الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زر قميص

جوزفين كوركيس البوتاني

2018 / 11 / 16
الادب والفن


في يدي زر قميصك.
المربعات بالأسود والأبيض.كرقعة شطرنج.
و على طاولتي علبة الأشياء القديمة.
التي تحوي على أزراراً ونرداً وعملات قديمة وحدوة حصان صدأة.
هي أخر قطعة من مخلفات بيتنا التي هدمته أيادي منفذة.أيادي مرتزقة.
وهذه الأزار والنرد تعودان للعبة منسية كانوا يلعبونها رجال قريتي.عند عودتهم من حقولهم منهكين فرحين بالرزق القليل. وحتى هذا القليل لم ينعموا به.
كانوايسلون أنفسهم بها. لحين تجهز صنيتة العشاء وبعدها يذهبون إلى النوم مبكرأ.بدل الجلوس أمام التلفاز كأهل المدن.كما إن لم تكن هناك هواتف نقالة.كانت خواطرهم ترسل عبر النظرات الصادقةمن عيونهم البراقة.أوالصراخات التي لا يفهمها غيرهم.أو لغة الصفير الراعي في خطر.في الحال تجد الكل تكتل وحظر في مكان الصفير.ملبيا نداء النجدة هكذا كانوا الرجال في قريتي.متكتلين في الضراء والسراء.
لم يكونوا بحاجة إلى التقنيات التي أبتلينا نحن بها اليوم.
و اليوم هذا كل ما تبق منهم أزرارا ونردا أما هم.تشتتوا وتبعثروا هنا وهناك.وهذه الأشياء البسيطة تعود لجدي الذي كان يتسلى بها مع أصدقاءه ومعنا.
وأنت آه يا أنت ما أعرفه عنك أنك تكره زر الزر الأخير من قميصك بحجة انها تخنقك لذا كنت تترك أخر الزرين مفتوحتين. كقلبك.منها لجذب العابرات إليك إلى صدرك الواسع ومنها للتباهي. وهذا الزر كنت قد تركته دون قصد على منضدتي أو بقصد.المهم أحتفظت به كأخر تذكار من رجل لذيذالطعم.رجل أغوى أمرأة بارعة بالأحتفاظ بأتفه الأشياء مثل زرك هذا الذي لا أعرف لما أحتفظت به أصلا.وها أنا أخلط زرك بالأزار اللعبة القديمة.وأختلق لعبة من خيالي الواسع.لأسلي نفسي بها.
لأن لعبة القبيلة قد محت من ذاكرتي المتأرجحة.كما محاها البعض. من على الأرض.يدعون أنها أنقرضت مع أصحابهاعلى حد قولهم.وأننا مجرد بقايا فُتاة تاريخ..منهوب. منسوب.مسلوب.
أرتب الأزار في خانة المربعات.وأبقى ساكنة عاجزة عن التحريك.وتراني أتثاءب بضجر وأملُ من التأمل ومن عدم معرفة كيفية تحريك الأزرار كما كان جدي وأصحابه يحركونها بحكمة قائد حرب الذي يحرك جنوده على رقعة خريطة.
وتأخذني غفوة متقطعة على أمل أسمع نقرة يدك على الباب.رغم يقيني التام أنك الأن في حضن أمرأة أخرى.حائرة تسأل عن سبب زرك المقطوع .وأنت تتظاهر بالسعال.متجنبا سؤالها الغير مهم بالنسبة لك.وأن كانت الوحيدة في حياتك. من فضلك.أخبرها بطريقة راقية بالنيابة عني لو سمحت. قل لها أنك أعتد أن تترك على كل طاولة زرا قبل أن وتمضي فرحا.أما عني فلا عليك يمكنك نسيان هناك أمرأة عنيدة مضحكة تحتفظ بأشياء مضحكة..وبك..!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا