الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لغز ذهاب الخاشقجي وحده برجليه للمقصلة لا يزال يُحيرني!؟

سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)

2018 / 11 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


مقالة عن قصتي مع ضابط المخابرات السوداني والمخبر الفلسطيني التابع للقنصل الليبي في السودان عام 1996 والتي استدعتها ذاكرتي في خضم شكوكي حول لغز دخول (الخاشقجي) للقنصلية لوحده (بروحه) وهو يمشي بكل تلك الثقة - برجليه - كما شاهدناه عبر الشريط المصور نحو (الفخ المرسوم)!! ، وهو أمر لا يمكن لمعارض لنظام ديكتاتوري وهارب من بلاده وينتقد رأس الحكم فيه ليل نهار في وسائل اعلام عالمية تعادي بلاده أن يفعله إلا إذا كان متهورًا جدًا أو كانت (جهة ما) شجعته وقدمت له ضمانات وزينت له الأمر!!.. كيف؟؟؟ وهو يعرف أنه بات المطلوب (رقم واحد) من قبل المخابرات السعودية!!؟؟؟ شيء غريب وعجيب ومريب ولا يمكن للعقل هضمه!!
********
أتذكر أنني في السودان تعرضت لملاحقات ومضايقات من شخص فلسطيني يعمل كمخبر مع سفارة القذافي.. كان يتبعني في كل مكان ويطلب مني مقابلة من قال أنه (القنصل الليبي) وأخبرني بعض معارفي من السودانيين في الأماكن التي كنت أتردد عليها في الخرطوم بأن شخصًا ليبيًا جاء يسأل عني عدة مرات ويزعم أنه القنصل الليبي وأنه يود مقابلتي!!... شعرتُ بالخوف والتوجس والريبة، وذهبت لصديق سوداني يترأس الحي الذي أسكن فيه وكان موالٍ للترابي وحكومة البشير وأخبرته بالقصة بحذفيرها، فطمأنني وقال لي أنه سيبعثني لضابط مخابرات سوداني يهتم بمشكلتي ويجد لي حلاً!... وبالفعل ذهبت لمقابلته واستقبلني في مكتبه بترحاب ثم رويت له قصتي مع ذلك المخبر الفلسطيني التابع لسفارة القذافي وكيف أنه يلاحقني ويطلب مني مقابلة القنصل؟، بل وكيف أنه ذات مرة هددني بالقول أن "أمن سفارة القذافي قادرون على اختطافي وحملي لليبيا قسرًا في تابوت"!!... فأخذ ضابط الأمن السوداني الأمر بجدية ولكنني سرعان ما فُوجئت به يطلب مني أن أوافق على مقابلة القنصل (!!!) ولكن حذرني أشد التحذير من الذهاب لمبنى القنصلية أو مقابلة السفير في بيته بل لابد أن تكون المقابلة في مكان عام كأن يكون مقهى أو حتى (جامع) .. وقال لي :
- "لا تخف!.. نحن سنكون بالقرب منك وسنحميك ولن نسمح لهم بإيذائك!.. لكن استمع إلي القنصل وماذا يريد بالتحديد؟ فإذا طلب منك معلومات معينة تعال إلى هنا واعلمني بطبيعة تلك المعلومات التي يريدها وسنقوم نحن بتزويدك بمعلومات تحملها له وتنظر ماذا يقول؟" !!!
وما إن قال لي ضابط المخابرات السوداني هذا الكلام الخطير حتى قفز قلبي من شدة الخوف وانقبض صدري!... فقد فهمتُ للفور أن مؤدى كلامه وطلبه مني هذا الطلب الغريب أنه يريد (استخدامي) في لعبة مخابراتية!!... وهو ما اثار خوفي وضيقي وقلقي!.. فأنا أرسلني صديقي بغرض توفير الحماية من عميل لأمن القذافي يلاحقني ويضايقني لأجد نفسي حيال هذا الطلب الغريب والمريب والخطير!!... طبعًا لم أرفض ولم أقبل وشكرته واخبرته بأن صديقي (فلان) سيكون هو الوسيط بيننا!!... ثم فور خروجي من مكتب المخابرات انطلقت لصديقي السوداني ذاك وأخبرته بما جرى مستنكرًا ما حدث وأن ما عرضه على ذلك الضابط يعني اقحامي في لعبة مخابراتية لا يمكنني أن أتورط فيها أبدًا.. فبدا عليه الغضب والضيق وتفاجأ هو الآخر بهذا الطلب ثم ما لبث أن نصحني بضرورة مغادرة السودان لمكان آخر مُعربًا عن خشيته من تعرضي لأذى على يد عملاء القذافي!.. وهو ما فعلته بالفعل وقررت مع رفيقي الليبي الخروج لبلد عربي آخر وكانت وجهتنا الأردن!.
الشاهد هنا في القصة هو ملاحظة أن ضابط المخابرات السوداني حذرني بشكل شديد من الدخول للقنصلية (!!!) أو لبيت القنصل وأن لا يتم اللقاء مع القنصل الليبي إلا في مكان عام!... فحينما تذكرتُ هذا الأمر وأنا أفكر في لغز قضية جريمة قتل الخاشقجي استغربت أشد الاستغراب كيف أنه قصد القنصلية بمفرده وهو يمشي تلك المشية الواثقة كما ظهر في تسجيل لحظة دخوله للقنصلية ثم دخلها وحده!!.. هل يمكن أن يغامر رجل معارض في مثل ذكائه وفطانته بهكذا فعل؟؟ إلا مع وجود تطمينات كبيرة من جهة يثق فيها !!؟؟... وأقصد هنا إما المخابرات التركية أو المخابرات الامريكية أو اتفاق بينهما!.. حيث تم زرع أجهزة تصنت داخل مبنى القنصلية أو داخل ملابس أو ساعة الخاشقجي استعدادًا لعملية قتله وتسجيلها بالصوت!.. تلك العملية المبيتة للمخابرات السعودية والتي كانت المخابرات التركية والامريكية على علمٍ بها مُسبقًا وقبل وقوعها بشكل ما !!.. بل وربما تكون جهة ما (؟) في أمريكا أو تركيا لعبت دورًا أساسيًا في تشجيع الخاشقجي لمقابلة ذلك (الوفد السعودي المهم!) الذين يريدون التحاور معه بالحسنى للتشاور معه حول سبل الاصلاحات السياسية في المملكة بل وربما زينوا له الأمر بأن أوهموه بأن هناك احتمالًا كبيرًا بتكليفه بمنصب مهم كمنصب وزير الاعلام في السعودية مع الاصلاحات الجديدة (!!) ونصحوه بضرورة الدخول للقنصلية لمقابلة ذلك الوفد بمفرده بدون خطيبته و(ذلك لسرية وحساسية الأمر)!!... فصدقهم وذهب الخاشقجي مسرورًا - وهو يمشي بكل تلك الثقة التي تكاد تصل لحد الزهو ! - نحو ذلك الفخ الكبير والرهيب والمميت الذي تم استخدامه فيه كـ(طُعم) في لعبة صيد مخابراتية كبيرة وقذرة ومدبرة لايقاع بلاده في هذا الشراك الكبير والخطير بغرض الابتزاز والاطاحة بالأمير الشاب الجديد!... ولكن من المؤكد وقبل أن يقع الخاشقجي في هذا الفخ كانت قبله المخابرات السعودية ذاتها قد وقعت في فخ أيضًا من جهة ما ((صديقة!!؟؟؟)) زينت لها عملية التخلص من الخاشقجي بتلك الطريقة الغبية مؤكدة لها أن الأمر سيمر بسهولة في ظل علاقة المملكة القوية بترامب والبيت الأبيض دون أن يدركوا أن المخابرات التركية - المشتركة في هذه اللعبة القذرة - كانت قد زرعت أجهزة تصنت داخل المبنى أو داخل ملابس خاشقجي أو في ساعته استعدادًا لتسجيل الحدث - أي لحظة تنفيذ الجريمة - عن بُعد لإستعمالها كدليل ملموس مادي ضد السعودية إما للابتزاز السياسي أو الاقتصادي أو للاطاحة بولي العهد الشاب والعودة بالتالي للنظام التقليدي القديم القائم على توارث الحكم بين الأخوة العجائز لا الأبناء الشباب!!.
لا يمكنني كمعارض سابق أن أصدق أن الخاشقجي كان يقصد القنصلية لتسجيل عقد زواجه!.. فأولًا لماذا لم يستصحب زوجته التركية معه أو أحد أسبائه (!!) إذا كان الأمر متعلق بتسجيل عقد زواج؟؟.. ثم ثانيًا أن وجود زوجته التركية معه هو ضمان كبير لسلامته فهي مواطنة تركية تتمتع بحماية دولتها ولن يجرؤ رجال الأمن السعودي عندها المساس بهما داخل القنصلية وسيخرجان بسلام!!... لماذا بقيت في الخارج!!؟.. ثم ثالثًا ما حاجته وهو المعارض الذي ينتقد حكام بلاده بشدة وعبر قنوات عالمية وقنوات معادية لحكام بلاده لتسجيل عقد زواجه!؟؟ ليس هناك أي حاجة ولا ضرورة لتسجيل عقد الزواج في بلاد فررت منها!!.. فأنا تزوجت في الغربة ولم أسجل زواجي في القنصلية الليبية إلا بعد سقوط نظام القذافي!!.. لهذا اعتقد أنه لم يذهب للقنصلية بغرض تسجيل عقد زواج - كما قيل لنا !! - بل لمقابلة (وفد سعودي حكومي رفيع) - كما قيل له - وأن هذا الوفد يريد مقابلته بغرض الحوار حول الاصلاحات السياسية التي يريد الخاشقجي اقتراحها على الأمير!!، بل ربما تم تزيين الأمر له بطريقة خبيثة وقيل له أن هناك نية لأن يتولى منصبًا مهمًا بعد تنفيذ هذه الاصلاحات!!.. فذهب بمعنويات كبيرة وثقة عالية زاد من قوتها أن هذه الجهة (التركية أو الامريكية) أكدت له أنها تحرسه بعينها التي لا تنام وسلطانها الذي لا يُرام فانطلق يمشي بتلك المشية الواثقة نحو حتفه!!!... تلك المشية الواثقة كما أظهر تسجيل مشهد دخوله للقنصيلة!!... هكذا تبدو خفايا هذه القضية التي لا يظهر لنا منها إلا أنها ((جريمة غبية جدًا)) تورطت فيها المخابرات السعودية دون أن ننتبه أن هناك أجهزة تجسس تركية تم زرعها لتسجيل الجريمة بشكل حي ومباشر!!... المخابرات السعودية التي تورطت أو جرى توريطها في هذه الجريمة البشعة دون أن تدرك أن وراءها لعبة مخابراتية قذرة كبيرة شديدة الاحكام أحسب أنها متفق عليها سلفًا بين المخابرات الإمريكية والمخابرات التركية!.. والله أعلم!... قال تعالى:
{ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} صدق الله العظيم!!
****************
سليم الرقعي 2018
(*) قد يقول قائل أن تلك الجهة التي زينت للخاشقجي الذهاب بمفرده للقنصلية لمقابلة وفد الأمير هم اتباع النظام السعودي وشقيق الأمير كما تروج المخابرات الامريكية وتسرب للصحافة للتغطية على دور عملائها في تشجيع الخاشقجي للذهاب لقنصلية بلاده في تركيا ... وهذا أمر مستبعد عندي لأنه بحكم أنه معارض لن يثق في شقيق الأمير أو اتباع ووسطاء النظام السعودي ولن يدخل القنصلية بكل تلك المشية الواثقة دخول الفاتحين!.. بل الأغلب هو أن الجهة التي زينت له الأمر وطمأنته على سلامته إما تكون المخابرات التركية أو الامريكية أو بالتعاون بينهما بغرض ايقاع السعودية في هذا الفخ الكبير مع توثيق لاحظات الجريمة بشكل صوتي ليكون دليل الادانة للاطاحة بالأمير الشاب الجديد!!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت