الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شيخ الأزهر لا يرغب في التجديد

سمير زين العابدين
(Sameer Zain-elabideen)

2018 / 11 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في ذكري المولد النبوي هذا العام 2018, تحدث شيخ الأزهر, كلمته (مراسميا) كانت تسبق كلمة رئيس الجمهورية, وهو علي دراية تامة بما يدور في ذهن الرئيس وقد صرح به مرارا, وهو علي دراية أيضا بما يموج به المجتمع الواعي والمثقفون والتنويريون وأصحاب الفكر, من رغبة عارمة وإرادة قوية, ليتطور المنهج الديني بما يناسب العصر, وليتطهر من العنف والكراهية ورفض الآخر, وليسود السلام والوئام بين أبناء الوطن, ولتمحي الصورة المسيئة التي انطبعت في أذهان العالم عن الإسلام, والذي قادنا اليها الإسلام السياسي الباحث عن الحكم والسيطرة, وليتفرغ المواطنون لإصلاح حاضرهم وبناء مستقبلهم.

ولأن شيخ الأزهر لم يبد أي رغبة في تطوير النهج الديني, قرر أن يكون دفاعه من خط متقدم جدا, مدّعيا أن المطلوب هو إستبعاد السنة النبوية والمرويات عن الرسول بأكملها, وسرد التاريخ لذلك مشككا (كعادته) في الداعين للتجديد محذرا منهم ولهم.

لم يتطرق شيخ الأزهر للتطوير, وهو أمر متوقع, بل أنه لم يطرح رؤيته في كيفية إنقاذ المجتمع من براثن الفهم المغلوط للقرآن والسنة, وتجديد النهج الديني, مع الإحتفاظ (كما يريد) بكامل الأحاديث والمرويات, ولكنه إكتفي بالرفض والتحذير من المساس بها والنظر فيها, وهنا نخلص الي أن رأيه هو أن ما بذل قديما من جهد في مجال الحديث قد تم وأكتمل, وقد قام عليه رجال ثبت من علم الرجال (الذي امتدحه كثيرا) أنهم ثقات لا يخطئوا ولم يأتوا بباطل, مهما خالف ذلك العقل, وطبيعة الأمور, وإختلاف الظروف الزمكانية, والأهم من ذلك واقع التجربة العملية التي مارسناها طوال أربعة عشر قرن من الزمان, وما آل اليه حال المسلمين كنتيجة لهذه التجربة, مقارنة بأحوال باقي البشر علي وجه الأرض.

شيخ الأزهر لا يرغب ولا يريد تطويرا, ويقاوم أي جهد له, وقد أوضح ذلك, بإغفاله عمدا طبيعة التطوير المطلوب, والذهاب بنا بعيدا لنغرق في وهم إستبعاد السنة وإهمالها, وهو أمر غير صحيح بالمرّة, حتي وإن تبناه قلّة, لا تحسب علي المجموع, الذي يطالب بتنقية التراث (بما فيه الأحاديث) لا بإلغائه, وتطوير الفقه (الفهم) القديم, بفقه يناسب العصر, يكون قادرا علي إنتشال المسلمين من براثن التخلف والطائفية والعنف والكراهية.

كما أن هناك هناك بعد سياسي هام علينا التطرق له, فالأزهر بصفته أحد المؤسسات الرسمية بالدولة, يحصل علي اعتماداته من الموازنة العامة للدولة, يتحتم عليه أن يكون له دورا واضحا ومحددا في عمليات الإصلاح والبناء, وقد لا نري له دورا أكثر أهمية في الوقت الحاضر من التعامل مع السلبيات المترتبة علي الفهم الخاطئ للدين, والتي تعوق عمليات الإصلاح والبناء, وتضر بالاستقرار والسلام المجتمعي, وعليه لا يجوز أن يكون الأزهر منفصلا عن السياسات العامة للدولة, مستقلا بسياسته الخاصة, وهي سياسة تؤثر سلبا في الهدف القومي التي اجتمعت الأمة علي تحقيقه.

قد يكون شيخ الأزهر محصنا ضد العزل بالدستور, ولكن هناك الكثير من الإجراءات المالية والإدارية يمكن للنظام الحاكم اتخاذها (اذا توفرت الإرادة السياسية), تكون قادرة علي إيقاف العناد وتلافي التأثير السلبي للأزهر, أقربها علي سبيل المثال نقل المدارس والمعاهد الأزهرية والكليات (غير الدينية) الي نظائرها في التعليم الرسمي للدولة, وخفض الموازنة وقصرها علي الضروريات, ومنع المساعدات والتبرعات الخارجية, والغاء التنظيمات غير الدعوية التابعة للأزهر, وغيرها الكثير...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حكاية -المسجد الأم- الذي بناه مسلمون ومسيحيون عرب


.. مأزق العقل العربي الراهن




.. #shorts - 80- Al-baqarah


.. #shorts -72- Al-baqarah




.. #shorts - 74- Al-baqarah