الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ترامب يعيدنا الى عصر الغابة والتخلى عن قيمة الأخلاق

حمدى حمودة

2018 / 11 / 24
مواضيع وابحاث سياسية



لو عدنا بالتاريخ الى الوراء ، الى العصور الأولى ، العصر الحجرى وشريعة الغاب وتتبعنا عادات وسلوك الأنسان وقتئذ ، لوجدناه أشبه بسلوك الحيوانات التى كان يتعايش معها وقتها ، لاقيم ولا أخلاق ولا عرف ، انما عادات وتقاليد ولا فوارق بينهما فى مأكلهم وملبسهم وكلامهم ، فاللغة بينهما مشتركة ، والا ماكانوا استطاعوا التعايش مع بعضهما البعض .
واذا ما قارنا الأمس باليوم فى لغة الحوار والتوافق بين رئيس دولة عظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبين حكام الجزيرة العربية أو بلاد الحجاز ، لوجدنا التقارب والتشابه بينهما كبير جدا ، فكلاهما تخلى عن القيم ، خاصة قيمة الأخلاق التى بنيت عليها الحضارات منذ احدى عشر سنة قبل الميلاد ، فالأول بعد أن عرى نفسه تماما وجرد نفسه من كونه رئيس لدولة عظمى تمتلك أكبر اقتصاد فى العالم وأكبر جيشا عددا وعدادا وعلماء فى شتى نواحى وأفرع العلم وشركات عملاقة عابرة للقارات ، ليصبح مجرد تاجرا لاهم له غير الصفقات المالية التى تعد بالمليارات متخليا عن القيم والمبادئ التى بها تحكم الدول وتبنى العلاقات بينها وبين كل دول العالم من دبلوماسية وسياسة واقتصاد واستراتيجية وأسس اجتماعية وعلمية وتربوية وصحية وفنية ، كل هذا لايعنيه فهو لايعرف غير لغة الصفقات المالية متخليا تماما عن أى سلوكيات وقيم أخلاقية حتى لو كان الثمن التحيز للباطل والبعد عن الحق .
أما الثانى فهم من حكموا بالسيف وجز الرؤوس بعد أن وضعوا فقها اسلاميا جديدا يتفق مع مآربهم ومصالحهم الشخصية من أجل الحفاظ على عروشهم الى ما لا نهاية متخلين عن القيم الأخلاقية بعيدين كل البعد عن العلم والمدنية ولا هم لهم غير الحكم بشريعة الغابة ، فان لم تكن تحت امرتى وسلطانى ، فوجب عليك سفك دمك ، وسفك دم كل عشيرتك وأتباعك حتى لو كانوا دولا لاقبائل ، طوعوا الأسلام فأسسوا بناءا عليه جماعات تكفيرية ارهابية متشددة الى حد الزندقة متفقين مع كل ما يملى عليهم من أتابعهم المخولين بحفظ عروشهم وممالكهم مقابل المليارات التى كانت تدفع من قبل فى الخفاء ثمنا لهذا ، الى أن جاء من يساوم علنا بدون أى حياء ولا خجل هاذيا مرتجلا ( نحن نحمى عروشكم مقابل ما نفرضه عليكم من أموال هى حق لنا ، أنتم تمثلون البقرة الحلوب التى تدر الأموال بالليل والنهار ولنا فيها النصف الى أن يجف حليبها فوجب علينا قتلها ) فهل فى ذلك أدنى شك فى أنهما باعا القيم والدبلوماسية والعرف السائد بين الدول والرجوع الى عصر الغابة التى يأكل القوى فيها الضعيف دون أى رحمة أو شفقة أو مودة تنم عن انسانيته ، لقد أصبح الطرفان متشابهين لحد التطابق ، فكلاهما لايعرف غير لغة المال ومبدأ المنفعة وشريعة الغاب والوحشية والفجر فى القتل لحد مص الدماء وتقطيع الأجسام وتذويبها ، كلاهما لايحسب أى حساب للخالق الذى مكنهما من الحكم واعتلاء العرش ، ولا يضعان أى اعتبار لحد القصاص عندهما أية قيمة ، فهم الذين يطبقون هذا الحد على كل من يختلف معهم أو يعارضهم أفرادا كانوا أم دولا ، ألم نرى بالأمس القريب ما فعله بوش الأبن النرجسى المعتوه بحاكم وشعب العراق ، ألم نرى اليوم ومنذ 2011 ما قام به التحالف الأمريكى الذى تترأسه الرياض بشعب اليمن من هدم وقتل وتشريد ومقابر جماعية وابادة كاملة لأطفال ونساء وشيوخ وآثار ومساجد وكنائس ومعابد ، ألم نرى ما حدث بسوريا التى تمسكت قيادتها وجيشها وشعبها بالزود عن الوطن والموت فى سبيله حتى حققت النصر والحاق الهزيمة بأعتى جماعات تكفيرية أسستها الصهيوأمريكية بأموال خليجية لهدم وتقسيم دول الشرق الأوسط من أجل بقاء الكيان الصهيونى قطبا مهيمننا ووصيا على البلدان العربية والأسلامية ، ألم نرى ونسمع ما حل بليبيا من خراب بعد أن دمرها الناتو وواشنطن ودول خليجية أنفقت المليارات من أجل تقسيم وتجزئة كل هذه الدول .
اليوم ترامب الذى يهذى بعقلية الأطفال والمتستر على كل هذه الجرائم البشعة التى تحدث بالشرق الأوسط بلغة المنفعة ، لاهثا وراء شهوة المال ، واضعا خلفه انتماؤه للوطن ، أصبحت الولايات المتحدة وراؤه ، يدافع بكل قواه عن الرياض وحكامها لدرجة السقوط فى مستنقع اللافهم ، عندما يقول بالأمس ( لولا الجزيرة العربية ، ماكانت اسرائيل ) بفضلها وبتمسك حكامها على بقائها وتمكنها من التوسع من أجل تحقيق اسرائيل العظمى من النيل الى الفرات كل هذه السنين ، هم وأتباعهم يعملون معى على تحقيق صفقة القرن ، لقد بذلوا شوطا كبيرا يقدر لهم ، فكيف لى أن أتخلى عنهم حتى لوكان ولى العهد مدان أو غير مدان ؟؟ علاوة على ما منحوه لنا من مليارات من أجل تقوية الأقتصاد الأمريكى وما منحوه لى ولعائلتى من هدايا قيمة !!
اذن ما هى الدواعى التى تستلزم أيا من الطرفين أن يتمسك بالقيم الأخلاقية التى لاوجود لها فى ذلك العصر الذى وصلت فيه المدنية والتكنولوجيا الى أكبر أمجادها ، هل التمسك بالقيم والمبادئ الأنسانية بين الأفراد وبين الدول بعضعها وبعض قد أصبحت جريمة فى هذا الوقت ؟ ان ما نراه ونسمعه من مثل هؤلاء ، انما يعطينا مثالا على اننا فى طريقنا الى انهيار كل القيم والأخلاق التى تستوجب حسن العلاقات الأنسانية بين الناس وبين الدول ، والدليل على ذلك المجاعة والأوبئة الفتاكة والمآسى التى تنفطر لها القلوب فى الحرب القذرة على أطفال وشعب اليمن ، والجميع ينظر اليها دون شفقة ولا رحمة وكأنهما انتزعا من قلوب البشر ، لا أنساب ولا أرحام ولا ثواب ولا عقاب ، ولا للأنا الأعلى ( الضمير الألهى) عند كل انسان أو كل دولة كبرى كانت أوصغرى أى وجود أو اتبار .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام


.. حكومة طالبان تعدم أطنانا من المخدرات والكحول في إطار حملة أم




.. الرئيس التنفيذي لـ -تيك توك-: لن نذهب إلى أي مكان وسنواصل ال