الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بمناسبة الوداع الأخير ل(حسقيل قوجمان) الذي لم يتزحزح ثقته عن(ستالين) قيد أنملة (2/2)

خسرو حميد عثمان
كاتب

(Khasrow Hamid Othman)

2018 / 11 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


نشرت قناة روسيا اليوم (RT) من خلال برنامجها الأسبوعي (رحلة في الذاكرة) في 15 أب 2018 شريطاً بعنوان”تفاصيل الانقلاب على ستالين وقتله. من الوثائق التي رُفعت عنها السرية"*:
ومن الجدير بالذكر أن الراحل عنا حسقيل قوجمان (يوم 27أكتوبر 2018) سبق وأن نشر ترجمته لخطاب ستالين المتعلق بالموضوع في الحوار المتمدن تحت عنوان" خطاب لستالين ينشر لأول مرة" (8 مايس2009)** وللترابط الوثيق بين الموضوعين المنشورين اللذان يلقيان الضوء الساطع على حقائق تأريخية مُغيَّبة بسبب تعرضها الى التشويه نتيجة التسويق الديماغوغي والاجترار، عليه وجدت ضرورة تدوين نص الشريط الثاني آيضاً حول الموضوع ليكون الى جانب ترجمة الراحل حسقيل قوجمان للخطاب كوثائق يمكن العودة اليها و إعتمادها من قبل من يهمه التعمق في الموضوع والبحث في إنعكاساته، لربما ترابط ألية ما حصل في موسكو، على ضوء هذه الوثائق، بأحداث لاحقة حصلت في أماكن أخرى من العالم.
نص المقابلة حرفياً:
مشاهدينا الكرام مرحباً بكم من حلقة هذا الأسبوع من برنامج "رحلة في الذاكرة" ويسرني أن أستضيف في هذه الحلقة من جديد السيد نيكولاي ناد.
ـ السيد نيكولاي مرحبا يسرني لقاءك من جديد.
+طاب يومكم.
ـ إذاً أعتقد إننا ناقشنا وإياك بقدر كاف من الإسهاب الوضع المتعلق بغيوركي مالنكوف ولافرنتي بيريا ونيكيتا خروشوف أعضاء المكتب السياسي الذين لم يكن لهم مصلحة أبدا في إبعادهم عن السلطة وأن يُعيِن ستالين بدلاً منهم باتليمون بانامارينكا وفريقه من السياسيين الشباب.
+ كل ما ذكرته هو صحيح كليا.
- نعم فلننتقل الى الموضوع المتعلق بملابسات وفاة ستالين.
+وهوكذلك.
-في الحلقة السابقة تحدثنا عن رئيس حرس ستالين الجنرال فلاسيك وقد تم اعتقاله قبل بضعة أشهر من وفاة ستالين بعد أن خدمه لأكثر من عشرين سنة وكان ستالين يثق به ثقة مطلقة.
+وألكسندر باسكريبشف مساعد ستالين وسكرتيره الشخصي المعروف أحيل الى التقاعد بناءً على قضية مفبركة، ومست الملاحقات فالنتينا إستومينا التي كانت تعمل رسمياً مدبرة منزل لدى ستالين وكان يثق بها كما لا يثق بأحد غيرها من الدائرة المقربة إليه، ولقد إستوضحت من حراس ستالين إن كان فعلا لديه عدة عشيقات؛ فلم يؤكد أي منهم شيئا من هذا القبيل ولكن فيما يتعلق ب (فالنتينا إستومينا) أجاب هؤلاء الحراس أنها كانت تعيش معه.
-كانت زوجته عرفيا.
+نعم كان زواجاً عرفياً، الأكثر من ذلك أنني إتصلت بأقرباء فالنتينا إستومينا؛ جميع أقربائها أكدوا ذلك، لكن الواقعة الأهم تتلخص في أن جميع من كان ستالين يثق بهم ويعتمد عليهم أُبعدوا عنه؛ حتى الموظفون كانوا يُستبدلون باستمرار.
-نيكولاي نوفك الذي ترأس حرس ستالين بدلاً من الجنرال فلاسك أُدخل المشفى فجأة قبل بضعة أيام من وفاة ستالين والرواية الرسمية قرحة نازفة أي أن ستالين في الأيام الأخيرة قبل وفاته كان دون حماية أبداً.
+ دون أي حماية.
-نعم كان بلا حماية، وتكتب أيضا عن وقائع أكثر إثارة للإهتمام. نشرت في كتابك شهادات الأطباء الذين شخصوا مرض ستالين وحددوا سبب وفاته لقد تبين أن أعراضاً غريبة ألمت به قُبيل الوفاة وصار يتقئ دماً، وثمة شهادات متضاربة جداً حول الأسباب التي أدت الى ظهور هذه الأعراض.
+نعم حدث تقئ دموي، كان لي حديث هام بناءً على الوثائق التي حصلت عليها من الأرشيفات آقصد أنني تحدثت مع كبير خبراء الطب الشرعي في موسكو فلاديمير إجاروف، وهذا الشخص يُعتبر من أفضل الأطباء في روسيا، طلبت منه تأكيداً إن كان ستالين سُمِمَ أم لا، في البداية بعد دراسة تقرير الأطباء عن وفاة ستالين قال لي لا أرى أي شئ غير عادي؛ كان لديه نزيف ثم سألني من أين أخذت الوثائق؟ أجبته رئيس ال(KGB) كيرتشكوف ساعدني في الحصول عليها عندئذ قال: كيرتشكوف! ولكن ألم يقل لك إنني وقعت تعهداً بأن لا أكشف الأسرار ؟
-أها هكذا إذن!
+ ثم تابع قائلاً حسناً طالما جئتني بتزكية من كيرتشكوف سأقول لك الحقيقة. ومن جديد فتحنا الوثائق فأشار الى سطر يتضمن مُؤشرات عن لزوجة الدم وأشار بإصبعه.
_ تحدث التشخيص عن التحبب في الدم.
+ جاء بالحرف: "تحبب الكريات البيض السُمي" اذا أردنا الكلام بمزيد من الدقة. والأن سأتكلم عن الأهم: لفت فلاديمير إجاروف إنتباهي الى سطر في تلك الوثائق عن لزوجة الدّم. وقال: هذه المؤشرات عن لزوجة الدّم تدل على ان الدّم تم تمييعه بشدة، هذا أولا. ثم سألني: الم يقل شيأ لك فلاديمير كيرتشكوف عما اذا كانت الأجهزة الأمنية الخاصة أنذاك كانت تشتغل أم لا على المواد الكيمياوية السمية؟ أجبت بأن كيرتشكوف قبل آن يرسلني اليه وقع إذناً بالتحدث الىّ بلا تحفظ.
ـ هكذا ما كتبه كيرتشكوف رئيس ال(KGB) الأسبق: "إن البحث المعنون كيف قُتِل ستالين، وهو عنوان كتابك، مادة قوية جدا ومقنعة، وللحقيقة خلال سبعة عشرة سنة من العمل في قيادة الاستخبارات الخارجية السوفيتية أعتدت أن يدلي اكبر عدد من الأشخاص من ذوي العلم والمعرفة بأرائهم ولذلك بودّي بعد نشر تلك المواد الصاعقة التي عثر عليها ودرسها نيكولاي ناد أن يدلي خبراء بارزون أخرون بأرائهم حول هذا الموضوع" نهاية الاقتباس. يبدوا انك قرأت هذا الجزء أمام الدكتور إجاروف كي يدلي هو الاخر بمعلوماته.
+نعم صحيح.
-أي ان احدا لم يرغب في ان يأخذ على عاتقه مسؤولية الكشف عن الحقيقة بمفرده وأراد أن يتحدث الأخرون أيضا.
+صحيح إذاً ماذا كان جواب إجاروف؟ قال لي وهذا مانشرته في كتابي: إنه ككبير خبراء الطب الشرعي في موسكو أنذاك كان يميل اكثر الى ان الامر ينطوي على عملية التسميم.
-وما الأدلة؟
+أين الادلة! إنها في عبارة اكتشاف تحبب كريات البيض السُمي.
ـ هلّا وضحتَ ما ذا يعني ذلك؟
+هذا يعني انه تم اكتشاف السم في الدم.
-نعم.
+ هذا الأهم في الامر، سأقول لك، المزيد: اذا اقتضت الضرورة تقديم الأدلة فبوسعي ذلك لقد تسنى لي لقاء مبلغ من المال الحصول على تسجيل صوتي لخروشوف وهو يعترف بذلك عمليا أي بأن ستالين قُتل، وصحة الشريط مؤكدة رسميا، كان ذلك أثناء مأدبة عشاء على شرف وفد من هنغاريا زار الاتحاد السوفيتي، بعد أن تناول خروشوف قليلا من الخمر اعلن فجأة أمام مسمع الجميع بأن:" ستالين حافظ على سلطته بالحديد وفارقها بالحديد"، أي ألمح الى أن ستالين قُتِلْ.
ـ كان يتحدث عن ستالين؟
+نعم كان يتحدث عن ستالين.
ـ عندي اقتباس أخر بخصوص ما جعلك تعتقد بأن لافرنتي بيريا كان متورطا في قتل ستالين؛ تقول: في يوم اعتقاله في حزيران عام 1953 اعترف بيريا امام هيئة رئاسة اللجنة المركزية أنه" في الأشهر الاخيرة كان شديد الخوف من ان يقوم ستالين باعتقاله وإعدامه" و بيريا طبعا ليس ممن سيجلس وينتظر مصيراً كهذا مكتوفة الايدي.
+نعم.
ـ وثمة شهادة ل (انستانس ميكويان) اقْتَطِفُ منها ما يلي :" الرفيق ستالين في الآونة الاخيرة لم يعد يثق ب بيريا، وبيريا كان مضطرا في اخر جلسة حضرها من جلسات هيئة رئاسة اللجنة المركزية الى الاعتراف بان الرفيق ستالين لم يعد يثق به وان قضية المنغريل أُثيرت كي تكون مبرراً لاعتقاله وأن ستالين لم يتسنى له إنجاز ما اراده حتى النهاية" أي بتعبير أخر كانت التخلص من ستالين ضربة استباقية من طرف بيريا، صحيح؟
+أودّ التدقيق والقول بان ميكويان لم يكن الوحيد الذي علم عن هذا الامر لقد كتبت عن ذلك وهناك تصريح ستجده في كتابي وهو تصريح لفاسيلي زايشكوف أحد الشخصيات السياسية في الحزب الشيوعي وكان مكلفا بمراقبة سير التحقيق بقضية منغريل قال: "إن ستالين شخصيا استدعاه وزملاءه وقال أمامهم لا أثق ب(بيريا)". كثيرون شهدوا على عدم ثقة ستالين ب(بيريا) وبافل سوتبلاتوف.
ـ كبير الاستخباريين؟
+نعم الذى رتب عملية قتل تروتسكي شهد بــأنه وفي أوج قضية المنغريل ابلغ ان ستالين كلفه ب اختطاف كيكتشكوري من فرنسا على جناح السرعة وبنقله الى الاتحاد السوفياتي مرة إخرى. يمكننا طرح السؤال لماذا لم يُقْدِمْ ستالين على اعتقال بيريا فورا ؟ الجواب :لانه كان يريد ان يواجه كيكتشكوري ب(بيريا).
-كيكتشكوري هو عّم زوجة بيريا الذي كان يعيش في المهجر.
+وزير الخارجية في حكومة جورجيا في المنفى. كان ستالين يريد ان يرى كيف سيرتبك بيريا ويضطر للإعتراف بالتأمر مع الغرب. كان ستالين بحاجة الى ادلة.
-و سوتبلاتوف لم يتمكن من إتمام العملية لان بيريا تخلص من ستالين.
+إنه اعترف بان التكليف حقيقيا، سوتبلاتوف نفسه كتب عن ذلك في مذكراته.
ـ اَي لو أن ستالين تسنى له تنفيذ هذه الخطة فبكل تاكيد كان سيتم تصفية بيريا بتهمة التامر.
+نعم.
ـ وليس فقط بيريا بل كل فريقه.
+صحيح بالضبط.
ـ لأن ستالين كان يكرر مرة بعد اخرى: "مالك دائما تعين الجورجيين في المناصب المهمة: فقد اجاب بيريا: "هؤلاء أشخاص مخلصون لك" فأجابه. ستالين:" وهل يعني ان الروس غير مخلصين لي".
+صحيح.
ـ أنه كان يُدرك جيداً بان بيريا يشكل حوله، فلنقل، فريقا من القوميين الموالين له حصرا.
+ نعم قوميون تحديداً يجب ان نشدد على هذه الكلمة.
ـ مواصلة لموضوعنا (القوميين) نقطف من كتابك فصل بعنوان قضية بالمينا شمشوزنا سبق وان تحدثنا عن زوجة بيريا وعلاقتها بالقوميين الجورجيين والأن ننتقل الى بالمينا شمشوزنا وكانت زوجة مولوتوف، الشخص الثاني في الحزب بعد ستالين.
+بالضبط.
ـ في عام ثمانية وأربعين قدّم ماتريش كرياكوف احد مسؤلي لجنة الرقابة الحزبية و فيكتور اباكوموف وزير أمن الدولة في الاتحاد السوفيتي قدما لستالين مذكرة عن الرفيق بالمينا شمشوزنا زوجة مولوتوف، اقتبس منها ما يلي : "بناءً على تكليف منكم تفحصنا المواد المتوفرة عن شمشوزنا بعد قرار المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي البلشفي لعموم روسيا الصادر بتأريخ العاشر من تشرين الأول عام تسعة وثلاثين والذي تضمن تحذيرها ومعاقبتها بسبب ما تبديه من التهور وعدم الحذر في علاقاتها مع أشخاص لا يَحون بالثقة سياسيا وتبين ان شمشوزنا لم تٌنفذ هذا القرار واستمرت بالتعارف الى أشخاص غير جديرين بالثقة السياسية وخلال فترة طويلة تجمع حولها قوميين يهود اذ استغلت مكانتها لتتخذ حيالهم موقفا حمائيا وداعما وأصبحت حسب تصريحاتهم مستشارتهم وشفيعتهم وفي عام أربعة واربعين بعد عودة ميخولس و فرفر من مهمة في أمريكا وهما طبعا ممثلا اللجنة السّوفياتية اليهودية لمعاداة الفاشية انهمكا بتسطير الرسائل الى الحكومة، طرحا فيها مشروع إقامة جمهورية يهودية في شبه جزيرة القرم قرر ميخولس و فرفر ان يمررا بطريقة من الطرق عبر شمشوزنا أي عبر مولوتوف عمليا هذه الفكرة المغامرة التي ظهرت الى الوجود بتأثير الرجعيين اليهود في الولايات المتحدة الامريكية" نهاية الاقتباس.
+أودّ ان أضيف الى ذلك كباحث سياسي.
ـ هذا تقرير رسمي الى ستالين.
+نعم نعم حدثني فيليكس جويس ان فيتسلاف مولوتوف اعترف له عام ثمانية واربعين في معرض ذكرياته عن الحادث فقال: "أخذت ركبتي ترتجفان عندما تلى ستالين علىّ هذا التقرير"بعد ذلك يصف التقرير صداقة شمشوزنا مع كولدا مائير.
+ نعم صحيح
ـ استقبل اليهود السوفيت بحماس كبير إقامة دولة لهم في الشرق الأوسط في مايو من عام ثمانية واربعين من القرن المنصرم وكانت كولدا مائير التي غدت فيما بعد رئيسة للوزراء أول سفير لاسرائيل في الاتحاد السوفيتي وكانت بين الذين أبدوا تعاطفهم بكل وضوح تجاه ممثلة الدولة الأجنبية الجديدة بالمينا شمشوزنا قرينة وزير الخارجية السوفيتية فيتسلاف مولوتوف.
وفي حفل الاستقبال للدبلوماسيين الأجانب المعتمدين في موسكو تنحت شمشوزنا جانبا مع كولدا مائير وقالت لها بلغة الإيدش:" أنا إبنة الشعب اليهودي" وتمنى الرخاء لشعب اسرائيل فإذا عاش حياة جيدة فسيعيش اليهود في بقية العالم حياة جيدة أيضا. باليمنا شمشوزنا التي كانت اسمها قبل عقد القران على مولوتوف بيرول كاربوسكا لم تكن تجيد لغة الإيدش وحسب بل وان شقيقاتها هاجرن في عام ثمانية عشر الى فلسطين التى كانت أنذاك تحت الانتداب البريطاني ولهذا فقد غمرتها سعادة صادقة بتأسيس دولة اسرائيل اذ كانت المسألة تمس عائلتها شخصيا ويرى كثير من المؤرخين أن إهتمام زوجة مولوتوف الزائد بكولدامائير لم يُعجب ستالين كان يرى أنها تؤثر تأثيرا كبيرا على مولوتوف وكان وزير الخارجية السوفيتي يُعتبر الخَلَفْ الأكثر إحتمالا لستالين وبسبب هذه الصفة بالذات كان ستالين يخشى من أن بالمينا شمشوزنا لا تشوه سمعة زوجها أمام الرفاق الحزبيين وحسب بل وتؤثر تأثيرا شديدا في عمله وهكذا وبعد بضعة أشهر من لقائها بكولدا مائير طُردت بالمينا شمشوزنا من الحزب ثم اعتقلت في مطلع عام تسعة وأربعين بتهمة الارتباط الإجرامي بالقوميين اليهود. وبعد اعتقالها لم تعد رئاسة مولوتوف لوزارة الخارجية السوفيتية في ظل الظروف الناشئة ممكنة كما لم يعد ممكناً الحفاظ على وضعه كشخصية ثانية في البلد وهكذا بعد بضعة أشهر من اعتقال زوجته تم إعفاء مولوتوف من منصبه كوزير للخارجية وفقد إثر ذلك معظم نفوذه. لماذا قرأت ذلك كله لان هذا يعني ان زوجة لافرينتي بيريا أقامت علاقات مع القوميين الجورجيين في المنفى أما زوجة مولوتوف اليهودي الأصل فكانت على علاقة بالقوميين اليهود ودعمت إقامة جمهورية يهودية ذاتية الحكم في القرم وهذا كله واضح من الوثائق نحن لا نختلق شيأ.
+ نعم لم نختلق شيئاً. والأن أنظر أُريد القول كباحث في التأريخ السياسي أنني ألْفِتُ انتباهك الى أن المسألة المتعلقة بالجمهورية اليهودية في القرم أُثيرت بعد ثورة عام 1917 مرتين على الأقل الأولى على نحو محكم عندما كان لنين لايزال على قيد الحياة.
ـ حينها تروتسكي تولى المسألة.
+نعم وأثيرت المسألة للمرة الثانية عام أربعة وأربعين أثناء الحرب الوطنية العظمى.
ـ أثناء الحرب العالمية الثانية.
+نعم
ـ عندما طلب أعضاء اللجنة اليهودية لمناهضة الفاشية المال من الأمريكيين دعنا نتناول الموضوع بالتفصيل: رئيس الشركة اليهودية الامريكية (أكرا جوينت) جيمس روسنبيرك كان يمول مشروعا لإقامة مقاطعة يهودية زراعية في القرم باسم كاليفورنيا القرم وخُصصت أموال طائلة لهذا المشروع وراح الآمريكيون اليهود يشترون غيابيا أراضي في القرم وكما جاء على لسان اتسك فرفر الذي ترأس مع سولمون ميخولس اللجنة اليهودية السوفيتية لمناهضة الفاشية فان جيمس روسنبيرك قال له شخصيا: القرم لا تهمنا كيهود وحسب بل وكأمريكيين أيضا لان القرم هو منفذ على البحر الأسود والبلقان وتركيا. نهاية الإقتباس. فها هي إذن كاليفورنيا القرم كموقع استراتيجي أمامي للولايات المتحدة الامريكية على آراضي الإتحاد السوفيتي في حديقتها الخلفية وبالنظر الى الوضع الراهن نجد أن تلك الخطط جُمِدتْ فقط وأُعيدت من جديد حينما تسنحت الفرصة.
+صحيح صحيح و هكذا ترى الأن أن قصة عمرها سبعون عاما مرتبطة بيومنا، هذا واضح لك الأن أن جميع هذه التفاصيل الأرشيفية الدقيقة التي تَفَحَصْتها تساعدنا في الإجابة عن أسئلة اليوم الحاضر اقصد جورجيا والقرم.
ـ كنت على الصواب عندما بدأت لقائنا السابق بالحديث عن المشكلات القوميّة التي برزت إبان البريسترويكا و أدت الى تفكك الآتحاد السوفيتي، أي أن جذور هذه المشكلات تعود الى زمن وفاة ستالين.
+ وهو كذلك بالعودة الى الماضي أودّ أن أقص عليك كيف تم الإعداد لقتل ستالين.
ـ حدثنا عن ذلك لو سمحت.
+ ما يثير الإهتمام هو أن النسخ الأصلية لتلك الوثائق المتعلقة بهذا الحدث كانت محفوظة في أرشيف الدولة الروسي للتأريخ الحديث وهي تتضمن معطيات عن سير الإنقلاب الذي تم في غضون أربعين دقيقة تقريبا.
ـ هلا أوضحت لنا جوهر تلك الوثائق لو سمحت.
+ هذه وثائق الخامس من أذار عام ثلاثة وخمسين، توجد على الأوراق أي المحاضر الأصلية إشارة الى الوقت وهو من الساعة الثامنة مساء وحتى الساعة الثامن وأربعين دقيقة، في هذه الفترة القصيرة عُقدت جلسة مغلقة لممثلي جميع فروع السلطة.
ـ بالنظر الى الوثائق نجد أنها عُقِدتْ قبل ساعتين تقريبا من وفاة ستالين.
+ نعم عند الساعة الثامنة والدقيقة أربعين انتهت تلك الجلسة. وانت على صواب ف(ستالين) في تلك الأثناء كان ما يزال حيّا، لذلك فان البند الاول في الاجتماع كان تقريراً عن حالة الرفيق ستالين الصحية حيث الأطباء يناوبون عند سريره، اما البند الثاني فمباشرة كان اقتراحا بتعين رئيس لمجلس الوزراء.
-الرفيق مالينكوف.
+مالينكوف هل تتصور ذلك هذا في ما كان ستالين حيّا وهذا انتهاك للدستور.
ـ كان ينبغي انتظار خبر وفاة ستالين.
+نعم وكان يجب ان يطرحوا أثناء مرض ستالين مسألة تعيين قائم بمهام رئيس مجلس الوزراء. ستالين لم يُعفى من منصبه ومع ذلك يعينون مالينكوف، على سبيل المثال في تلك الجلسة نفسها تم اعفاء الماريشال السكندر فاسيلسكي من منصبه كوزير للحربية في الاتحاد السوفيتي وعين نيكولا بولغانين بدلا منه فصار وزيرا للدفاع، يُطرح السؤال أيضا، من هو صاحب المبادرة؟ الجواب بيريا. ألقى بيريا خطابا ناريا دعى فيه الى انتخاب مالينكوف بالإجماع لانه خير من يوافِ قضية ستالين.
ـ تحدث بيريا عن مشكلات بِنوية في السلطة.
+ نعم نعم صحيح كل ما تقول.
ـ وقال إن ستالين استفرد بالحكم ولَم يعد يتشاور مع احد.
+ لكن قوله هذا جاء في وقت لاحق.
ـ ولكن ربما ادرك الجميع بأن ستالين سيموت لامحال.
+بغض النظر عن ذلك لم يكن لهم الحق بتعين أي شخص أخر قبل الإعلان الرسمي عن الوفاة، هذا القانون. أُعلن في الصحافة ان ذاك الاجتماع المشترك عُقد في السادس من أذار مارس عام ثلاثة وخمسين، وحتى الأن يرد في جميع الموسوعات والمراجع أنه عُقد في التأريخ المذكور تحديدا، غير ان جميع الشهود من المراتب العليا في السلطة يكتبون في مذكراتهم ان الاجتماع عُقد في الخامس من أذار. وحال ما أُنتخب مالينكوف رئيسا لمجلس الوزراء قال مايلي: اقترح لمنصب النائب الأول لي كلا من مولتوف وميكويان ولازاركا كانوفج.
ـ أي جميع من إزاحهم ستالين.
+ ولافرينتي بيريا. لو انه اقترح تعيين بيريا فقط لعارض ذلك كثيرون. حضر الاجتماع أشخاص يعرفون خير المعرفة ان بيريا في الأشهر الاخيرة بدأ يفقد هيبته. وان ستالين أراد التخلص منه وهذا ما جعل مالينكوف يلجأ الى ذلك الأسلوب أي الى التصويت على نوابه كقائمة كاملة لاعلى كل مرشح على حدة.
وجرى التصويت على القائمة المؤلفة من الأسماء الأربعة المذكورة، وعلى هذا النحو صار لافرينتي بيريا احد نواب مالينكوف. بعد إجراء تعيين النواب الأوائل نطق مالينوكوف بالعبارة الحاسمة التى كانت تعني إتمام هذا الأنقلاب الخاطيء، قال: اقترح إعفاء وزيرى أمن الدولة والداخلية الحاليين من منصبيهما ودمج هاتين الوزارتين في وزارة واحدة تسمى وزارة الشؤون الداخلية يعين على رأسها؛
ـ لافرينتي بالوفيتش بيريا.
+ نعم وبذلك ظهر في البلد دكتاتور مطلق الصلاحية.
ـ فكل ذلك جرى في الخامس من مارس.
+نعم في غضون أربعين دقيقة بل أقل.
ـ واضح ان السيناريو هذا استغرق وقتا لا بأس به.
+ جرى التحضير له.
ـ جرى التحضير لذلك قبل وفاة ستالين.
+ما أن بدر ستالين بالعمل على قضية منغريل حتى بدأ بيريا في الوقت نفسه، وخلال عام 1952 بالتحضير لهذا الانقلاب والتغييرات الداخلية ومن تلك الدقائق الأربعين التي استغرقتها الجلسة استأثر بيريا نفسه بخمسة عشرة دقيقة لقراءة قائمة اسماء الحضور، ثم فرض على كل منهم التوقيع على المحضر، كان اسم ستالين بين الحضور ولكن توقيعه غاب طبعا، كان الرجل طريح الفراش في منزله الريفي. إذاً قراءة قائمة الحضور والتوقيع استغرقت خمسة عشرة دقيقة، وبعد ذلك خلال خمس وعشرين دقيقة تم إقرار ثلاثة وسبعين تعديلا؛ تم إلغاء وزارات بأكملها، وفي وزارات أخرى صُرِفَ كبار المسؤولين من عملهم، وبعدما دُفِنَ ستالين أجروا ثمانية وستين تغييرا إضافيا.
ـ أحْصَيتَ 114اصلاحا.
+ نعم 114 تغييرا هذا على الأقل، وحالما نُفذ هذا الانقلاب الذي أسفر عن تجريد ستالين من السلطة تقاسم ممثلوا الحرس القديم الذين أبعدهم ستالين عن الحكم تقاسموا المناصب العليا على جناح السرعة وبعد ان استلموا مناصبهم ركبوا سياراتهم وتوجهوا الى البيت الريفي حيث كان ستالين المريض، لم يكن مضى على اختتام الجلسة سوى ساعة واحدة ونيف. لقد كنت أول من أمسك بيديه وثائق عن هذا الموضوع، لماذا أنا اتحدث عن ذلك بهذه الثقة لآنني عندما استلمت في الأرشيف اوراقا بهذا الشأن أعطوني الاستمارة التي يوقع عليها من سبق ودرس هذه الوثائق، اتضح ان أحدا قبلى لم يأخذ ولَم يقرأ هذه الوثائق.
ـ وماذا تضمنت؟
+ تقارير عن الطريقة التي عولج بها ستالين في حقيقة الامر.
ـ وما الذي كان اكثر اثارة؟
+ على احدى الأوراق كُتب اسم الممرضة التي كانت مناوبة في الخامس من أذار عام 1953، واصلتُ التدقيق في الأمر وفجأة وقع في يدي ورقة كُتب عليها اسم الذى أعطى ستالين حقنة في الساعة التاسعة وخمسين دقيقة مساء عندما وصل بيريا وفريقه.
ـ في الخامس من مارس.
+نعم وصلوا الى حيث ستالين الذي كان لا يزال حيّا وهنا أُعطي الحقنة.
ـ من أعطاه الحقنة؟
+ الممرضة ماياسيفا التي أعطته الحقنة، ووقَعتْ على ذلك، توقيعها موجود، أما ستالين فقد فارق الحياة فورا.
ـ وماذا كانت مادة الحقنة؟
+كانت حقنة عادية اذا صدقنا السجلات الرسمية، حقنة أدرينالين. لاشك أنك تدرك أن كل الاحتمالات واردة لاسيما عند الأجهزة الأمنية الخاصة، حيث كل شيء معد بإتقان، يمكن حقن المريض بالدواء الموصوف له ولكن مع تغيير الجرعات أو التركيز عندها تحدث الوفاة.
ـ على فكرة ستالين كان يخاف كثيرا من أن يتم تسميمه. ومثلا بناء على شهادة حارسه نوفك، عندما أصيب ستالين بنزلة برد ذات مرة احضروا له أقراص دواء من الكرملين وقد رفض ستالين تناول هذا الدواء وأرسل نوفك الى صيدلية ريفية بعيدة ليجلب له نفس الدواء.
+نعم حدث ذلك
ـ وأمر الحارس بأن يقول بان الدواء لجدته.
+ اعرف هذه القصة.
ـ كان يخاف كثيرا من التسميم ولذلك كان يأمر رئيس حرسه فلاخيك بأن يأكل من الطعام على سبيل الاختبار قبل تقديمه لستالين.
+الأهم؛ ان بداية قضية منغريل كانت تدل على أن بيريا سيُعتقل عاجلا أم أجلا، ويقدم للمحاكمة. لكن السؤال هو أين ذهبت بعد ذلك مواد هذه القضية؟ تحدثت عن ذلك مع القائم بأعمال النائب العام في الاتحاد السوفيتي فاديم ابالينسم فقال لي انه لم يتمكن حتى من استلام قضية بيريا لدراستها فهل تعلم لماذا؟ لا لأنه لم يكن يملك الحق بذلك فهو كان يتمتع بهذا الحق، سبق ان ذكرنا ان قضايا كثيرة لا تزال من الأمور السرية. وإذا كان التحقيق جاريا فان طلب استلامها للدراسة لايُثير التساؤل عند أي كان. أما عندما يظهر طلب لمادة من الأرشيف عندها على الفور يتم ابلاغ الجهات العليا لذلك فإن أي شخص كهذا يمكن أن يُستدعى على الفور لسؤاله عن إهتمامه بالأرشيفات هذه بالذات.
ـ إذا السيد ناد للأسف الشديد أدركنا الوقت استمتعت كثيرا بالتحدث إليك شكراً لك.
+والشكر لك أيضا على حسن الاستماع والاعداد الجيد الذي ينم عن معرفة ودراية تامة بالموضوع
ـ شكرا لك استمتعت كثيرا بالحوار
+ وأنا أيضا.
ـ مشاهدينا الكرام بهذا نكون قد وصلنا الى ختام حديثنا في هذه الحلقة التي تحدثنا مع الباحث نيكولاي ناد ......
‏*https://arabic.rt.com/prg/telecast/963665-تفاصيل-الانقلاب-على-ستالين-وقتله-من-الوثائق-التي-رفعت-عنها-السرية/
‏ **http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=171206
***رابط الشريط المنشور في الحلقة الاولى: https://youtu.be/SQ3BbWwl_qg








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عودة على النشرة الخاصة حول المراسم الرسمية لإيقاد شعلة أولمب


.. إسرائيل تتعهد بالرد على الهجوم الإيراني غير المسبوق وسط دعوا




.. بتشريعين منفصلين.. مباحثات أميركية لمساعدة أوكرانيا وإسرائيل


.. لماذا لا يغير هشام ماجد من مظهره الخارجي في أعمالة الفنية؟#ك




.. خارجية الأردن تستدعي السفير الإيراني للاحتجاج على تصريحات تش