اكثر فأكثر مع الصين اتاحت لروسيا اقامة علاقات مالية دولية متزايدة، وعلاقات تجارية جديدة ومتوسعة وعلاقات دبلوماسية وازنة" كما جاء في المقال. واشارت الجريدة بشكل خاص الى العلاقات المتعقمة لروسيا مع بلدان الشرق الاوسط من تركيا الى ايران وكذلك السعودية، وتوسيع النفوذ الروسي في الاقليم مقابل ذبذبة النفوذ الاميركي.
والاعداد المتزايدة للقادة الاوروبيين الذين يزورون موسكو، وزيادة توظيفات الشركات الاوروبية في روسيا، وتصاعد الطلب على النفط والغاز الروسيين، كل ذلك يتناقض مع الخطاب المعادي لروسيا في واشنطن وبروكسل، كما تشير الجريدة. وان بريطانيا هي من اكثر الدول المعادية لروسيا، ومع ذلك فإن شركة النفط البريطانية ВР تمتلك 19،75% من الرأسمال الاساسي لشركة "روسنفط" الروسية.
وفي منتدى فيرونا الشهر الماضي وصف وزير الخارجية الايطالي المندوبين الروس بأنهم "مندوبو حفظ السلام" وطلب من الشركات الايطالية ايجاد الطرق للالتفاف على العقوبات ضد روسيا، وقال "لا حاجة لنا الى الحروب، بل نحتاج الى الحوار والى الصداقة". كما قال "اشكر رجال الاعمال الايطاليين الذين ابدوا المقاومة" للعقوبات ضد روسيا. واضاف "من غير الممكن عزل دولة كبيرة ومهمة مثل روسيا".
ويعترف الدبلوماسيون الغربيون في موسكو بطريقة غير رسمية ان العقوبات لم تؤت النتائج التي كانت تتوخاها كما تقول "فايننشال تايمز".
"من الواضح جدا انه بمحاولة عزل روسيا فإن اميركا نجحت في التوصل الى عزل نفسها. وحتى الاوروبيين قاموا بتطوير سياستهم الخاصة في العلاقات مع روسيا" كما صرح للفايننشال تايمز دبلوماسي اسيوي في موسكو فضل عدم البوح بهويته.
ويعتبر اندريه بيستريتسكي، رئيس منتدى فالداي الدولي للحوار، "ان العزل غير ممكن، وهذا واضح جدا". و"ربما كان هذا ممكنا قبل 30 سنة حينما كان يوجد فقط كتلتان. اما اليوم فيوجد خيارات كثيرة جدا"، كما قال بيستريتسكي لـ FT. واشار الى نقطة مهمة جدا وهي "خلال العهد السوفياتي ولدى حدوث لقاء بين قائدين كان الوضع يتحسن دائما. اما الان فالوضع مختلف جدا. وحسب رأيي فإن الوضع سيزداد سوءا خلال السنة او السنتين القادمتين". ملمحا الى لقاء ترامب مع الزعيم الكوري الشمالي ومع الرئيس بوتين في الفترة الماضية.
واخيرا لا بد من الاشارة ان سياسة تصدير الازمة الداخلية الاميركية الى الخارج قد اخذت ترتد على الداخل الاميركي بالذات. ويرى المحللون الموضوعيون ان سياسة العداء لروسيا والصين وايران قد انعكست سلبا ليس فقط على مجمل السياسة الدولية لاميركا، بل وقد ساهمت بشكل ملحوظ في الهزيمة الانتخابية لترامب وحزبه الجمهوري في الانتخابات النصفية الاخيرة التي جرت في اميركا. وهذا الاتجاه الداخلي السلبي سيتفاقم اكثر فأكثر في السنتين الباقيتين من عهد ترامب والارجح فيما بعدهما ايضا. وسيصبح من الصعب جدا اعادة التوازن الى السياستين الداخلية والخارجية لاميركا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الهجوم على إسرائيل: كيف ستتعامل ألمانيا مع إيران؟


.. زيلينسكي مستاء من الدعم الغربي المحدود لأوكرانيا بعد صدّ اله




.. العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية: توتر وانفراج ثم توتر؟


.. خالد جرادة: ماالذي تعنيه حرية الحركة عندما تكون من غزة؟ • فر




.. موقف الدول العربية بين إيران وإسرائيل | #ملف_اليوم