الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حنة أرندت فيلسوفة الحب و الحق.. نموذج المثقف القادر على الجهر بمواقفه المخالفة للسلطة ..!!

علي المسعود
(Ali Al- Masoud)

2018 / 11 / 25
سيرة ذاتية


حنة أرندت فيلسوفة الحب والحق..
نموذج المثقف القادر على الجهر بمواقفه المخالفة للسلطة ..!!

علي المسعود

بعد مشاهدتي لفيلم السيرة الذاتية لجانب من حياة الفيلسوفة الالمانية " حنة أرندت " أزداد شغفي في التعمق بدراسة دراسة حياتها وقراءة بعض ما انجزته في مجال التنظير في السياسة و التاريج .
ما يهم في قصة حنة ارندت هي نموذج المثقف القادر على الجهر بمواقفه المخالفة للسلطة والجماهير رغم مايكتنف ذلك من مخاطر ومعارك ومعاناة جسيمة. المثقف الذي يحكّم أخلاقه ومبادئه وينحاز للحق والخير والجمال، بلا اكتراث للعاطفة والشيفونية التي تسيّر الجموع وترسم خط تصرفاته هذا هو المثقف الحقيقي . تعتبر الفيلسوفة الألمانية حنا آرندت من أهم فلاسفة القرن العشرين، ومن
رموز الفلسفة السياسية. آمنت( أرندت ) بفلسفة الحب والأخلاق، وأنجزت بحثاً أكاديمياً في قراءة فلسفة القديس أوغسطين في الحب من زاوية وجودية. لم تكن حنة آرندت إنساناً عادياً، فلم تكن حياتها حياة عادية ورتيبة بل كانت حياة مليئة بالأحداث والأسفاروالأعمال ، فلقد كانت فيلسوفة ومفكرة بكل معنى الكلمة، وإن لم تكن ترغب في أن تسمى كذلك، فلقد كانت تفضل أن تسمى منظرة للسياسة والتاريخ لا فيلسوفة لاتصال هذا الكلمة بالتجريد المغالي والميتافيزيقا, و لهذا السبب قد ارتأت أن تسمى منظرة ومؤرخة واقعية لا فيلسوفة لما ترشح به هذه التسمية من ابتعاد عن الواقع وانغلاق صلب للتجريد والنظر. ولذلك لم يحصرها احتراف الكتابة في عالم نظري ومجرد، بل على العكس من ذلك، فقد جعل منها ممثلة لنوع من التنظير جذّره في الواقع التاريخي والسياسي، وربطه عميقاً به باعتباره معيناً ومنبعاً لأفكارها: فجاءت أغلب كتاباتها واقعية وعملية مستقاة من التاريخ الواقعي كلاسيكياً قديماً كان أو معاصراً كذلك دونما إغفال للنظر التحقيقي والاختباري. لقد كانت "حنة أرندت " أمرأة مفكرة من الطراز ألاول. وهي كاتبة فذّة ومنظرة عميقة مالت عن تاريخ الفلسفة بالمعنى التقليدي، ولم تسأم الكتابة والتأليف الى حد أنها كتبت كتباً ثلاثة في ظرف أربع سنوات ما جعل منها امرأة مثقفة ومفكرة وناشطة سياسية كرست حياتها للتفكير والتدريس وللشأن السياسي، الذي لم يفصلها عنه سوى الموت؛ وهو ما خصصت له حياتها ومن أجله سافرت مراراً وتكراراً لإلقاء الدروس والمحاضرات . وإذا كان كتابها “أصول الحكم الشمولي”يعتبر من أهم مرجعيات الفلسفة السياسية في القرن العشرين و يضعها في لائحة أهم مفكريه’ فإن” أيخمان في القدس”قد أثار منذ صدوره ضجة صاخبة في كل الأوساط و حتى ا لأكاديمية منها’ وعرضها لزوبعة من الانتقادات بلغت حد اتهامها بإدانتها لبعض اليهود و كراهية شعبها .
هل يمكن للإنسان أن يفعل الشر دون أن يكون شريرًا بالضرورة؟ هذا هو السؤال الذي تصارعت معه حنا آرندت مرجع الفلسفة السياسية في القرن العشرين، في سنة 1961 عندما أرسلت من قبل صحيفة النيويوركر لتغطية محاكمة القائد النازي كارل أيخمان المسؤول عن تنظيم نقل ملايين اليهود وغيرهم إلى معسكرات الاعتقال المختلفة .
وجدت أرندت أن أيخمان كان سطحيًا، لم يكن منحرفًا ولا ساديًا، ولكنه “طبيعي بشكل مرعب”. لقد تصرف دون أي دافع غير تعزيز مهنته في البيروقراطية النازية. لم يكن أيخمان وحش غير أخلاقي، قام بأعمال شريرة دون نوايا ودوافع شريرة. لم يدرك أيخمان ما كان يفعله بسبب “عدم القدرة على التفكير من وجهة نظر شخص آخر.”
لقد صُدمت خلال المحاكمة أنّ أيخمان كان يتكلم بلغة نمطية وسطحية ذات طابع رسمي وإداري، كان يتكلم كموظف بيروقراطي ينفذ أوامر سادته دون أن يملك الجرأة على التفكير. كانت الأفعال وحشية، لكن الفاعل – الفاعل الأكثر فعالية في المحاكمة الآن – كان عاديًا وشائعًا جدًا ولم يكن شيطانيًا ولا وحشيًا. إنّ الشر المرتكب من طرف أيخمان ليس جذريًا، لأنّه ليست له جذور في داخله ولا يتضمن أيّ إرادة لفعل الشر من أجل الرغبة في الشر. فالشر دائمًا متطرف وليس جذري.
كانت أطروحة" تفاهة الشر " نقطة اشتعال الجدل بالنسبة إلى نقاد أرندت، بدا من غير الممكن تفسير كيف لشخص مثل أيخمان الذي لعب دورًا رئيسيًا في الإبادة الجماعية النازية ليست لديه نوايا شريرة! وكيف أمكن لإنسان لم يكن متعصبًا ولا معاديًا للسامية أن ينخرط في عملية “الحل النهائي”، بمعنى إبادة الملايين من الأشخاص؟
غياب التفكير و تفاهة الشر فكرة فلسفية نتجت عن تأمل عميق في تناقض بين بساطة شخص و فظاعة أفعاله. وعوض أن تصبح موضوع مناظرة فلسفية و سجال فكري’شكلت انطلاقة حملة عدائية ضد أرندت وانفض من حولها حتى أقرب أصدقائها .
هاج الجميع ضد الفيلسوفة، طلابها في الجامعة، زملاؤها، مثقفون، سياسيون. تعرضت لحملة تشويه واغتيال معنويّ، لكنها مقابل ذلك لم تتزحزح عن موقفها قليلاً. بل كانت لا تفوّت فرصة لإعادة عرض فكرتها بنفس الصلابة والوضوح. لم تستطع الظروف التي مرت بها حنة آرندت اليهودية التي هربت
من ألمانيا إلى فرنسا أثناء حكم هتلر ثم اعتقلت في فرنسا ووضعت في إحدى المعسكرات أثناء احتلال الألمان لفرنسا ثم هربت هي وزوجها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا الأمر مذكور في معرض حديث آرندت في إحدى محاضراتها، لم يمنع ذلك من أن ترى أنه لا تجب محاسبة هذا الشخص الذي ذكرت أنه لا يملك من الذكاء ما يجعله يميز بين الخير والشر، فهو مجرد موظف يتبع القانون وهو ما جعلها تخرج بمصطلح أصبح فيما بعد مصطلحاً شهيراً هو «عادية الشر». وقد ذكرت أيضاً في مقالاتها أن هناك من اليهود من تآمر على أبناء ملّتهم لصالح النازيين.
بالطبع لم يكن من شأن هذه المقالات أن تمر مرور الكرام فقد أدت إلى أن تتهم آرندت بالعداء للسامية وأن يبتعد عنها كثير من أصدقائها اليهود بل وحتى أن تنبذ في مكان عملها وحياتها الشخصية.
ولدت " حنة أرندت" في مدينة هانوفر الألمانية عام 1906، في جامعة فرايبيرغ عام 1906، وحصلت على شهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة هيدلبيرغ، حيث درست آنذاك تحث إشراف كارل ياسبرز. وفي عام 1933 هربت من ألمانيا وذهبت إلى فرنسا، حيث شاركت في أعمال هجرت اللاجئين من الأطفال إلى فلسطين. وفي عام 1941 ذهبت إلى الولايات المتحدة الأمريكية وحصلت على جنسيتها هناك. ارتبطت "حنة ارندت " مع مارتن هايدجر الفيلسوف الوجودي الذي كان في بداية ‏صعوده في علاقة رومانسية وعاصفة وهي فتاة يافعة لم تتجاوز الثامنة عشر. ‎ ‎
كان هايدغر، قبل كل شيء، أستاذها وصديقها قبل أن يتحول إلى عشيق لها بل كان ‏بمثابة الحامي لها. وأثناء لقائهما في مدينة ماربورغ في عام 1925 حيث كان يُدرُس ‏في جامعتها، وقف الجميع ضدهم, واستمرت هذه العلاقة بين الطالبة والاستاذ ‏في تطورها لعدة سنوات ولكن جاء ظهور النازية الهتلرية ليضع حدا لتلك العلاقة. أتهم ‏هيدجر بدعم الحزب النازي من خلال منصبه كعميد لجامعة فرايبورغ شكل عام 1933 ‏نقطة تحول مركزية في حياة آرندت دفعها إلى الابتعاد عن الفلسفة.وفي باريس تتعرف على كل من بيرتولد بريشت وستيفان زفايج ووالتر بينجامين. وفي ‏عام 1937، تلتقي بزوجها هاينريش بلوشير الذي كان ينحدر من عائلة عمالية وينتمي ‏إلى الحزب الشيوعي الألماني. وفي عام 1940 يتزوجان في 16 يناير بعد رحلة شاقة ‏من الهرب من فرنسا حيث كان زوجها رهن معسكرات الاعتقال إلى إسبانيا ومن ثم إلى ‏لشبونة ومن بعد ذلك الرحيل إلى أميركا. وكان هذان ‏الزوجان يشكلان نموذجأ في التفاهم والانسجام.
أغمضت حنا أرندت عينها إلى الأبد في 4 ديسمبر (كانون الأول) عام 1975 تاركة ورائها بصمة خاصة ليس في تاريخ ألمانيا فقط، بل في تاريخ كل من أعجب بقوتها، وذلك لما إمتلكته من قدرات عقلية. وكما قالت في حقها آن مندلسن: “إن هانا كانت تقرأ كل شئ . وتعني بكل شيء الفلسفة، والشعر، وخصوصاً شعر غوته، والكثير الكثير من الروايات الرومانسية، الألمانية والفرنسية، والروايات الحديثة، التي تعتبر غير ملائمة لشابة”، يمكن القول بأن حنا كانت مثالاً حياً للمرأة القوية التي تواجه كل شيئ, ‎ ‎


علي المسعود
المملكة المتحدة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحشد قواتها .. ومخاوف من اجتياح رفح |#غرفة_الأخبار


.. تساؤلات حول ما سيحمله الدور التركي كوسيط مستجد في مفاوضات وق




.. بعد تصعيد حزب الله غير المسبوق عبر الحدود.. هل يعمد الحزب لش


.. وزير المالية الإسرائيلي: أتمنى العمل على تعزيز المستوطنات في




.. سائح هولندي يرصد فرس نهر يتجول بأريحية في أحد شوارع جنوب أفر