الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقاربة نفسية لفهم الطائفية و التطرف الديني

إقبال الغربي

2006 / 4 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ما هي الأسباب التي تجعل الإسلاميين اليوم يعادون الحداثة ويعيدون الاعتبار لكل ما هو معادي للثقافة و الفكر و الفن والحياة وينفضون عنه الغبار؟
ما هي الأسباب التي جعلت فكر الخميني الذي يجسد أطروحات الفرقة الإثني عشرية التي تمثل أقلية في الفكر الشيعي الثري والمعقد ينتصر ويسيطر على العالم الشيعي؟
وما الذي يجعل الوهابية التي تمثل فكرا بدائيا تبسيطيا دخيلا على التقاليد السنية تسود اليوم العالم وتلقى رواجا عبر الفضائيات جاعلة من العالم العربي الإسلامي مسرحا للصراعات الطائفية و الدينية وموظفة أكثر الغرائز جنونا و أكثر الأهواء تهورا؟
لمذا يختزل الاسلاميون التدين في لائحة غبية من الاوامر و النواهي شبه العسكرية و يتسمرون في ثوابت العقوبات البدنية ?
هل تكفي العوامل الشخصية التي تعتمد على كارزماتية الزعماء الروحيين أو العوامل الاقتصادية التي تعتمد على تحولات البنية التحتية لتفسير هده الظاهرة الهاﺫية التي تميز اليوم العالم العربي الإسلامي؟
يبدو أن التطرف الديني كسلوك عصابي يعكس بنية نفسية راسخة في أعماق النفس البشرية يحتاج أيضا لمقاربة نفسية لفك رموزه و لتفكيك دلالاته وإدراك معانيه الواعية واللاواعية.
إن المتأمل في الخطابات الأصولية المتطرفة يلاحظ أنها تسعى جاهدة إلى إلغاء كل أنواع الاختلاف داخل المجموعة وإلى إسقاط كل أشكال العدوانية على الموضوعات الخارجية. فمن الضروري إذن إبراز مزايا الاختلاف و الجدل على المستوى الفردي و الجماعي وتبيان العوائق اللاواعية التي تعيق تشرب آليات التسامح و قبول الآخر.

يمثل الاختلاف ومبدأ قبول الآخر إثراءا للفكر و ﺫلك بفضل تقنية الصراعات المعرفية التي توفر أجواء ديمقراطية تقوم على مبدأ التعددية والتسامح.
فمن المجمع عليه اليوم أن العقل معطى تاريخي يتطور وينمو في علاقة جدلية مـــع المحيط. وقد أثبتت الدراسات السكوإجتماعية التي قامت بها مدرسة جينيف والتي تتعلق بالبناء الاجتماعي للذكاء أن القدرات العقلية للفرد لا يمكنها أن تتطور إلا مع الآخـــر المختلف أي في ظـــل النقاش والجدل والصراعات المعرفية التي تشكل المجال الأفضل للتطور لذهني والمعرفي. ومعنى ذلك أن التفاعل الاجتماعي يمكن الفرد من بناء أدوات ذهنية جديدة تساعده على مزيد المشاركة في تفاعلات اجتماعية أكثر تطورا وأكثر تعقيدا وهو ما يسمى بالسببية اللولبئية.
وفي هذا الصدد تؤكد الأبحاث الميدانية في مجال التربية وعلم النفس والتي قام بها كل من "بياجي" و"لوتراي" أن التقدم المعرفي وإثراء الفكر لا يحصل إلا إذا وجد الأفراد أنفسهم في وضعيات اختلاف ومواجهة مع أفراد متنوعي المستويات والتوجهات. وبناء على ما قدمته هذه الأبحاث من حقائق يمكن أن نستنتج أن أي صراع معرفي بإمكانه أن يؤدي إلى إثراء الفكر يشترط وجود اختلافات في آراء الأطراف المجتمعة حول عملية بناء المعرفة.
إذ أن الاختلاف يفرز لدى الفرد وعيا مزدوجـــا:
- فهو من ناحية يشعر الفرد أن نظامه التأويلي غير متلائم مع ما هو مطلوب منه فيتجاوز بذلك البداهة الخادعة والأفكـــار المسبقة والمعارف الحسية المباشرة والسطحية عبر تصحيح الفكر بالوقائع وترشيد الواقع بالفكر في حوار جدلي دائــم.
- ومن ناحية أخرى يكتشف الفرد أوجه نظر مغايرة وهو أمــر جد هام: لأن هــذا الاكتشاف سيعينه على تجاوز التمركز حـــول الذات (أي تمركزه حول ذاته) المضر بالنمو السليم لفكره لأنها تعتبر من اخطر العوائق التعليمية.
- إلا أن إثراء الفكر عن طريق الصراعات المعرفية يتطلب مناخا معينا يقبل الاختلاف ويسوده التفاهم والتسامح.
وقد بينت الدراسات السيكوإجتماعية منذ تجربة كـــورت لوين المجرات سنة 1938 مدى تأثير الأجــواء السائدة على إنتاج الفكـر وإثرائــه.
وقد قدمت لنا هذه الأعمال عدة تجارب تتمحور حول ثلاثة أساليب أو صيغ في أخذ القرارات:
- الأسلوب المتسلط
- الأسلوب الفوضوي
- الأسلوب الديمقراطي
وقد اتضح تفوق الأسلوب الديمقراطي القائـم على مبـــدأ النقاش وقبول الاختلاف مع تفهم الآخـــر.
فالمناخ الديمقراطـــي:
- يشبع لـــدى الفرد حاجته إلى الأمـــن
- ينمي لديه القدرة على الإنجـــاز
- يغذي مطلبه التواصلي مع آخــــر
- يذلل مشاعـــر القلق والاضطهـــاد التي تزدهـــر فـــي الأجـــواء الفوضـــوية والتسلطية والتي قد تكون عوائق إبستمولوجية تعطل عملية تملك المعرفة وإثراء الفكر.
و في ضل هذا المناخ القائــم على الاختلاف يكون القرار في النهاية بتراضي الجميع وهكذا يكون أمر الناس شورى بينهم فعلا ولا قولا.

العوائق النفسية التي تحول دون قبول الآخر و تؤجج التطرف
الآليات النفسية التي تجعلنا نرفض الاختلاف هي حسب سيكولوجيـا الأعماق التالية:
- كراهية الأخر
- الجمود الذهني
- التعصب

 كراهية الآخـــر :
إن اكتشاف الذات وفهمها يمــر حتما بتجربة التعايش مع الآخـــر.هــذا الآخــر الذي يمثل دور المرآة العاكسة بالنسبة للفرد.
وضع العديد من علماء النفس من أمثال "لا كان"، "فالون" و"كلاين" أهمية طور المرآة في تكوين الذات.
فالمعروف أن الطفل يلعب أمام المرآة بالصورة التي تتشكل عليها وعندما يدرك أنها صور وليست أشخاصا واقعيين وإن بين هذه الصور واحدة هي لــه فإنه يتأمـل مفتونا تلك الصورة التي تطمئنه على وحدته الجسدية ويستبق بفضلها رسما لجسمه وبالتالي فهي تدعم لديه على أساس مرئي مفهوم ذاتيته.
بيـــد أننا نلاحظ أن هـذا الطفـل يلتفت دائما وفي كل الحالات إلى الأم، إلى الآخـر، لينتزع منها اعترافا بأن هذه الصورة المنعكسة من المرآة هي صورته هو. فالطفل يرى نفسه دائما بأعين الآخريــن.وهو ما يبين بوضوح ألا وجود لفرد إلا بالعلاقات التي يقيمها مع الآخرين و انه من خلال هده التفاعلات يقع بناء هوية كل فرد.
ففي غياب الآخــر المرغوب والمرهوب في آن واحد يتحول كل منا إلـــى وحش ﻫﻧا إذا استطاع ضمان بقائه. ذلك أن الإنسانية اكتساب ثقافي و علائقي وليست إرثــا بيولــوجيـــا.
وفــــي نفس هذا الإطــار النظري يمدنــا التحليل النفسي بتفسيره لنشأة كراهية الآخــــر.
فنحن نعرف أن تجربة التعايش مع الأخـــر المختلف عنا تنشأ عنـــد الطفل بين الشهرين الثامن والعاشــر بعد الولادة عندمــا تفطــم الأم طفلها أي ترغمه على الانفصـــال عن جسدهــا جسميــا، ذهنيــا، ونفسيــا. وهنا يكابـــد الفطيم عملية إقصائــه عن أحضان الأم المرضعة كمأســاة، كإحباط كعزلـــة وجوديـــة مريـــرة.
واكتشاف الطفل لأمــه ككـائن مغايــر ومختلفــا عنـه يسلبه ذلك الإحساس الممتع الذي يداعبه ويشعره أنه مـازال جنينا في رحمها أي امتــدادا بيولوجيــا لجسد الأم وقطعه منها يأتيه رزقــه رغـــدا.
كذلك يكتشف الطفـل مفهوم الآخر عند المرور بعقدة أوديب بين السن الثالثة والخامسة عندما يصبح الأب منافسا له على الاستئثار بحب الأم و يمنعه من التوحد معها.
فكيف يعيش الطفـــل تجربة اكتشاف الآخـــر والتعايـــش معــه؟

هنـــاك امكانياتـــان:
- يمكن للطفل تجاوز وتعويض جرح الفطام النرجسي بنقل العلاقة البدائية المنصهرة والجسدية مع الأم إلى مستوى التبادل الرمـــزي أي اكتساب اللغــــة. و عندما يقوم الطفل بعمل الحداد على وهم و توهم الاندماج مع الأم في الواحد المطلق و يقبل الفراغ و يعيش حالة النقص التي تسمح له بالامتلاء الدائم يرتقي إلى مستويات نشوئية أخرى . وهكذا ينتقل بفضل تجربة الإحباط التي مر بها من وهم الذات المكتفية بذاتها إلى حقيقة الذات المرتبطة بعلاقات تبعية متبادلة مع ذوات أخرى. وهو ما يمكنه من التماهي مع الأم الطيبـة وذلك بممارسة اللــــذة الفموية وبسلوك أفعال تدل على روح العطـــاء والسخـــاء فيتحول من نمط الارتباط العصابي إلى نمط الارتباط الناضج.
كما يمكن للطفل إيجاد مخرجــا هادئــا لعقدة أوديب، بالتماهي مع الأب واحتواء خصاله ككهــل ومنها النضج النفساني والاستقلالية الذهنية أي بالارتقاء إلى نمط آخـــر من التنظيـــم الرمزي الذي يؤسس القوانين الطبيعيـــة والاجتماعية ( تشرب قانون الأب / السلطة ).
- أما إذا عجز الطفل عن احتواء هذه الأزمات و التحـــولات الضروريـة لنمــوه السليــم وعاش الآخــر كعدو وكمعتد على أمنــه، فسوف يـــرد الفعـــل بمشاعـــر الاضطهــاد وهذيـــانـــات التآمــر وبالتالــــي سيسقط على الآخـــر المختلف عنه عرقيـــا دينيــا أو فكريــا مشاعــر الحقد والكراهيـــة التي عاشها في طفولتـــه المبكرة ويعامله كمسئول عن طرده من الجنة الضائعـــة (الانصهار في الأم الحنون) أي كتلك الأم الشريرة الفاطمة وكذلك الأب المستبد والخاص (طبعا حسب الهوامات الطفليـــة). و هكذا يقع تبرير كل أشكال العنف التي تصبح بشكل سحري دفاعا شرعيا ضد الآخر الذي ينبغي حماية الذات منه.
وقد تلاحق التمثــلات المرء حتى في الكبر فتجعل منه كائنــا متعصبا مختل التوازن رافــضــا ومقاومــا لكــل أشكــال الاختلاف وفي هذا الصدد يقول فرويد " إن سر شقائنا أننا عشنا أطفالا".
 الجمود الذهني:
الآلية الذهنية الثانية التي تعيق الاختلاف هي الجمود الذهنيّ. يعرّف علم النفس هذا العطب في المسار الذهني بأنه عجز المرء عن تغيير وجهة نظره ووضع نفسه مكان الآخـــر لفهمه وتفهم وجهة نظره.
وهو يوجد في الحالات المرضية مثل العصاب الاستحواذي كما أنه إحدى السمات الجوهرية في تناذر "البرانويـا". المصاب بالجمود الذهني تنقصـه المرونة الفكرية. له رأي ومبادئ ثابتة، منغلق على حجج الآخـــر لأن مركزيته الذاتية جعل الإنسان نفسه مركـــزا للكون تجعله عاجـزا عن وضع نفسه مكان الآخر أي المختلف عنه في الرأي أو في الدين لفهمه وتفهم وجهة نظره، المصاب بالجمود الذهني يرتكز على ثوابت ومسلمات لا تقبل النقاش لأنها محاطة بدلالات وجدانية وبشحنات لا شعورية تجعل من كل نقاش فيها نقاشا في معنى حياة المتشبث بها.
وبالتالي يصبح الجدل والاختلاف مجازفة بسعادة المتصلب وبثقته المفعمة بنفسه. وفي هذا الظرف، يدرك الآخـر المختلف عنا ككائن مؤذي و تهديمي يهدد الكيان العضوي نفسه. فيؤجج هوامات القلق والاضطهاد فلا يمكن أن نستمتع إلى هذا الغريب مهمـا كان خطابه علميــا أو موضوعيا لأنه " في غاية الخبث وكلامه سمّ ناقع" على حد تعبير د. أنـزيـو.
رهاب الاختلاف ناتج عن شغف الفرد بالوحدة المتمثلة في كمال الجسم و رفض الخصاء الرمزي أي رفض للحدود التي تفرضها المنزلة البشرية بوعدها و وعيدها .
وبما أننا لا نستطيع العيش دون تواصل مع الآخرين سوف يبحث المصاب بالجمود الذهني عن آخرين غير مختلفين عنه، يشبهونه ولا يمارسون عليه أي ضغط أو نقد وسوف يجدهم في عشيرته في شيعته أو في حزبه. والصورة التي تنطوي عليها ﻫﺫه العلاقة هي صورته و قد عززها و دعمها وبررها الآخرون. وهي صورة نرجسية مطمئنة.
ويشكــل هؤلاء الآخرون امتدادا يكاد يكون بيولوجيـا للأم الحامية ويلعبون دور " الحضن الطيب" حسب تعبير ميلانى كلين. كما يمثل الآخرون مجموعة يحاول من خلالها الفرد إعادة بناء " نحن جماعية" يستعيد بها وهميا محاولة الانصهار مـــن جديد في جسـد الأم.
وداخل هذه المجموعة المتشابهة الباحثة عن الأمن والأمان (المتسمرة في الحنين إلى حضن الأم الطيبة) يسود التماثل ويطغى النقاء. فهذه المجموعة تجسّـــد النظـام الطبيعي للأشياء وكــلّ من ينحرف عنها ( الدخيل / الغريب / المختلف) أو يحتجّ على معاييرها أي على أوامرها ونواهيها يمثل خطـرا على نظـــام الكون ويسبب الفوضى والفساد. و نحن نلاحظ أن المجموعة تشعر أنها مهددة نرجسيا عندما يخاطر احد بمناقشة قناعاتها أو بإبراز نقاط ضعفها التي تفضل إخفاءها حتى على نفسها و عندما تعمل بعناد شديد للمحافظة على صورتها المثالية.و من وجهة نظر الاقتصاد النفسي يتحول الأتباع المتعصبين إلى أبناء روحيين عوضوا ﺃناهم المثالي بصورة الزعيم السياسي أو الديني الذي أصبح أبا اجتماعيا و الذي يفترض انه يحبهم محبة متساوية. يحولهم التماهي النرجسي معه إلى إخوة متماثلين متشابهين متلاحمين كالبنيان المرصوص لا يزعزعهم شك و لاجدل و لا تفرقهم اختلافات.
و يمثل هذا التعلق العصابي بالأب المثالي سر العبودية المختارة التي نعاني منها في أوطاننا فهو الحبل الذي يربط الناس بطفولتهم و تبعيتهم لدرجة أن الحاكم كلما نكل بهم أكثر في حياته كلما تباكوا عليه أكثر في مماته ( انظر ردود فعل الروس بعد وفاة ستالين و حنين البعض إلى حكم صدام حسين).
و يعكس الوهم الجماعي رغبة في الأمان و في حماية الأنا الفردية المهددة تعريفا و وقايتها من قلق التقطع والضياع. ﻟﺫلك فهو يبدل هوية الفرد بهوية الجماعة و يرد على تهديد النرجسية الفردية بتشييده نرجسية جماعية.
لذلك نجد في خطابات المتطرفين بأنواعهم أن المختلف الغريب المهاجر يرمز إليه في أغلب الأحيـــان بكلمات مثل "ميكروب"أو " فيروس" أو" سرطان" ينخر جسد الأمــة / الأم ويدنس طهارتها ونقائــهــا (انظر ايديوليجية أقصى اليمين الفرنسي مثلا). و بفضل هذه البداهة الأساسية يتمكن المصاب بالجمود اﻟﺫهني من تقسيم العالم إلى قسمين منفصلين بجدار صيني ׃
نحن # هم
الطبيعة # المضاد للطبيعة
النظام # الفوضى
الطهارة # الفساد
التماثل # الاختلاف


وهذا ما يؤدي حسب التحليل النفسي إلى تأسس السلوك التعصبي المناهض لكــل أشكال الاختلاف و الرافض لخوض تجربة الغيرية.
فماذا عن التعصب الذي يشكل الآلية الثالثة والأخيرة؟
يقــدم لنا ابن منظور في لسان العرب التعريف التالي: " التعصب هو أن يدعو الرجل إلى نصرة عصبيته والتألّب معهم على من يناوئهم ظالمين كانوا أو مظلومين" وهذا التحديد لا يختلف في شيء عما قدمه لاحقا علم النفس حول التعصب إذ أن التعصب من وجهة نظر علم النفس هو ميل انفعالي يفرض على صاحبه أساليب وطرق في التفكير والإدراك والسلوك تتفق مع حكم بالتفضيل أو عدم التفضيل لشخص أو جماعة. وهذا الحكم يكون سابقا لوجود دليل منطقي أو دون دليل إطلاقــا.
وهو غير قابل للتغير بسهولة رغم توفر البراهين المنطقية المعارضة التي تشير إلى عدم صحته لأنه ينطوي على نسق من القوالب النمطية. أي تصورات تتسم بالتصلب والتبسيط وكذلك بالتعميمات المفرطة عن جماعة معينة وفي أغلب الحيان مختلفة. إذن التعصب للعائلة، للعشيرة للجهة للطائفة ضد الغريب ضد المختلف هو عودة إلى الوراء إلى مرحلة من المفروض أننا تجاوزنا (مرحلة الانصهار مع الأم) هو تنكر لمبدأ الاستقلالية والتفرد.
هو نكوص إلى الفطري ضد المكتسب، نكوص إلى العتاقة ضد الحداثة القائمة على تعددية أشكال التعبير والتفكير والسلوك واحترام الحريات الفردية واحترام حقوق المرأة والطفل وبكلمة حقوق الإنسان وفيما يخصّنــا حق الاختلاف أساسا.
بعد تحليلنـا للآليات الذهنية التي تدعم الاختلاف و تقاوم التطرف وللحواجز النفسية الواعية واللاواعية التي تعيق التسامح يمكن أن نستنتج أن الفرد يراوح طوال حياته بين غريـــزة الموت وغريزة الحياة بين التشاؤم والتفاؤل بين الانغلاق على الذات والانفتاح على الآخــر.
الانغلاق والانطواء على الذات ومعاداة الآخــر هو نكوص إلى مــا قبل الفطـــام، هو تسمر في ما قبل الحياة الذهنية هو حنين جارف إلى انكماش الجنين في بطن الأم الحامية هو بكلمة انتصار لغريزة الموت. بينما يمثل الانفتاح على الآخر بحثا عن مشروع مستقبلي. كما أن الفرد يرفض التخلص من العصاب ولا يتنازل عن" الأرباح الثانوية" التي يوفرها ﻫﺫا السلوك السقيم طالما انه يجهل أن الواقع سيوفر له شيئا أفضل وهو ما يجعل الإصلاح الشامل للمنطقة العربية مطلبا حياتيا و ضرورة ملحة .

* جامعة الزيتونة تونس









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نحو 1400 مستوطن يقتحمون المسجد الأقصى ويقومون بجولات في أروق


.. تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون




.. الجزائر | الأقلية الشيعية.. تحديات كثيرة يفرضها المجتمع


.. الأوقاف الإسلامية: 900 مستوطن ومتطرف اقتحموا المسجد الأقصى ف




.. الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية