الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مازنجر القديسين - ج١

ادم عيد
(Adam Eid)

2018 / 11 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


سنتحدث اليوم عن واحد من اهم القديسين في مصر والعالم اجمع شمشون القديسين تنين المعجزات المار جرجس!!
يعد القديس جرجس (أو مارجرجس كما يطلق عليه في مصر و “مار” كلمة سريانية تعني “السيد”) من اهم و ابرز القديسين و الشهداء في تاريخ المسيحية، و لشهرته الكبيرة نجد الاف الكنائس في كل مكان من العالم مكرسة علي اسمه كما اتخذته العديد من الدول و المدن كشفيعها و حاميها الخاص و من اهم و ابرز هذه المدن و الدول مالطا و برشلونة و جنوة و بيروت كما اصبح القديس الحامي لأنجلترا بعد الغزو النورماني لها و مازل حتي الأن.

حسب التقليد المسيحي فقد ولد جرجس في نهايات القرن الثاني الميلادي لأبوين مسيحيين هما أناستاتيوس و ثاؤبستي، في احدي مدن أقليم كبادوكيا و هي مليتني التي
كان ابيه والي عليها، و لكن عندما علم الوالي ان ابيه مسيحي اعدمه، ثم اخذته امه مع اخواته و هاجرت إلي مسقط رأسها ديوسبيليس حيث ترعرع و حينما كبر التحق بسلك الجندية و ترقي إلي أن وصل إلي رتبة “تريبيون” و قد كان مقرب جدا من الإمبراطور دقلديانوس حتي قام الإمبراطور بأصدار أوامره بأضهاد المسيحية في كل اقطار الإمبراطورية، فقام جرجس ببيع جميع املاكه ووزعها علي الفقراء و مزق منشور الأمبراطور و خالف أوامره علانية، فحاول الأمبراطور أن يثنيه عن الديانة المسيحية و يعيده إلي الوثنية إلا أنه رفض فعذبه الأمبراطور كثيرا ليثنيه عن عزمه، و قد تنوعت هذه العذابات بين الجلد و اجباره علي ارتداء حذاء من المسامير و اجباره علي شرب السم، كما تم تعذيبه ايضا بعض العذابات التي اسفرت عن قتله اربع مرات مثل سحق جمجمته و القاءه داخل معصرة لها اسنان حديدية، و لكن احياه الرب ثلاث مرات و استشهد في الرابعة.



بالطبع هذه القصة اسطورة محضة و ليس لها اي اساس تاريخي، فحتي المصادر المسيحية المبكرة لم تذكر هذه القصة و اهمهم كتابات “يوسابيوس القيصري” (263-339م) و الذي كان له العديد من الكتابات في تاريخ الكنيسة و شهدائها، و علي الرغم من انه كان معاصر للفترة التي اعطتها القصة لحياة مارجرجس إلا انه لم يذكر عنه اي شيئ، و قد ظهر الشكل الأول لهذه القصة في القرن الخامس الميلادي و منها انبثقت النسخ الأخري لها، و من فرط المبالغات التي احتوتها سيرة هذا القديس اعلن البابا جيلاسيوس الأول عام 496م أن قصص عذابات و استشهاد جرجس ماهي الا خرافات ابتدعها الجهلة و المهرطقين و منع تداولها في الأوساط الدينية الكاثوليكية. و بشكل عام فقد تكررت تيمة “القديس الجندي” عشرات المرات في قصص الشهداء المسيحية و هذه التشابهات التي يستحيل ان تكون ناتجة عن المصادفة تطعن في مصداقيتهم جميعا إلي جانب ما تحتويه هذه القصص من الخرافات التي لا يقبلها عقل، و كل هذا بالطبع بالأضافة إلي حقيقة خلو المصادر التاريخية الرومانية و غيرها من اي ذكر لهؤلاء “القديسين” و ذكرهم فقط في المصادر المسيحية يجعل من المستحيل تناول سيرتهم بصفتها احداث تاريخية حقيقية.



ارتبط اسم القديس جرجس كذلك بقصة أخري في غاية الأهمية، إلا و هي اسطورة قضائه علي التنين، و قد هيمن منظر قضائه علي التنين علي اغلب صور و ايقونات هذا القديس في جميع انحاء العالم إلي درجة انه حين نذكر اسم هذا القديس امام اي شخص يتمثل في مخيلته المنظر الشهير له و هو يطعن التنين.



هي اسطورة متأخرة يبدو انها اقحمت في سيرة القديس جرجس (الملفقة بدورها) ابتداءا من القرن الحادي عشر الميلادي، و ربما تكون ظهرت في اسيا الصغري و الشام ثم انتقلت منها بفعل الحروب الصليبية إلي الغرب حيث تحورت القصة هناك علي مدار السنين حتي وصلت إلي اكمل اشكالها في كتاب “الأسطورة الذهبية” الذي الفه “يعقوب الفرازي Jacopo da Varazze” اسقف جنوة عام 1260م تقريبا، و تقص هذه الرواية كيف أن القديس جورج قد سافر إلي بلدة تدعي “سيليني” في “ليبيا” و قد كانت هذه البلدة تعاني من تنين شرس قد بني عشه في الطريق إلي عين الماء التي تمد المدينة بالمياه العذبة، مما اضطر اهل البلدة إلي أن يقدموا احدي بناتهم كأضحية للوحش يوميا، و كانوا يختارون الفتاة التي ستصبح اضحية للتنين عن طريق القرعة، و ذات مرة وقعت القرعة علي الأميرة ابنة ملك المدينة الذي حاول انقاذ ابنته بلا جدوي، فتم اقتيادها و تقييدها ليلتهمها التنين، و لكن صادف مرور القديس جورج الذي حمي نفسه بدرعه الذي يحمل علامة الصليب و طعن التنين برمحه في حلقه حتي قتله و انقذ الأميرة و البلدة التي عبرت عن امتنانها لجندي المسيح الذي انقذها بنبذ الوثنية و اعتناق المسيحية، و يقدم مصدر اخر قصة مختلفة قليلا لكيفية قتل التنين و اعتناق الأهالي للمسيحية حيث يقول ان القديس قد طعن التنين و لم يقتله و بعد ان طعنه طلب من الأميرة حزامها فأعطته له حيث قام بتطويق رقبة التنين به كالرسن، ثم قام بأقتياده إلي المدينة و هناك اخبر الأهالي الفزعين من منظر التنين أنه سيقتله إذا اعتنقوا المسيحية، ففعلوا ثم قام القديس بقتل التنين، و قد اضافت بعض الأساطير البريطانية المتأخرة أن القديس قد اصطحب الفتاة و هاجر إلي بريطانيا حيث تزوجوا و عاشوا في سعادة، و هذا النسق من النهايات كان معروف في السير الأوروبية في العصور الوسطي و هذا يفسر سبب تلفيق هذه النهاية.



تحتوي هذه القصة علي العديد من الجوانب الرمزية حسب التفسير المسيحي لها، فالتنين هنا يرمز للشيطان و في نفس الوقت يرمز أيضاً للوثنية و القديس يرمز إلي الخير الذي يسحق الشيطان و في نفس الوقت هو ممثل المسيحية التي سحقت الوثنية تحت اقدامها، و الأميرة ترمز للبشر الذين انقذتهم المسيحية من الشر و الخطيئة المتمثلين في الوثنية، و من المثير للذكر انه يوجد بعض التفسيرات لأيقونة القديس جرجس و التنين تذكر أن السيدة الموجودة في الصورة ليست أميرة مدينة سيليني بل هي الملكة زوجة الأمبراطور دقلديانوس التي اعتنقت المسيحية علي يد القديس كما ذكرنا، و يبدو أن هذه مجرد محاولة لربط قصة التنين بقصة عذابات جرجس و استشهاده.
... يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماريشال: هل تريدون أوروبا إسلامية أم أوروبا أوروبية؟


.. بعد عزم أمريكا فرض عقوبات عليها.. غالانت يعلن دعمه لكتيبه ني




.. عضو الكنيست السابق والحاخام المتطرف يهودا غليك يشارك في اقتح


.. فلسطين.. اقتحامات للمسجد لأقصى في عيد الفصح اليهودي




.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال صبيحة عي