الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الظاهرة العراقية ومعالجة سلبياتها

فلاح أمين الرهيمي

2018 / 11 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


إن أية ظاهرة في الوجود تكمن وراء ظهورها أسباب وعوامل أما أن تكون إيجابية أو سلبية فإذا كانت إيجابية يجب المحافظة عليها والتمسك بها وتطورها. أما إذا كانت سلبية يجب معالجتها والقضاء عليها بسرعة لأن إهمالها وتركها تصبح مرض مزمن عضال من الصعوبة معالجتها والقضاء عليه. وحقيقة الظاهرة العراقية التي استمرت خمسة عشر عاماً عندما نستعرض مسيرتها كانت إفرازاتها سلبية بدلاً من معالجة ما ورثته من النظام الدكتاتوري الدموي المنهار السابق فإن سلبياتها قد تراكمت فوق ما ورثته من سلبيات النظام الصدامي السابق وحتى كثير من أبناء الشعب العراقي قد تناست تلك السلبيات الماضية لما لمسته وعاشته من سلبيات للنظام الحالي من فساد إداري ومحاصصة طائفية ومحسوبية ومنسوبية باسم الدين والعشيرة.
كما هو واضح ومعلوم أن المدخل لمعرفة حقيقة أية ظاهرة في الوجود تأتي من خلال المعلومات المستخلصة من الواقع الموضوعي والتجربة التي مرت بها وما أفرزته من آثار سلبية كانت أم إيجابية وعلاقتهما بالسبب والنتيجة التي نشاهدها ونلمسها على حياة الشعب التي تتمحور في الأسس التربوية (البيت والمدرسة وسلطة الحكم) إن الحالة السياسية والاقتصادية التي استحوذت وجثمت بكابوسها على صدوراً كثيرة من أبناء الشعب العراقي جعلت المجتمع العراقي يتكون من طبقتين الأولى أتخمها الفساد الإداري والمحاصصة الطائفية والطبقة الأخرى الفقيرة والمسحوقة وأكثريتهم يعيشون تحت مستوى الفقر دفعتهم هذه الظروف إهمال أولياء الأمور لأبنائهم والركض وراء توفير لقمة العيش لهم ولعوائلهم حتى أن كثير منهم سحبوا أبنائهم من كراسي الدراسة من أجل مساعدتهم في توفير لقمة العيش ومتوفرات الحياة الأخرى فأصبح هؤلاء الأبناء أما عتالين في الأسواق أو يبيعون أكياس النايلون في الأسواق وقسم منهم أصبحوا متسولين فأندمج هؤلاء الأولاد مع المنحرفين والشاذين من السائبين والمتشردين مدمنين على المخدرات التي انتشرت بينهم وتدخين السكائر والنركيلة وقسم منهم أصبحوا أشرار من اللصوص وقطاع الطرق والإرهابيين مما جعل العائلة العراقية تتفكك وسائبة لعدم وجود سلطة أبوية تراقب وتحاسب وترعى الأبناء.
أما المدرسة فأصبحت بدون تربية وتعليم لتأثرها بإفرازات الجامعات والكليات التي كان طلابها يسهرون الليل والنهار في الدراسة وطلب العلم إلا أنهم حينما يتخرجون من الكليات يستقبلهم مستنقع البطالة بدلاً من المصانع والمؤسسات للعمل والاستفادة من خبرتهم وشهاداتهم العلمية كثير من هؤلاء الخريجون يحزمون حقائبهم ويغادرون وطنهم العراق ويوظفون علمهم وخبرتهم في خدمة الدول الأخرى أو يبتلعهم البحر ويصبحون طعماً إلى الحيتان والسمك فغرق بالبحر الأبيض المتوسط العشرات منهم وكثير من عوائلهم المسكينة لا تعلم أين أبنائهم وفي أي أرض يعيشون.
أما سلطة الحكم (الدولة) فقد فتحت أبوابها للمحظوظين من أبناء أنصار المحاصصة الطائفية والعشيرة مخالفة للقاعدة (الرجل المناسب في المكان المناسب) لأن السلطات اكتشفت عشرات الشهادات المزورة التي كثير من مزوريها قد ارتقوا مناصب رفيعة في الدولة (المضحك المبكي) أن عدد أفراد الدولة في أنظمة الحكم السابقة لا يتجاوز عددها (ثمانمائة ألف موظف ومستخدم) أما الآن فقد بلغ وتجاوز عددهم الخمسة ملايين موظف ومستخدم وقد ساد في أكثرها الفساد الإداري (والفضائيين) أولئك الموظفين الذين يحظرون إلى دوائرهم عند استلام رواتبهم فقط..!!
أول الأسباب وأهمها التي غرزت السلبيات في الأسس التربوية التي تعتبر العامود والوتد الرئيسي في نشوء وتربية الإنسان وبناء المصداقية والعلاقة الحميمه بين أفراد الأسرة الواحدة وبين التربية والتعليم والطالب وبين المواطن والدولة (سلطة الحكم). إن أسبابها عدم توفر (الثقة) والحساسية نتيجة الظروف والأوضاع الغير طبيعية وغير صحيحة وعدم الاستقرار والطمأنينة والمصداقية بين رب الأسرة وأفراد عائلته و (ألمربي) المعلم والمدرس التي جعلت المدارس الحكومية بدون تربية ولا تعليم ونلاحظ ذلك ونشاهده من خلال الأعداد الكبيرة في المدارس الأهلية لمختلف المراحل. أما الدولة (سلطة الحكم) توزع الوعود والتمنيات على الشعب في الخدمات ومكافحة البطالة والفقر منذ تأسيسها قبل خمسة عشر عام. الكهرباء لو بادرت الدولة في وضع (حاجة) واحدة في معمل إنتاج الطاقة الكهربائية لتوفير عندنا الآن عدة معامل وكذلك المؤسسات والمنشآت الأخرى. وقد اضطرت جماهير الشعب بالتظاهر منذ عدة سنوات تذكر الدولة بوعودها للشعب في توفير الخدمات وغيرها إلا أن ما يؤسف له كانت الدولة تصم آذانها ولا تعطي أهمية وأذن صاغية لجماهير الشعب الذي يعاني من سوء الخدمات والفساد الإداري والمحاصصة الطائفية والفقر والبطالة وفي الحقيقة كانت الدولة منذ خمسة عشر عاماً وإلى الآن دولة أزمات لجميع مطالب الشعب إن الخلل موجود في كيان الدولة العراقية لعدم وجود الرجل المناسب في المكان المناسب والأفكار وسياسة الدولة تكونت حسب قاعدة المحاصصة الطائفية (أنصر أخاك في المذهب أو الطائفة ظالماً أو مظلوم) مما جعل الحساسية وعدم الثقة هي السائدة في المجتمع العراقي ونتيجة لهذه القاعدة الكارثية فسح المجال للدولة الأخرى التدخل في شؤون العراق وأصبحت سياسة الدولة تسيرها وتوجهها مصالح الدول الأخرى وليس سياسة تنبعث من مصالح العراق وطناً وشعباً ولذلك نلاحظ أن كثير من المسؤولين يحملون ليس فقط جنسية وطنه العراق وإنما يحملون إضافة إلى جنسيتهم الوطنية جنسية استراليا وبريطانيا وأمريكا وفرنسا وغيرها من الدول .. !!! رب سائل يسأل لمن يكون ولاء ذلك المسؤول الرفيع في الدولة العراقية؟ هل يكون لوطنه العراق الذي ولد فيه وتنسم هوائه العطر وشرب من ماءه العذب وتغذى من خيراته ولاءه أم إلى دول أخرى .؟ لقد تعددت الولاءات لهذا الإنسان في الإخلاص والوفاء ونكران الذات والتضحية. الشعب يطالب بإنسان يغرد مع الشاعر الذي قال :
بلادي وإن جارت علي عزيزة وأهلي وإن شحوا علي كرام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحة وقمر - قمر الطائي تجرب التاكو السعودي بالكبدة مع الشيف ل


.. لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس




.. بعد 200 يوم.. كتائب القسام: إسرائيل لم تقض على مقاتلينا في غ


.. -طريق التنمية-.. خطة أنقرة للربط بين الخليج العربي وأوروبا ع




.. سمير جعجع لسكاي نيوز عربية: حزب الله هو الأقوى عسكريا لأنه م