الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التنوع البيئي والتنوع السياسي

حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)

2018 / 11 / 19
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


كلما اهتم نظام السيسي بالحديث عن امر ما وجعل منه عنوانا يتم تداوله في المؤتمرات والصحف كلما عرفنا ان الدور حان عليه ليتم تدميره والقضاء عليه قضاءا مبرما، أو انه اصبح اثرا بعد عين.
فعلى سبيل المثال، يهتم السيسي بعقد "مؤثمر الشباب" سنويا حيث يحضر مجموعة من الشباب من خارج مصر من جنسيات مختلفة ويظل يحدثهم حديث لا شأن لهم به اطلاقا عن ضرورة ان يتحمل الشعب القهر والفقر وانعدام القانون وغياب الفرص وخراب التعليم والرعاية الصحية!
وكأنه شخص منفصل عن واقع هذا البلد المنكوب تماما فهو حتى لا يستطيع جمع مجموعة من الشباب المصري المطحون الذي انهكته المسرطنات والأغذية الفاسدة واصيب بفقر الدم وضاقت عليه الفرص بسبب انهيار التعليم ودمار كل سبل العيش الكريم من زراعة وصناعة وسياحة وغيرها من وسائل شريفة يمكن للانسان ان يتكسب منها مكسبا يعزز من احترامه لنفسه ويشعره انه انسان منتج.
ولم يبقى من وسائل للكسب للغالبية العظمى من ابناء هذا الشعب من غير اصحاب الرتب النحاسية وعائلاتهم الا العمل كفرد أمن أو خدمة عملاء أو قيادة سيارة أجرة أو القيام باعمال غير شريفة مثل السرقة والنصب وبيع المخدرات وتهريب الآثار أو العمل في وظيفة خادم للأجهزة الأمنية!
وهذه الوظيفة الأخيرة تتطلب نوعية من الكائنات التي تشبه البشر ولكنها مع ذلك مفرغة من داخلها بصورة كاملة من القيم والأخلاق والمباديء والشرف لا يجري في وجوههم دماء يكذبون بفجور ولا يمانعون في عمل اي شيء مقابل ما يصل اليهم من مكاسب حرام.
لا يهتز لهم جفن من مآسي ابناء هذا الشعب ولا يعنيهم من تعرضوا للأذي بسببهم طالما ان اسيادهم راضون عنهم ويلقون عليهم بعض فتات موائدهم العامرة بخيرات البلد التي اصبحت حكرا على هؤلاء وحدهم وعلى كلابهم المدربة على الأذى والقنص.
لا يهتم هؤلاء بأن يبقى هذا البلد لغد طالما أنهم يحيون يومهم لا يعنيهم ان يخرج التعليم من التصنيف العالمي فوظيفتهم لا تحتاج الى مؤهلات علمية، ولا يعنيهم ضياع ثروات البلد من غاز أو بترول او ذهب أو بيع الاراضي والمصانع والشركات او انخفاض حصة مصر من الماء او تدهور الزراعة، فهؤلاء تم تفريغهم من الوعي والفهم خلال مراحل تفريغهم من الكرامة والشرف وكل ما يميز البشر الطبيعيين.
وبعد مؤتمر الشباب يحتفي نظام السيسي هذه الأيام بما يعرف بمؤتمر "التنوع البيولوجي" وهو امر مثير للسخرية حقا وخاصة في بلد تقوم حكومته بتصريف مياه الصرف الصحي في النيل أو البحر بدون معالجة، وتقوم المصانع بتصريف نفايتها الخطرة في النيل بدون رقابة.
بلد تعادي الحدائق وتعادي كل ما هو جميل ونبيل وراقي فهي لا تعرف الا الاسفلت والأسمنت، بلد تقول وزارة الاسكان فيها ان 85% من قراها لم تعرف الصرف الصحي وانها تعيش في العصور الوسطى!
بلد لم يسلم فيها حتى كلاب الشوارع حيث يتم تسميمها بطريقة بشعة وترك جثثها في الطريق العام، بلد تعرض المحميات الطبيعية للبيع والايجار وتصدر التشريعات التي تبيح ذلك.
بلد هي ضد التنوع بكل صوره فهي لا تريد الا دين واحد هو دين عبادة البيادة ولا تريد اي اتجاهات سياسية فهي تريد اتجاه سياسي واحد يغرد في سرب الحاكم، وهي لا تريد تنوع ثقافي او فني وتكره كل ما هو بدوي او نوبي وتسخر من التراث الجنوبي، وتعاير الاسمر بلونه!
اعتقد ان حدود فهم هذا النظام للتنوع البيولوجي لا يتعدى تنوع الرتب التي توضع على اكتاف رموزه وربما هذا هو مبلغ علمهم في الأمر!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يستعرض رؤية فرنسا لأوروبا -القوة- قبيل الانتخابات الأ


.. تصعيد غير مسبوق على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مع تزايد




.. ذا غارديان.. حشد القوات الإسرائيلية ونصب خيام الإيواء يشير إ


.. الأردن.. حقوقيون يطالبون بالإفراج عن موقوفين شاركوا في احتجا




.. القناة 12 الإسرائيلية: الاتفاق على صفقة جديدة مع حماس قد يؤد