الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خيارات السلام وإختبار التفاوض

سعد محمد عبدالله
- شاعر وكاتب سياسي

2018 / 11 / 25
الارهاب, الحرب والسلام



السلام، هدف إستراتيجي لإعادة بناء السودان من جديد بعد سنوات حرب شعواء شنتها السلطة ضد السودانيين، وأدت تلك الحرب لأسوء حالات الفقر والدمار وبؤس في كافة أوجه الحياة، ومع دعوة شركاء ووسطاء السلام للفرقاء السودانيين للعودة إلي التفاوض بغية التوصل لتسوية تزيل مأساة ومعاناة الملايين نرى ضرورة تشخيص السلام الذي يجب تحقيقه والتفاوض لأجله علي أرضية صلبة وأسس متينة خاصة في ظل إختلاف الأراء والروئ بين المعارضيين السودانيين حول شروط وسقوف السلام، لذلك نحتاج لإستجماع بيانات وحيثيات عن كل المواقف والمبادرات المطروحة ومناقشتها بجدية عالية، كما نحتاج لإتخاذ مواقف مبدئية حاسمة تجاه خيارات السلام وكيفية إجتياز إختبار التفاوض بكل تعقيداته.

اولا. لا بد من تثبيت الموقف المبدئي المتمثل في العمل علي تحقيق سلام شامل وعادل يضمن بناء دولة الحرية والمواطنة والديمقراطية وذلك بمخاطبة جزور المشكلات الوطنية وحلها بشكل شامل، ويجب الإبتعاد عن التسوية الجزئية التي تنتهي بمحاصصة المناصب لتكرار نسخة آخرى من حوار (قاعة الصداقة) الذي أجراه النظام مع أتباعه وسط دعاية إعلامية كثيفة لماركة سياسية منتهية الصلاحية سميت بالتزوير المعلن (حكومة وفاق وطني) فما لبست إلا شهور معدودة حيث عاد النظام ونسف توصياته وحل حكومته بسياسة (الترقيع) ولم يحقق تقدم يذكر للسودان بل ساهم في المزيد من كبت الحريات وتكميم الأفواه وإنتشار الفقر جراء التدهور الإقتصادي والأمني، ويعتبر تكرار تجربة فاشلة ومريرة بمثابة فشل آخر سيلحق الضرر بحاضر ومستقبل الدولة والشعب السوداني، لذلك لا يجوز الصمت او الإكتفاء بالشجب والتنديد بل يجب تنظيم حملات مقاومة حقيقية تدعوا للتغيير الشامل.

ثانيا. التسوية الشاملة والعادلة لا يمكن أن تحدث في ظل تصاعد محاولات عزل او إقصاء بعض القوى الوطنية السياسية والمدنية التي تعبر عن المكونات الشعبية المهمشة سياسيا وثقافيا وإقتصاديا، ولا يمكن الإنفراد بمحاورة مكون سياسي دون الآخر وفقا للمصالح الضيقة وطبقا لنظرة ونظرية النظام لتقسيم المعارضة وتجزئة القضايا لتسهل عملية السيطرة والتقزيم، فلا خيار للتفاوض والسلام الحقيقي بشكل عام إلا بمحاورة الجميع وفق أسس ومرجعيات يتم الإتفاق عليها لتؤسس الحوار الجاد والمثمر، كما لا يمكن حدوث سلام دون مناقشة ومعالجة مسببات الحرب، فالمنابر المفتوحة من أديس أبابا إلي جوبا وجوهانسبيرج والدوحة وبرلين جميعها قابلة لطرح أجندة السلام الموحدة للحل الشامل، وهنا تكمن أهمية وحدة قوى المعارضة وتنسيق مواقفها تجاه قضايا الوطن، وإن كان لا بد من تعدد منابر الحوار فلتكن أوزان القضايا بمقايس متساوية، وأينما كانت منصات الإنطلاق سنحلق ونهبط بتسوية سياسية شاملة وعادلة تحقق الديمقراطية وتجلب الماء والطعام والأمن والإستقرار لكل سكان السودان دون فرز.

ثالثا. امامنا ورقة إختبار وطني وتاريخي بها خيارات النجاح والفشل، ولكل خيار أجوبة محددة ودرجات مقدرة ستكون محصلات ونتائج طبيعية تتحملها كل فئة حسب ما قدمته وما صنعته من مواقف، فما تزرعه اليوم تحصده غدا، والمنطق يقول اما أن نحقق سلام شامل وعادل يحل مشكلة السودان ككل او سلام جزئي يحقق محاصصات محدودة، فالسلام الشامل يخاطب القضايا الإنسانية قبل السياسية، والمطالبة بدولة المواطنة الموحدة لا دولة العرق الواحد، وتنمية الريف والمدن المريفة لا إستعادة سيطرة المركز وسطوته علي موارد وقرار شعوب الهامش، وإسترجاع حقوق المهمشين وإقرار الإستفتاء لتطبيق الحكم الذاتي بصلاحيات تشريعية واسعة لا تقرير المصير لأجل الإنفصال، والمطالبة بحق الحياة للإنسان وحقوق المرأة والطفل وحرية الرأي والفكر والعقيدة كحقوق إنسانية وأخلاقية ودستورية وتنص عليها كافة المواثيق والأعراف الدولية، والتنادي الوطني للإتفاق علي أهمية قيام المؤتمر القومي الدستوري لتحقيق السلام الشامل وطرح مقترح قيام المؤتمر الإقتصادي السوداني بمشاركة خبراء الإقتصاد وشركاء السلام وأصدقاء السودان الإقليميين والدوليين لبحث كيفية النهوض باقتصاد البلاد وتنمية الهامش ورفع مستوى الدخل الفردي.

رابعا. المداخل الصحيحة للسلام والوحدة تتمثل في رفع الظلم السياسي والإقتصادي والثقافي عن السودانيين وتحقيق العدالة وإيجاد دستور يضمن حقوق متساوية لكل المواطنيين، ويكمن الحل في تفكيك دولة الحزب الواحد اما بتسوية سياسية شاملة وعادلة او بانتفاضة شاملة وإضراب عام وفي كل الحالات الهدف الرئيسي هو بلوغ التغيير والتحرر وبناء دولة المواطنة والعدالة وحماية الحقوق السياسية والمدنية بموجب قانون منصف، وتأتي أهمية التغيير في دولة تفتقر لأبسط مقومات الحياة الكريمة لإنسانها الذي يعاني الفقر والتشرد وتسلط السلطة بكل أجهزتها البوليسية، وتلح الحوجة لإعادة هيكلة مؤسسات الدولة بمنهج جديد حتى تستوعب دماء جديدة وتعبر عن طموح وتطلع كافة السودانيين، نحتاج لأجهزة تشريعية وتنفيذية فاعلة لا فساد فيها ولا مفسدين وتحكمها قوانيين تحقق مصالح المواطن اولا وأخيرا، وكل ذلك مرهون بوحدة قوى التغيير والتحرر وقوة الحراك السياسي والمدني والعمل الثوري الجماهيري والطرح الجاد لقضية السودانيين في المنابر الدولية، فالتغيير الجزري هو السبيل الأمثل لوحدة ونهضة وتطورة الدولة السودانية، والتغيير هو مفتاح لعلاقات دولية جديدة تحكمها مصالح مشتركة حرة لا المحور الإيدلوجي، فعالم اليوم يحتاج لسياسات واقعية تؤمن المصالح الإقتصادية والسياسية والأمنية بوعي دبلماسي عابر للإيدلوجيات، إذ لا نفع لإنتصار إيدلوجي علي حساب مصالح الشعب، وهذا ديدن الحركة الإسلامية كتنظيم دولي يسعي لتحقيق أهدافه علي حساب الشعوب خاصة مع وصوله للسلطة كما في حالة السودان باعتباره الشاهد الأكبر لفشل هذه الجماعة، وخطورة بقاء النظام الحالي لا تنعكس علي السودان وحده بل تتعداه لتطال المحيط الإقليمي الغارق في الصراعات وهذا يحتم علي السودانيين تحمل مسؤلية إحداث التغيير بدعم من كافة شركاء الهم والمصير من أجل مستقبل أفضل للسودانيين ولسواهم.


سعد محمد عبدالله
25 نوفمبر - 2018م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت