الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العقلانية والروحانية لدى الديني واللاديني والمادي 2/2

ضياء الشكرجي

2018 / 11 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


العقلانية والروحانية لدى الديني واللاديني والمادي 2/2
ضياء الشكرجي
[email protected]o
أشرت في الحلقة الأولى إلى نصين قرآنيين؛ مشيرا إلى أنهما يشتملان على معنى جميل، تألق فيهما مؤلف القرآن، ألا هما «إِنَّما إِلهُكُم إِلهٌ واحِدٌ فَاستَقيموا إِلَيهِ وِاستَغفِروهُ»، وفي نص «يا أَيُّهَا الإِنسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدحاً فَمُلاقيهِ»، وهنا أتناول ما يمكن أن نستوحي من النصين أكثر من معنى جميل، أوردها كالآتي.
الله وحده المطلق، ولمن لا يؤمن به، فلنتصور المطلق المثال الأعلى في عالم التجريد، ويبقى الإنسان يمثل وجودا نسبيا، لكنه يمتلك القابلية على السير التكاملي باتجاه المطلق دون بلوغه، لاستحالة تحول النسبي إلى مطلق، فهو أي الإنسان «يستقيم [في سيره] إلى الله»، و«يكدح إليه» في مسيرة تكاملية في خط الاستقامة؛ هذه الاستقامة النسبية التي ليس من ضمانات ألا يعتريها شيء من الاعوجاج والانحراف عن الخط المستقيم، بسبب عناصر الضعف المتأتية من حدوث حالات من ارتفاع منحنى النزعة الأنانية للإنسان المستقيم، وحالات هبوط لذلك المنحنى، مما يستوجب مواصلة التصحيح في كل مرة؛ هذا التصحيح المعبر عنه بعبارة «وَاستَغفِروهُ»، وذلك عبر إبقاء الضمير حيا ومتوقدا ليمارس الإنسان بواسطته الرقابة الذاتية، التي تصطلح عليها الأدبيات الدينية بالتقوى والورع. فالإنسان كما يعبر القرآن أيضا مخلوق من جهة من (طين) الأرض، ومنفوخ فيه من جهة أخرى من (روح) الله، أو روح المثل الأعلى أيا كان، وذلك حسب النص القرآني: «... وَبَدَأَ خَلقَ الإِنسانِ مِن طينٍ، ... ثُمَّ سَوّاهُ وَنَفَخَ فيهِ مِن رّوحِهِ ...». فكون الله «بَدَأَ خَلقَ الإِنسانِ مِن طينٍ»، طبعا دون اعتماد قصة خلق آدم وحواء، إلا على مستوى الرمزية، أي من مادة الأرض والماء، تعبير عن البعد المادي في الإنسان، وكون الله قد «نَفَخَ فيهِ مِن رّوحِهِ» تعبير عن البعد الروحي فيه. من هنا أقول عسى أن يكون الإلهي اللاديني هو القادر أكثر من غيره على أن يعيش الروحانية، دون الغلو بها إلى حد الوقوع في الهلوسة الغيباوية، وأن يعيش العقلانية، دون أن تحوله عقلانيته إلى حالة من الجفاف والتصحر الروحي. بل هذا ما يمكن أن يحققه الملحد رغم عدم إيمانه بالله، إذا كان مؤمنا بالمثل العليا.
وأخير لا بد من ملاحظة، ألا هي إن استشهادي بنصوص قرآنية هنا، ليس من قبيل اتخاذي للقرآن مرجعية لي، بل للإشارة بكل تجرد وموضوعية إلى مواطن التألق فيه، رغم الإيمان العميق بوجوب تنزيه الله من نسبة أي من الأديان وكتبها (المقدسة) إليه، تألقت آيات جماله، وتقدست صفات كماله، وتنزهت محامد ذاته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - 1تحية إلى الأستاذ ضياء الشكرجي
عبدالرزاق دحنون ( 2018 / 11 / 20 - 09:17 )
يرجع إلى فيلسوف المعرة كشف النقاب عن سر مجهول يخالف ما عليه الناس. فالدين والروح متخالفان.
كيف ذلك؟
أقول لك: الدين علاقة حسية بإله مجسم, صنم مرئي وملموس عند الوثنيين, ورجل جالس على العرش عند السماويين. ومن هنا الجوهر الحسي البدني للشخصية الدينية. إن رجل الدين يحمل عقيدة دنيوية في مجمل تفاصيلها التي تشمل العالم الآخر, لأن الآخرة نعيم مادي حسي يتمتع به الجسد ويكون مكملاً لنعيم الدنيا أو معوضاً عنه. وليس للروح ما تفعله في هذه العلاقة الحسية.


2 - تحية إلى الأستاذ ضياء الشكرجي
عبدالرزاق دحنون ( 2018 / 11 / 20 - 09:19 )
وقد انتبه فيلسوف المعرة إلى المنحى اللذائذي للشخصية الدينية بينما رسم بتجربته الخاصة صورة النقيض الروحي للحكيم. فقد أكد أن التقاء المرء بربه واعترافه به وتقربه منه هو قاعدة التقائه بنفسه وتعرفه على قواه المعنوية وتماهيه مع أقرانه وتفجير عواطفه الايجابية. ومن ثم تكوين الجماعة كمرتكز لقرابة روحية طوعية أخوية ونفي السلطان والشرك أي عبادة الملك أو القوة كمصدر للقهر والاستعباد بمعنى لا سلطان حقيقي لأحد على أحد, لأن بهجة الروح هي الحرية, ولا اعتراف بسلطة إلا لله, ولا عبودية لغير الله. ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وقالوا المالك للشيء مملوك له ومن أراد الحرية فليخرج من ملكوت الرغبة. وهذا يعني نزع الشرعية نهائياً عن أي سلطة. فهل كان الدين حركة ثورية بالمعنى العميق للكلمة؟



3 - تحية إلى الأستاذ ضياء الشكرجي
عبدالرزاق دحنون ( 2018 / 11 / 20 - 09:37 )
في لزومية من فيلسوف المعرة ينظر فيها للألوهية كافتراض ناتج عن الجهل بسر الخلق. يقول:(صنعة عزت الأنام بلطف/ وعزتها إلى القدير العوازي) عزت الأنام أي أعجزتهم عن معرفتها. ويُشير بالصنعة إلى العالم. ويشمل هذا البيت على أحد أهم الأفكار الأساسية التي تعامل بها الفلاسفة عن منشأ فكرة الخالق. ولعل فيلسوف المعرة أول من صرَّح بها إذ لم أجدها فيما اطلعت عليه من مذاهب الصين واليونان. أما في العصر الحديث فنجدها في الماركسية التي عرَّفت الدين بأنه انعكاس وهمي للعالم, ناشئ من العجز, في الأدوار المبكرة للوعي البشري. وقد أُعيدت صياغة الفكرة من جانب الشاعر العراقي المتفلسف جميل صدقي الزهاوي بالاستناد, كما أُرجح, إلى لزوميات فيلسوف المعرة إذ لم يكن له اطلاع على الماركسية. قال الزهاوي يخاطب الإنسان في بيتين من أطرف وأعمق ما نظم:
(لما جهلت من الطبيعة سرها/ واقمت نفسك في مقام معلل...صورتَ ربَّاً تبتغي حلاًّ به/ للمشكلات فكان أعظم مشكل)
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.


4 - الدين لايملك حقيقته في ذاته
حميد فكري ( 2018 / 11 / 20 - 20:59 )
يقول السيد عبد الرزاق دحنون في تعليقه الثاني (وهذا يعني نزع الشرعية نهائياً عن أي سلطة. فهل كان الدين حركة ثورية بالمعنى العميق للكلمة؟ )
اقول إن طبيعة الدين ,هي الإزدواجية في الخطاب وفي المضمون . وبما أنه شكل من أشكال الوعي الإجتماعي ,فهو حتما سيكون حقل من حقول الصراع السياسي (الطبقي) يتغير مدلوله ومحتواه تبعا لتغير الموقف من هذا الصراع نفسه .وهذا ما يجعل الرؤى تختلف بشأنه من طبقة إلى آخرى ومن فئة إلى آخرى .
فمنهم من يحوله إلى أداة للتغيير , في لحظة تاريخية من ذلك الصراع ,فيراه ثوريا ,ومنهم من يحوله إلى أداة للحفاظ على الواقع وإعادة إنتاجه .في لحظة تاريخية آخرى من ذاك الصراع .
الدين إذن لا يملك حقيقته في ذاته ,لأن حقيقته تتغير بتغير من يمتلكه .
مع كامل تحياتي للسيد ضياء الشكرجي

اخر الافلام

.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت


.. #shorts - Baqarah-53




.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح