الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إعادة الدعوة لبناء إتحاد العلمانيين السودانيين

سعد محمد عبدالله
- شاعر وكاتب سياسي

2018 / 11 / 18
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية



نواصل الحديث عن دعوة سابقة قدمناها للساسة والمثقفيين والفنانيين الأحرار بغرض التفاكر الجاد حول ضرورة بناء إتحاد علماني سوداني ديمقراطي يقود حركة التنوير والتغيير والتحرر وتشكيل دولة سودانية تسع سكانها، جاء هذا الطرح كنتاج لما أفرزته البيئة السياسية والثقافية والإجتماعية من حولنا مع شح إرادة الدولة حيال إدارة هذا الكم الهائل من الألوان سيما في ظل إشتداد تسلط السلطة الكهنوتية المستبدة السائدة، فالوقت مناسب لطرح رؤى وأراء جديدة وجادة تجاه المتغيرات السياسية والإجتماعية والإقتصادية للتعبيير عن واقع المجتمع السوداني بصورة لائقة، وبغية إحداث نقلة مفاهيمية حقيقية وسط المجتمع الريفي والمتمدن لمواكبة التطور العالمي بالشكل الطبيعي في مجالات السياسة والإقتصاد والبناء الوطني والديمقراطي للوطن والمواطن بمنظومة القيم العلمانية التي تدعوا للحرية والسلام والمواطنة والتنمية والمحافظة علي توازن البيئة في كوكب يشهد الكثيير من المشكلات المدمرة، وبنشر العلوم والمعارف الكونية وتواصل الثقافات وتعاون الشعوب سيدرك المرء حقوقه السياسية والمدنية التي نصت عليها المواثيق الدولية بخطوط عريضة صارت قوانيين صريحة وصارمة لا يمكن تجاوزها ولا بد من التعامل معها لتحقيق حرية الفكر والرأي وعدالة الأنظمة السياسية تجاه الشعوب والإرتقاء إلي رفاهية الإنسان.

إن الدعوة لقيام إتحاد العلمانيين السودانيين تمثل نظرة ثاقبة في مجمل أوضاع السودان بلا فرز، فالحروب التي دارة سابقا في جنوب السودان وأدت للإنفصال شعاراتها تتكرر اليوم بشكل آخر، وذات السلاح الذي إستخدمه النظام الإسلاموعسكري للحشد السياسي والإعلامي يطلق اليوم رصاصة علي مستقبل السودان، فالدعاية الإعلامية والسياسية للحروب الإنقاذية اما كانت جهادية او عنصرية ولم تفلح في توحيد البلاد وبناء أجهزة دولة فاعلة وحماية حياة المدنيين بل كانت مصدر فقر وتشرد ملايين من السودانيين بين النزوح واللجوء وأضحى الموت بينهما أمر، ولا يختلف الأمر كثيرا حينما ننظر لتردي الوضع الإنساني والإقتصادي وتدهور مستوى التعليم والصحة في المدن والقرى وتراجع الحريات والإنتاج الفكري والفني، وكل هذا مرتبط بشكل عضوي بالتوجهات العامة للدولة وسياسات السلطة الدكتاتورية التي تصادر مصادر الإنتاج الفكري والسياسي وتعيق تطور المجتمع بفرض سيطرتها علي كل مفاصل الدولة وتنصيب (فقهاء النصب والإحتيال) ليوزعوا علي المجتمع صكوك طاعة السلطان ورحمة الطغاة علي الضعفاء بوصايا وقوانيين القرون الوسطى، هذه السياسات مدمرة لحياة الإنسان وتقزم دوره في التفكير والإبتكار والتعميير، فلا حياة مع الحرب ولا إبداع بلا حرية والدول الإستغلالية لن تحقق إستقلالية الشعوب والتاريخ مشحون بنمازج كثيرة لسقوط أنظمة دكتاتورية لا تحصى ولا تعد، لذلك نجد أن المخرج الوحيد من أزمة تأسيس دولة السلام والعدالة والمساواة والمواطنة والديمقراطية هي تغيير نمط التفكير الراهن وإجراء حوار سياسي وفكري يؤدي لتكوين الكيان العلماني الذي يستطيع التصدي لعقلية (السودان القديم) بتبني أفكار وسياسات جديدة ومستنيرة تعبر عن أشواق السودانيات والسودانيين في وطن حر وناهض يسع الجميع.

ونلاحظ أن السنوات الأخيرة قد شهدت نموا سريع للحركات الشبابية والطلابية والنسوية التي تحمل قضايا وأفكار جديدة نستطيع إستخلاص مضامين تعلمن حملة بيارقها من خلال تحليل المطالب والخطاب المستخدم للتعبيير عنها، وهذا يؤكد صعود الفكر العلماني علي المسرح العام والخاص بشقيه (الشامل والجزئي) وإن كان في بعض الأحيان غير صريح، وعدم صراحة المطالبة بتطبيق النظام العلماني يرجع لكثافة الضغط الإنقاذي الإسلاموعسكري وعدم تحالف التيارات العلمانية وإتفاقها علي برنامج واضح لمنازلة الفكر الظلامي المتطرف، وربما قيام إتحاد العلمانيين السودانيين يبذر بزور الأمل والتفائل من جديد ويدفع ركب العلمانييين السودانيين نحو أفق أرحب من أجل إخترق ذلك الظلام بنور العلم حتى نبصر العالم بعيون الحقيقة، وتجدر الإشارة هنا للحركات العلمانية التي ظهرت مؤخرا علي طول وعرض المحيط الشمال افريقي المحازي للسودان ومن بينها الحزب العلماني المصري وجمعية المفكرين الأحرار بتونس وعدد كبير من المفكريين العلمانيين الذين نشطوا بكتاباتهم في بث الوعي وسط المجتمعات، فيمكن الدعوة لمؤتمر التنظيمات العلمانية السودانية لمناقشة القضايا الفكرية والوطنية وتأسيس إتحاد العلمانيين السودانيين، ويمكن أيضا توسيع هذه التجربة ونقلها إلي العالم الخارجي فيما بعد لتكون الفائدة للجميع، فالعالم الآن يتعلمن رغم إنتشار التطرف والإرهاب خاصة في الدول التي تحكمها الأنظمة الكهنوتية والبوليسية المستبدة بقوانينها الرجعية والمتخلفة، وسيسير العالم العلماني نحو الأفضل، لذا يجب دعم تحرر سكان الدول المحكومة دكتاتوريا من الخوف لخوض ثورة التغيير بوعي وإستنارة للوصول إلي دولة علمانية حرة ومجتمع إنساني تعاوني.


سعد محمد عبدالله








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا


.. Zionism - To Your Left: Palestine | الأيديولوجية الصهيونية.




.. القاهرة تتجاوز 30 درجة.. الا?رصاد الجوية تكشف حالة الطقس الي


.. صباح العربية | الثلاثاء 16 أبريل 2024




.. الشرطة الأميركية توقف متظاهرين بعدما أغلقوا الطريق المؤدي لم