الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(اتفضل الحس)

محمد الذهبي

2018 / 11 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


(اتفضل الحس)
محمد الذهبي
دخل احد المعلمين الى الصف وهو يحك صلعته بقوة، فانبرى له احد الطلاب وقال: أستاذ يقولون ان علاج الصلع هو أنْ تجعلَ بقرةً تلحسُ رأسك، فانحنى المعلم ليقدم صلعته له وهو يقول: (اتفضل الحس)، كثيرة هي المشاكسات التي يتلقاها المعلم من الطلاب، خصوصاً بعد أن أمنوا العقاب في الخمس عشرة سنة الماضية، المعلم انسان سيىء الحظ فهو دخل مدخلاً صعباً، وكيف لا وهو يريد أن يؤدب المصر على المشاكسة ويعدل اعوجاج من تربى على العوج وحده بلا مساعد او معين لا من أسرة الطالب ولا من دوائر التربية المتخصصة، بل على العكس جميع من يتسلم منصباً في وزارة التربية او في مديرياتها ينسى انه كان معلماً في يوم من الأيام ويبدأ بصب جام غضبه على هذا المكتوي بنار المجتمع الجاهل، وآخر ما تفتقت عنه عقليات العباقرة في وزارة التربية تجربة بريطانية رصد لمثيلتها في العراق اكثر من 16 مليون دولار، وهذه التجربة تسمى بتجربة تقييم اللجان الخارجية، حيث يتقاضى من يعمل فيها أجور النقل وربما يتقاضون عن فترة بقائهم في المدرسة ما يتقاضاه الموفد خارج العراق، هؤلاء يعرفون الخلل في تلكؤ وفشل العملية التربوية، ويعلمون ان القرارات التي تصب في مصلحة الطالب وتعتمدها الوزارة هي ليست في مصلحة الطالب، نظام الكورسات والدور الثالث ونظام الاستضافة وإلغاء العقوبة، والركض وراء المتغيبين عن الامتحانات والذهاب الى بيوتهم وامتحان من تخلف منهم، والتساهل مع من يتجاوز على المعلم بكلمة نابية، وأخيرا نعت المعلمين بالمطايا، هذه حصيلة كبيرة لم يكن المعلم سبباً من أسبابها، ولم يكن من واضعي أسسها، وهذه اللجان هي لجان روتينية تبحث عن زلات المعلم، ومن ثم الكتابة عنه لتأخير الترفيع الذي لم يره منذ سبع او ثماني سنوات، او توجيه عقوبة او نقل الى الأطراف، كل الإشراف والتفتيش والتدقيق هو على المعلم والطالب يبقى بلا مراقبة او تدقيق.
اليوم قرأت بيتين من الشعر هما بمثابة اختصار لكل مشكلات التعليم في العراق، وكذلك فهي اختصار لتدني أداء وزارة الصحة، حيث يقول الشاعر:
إنَّ المعلم والطبيب كلاهما...........لا ينصحان إذا هما لم يكرما
فاصبرْ لدائك إنْ أهنتَ طبيبهُ.... واصبرْ لجهلكَ إنْ جفوتَ معلما
هذا هو أساس المشكلة وليس دفتر المتابعة ولا الخطة اليومية او الخطة السنوية التي أتعبت المشرفين وجعلتهم لا يعرفون سوى الخطط التي لا تغني عن جوع، الحمامات ودفاتر الخطة، هذا ما يشغل بال المسؤولين في وزارة التربية ، أما المشكلة الرئيسة فهم يصمون سمعهم ويغلقون عيونهم عنها والتي يلخصها الجاحظ بالآتي:
قال الجاحظ: مررت بمعلم ويهو يقرىء صبياً: ( وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا، وأكيد كيدا)، فقلت: ويحك أدخلت سورة في سورة، فقال: نعم عافاك الله، إذا كان أبوه يدخل شهراً في شهر، فأنا ادخل سورة في سورة، فلا آخذ شيئاً، ولا ابنه يتعلم شيئاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيول دبي.. هل يقف الاحتباس الحراري وراءها؟| المسائية


.. ماذا لو استهدفت إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية؟




.. إسرائيل- حماس: الدوحة تعيد تقييم وساطتها وتندد بإساءة واستغل


.. الاتحاد الأوروبي يعتزم توسيع العقوبات على إيران بما يشمل الم




.. حماس تعتزم إغلاق جناحها العسكري في حال أُقيمت دولة فلسطينية