الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتقال من الاستبداد الناعم إلى الاستبداد المطلق

مراد زهري
(Mourad Zahri)

2018 / 11 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


في الوضع السياسي الراهن ومهام المرحلة

بحلول السنة الجديدة، تكون قد مضت عشرون سنة من حكم محمد السادس (1999-2019)، الذي يمكن توصيفه بالانتقال من الرمادي إلى الأسود حسب استعارة عنوان أحد كتب الراحل أبراهام سرفاتي، وبلغة سياسية مباشرة: الانتقال من الاستبداد الناعم إلى الاستبداد المطلق.
تميزت السنوات الأولى بنوع من المرونة مع الحزم في الحفاظ على ثوابت النظام، عبر استثمار الموارد الإستراتيجية التي عبئها نظام الحسن الثاني قبل وفاته، التي تجلت أساسا في إنهاء الصراع التاريخي مع القطب التقدمي من الحركة الوطنية، من خلال إشراكه في "حكومة التناوب" سنة 1998، والانتقال السلس للسلطة من الملك الراحل إلى الملك الجديد، وقد تم تأطير هذه الفترة تحت شعارات براقة، مثل "العهد الجديد" و"الانتقال الديمقراطي" و"المفهوم الجديد للسلطة" التي أفضت إلى تصفية بعض الملفات الحقوقية والسياسية (عودة المناضل السرفاتي من المنفى، فك الحصارعن زعيم جماعة العدل والإحسان:عبد سلام ياسين، عزل الطاغية إدريس البصري، إنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة، إحداث قانون جديد للأسرة) وقد انتهت الفترة الممتدة من 1999 إلى 2007، بفشل التناوب المخزني، وانطلاق مسلسل جديد عنوانه البارز هو: تركيز قواعد الحكم الجديد عبر هيكلة المجالين السياسي والقانوني للدولة، والانخراط الدؤوب في سياسات نيو-لبرالية مملاة من المراكز الإمبريالية، عمقت التركيز الاحتكاري للسلطة والثروة في قطب والبؤس الاجتماعي والثقافي في قطب آخر، هذا من جهة، والاستبداد المطلق في مواجهة النضالات والانتفاضات الشعبية (انتفاضة صفرو سنة 2007، انتفاضة بزاكورة سنة 2008 وبالعيون سنة 2010، والتي توجت بحركة 20 فبراير سنة 2011 ) ثم الحراكات الشعبية التي انطلقت مع أزمة حكومة الإذعان العثمانية سنة 2016 في كل من الحسيمة وجرادة وأوطاط الحاج وزاكورة وفي كل مكان، من جهة أخرى. على ضوء ذلك، ما هي معالم الوضع السياسي الراهن والآفاق التي يفتحها للنضال الشعبي؟
التسويق الجديد للنموذج التنموي
رغم الفشل الدريع لنموذج التنمية الرأسمالية الرثة الذي طبقه النظام المخزني خلال الفترة السابقة، فهو اليوم يحاول القيام بتسويق جديد لنفس النموذج لكن بمواصفات وآليات جديدة ، وهو ما يكرس عالميا تحت مسمى "النيو-لبرالية".
بالعودة إلى مشروع قانون المالية لسنة 2019، وبناء على المعطيات المرقمة والأهداف المطروح ترجمتها، يتأكد للملاحظ أن "النموذج التنموي الجديد" هو في المحصلة الأخيرة ذو توجه برجوازي افتراسي، يرتكز على ثلاثة أعمدة رئيسية:المناولة من الباطن ، الخوصصة، ثم الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، وهو توجه اقتصادي ومالي نيو-لبرالي، فهذه الأعمدة الثلاثة تنتمي لنفس حركة تحويل المسؤوليات السابقة التابعة للدولة إلى الفاعلين الاقتصاديين في القطاع الخاص، سواء تعلق الأمر تحت شكل البيع الكلي أو الجزئي للأنشطة العمومية، عبر عقود موجهة لانتداب مهام أو بالأحرى شركاء يعرفون(برفع الضمة) من جديد مسؤولية الدولة والفاعلين الخواص، ذلك أن المناولة من الباطن وخوصصة موارد الدولة تمثل إعادة هيكلة للثروة العمومية، بما ويتماشى مع المزيد من الافتراس لصالح البرجوازية الاحتكارية والإمبريالية ، أما الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، فرهانهما الأكثر تحديدا لا يرتبط بإمكانية تغيير الشركاء ولكن يتميز بالدرجة الأولى بمعرفة اقتسام المخاطر والأرباح بين الشركاء، هذه الأعمدة الرئيسية تشكل البراديغم الجديد الذي يعكس مضمون "النموذج التنموي الجديد" إنه بجملة واحدة تسليع كل شيء وتنمية الرأسمال المحلي والأجنبي بدون حدود، بغض النظر عن الآثار الكارثية التي يسببها على الإنسان والقيم والبيئة، في ظل الشروط القاسية التي تعيش تحت كنفها الجموع الغفيرة من الشعب المغربي.
المعارضة الشعبية لنموذج التنمية الجديد
في مواجهة هذا المشروع التخريبي لكل المكتسبات الاجتماعية، الذي سيأتي على الأخضر واليابس مما تبقى من كرامة المواطن(ة)، تنخرط أفواج كبيرة من ضحايا التعسف والاستغلال في موجات كفاحية بطولية في مختلف مناطق المغرب النافع وغير النافع،إلا أنها مشتتة وغير منتظمة في إطارات تنظيمية موحدة وشاملة، مما يعرضها لقمع همجي، ومن ثمة الالتفاف عليها.
إن تكسير الحلقة المفقودة ،بين تطور النضال الشعبي وبين اكتماله ،في أشكال أو أدوات تنظيمية قارة وحاسمة في إنتاج القيمة المضافة ،هو ما يستعصي ،في الظروف الملموسة ،لمكونات اليسار المناضل ،من بلوغه،
الشيء الذي يفترض إعادة النظر في مجمل التجارب التنظيمية ،والتسلح بما يكفي من الخلاصات السياسية ،ذات العلاقة بالتجارب التي نجحت ،أوتلك التي لم تسعفها ملابسات وشروط النضال في ظل القمع الأسود الذي عشنا فصوله وتلظينا بناره خلال القرن الماضي.
لم تعد الحركات الاحتجاجية تقتصر فقط على إدانة النظام الممعن في تسلطه، ولكنها تظهر معارضة سياسية مباشرة عن طريق التجريب:مقاطعة بضائع بعض شركات الريع والاحتكار نموذجا، استثمارا لملاعب الرياضية للتعبير عن إدانتها لنظام قمع الحريات والحرمان من العمل والتعليم، خلق منصات النقد المنهجي للسياسات النيو-لبرالية على مستوى التواصل الاجتماعي، خلق شبكات تنسيقيات للنضال حول قضايا اجتماعية أو بيئية، اعتصامات أمام مقرات العمل، عرائض للساكنة حول تدبير الماء والطرقات، انتفاض التلاميذ حول التدبير الأعمى للمؤسسات التعليمية. وهي في كل ذلك تسعى إلى بلورة الصيغ التنظيمية والتعبوية القادرة على توحيد كافة الشرائح الاجتماعية المقصية من نظام الإنتاج، والباحثة عن صيغ جديدة لتدبير عمومي ديمقراطي، يسمح بولوجها درجات متقدمة من الرقي الاجتماعي والثقافي والحضاري. هنا يثار السؤال حول مكان المثقف، ودوره في التعبئة الاجتماعية، من خلال أنماط المشاركة المختلفة ،من أجل الرفع من وتيرة العمل الفكري، بصفته تجربة في المعارضة الموازي لمختلف أشكال المعارضة، و الذي يشكل في المرحلة الراهنة الترياق الذي يجعل من مبادرات الجماهير ذات أمل تحرري وقابل للتحقق.

في مهام المرحلة

في مقابل هذه اللوحة تبرز القوى المعارضة للحقل الرسمي بشقيها الإصلاحي والثوري، كأنها تعيش حالة من الغموض والارتباك في رسم خطة سياسية للخروج من هذا الاحتباس السياسي، ومرد ذلك في اعتقادنا يعود إلى غياب الحوار السياسي فيما بينها، والجرأة في إعلان مبادرات سياسية تسمح بالمواجهة الحقيقية للمشاريع الرجعية التي تنفد على قدم وساق، والتي ستعقد من أساليب النضال في حال تنفيذها مستقبلا، لقد أضحت الضرورة السياسية تستدعي من كافة القوى المعارضة الانخراط بدون هوادة في بلورة خطة نضالية على قاعدة برنامج للإنقاذ الوطني، عنوانها البارز النضال من أجل انفراج سياسي، وفي مقدمته إطلاق سراح كافة المعتقلين السيايين والقادة الميدانيين للحراكات الشعبية مع تلبية مطالبها الاجتماعية التي ناضلت من أجلها، وإسقاط قانون المالية لسنة 2019 باعتباره يكرس المقاربة الأمنية على حساب المقاربة الاجتماعية، والنضال من أجل عدم الإفلات من العقاب في الجرائم الاقتصادية والسياسية والكشف عن الحقيقة كل الحقيقة عن المختطفين ومجهولي المصير، واسترجاع الأموال المنهوبة، والنضال ضد اقتصاد الريع والاحتكار ورفع الضريبة على أرباح الشركات الاحتكارية، وتخفيض الضريبة على المواد الغذائية و مدا خيل المستخدمين والموظفين الصغار والمتوسطين وتحديد الحد الأدنى للأجور الذي يحفظ الكرامة، وتطهير الإدارة من المفسدين والانتهازيين، والمساواة التامة بين الجنسين في كافة المجالات، وتوفير الولوج إلى الخدمات العمومية خاصة التعليم والصحة، والخروج من الاتفاقيات المذلة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية ، وسحب القوات العسكرية من حرب اليمن الظالمة،، وبجملة واضحة تغيير الدستور بشكل ينهي نظام الحكم الفردي المطلق ويؤسس لنظام ديمقراطي يسمح بتداول السلطة وإنعاش الحياة السياسية.
هذا ما أورده الرفيق الصالح و اللبيب الفالح hassan saib








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استقطاب طلابي في الجامعات الأمريكية بين مؤيد لغزة ومناهض لمع


.. العملية البرية الإسرائيلية في رفح قد تستغرق 6 أسابيع ومسؤولو




.. حزب الله اللبناني استهداف مبنى يتواجد فيه جنود إسرائيليون في


.. مجلس الجامعة العربية يبحث الانتهاكات الإسرائيلية في غزة والض




.. أوكرانيا.. انفراجة في الدعم الغربي | #الظهيرة