الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شارع الرشيد ....هل هو أهمال متعمد ...أم ماذا !؟

زهور العتابي

2018 / 11 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


قادتني قدماي يوما إلى مديرية التقاعد العامة لتصحيح ماحصل من أخطاء في الراتب التقاعدي.. وبعد المراجعة تبين أني من ضمن المجموعة التي نقلت أضابيرها الى الفرع الجديد في شارع الوثبة لذا كان لزاما علي أن اعبر جسر الشهداء سيرا على الأقدام حيث منعت المركبات من السير على هذا الجسر رواحا ...عبرت الشارع ولدا وصولي الى الجانب الاخر هالني جدأ ما رأيت !! فوضى عارمة في كل مكان مع أني سبق وأن مررت بهذا المكان قبل سنتين وأكثر ولكني لم أره بهذا السوء والأهمال !! الأزبال تفوق حد الوصف مكدسة هنا وهناك بشكل رهيب وتراها أكثر للأسف الشديد عند قدمي ( تمثال الرصافي )وكأني به يستنجد ليقول ( أيها الناس..تذكروني واذكروا تاريخي وارحموني )...لا أبالغ ان قلت أن المكان ينقلك تماما الى العصور الوسطى وماقبلها ..الإهمال يفوق حتى التسمية ..فوضى فريدة من نوعها عربات تسير وفي كل الاتجاهات محملة بالبضائع المكتضة ولا أدري والله كيف للعامل أن يدفعها... وما أن تسير ماتلبث أن تصطدم بواحدة منها ...الأرصفة لايمكن للمارة السير فيها أبدا كونها تحولت الى مكان للباعة المتجولين وبمختلف البضائع ..وهنا الغريب بالموضوع... فما أن تسير تقتحم مسمعك عنوة تلك الأصوات التي تتعالى من هنا وهناك ولو كانت تلك الاصوات تأتيك على لسان أصحابها لكانت تهون ولكنها كانت تنبعث من تلك التسجيلات التي اعتمدها البائعون للترويج عن بضاعتهم والتي لا تهدأ أبدا لانها مسجلة بطريقة الاستمرارية !! والأدهى أنك ملزم أن تسمعها كلها وفي أن واحد فتحدث ضجيحا في اذنيك يفوق الوصف ويفوق قدرتك على التحمل ...تسجيلات لاتتوقف ....وبلارحمة تناااااديك .....
جواريب أربعة بالف ....جواريب أربعة بالف ..جوااا وتتتداخل هذه النغمة مع أخرى ..جدااحات عشرة بالف ...جداحات عشرة بالف ... عشرة بالف ..عشرة بالف جدااحات ..و....ولا أدري كيف ؟ وأي جدحات تلك التي عشرة بألف..!؟.ههههههه ...
ويأاتيك صوت أخر أقوى ...وأسرع
حاجة بالف... حاجة بالف حاجة بالف ..بلاش ..بلاش...حاجة بالف ... حاجة بالف ....حاااااا ....!!!!
وهكذا دواليك ...وحينما تنظر الى الباعة تراهم يجلسون بكل هدوء واسترخاء خلف (العرباين ) منهم من هو مشغول بالموبايل وآخر (يكرز حب) وعيونه تتفحص المارة .....هؤلاء الباعة (آخر زمان) لم يكلف أحدهم نفسه عناء الترويج لما يبيعه بل التسجيلات هي من تنوب عنه ولكثرة هذه التسجيبلات وعلوها لايمكن أن تتركك بسلام فتداخلها معا يحدث ضحيحا في أذنيك يشعرك بالقرف من نفسك ومن حولك و حتى من حياتك التي تعيشها فتهرع سريعا للهروب من هذا المكان ..فأنا والله لم اتمالك نفسي أبدا ..تألمت جدا وذقت ذرعا بما رأيت ..حتى بكيت ...نعم بكيت لحال هذا الشارع وانا على يقين أن من يراه بعد طول سنين سيذرف الدموع حزنا وأسفا لاسيما من عاصر وعاش عصره الذهبي يوم أن كان يزهو بحلته.. وبأهله ورواده ..هذا الشارع هو جزء لايتجزا من شارع الرشيد الذي يمتد من باب المعظم وحتى ساحة النصر كان من أقدم وأرقى شوارع بغداد بل هو قلب بغداد له تاريخه الكبير الذي طالما سار عليه الملوك والوزراء وكتب عنه بإسهاب الكثير من الكتاب والأدباء وتغنى به اشهرالشعراء...كان يزهو بالعوائل العراقية والتي كانت لاتفارقه الى ساعات متأخرة من الليل لما فيه من محال ومطاعم ومحلات ومقاهي بغدادية مميزة لها اسمها وتاريخها كمقهى الزهاوي ومقهى ام كلثوم ..وأجمل ماكان يميز هذا الشارع هو كثرة دور السينما كسينما بابل ..والنصر .غرناطة .روكسي .و.و....واذكر كم من مرة كان الوالد يسطحبنا لتك الدور ويحجز لنا ( لوج ) مخصصا للعوائل.. فبكل خطوة كنت أخطوها ذلك اليوم كانت تحضرني تلك الذكريات الجميلة التي كانت تجمعنا بهذا الشارع ...تذكرت كيف كنت وشقيقتي نأتي هذا المكان وشارع النهر لنشتري كل مانحتاجه من أغراض ولوازم الخياطة والتطريز وكل مايلزمنا من مشتريات ...كل شيء كان فيه رائع وجميل..الان تغير تماما .لم يعد كما هو..ترى مالذي حصل !؟ من المسؤول عن كل هذا الأهمال وتلك الفوضى !؟ صحيح أن التردي بالخدمات بات ظاهرة عامة بعد التغيير وشملت كل مرافق الحياة بالعراق وليست العاصمة فقط بل كل محافظات العراق لكن شارع الرشيد غير...قل نظيره بالأهمال !! حالة مزرية خاصة تفوق الوصف وليس لها شبيه ابدا فمناطق العراق الأخرى لايمكن أن تكون بهذا السوء والتردي والإهمال !! ترى أين دور الحكومة !؟ أين دور أمانة العاصمة !؟ فحال الرشيد (يبجي فعلا ) وهذا مما دعاني الوذ بنفسي من الألم وأهرب بعيدا فاخذت أول سيارة أجرة لاحت لي من بعيد واتجهت حيث شارع الوثبة ....وهناك أتممت المعاملة وبعدها خرجت وأخذت سيارة أجرة لأعود وبت انظر عبر النافذة لتلك الشوارع وذاك الزحام وتلك الفوضى ولسان حالي يقول...شارع الرشيد...أين أيام زمان وعصرك الذهبي أهكذا وصل الحال بك !؟ وأنا بتلك الحالة من التأمل والألم قفز إلى مخيلتي ذاك الحوار الذي دار بيني وبين صديقتي منذ سنين حينما كنا نتحدث عن الحال المزري للعراق ولشارع الرشيد حصرا ...قالت صديقتي التي تختلف معي بالمذهب ( وعذرا أقولها ) قالت لي مازحة حبيبتي أم فروتي حكومتكم متريد شارع الرشيد ينهض ...وداعتج هيه تتعمد يكون بهالصورة وهسة تشوفين راح يصير بعد أتعس ولو بيد الحكومة الا تحوله إلى مكب للنفايات تعرفين ليش لان اسم على اسم هارون الرشيد !!! الي همه يموتون منه وضحكت ..هههههههه. هكذا قالت فعارضتها وقتها ..وبشدة ..الان بعد ما رأيت ..تسائلت ..معقوووول !؟ هل يعقل أن حكومتنا تفكر هكذا ..أنا لازلت أشك في هذا !! أم ما قالته قد يكون صحيحا ..كيف !؟ و...وان كان هذا صحيحا وهو ما تفكر به حكوماتنا المتعاقبة حقا !! لما لاتغير اسمه...كأن تعيد له اسمه السابق ( خليل باشا جادة سي ) أو أن تستحدث له اسما جديدا فتجعله (شارع الديمقراطية ) مثلا وتأتي بكل ما في تلك الدول الديمقراطية المتحضرة من رجال أعمال وخبراء في مجال التراث المعماري لتعيد لهذا الشارع التاريخي الأصيل روحه ورونقه وبهحته كما تفعل كل الدول لمدنها التاريخية وشوارعها المهمة..التسمية لاتهم ..المهم أن نولي أهتماما كبيرا بهذا الشارع الذي يمثل جزء مهما من تاريخ وصروح العراق العظيم وننتشله من حالته المزرية هذه ..وإذا تقاعست الحكومة وتوانت بإحياء تاريخها وترددت في النهوض بأهم شوارعها كشارع الرشيد فلنقرأ عليها وعلى العراق وعلى الديمقراطية السلام ......!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله ينتقم لمقتل 3 من قادته وإسرائيل تحشد ألوية عسكرية ع


.. التصعيد الإسرائيلي الإيراني يسحب اهتمام الغرب من حرب غزة




.. الأردن يؤكد أن اعتراضه للمقذوفات الإيرانية دفاعا عن سيادته و


.. رئيس وزراء قطر: محادثات وقف إطلاق نار بغزة تمر بمرحلة حساسة




.. تساؤلات حول أهلية -المنظومة الإسرائيلية الحالية- في اتخاذ قر