الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مباحث في الاستخبارات (142) الاستخبارات البحرية

بشير الوندي

2018 / 11 / 22
الارهاب, الحرب والسلام


مباحث في الاستخبارات (142)

الاستخبارات البحرية

بشير الوندي
------------
مدخل
------------
تعد البحرية من ابرز الصنوف والضلع الثالث الاساس لتشكيل الجيوش (بري , جوي , بحري) , وتتكون البحرية من مختلف الصنوف بحسب حجمها كخفر السواحل والدفاع الساحلي والطيران البحري والبرمائيات والفرقاطات والبواخر والاساطيل والمدفعية الساحلية والهندسة البحرية والغواصات.
ان للقوة البحرية استخبارات كحال باقي اصناف الجيوش , الا ان اهتمام الدول بقواتها البحرية في الحروب الحديثة انعكس على اهمية العمل الاستخباري البحري , حيث تعمل الاستخبارات البحرية على جميع المستويات فهي مطلوبة كاستخبارات ميدان وقتال وايضا على المستوى التكتيكي والاستراتيجي وصناعة القرار , وغالباً مايرتبط العمل الاستخباري البحري بالتعامل التقني العالي.
وصارت الدول المتقدمة تختار قواعدها العسكرية لتكون مطلة على البحر , اي انها تختار قواعدها العسكرية ضمن اولوية البحر , ولعل الامداد اللوجستي من البحر هو الاسهل والاكبر والاسرع , فالعمليات اللوجستية في الحروب الاكبر كانت من خلال البحر, وصارت الدول المتقدمة تنقل صواريخها وطائراتها الحربية على الاساطيل , وبالتاكيد , فانها نقلت مراكز استخباراتها الفنية بشكل كبير ضمن الاساطيل.
----------------------------------------
الواجبات الاستخبارية البحرية
----------------------------------------
ان الغالب في الاستخبارات البحرية هو الجانب الفني اي الاستخبارات الفنية بكافة انواعها كالرادار والتنصت والحرب الالكترونية والطيران التجسسي والطيران بدون طيار والتشويش , اي ان الاستخبارات الفنية هي الطاغية في ادوار الاستخبارات البحرية.
ان حركة قطاعات العدو ومايجري في قواعده البحرية بات من أخطر واجبات اﻻستخبارات , فالاستخبارات تهتم في البحر بالمعلومات عن السواحل والجو وفوق سطح الماء وتحته , ولاينحصر تحرك الاستخبارات البحرية ضمن الحدود البحرية الوطنية بل يتعداه الى المياه الدولية , حيث تعمل الاستخبارات البحرية على مراقبة الحدود البحرية والبحث على بناء القوة في البحرية لدول الجوار ودول العدو والعدو المحتمل , بالاضافة الى واجبات مراقبة التسلل البحري والتهريب , لذا تؤسس الدول خطوط دفاعية بحرية بتكنلوجيا عالية اضافة الى الدوريات البحرية والجوية لحماية الحدود البحرية.
كما ان امتزاج الحدود البحرية بالعمل المدني للمواني والتجارة والنقل وقربها من القوات البحرية مما يستدعي العمل الاستخباري في مجالي التجسس ومكافحة التجسس معا , بالاضافة الى ان اعمال التهريب للسلاح والمخدرات والبضائع الممنوعة وغيرها جعل التعاون الاستخباري ضروري جداً مابين الاستخبارات البحرية والاستخبارات الجنائية .
ان مساحة عمل الاستخبارات البحرية التقليدية تتم من خلال مخبرين من خلال الصيادين المحليين ومخبرين في الموانىء والطائرات بدون طيار والدوريات البحرية والرصد البشري ( راصد ) والرادارات والتنصت والمعتقلين من الصيادين للدول الاخرى الذين يدخلون المياه الوطنية بلا اذن والمصادر في سلاح العدو ومراقبة المناورات البحرية لدول الجوار .
اما عن التجنيد , فان الاستخبارات البحرية تستهدف تجنيد عناصر في بحرية العدو او العدو المحتمل للتعرف على اخبار ومعلومات الطرف المستهدف , الا ان تجنيد شخص في البحرية هو من اصعب حالات التجنيد لانه يعمل ضمن مكان محدد ضمن زورق عسكري او غواصة او موقع بحري مما يجعل التواصل صعباً جداً مع المصدر, لذا يكون التجنيد غالباً في اوساط منتسبي القواعد البحرية الثابتة .
اما عن العمليات , فيستخدم البحر والاستخبارات البحرية في عمليات تهريب وادخال سلاح ومواد متفجرة لادارة الصراعات بالنيابة في دول العالم , كما تقوم الاستخبارات البحرية بالتمويل والخدمات اللوجستية للاستخبارات الخارجيه في التقاط بعض الزوارق ضمن اماكن محددة لمصادر مهمة وترتيب لقاءاتها على البحر, اي العمل على شكل مثابات متحركة بعمليات انزال سرية بحرية لعملاء سريين , بالاضافة الى تدريب العناصر سراً على متن الزوارق العسكرية قرب السواحل البحرية للبلد الهدف , كما ان محطات التشويش صارت جزءاً من السفن البحرية , كما ان التجسس عبر القطعات البحرية بات متطوراً للغاية لاسيما عبر الغواصات التي اصبحت قواعد تجسسية بامتياز.
-----------------------------
الغواصات التجسسية
-----------------------------
تعتبر الغواصات هي من ابرز اسلحة البحرية رعبا وسرية , وكان لها دوراً عظيماً في الحرب العالمية الثانية , وحيث كانت المعارك البحرية من اصعب واشرس المعارك التي تتم بين طرفين , لان الطرفين محددين بمكان صغير وان كبر حجمه , ومن اشهرها ما حدث في الحرب العالمية الثانية والتي اراد الالمان معالجة عجزهم التقليدي في البحر وقوة بريطانيا وامريكا بالمقابل , فلجئوا الى سلاح الغواصات في حرب دامت سنتين استطاع الالمان فرض سيطره على البحر بعد ما كان البحر لصالح بريطانيا بفضل سلاح الغواصات والاستخبار الدقيق من خلال الجزر والمواني المطلة على البحر , فكانت الاستخبارات تتحصل على حركة البواخر والسفن الحربية والتجارية وتذهب المعلومات الى قيادة البحرية لترسل الى الغواصات الالمانية التي تهاجم في كل مكان.
الا ان سلاح الغواصات تطور حديثاً ليصبح سلاحاً استخبارياً وتجسسياً بقدر ماهي سلاح رادع , حيث تقوم الغواصات بدوريات استطلاع واستكشاف بسرية وكتمان وتقترب وتبتعد من الاهداف بمرونة وكتمان , بل وتستخدم الغواصات احيانا في المشاركة بعمليات استخبارية تشمل نقل عملاء . كما ان من اهم اساليب جمع المعلومات في البحر يتم استخدام الغواصات.
كما ان اغلب الدول التي تمد شبكتها العنكبوتيه تحت البحار هي عرضة للتجسس المستمر من خلال غواصات تجسس , وتشير التقارير الدولية الى ان الغواصات النووية الأمريكية تعمل كمقار متحركة للتجسس على شبكات الإنترنت للدول الأخرى , وبالاخص الغواصات المتقاعدة من العمليات الحربية الامريكية التي أصبحت مقرات متنقلة لشن حرب عبر شبكات الإنترنت ضد الأعداء من أعماق المحيطات.
ولفتت المواقع الاستخبارية المتخصصة إلى أن القيام بالتنصت على الانترنت للدول الأخرى لا يمكن أن يتم بواسطة أقل معدات السطح حجما لأنه سيتم اكتشافها لكن وسيلة التجسس الجديدة التي تمثلها الغواصات تستطيع تنفيذ المهمة عن قرب من تحت الماء , وان استخدام الغواصات في عمليات التجسس بدأ منذ تسعينيات القرن الماضي , لكنها أصبحت أكثر تطورا في الوقت الراهن حيث اصبح رصد اشارات التجسس والاشارات الاستخباراتية من صلب مهام الغواصات في الأسطول الأمريكي حيث يكون الجهد الاستخباري البحري متوارياً تحت الماء , لاسيما مع المراقبة عبر الاقمار الصناعية العالمية للبحار والمحيطات , مما جعل التجسس عبر الغواصات مثالياً.
---------------------
البحرية العربية
---------------------
ان الجيوش العربية ليست متقدمة في مجال القوات البحرية باستثناء دولة مصر التي تمتلك قوات بحرية كبيرة نسبياً , لكن اغلب الدول العربية تفتقد سلاح الغواصات بشكل عام , وقد لا تمتلك الجيوش العربية مجتمعة ما تمتلكه ايران او تركيا من الغواصات (ايران تمتلك ٣١ غواصة) .
اما العراق فان بحريته تقليدية فقيرة , بسبب وجود ساحل بحري محدود ٥٨ كم فقط مما يجعل اطلالة العراق على البحر محدودة , ومع ذلك فإن العراق يعاني من تهريب النفط ومشتقاته ودخول بضائع بلا ترخيص ومخدرات وسلاح وبضائع تالفة وغيرها , مما يتطلب سلاح بحري فعال للحد من تلك الخروقات , فلابد من امتلاك بحرية او على الاقل خفر سواحل مع استخبارات تعمل ضمن منظومة الاستخبارات العسكرية وتحاول منع التهريب والتسلل ونقل البضائع وحماية الصيادين وتحقيق امن النقل البحري ضمن منطقة موانيء البلد والمنطقة الدولية .
-------------
خلاصة
-------------
ان العمل الاستخباري البحري بات حديثاً يدخل في كافة العمليات الاستخبارية ومسانداً قوياً لها , فصار البحر هو الحامل للجيوش البرية وقواتها النخبوية بالاضافة الى الطائرات والمعدات العسكرية الثقيلة , كما صارت الهجمات البحرية بالصواريخ تتسبب في انهيار حكومات وتثبيت اخرى , كما اصبحت القواعد البحرية هي التي تصنع السياسات وتثبت وتقتلع الحكومات , ومثالها في دور قاعدة دييوغو غارسيا والسيلية والعيديد في اسقاط صدام , ودور قاعدة بانياس في تثبيت الاسد الى الان في سوريا .
ومن هنا صار العمل الاستخباري البحري هو الاخر في تطور موازٍ مع تطور الادوار الخطيرة للقوات البحرية الدولية , وهو دور نتمنى ان تلتفت اليه قوات الجيش العراقي ليتناسب مع موقعه الاستراتيجي وحجم التحديات وكارتلات العصابات بالرغم من الاطلالة البحرية المحدودة , والله الموفق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا