الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلقة السادسة: منظمة -إلى الأمام-: حول الخط الإستراتيجي، الإيديولوجي، السياسي والتنظيمي - محاولة تركيبية

موقع 30 عشت

2018 / 11 / 17
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


يقدم موقع 30 غشت الحلقة السادسة من مقالة " منظمة "إلى الأمام": حول الخط الإستراتيجي، الإيديولوجي، السياسي والتنظيمي ـــ محاولة تركيبية"، بقلم عسو أمزيان. وهي تضم المحاور التالية:
7 ــ الخط الانتهازي اليميني وسط منظمة "إلى الأمام" والسقوط في الردة.
- في بعض مواقف بيان الردة من منظمة إلى "الأمام".
خاتمة (المرحلة الأولى 1970 ــ 1980)
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ الحلقة السادسة ـــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
7 ــ الخط الانتهازي اليميني وسط منظمة "إلى الأمام" والسقوط في الردة

بعد انهزامه في معركة حملت اسم معركة "أبريل" (1979)، وبعد تحالفه الانتهازي الظرفي مع خط عمالوي تصفوي، صاعد لحظتها، صدر على إثره بيان التجميد من المنظمة (يونيو 1979)، وبعد محاولات فاشلة للنقاش قادها من سينصبون أنفسهم "قيادة جديدة" للمنظمة، لإعادة هؤلاء المجمدين للتنظيم، رغم خطورة ممارساتهم وحملاتهم التخريبية في حق الأعضاء والتنظيم، حيث سيتم بعد ذلك إصدار قرارات 12 نونبر 1979، القاضية بطرد كل تلك العناصر الإصلاحية والتصفوية التي لم يعد يربطها أي رابط بمبادئ المنظمة، ولا بخطها السياسي والإيديولوجي، سيصدر زعماء هذا الخط الانتهازي اليميني بيانا سياسيا في 22 فبراير 1980، تحت عنوان: "بيان من داخل السجن المركزي بالقنيطرة إلى الشباب المغربي والرأي العام الديمقراطي"، يركز فيه أطروحاته الأساسية التي كانت قد عرفت بداية تشكلها في فترة الانزلاق السياسي اليميني، حين كانوا (زعماء هذا الخط) في من تبقى من قيادة المنظمة بعد حملة الاعتقالات لنونبر 74 / يناير 75، لتتطور تلك الأطروحات اليمينية، وتنكشف بوضوح أكثر في أوج المعارك السياسية والإيديولوجية والتنظيمية لسنتي 78 / 79، إلا أنها  لحظتها كانت ما تزال في صراع داخلي وسط التنظيم، ولم تنتقل بعد إلى مواقع القوى المعادية للمنظمة وللحملم، إلا حين إصدارها لذاك البيان السياسي، بعد صدور قرارات الطرد من المنظمة، وهو البيان الذي يحمل في أدبيات المنظمة اسم "بيان الردة"1.

في بعض مواقف بيان الردة من منظمة إلى "الأمام"

لا تستهدف هذه المقالة التركيبية هنا، انسجاما مع ما حددته سابقا لنفسها في تقديمها الأولي من أهداف، سوى تقديم أهم المواقف التي أصدرها بيان الردة في حق المنظمة، تاريخها وخطها السياسي والتنظيمي، مع ما يستوجب هذا من "الحفاظ" ما أمكن على "مفاهيمه ومصطلحاته" التي هي جزء عضوي لبنية خطه الإيديولوجي والسياسي، وذلك من دون الرد عليه أو نقده وتعرية تشوهاته النظرية والسياسية أو فضح أكاذيبه وافتراءاته2.
في هجومه إذن على المنظمة، التي اعتبرها "نموذجا للفكر الانتهازي اليساري في البلاد"، كما كان ينعتها سابقا إبان صراعه ضد الخط الثوري وسط منظمة "إلى الأمام"، قدم البيان هذه المرة، عكس ما جاءت به الأطروحة التأسيسية نفسها للمنظمة (1970) والتي على أساسها تم الانفصال السياسي والتنظيمي عن الحزب التحريفي، قراءته المشوهة لتاريخ نشوء المنظمة. هكذا لم يعد التأسيس مرتبطا بمد جماهيري ثوري تحرري أمميا وعربيا، ومحليا على أساس "تنامي وتصاعد الطاقات الثورية للجماهير، وتجاوزها للخط الانتهازي الإصلاحي للقوى السياسية البرجوازية، وأن واجب الثوريين الآني لبلورة هذه الطاقات، هو بناء الحزب الثوري"، بل يتعلق في منظور زعماء الردة ب "مجموعة من الطلبة بلورت أراء حول بعض المشاكل النقابية والسياسية"، والتي على أرضية هذه المشاكل و"الخلافات التي برزت داخل الحركة الطلابية"، "طرحت على نفسها بناء حزب ثوري"، و"بتشكيل بديل ثوري مزعوم للقوى الوطنية التقدمية" .. "قيادة الشعب".. "قيادة الطبقات والفئات الشعبية نحو الثورة". فحسب البيان، هذه "المجموعة كانت ومنذ ظهورها مجموعة معزولة في المجتمع، وليست لها علاقات اجتماعية وسياسية، إلا بالطلبة"، وأنها "لم تبرز كتعبير شامل في إطار المجتمع ككل، أو داخل طبقاته وفئاته الأساسية، ومن تم، فإن طرحها في تشكيل بديل للقوى الوطنية التقدمية، طرح مغلوط من الأساس"، وأنها "اختارت لنفسها طريق العزلة والتهميش باتخاذها لموقف الانفصال عن هذه الأحزاب".
كخلاصة هنا، فإن المنظمة، والحملم بشكل عام، هي بالنسبة لزعماء بيان الردة، "لا تشكل بديلا ثوريا" ولا حتى "بديلا" لما يسميه هذا الخط ب "القوى الوطنية التقدمية" التي كان سابقا يدعو إلى التحالف معها والتموقع في ذيلها في إطار "الجبهة العريضة".
بعد ضربه وتشويهه للشروط التاريخية التي على أرضها نشأت منظمة "إلى الأمام"، والحملم بشكل عام، وبعد اعتباره الانفصال عن الحزب التحريفي والأحزاب الإصلاحية خطأ و"طرحا مغلوطا من الأساس"، ونزع الطابع الثوري عن الحملم، قدم بيان الردة قراءته الخاصة لفترات تطور المنظمة، حيث حددها في ثلاث فترات: فترة التأسيس التي ركزها في تأسيس "المجموعات اليسارية في الجامعة"، والتي عرفت "انتشارا للفكر اليساري المتطرف والمغامر وسط شباب المدارس والكليات"، وحدد نهايتها في نهاية 1972. لتبدأ الفترة الثانية والتي ستعرف فيها المنظمة "التقهقر والعزلة والتهميش" بسبب "المواقف المتطرفة"، لتزيد "الاعتقالات من تعميق وضعية العزلة" حيث "أدخلت المنظمة في وضع مشلول وعجز تام عن التحرك السياسي"، ومع "بروز قضية الصحراء ... تعمقت وضعية التهميش، مع تعمق النهج الانتهازي اليساري، الذي تدعم بالتعامل الخاطئ مع مسألة الصحراء" لتغيب المنظمة عن الساحة الوطنية" بعد ضربات النظام، التي استمرت إلى سنة 1977، ثم الفترة الثالثة، ابتداء من 1977، حيث عرفت ""إلى الأمام" صراعات سياسية قوية، أدت بها إلى نهايتها الطبيعية : التشتت التنظيمي".
على العموم، لقد تهجم بيان الردة على كل مواقف المنظمة من دون تقديم أي تحليل للوضع الطبقي والسياسي، أو طرح أسس فكرية وسياسية، قد يستند عليها هجومه وأحكامه ومواقفه اتجاه المنظمة، وهو ما يمكن من القول، أن ذلك البيان قد صدر ليتبرأ به أصحابه من المنظمة ومن مواقفها ومن مشروعها الثوري، ومن أجل "تبييض سجلهم العدلي" أمام النظام. وإجمالا يمكن رد كل أفكار هجوم بيان الردة على المنظمة، إلى ثلاث محاور (خطايا أصلية) مركزية متداخلة فيما بينها، وهي تشكل بالنسبة لأصحابه، من دون تقديمهم لأي تحليل يذكر، "منبع فشل المنظمة في تحقيق أهدافها، وأصل أزمتها البنيوية المرتبطة بنشأتها وبمشروعها".
أولا، هناك "انفصال مجموعات طلابية متأثرة بالفكر اليساري المتطرف عن الأحزاب الوطنية التقدمية"، وهو بالنسبة لأصحاب البيان "خطأ من الأساس”  ثم، الخطيئة الثانية، "حمل هذه المجموعات لمشروع تحويل نفسها (الطلابية) إلى حزب ثوري، والانتقال من التعبير الفكري والسياسي عن فئات طلابية، إلى التمثيل الطبقي والسياسي والايديولوجي للطبقة العاملة والفلاحين"، وثالثة الخطايا، تبني "مواقف متطرفة ومغامرة وإرادوية" (موقف المنظمة من الأحزاب الإصلاحية، الموقف من قضية الصحراء الغربية، الموقف من الديمقراطية البرلمانية ومن النضال الإصلاحي، الموقف من العمل العلني، الديمقراطية الداخلية للتنظيم (المركزية الديمقراطية)...) والتي يقول البيان أنها كلها من ميزات "النزعة الانتهازية اليسارية"، ليصل في نهايته إلى إصدار حكمه، ومن دون تقديم أي طرح نقدي إيديولوجي وسياسي، على نظرية "الثورة في الغرب العربي" التي يقول أنها "قمة ما وصل إليه الفكر الانتهازي اليساري للمجموعات اليسارية”.
تجدر الإشارة هنا، إلى أن أصحاب بيان الردة، الذين دعوا سابقا إلى التحالف مع القوى الإصلاحية، التي أسموها بداية ب "الأحزاب الوطنية والديمقراطية"، ثم لاحقا ب "الأحزاب الوطنية التقدمية"، معتبرين "الابتعاد عنها هو ابتعاد عن المواقع الفعلية للتغيير"، قد تلاشوا فيما بعد، منذ إصدار بيانهم، فمنهم من التحق بالنظام، ومنهم من التحق بالأحزاب أو التيارات الإصلاحية الملتفة بهذا القدر أو ذاك حوله.

خاتمة (المرحلة الأولى 1970 ــ 1980)

على العموم، عرفت هذه الفترة صراعا بين من تبقى من الخط الثوري للمنظمة، الذين طرحوا ودافعوا عن شعار "التقييم الشامل وإعادة البناء"، وبين من نصبوا أنفسهم "قيادة" للمنظمة، وطرحوا "إعادة البناء"، بناء يتم على "حد أدنى تنظيمي يرتكز على تصور أولي للمهام، وسيتم اللجوء (وفق "قيادة إعادة البناء")، كلما طرحت عملية بناء جزئية، إلى تقييم جزئي" (إعادة البناء بالتقسيط التجريبي)، وهو ما يعني ان البناء التنظيمي الجزئي (توحيد الفروع…) يمثل المهمة الرئيسية، على أن يبقى بناء الخط السياسي، الذي على أرضه سينبني التنظيم، معلقا (ثانويا). لم يعد الخط السياسي هنا كما تقول وثيقة "عشرة أشهر من كفاح التنظيم، نقد ونقد ذاتي": "أن التنظيم يستمد بنيته وأشكال علاقاته من الخط السياسي، الذي يحمله، باعتبار أن التنظيم هو التجسيد الحي للخط السياسي في ممارسة الحركة الجماهيرية، أو حلقة الوصل بين النظرية والممارسة، وتأليف ديناميكي وخلاق بين النظرية وحركة الواقع المراد تغييره، في جدليتهما المتواصلة"، وأن " محاكمة التنظيم في ممارسته هي محاكمة تستمد مقاييسها النقدية من خطنا السياسي".
في الواقع، كان هذا الخلاف حول مسألة "إعادة بناء منظمة إلى الأمام"، هو خلاف أولي لخلاف عميق، وصراع بين خطين، يتمحور حول قضايا استراتيجية، سياسية وإيديولوجية وتنظيمية.
لقد عملت "القيادة الجديدة" على فرض مواقفها ونظرتها لعملية "إعادة البناء"، وشرعت عمليا في إطلاق ما أسمته ب "مسلسل إعادة البناء"، ولم تعد هناك أي إمكانية للنقاش والصراع خارج "المسلسل" الذي فرضته "القيادة الجديدة"، مما اضطر معها الخط الثوري إلى إصدار "بيان إلى عموم الرفاق" (9 يونيو 1980) لتنبيه وتحميل كل المناضلين المسؤولية في مواجهة الانحراف اليميني (رفض فرع بلجيكا الاعتراف بشرعية "القيادة الجديدة") الذي دشنته "القيادة الجديدة". ليتلقى الخط الثوري حملة من الإشاعات والتهم أكثر من تلك التي قادها سابقا الخط الانتهازي اليميني، فيصدر على إثرها الخط الثوري "بيان توضيحي حول الإشاعات الاخيرة" بتاريخ 19 شتنبر 1980، وهو البيان الذي يشكل عمليا الحد الفاصل بين الخطين. انتهى هذا الصراع إذن بانتصار خط "مسلسل إعادة البناء" التحريفي" إلى حين أن تحطم "بناءه" في أول خروج سياسي له سنة 1985.
لقد حاولت هذه المقالة التركيبية هنا، وضع صورة عامة، مركزة وموجزة لمجمل صراع الخطوط وسط منظمة "إلى الأمام"3، من دون طرح لا تفاصيلها ولا بسط مجمل أطروحاتها، وذلك منذ لحظة الخروج العملي للخط الانتهازي اليميني (رفض معركة 14 نونبر 1976)، وهزيمته بعد ذلك، إلى حين انفجار المنظمة السياسي والتنظيمي واستيلاء حفنة من التحريفيين على "قيادتها"، كما حاولت المقالة كذلك تتبع مجموعة من المحطات الأساسية في سيرورة تطور الخط الانتهازي اليميني، وذلك لتلمس واستيعاب عملية انتقال هذا الخط إلى طور آخر أكثر خطورة مما كان عليه، وهو طور القطع والردة عن خط المنظمة، الذي دشنه بيانها في 22 فبراير 1980، وعلى الخصوص هنا، لاستيعاب "المشروع السياسي" الذي على أرضه سينبني "مسلسل إعادة البناء" التحريفي ل "إلى الأمام".
 
الهوامش
1 ــ وثيقة البيان هذه منشورة على موقع 30 غشت
2 ــ بهذا الصدد يمكن الرجوع إلى الدراسة المنشورة على موقع 30 غشت بعنوان "مسلسل تصفية المنظمة الماركسية ــ اللينينية المغربي "إلى الأمام"..." بقلم الرفيق فؤاد الهيلالي.
3 ــ لتكوين نظرة شاملة ومعرفة دقائق مجريات هذا الصراع، يستحسن كثيرا الرجوع إلى دراسة "مسلسل تصفية المنظمة الماركسية ــ اللينينية المغربية إلى الأمام"، بقلم الرفيق ف. الهيلالي والمنشورة على موقع 30 غشت.
ـــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ 
يتبع بالحلقة السابعة، وهي تتضمن المحاور التالية:
المرحلة الثانية: من الانفجار السياسي والتنظيمي و"إعادة البناء" التحريفي 1979 / 1980 إلى الحل العملي 1994.
المحاور:
1 ــ تقديم
2 ــ "القيادة الجديدة" و"إعادة البناء".
3 ــ علاقة "إعادة البناء" بالتقييم في تصور "القيادة الجديدة".
4 ــ "القيادة الجديدة" و "مهامها العاجلة":
أ ــ" المهام العاجلة" ــ "إعادة البناء" ــ "التقييم": علاقاتها في تصور "القيادة الجديدة".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي


.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا




.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري