الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رَّاْفِدُ اَلْشُذُوْذِ اَلْجِنْسِيِّ فِيْ اَلْسُّوْدَاْنْ ..!

فيصل عوض حسن

2018 / 11 / 26
التربية والتعليم والبحث العلمي


رَّاْفِدُ اَلْشُذُوْذِ اَلْجِنْسِيِّ فِيْ اَلْسُّوْدَاْنْ ..!

فيصل عوض حسن

إطَّلَعْتُ على تحقيقٍ نَشَرَته صحيفة التيَّار بعُنوان (عالمُ الأولادِ الحِلْوَات: مَنِ الجَّاني ومن الضحِيَّة؟)، الحلقةُ الأولى يوم 14 نوفمبر 2018، والثانية يوم 16 نوفمبر 2018. تناول التحقيق تَكَاثُف ظاهرة الشواذ/المِثليين، وعوالمهم (الخفيَّة) وعلاقاتهم المُتشابكة، وإهمال/استسهال أوضاعهم (المُؤلمة) واستَغَلَّاهم والتَهَكَّمِ عليهم، ووصفهم بالعبارات غير اللائقة على نحو (الحِلْوَاتْ) وغيرها.
أعادني التحقيق الصُحَفي أعلاه، لنقاشاتٍ قبل سنوات، مع عددٍ من المُتخصِّصين في علم الاجتماع والنَّفس والتربية، بشأن ازدياد الشذوذ الجنسي وكيفيَّة احتوائه/تحجيمه، حيث أجمعوا بأنَّه يبدأ منذ الطفولة نتيجة لأسبابٍ/عوامل عديدة، أبرزها التَحرُّش/الاعتداء الجنسي (المُتكرِّر) عبر أشخاصٍ من نفس الجنس/النوع، وبالتكرار يَألَف الطفل هذه العمليَّة ويُصبح (شاذاً). والسبب الثاني للشذوذ، يعود لإهمال مُعالجة الاختلالات الفسيولوجيَّة والنفسيَّة، وشَكَّلت البيئة المُحيطة السبب الثالث للشذوذ، كضعف/غياب دور الأب وتَسَلُّط الأُم، أو نشأة الطفل/الذكر وسط الأُناث دون توعية أو مُخالطة الذكور، وهناك الألعاب المُقدَّمة للطفل والبرامج الترفيهيَّة التي يشاهدها، فهي تُساهم أيضاً في تشكيل ميوله/سلوكه الجنسي. ونظراً لتعدُّد الأسباب وتشابكها، اتفقنا على إجراء مسح ميداني، لمعرفة الأسباب الحقيقيَّة لتَزايُد الشذوذ، وطرح المُعالجات/المُقترحات تبعاً لنتائج المسح. قُمنا بتصميم استبيان، مُكَوَّن من أسئلةٍ مُحدَّدةٍ ومُباشرة، ووزَّعنا أنفسنا على العاصمة (الخرطوم، أمدرمان، بحري) بأحيائها المُختلفة، واتَّبعنا أُسلوب العَيِّنة العشوائيَّة البسيطة، والتي بلغ حجمها 700 (شاذ/سالِب)، وذلك بعد استبعاد الاستمارات غير المُستوفية.
أثبتت النتائج المُتَحَصَّل عليها، الدور المحوري للسُلَّم التعليمي الثُماني في ارتفاع مُعدَّلات الشذوذ، وهو سُلَّمٌ طَبَّقه المُتأسلمون تبعاً لمُؤتمرهم المشئوم عام 1990، وانتقده/رفضه نُخبةٌ من الأساتذة والتربويين، لاختلالاته التربويَّة وانعكاساته الخطيرة، لأنَّه يَجْمَعُ بين أطفالٍ أعمارهم (6-7 سنوات)، مع صِبية لا تقل أعمارهم عن الـ15عام ورُبَّما أكثر، بما يُخالف جميع الأعراف/القواعد التربويَّة والشرعيَّة والوضعيَّة، بخلاف الاختلالات الأكاديميَّة المُتعلِّقة بالمنهج الدراسي، وعدم مُواءمته وتلبيته لمُتطلَّبات التلاميذ المعرفيَّة والعُمريَّة. وعلى سبيل المثال، أظهرت نتائج دراستنا الميدانيَّة آنذاك (عام 2013) أنَّ 97.4% من المبحوثين، أصبحوا شاذين نتيجة للاعتداء عليهم جنسياً، ونحو 97.2% ذكروا بأنَّ الاعتداء كان في المدرسة، من قِبَل زُملائهم بالفصلين السَّابع والثامن، كما أفاد جميع المُعْتَدَى عليهم (في المدارس) بأنَّ الاعتداء كان (مُتكرِّراً) وبالإكراه/الترهيب! والمفاجأة الأكبر، أنَّ جميع المبحوثين، أي الـ(700 شاب)، أكَّدوا عدم رضاءهم عن أوضاعهم الحاليَّة، وهذا ما ذكره بعض (الضحايا) في تحقيق صحيفة التيَّار المُشار إليه أعلاه، الذين أجهش بعضهم في البكاء بما يُؤكِّد (مُعاناة) أولئك الشباب، وإحساسهم بـ(مَرَارة) التجاهُل والظُلم الأُسري/العائلي والمُجتمعي!
وَاصَلَ المُتأسلمون الإفساد والتدمير، ولم يكتفوا بما أحدثه سُلَّمهم الثُماني، حيث أعلنوا عام 2014 عن إضافة سنةً تاسعةً لمرحلة الأساس، فقمنا بكتابة سلسلة من المقالات وتقديم عدد من المُحاضرات التنويريَّة، بخطورة ذلك وحتميَّة مُناهضته، ووجدنا تجاوُباً واسعاً من أولياء الأمور، إلا أنَّ المُتأسلمين عَمَدوا لإرباك الرأي العام، كعادتهم حينما يُفْتَضَح (خُبثهم)، حيث فاجأتنا سعاد عبد الرازق (وزير التعليم آنذاك)، بإعلانها عن إرجاع المرحلة المُتوسِّطة، بدءاً من العام 2015-2016. ولقد حَرَصْتُ على المُشاركة في المُؤتمر الصُحَفي الذي نَظَّمته تلك المُسْتَوْزِرَة، بغرض الترويج لـ(فِرْيَة) إعادة المُتوسِّطة، وواجهتها بأسئلةٍ مُحدَّدة أبرزها: متى وأين شَيَّدوا (مباني) المدارس المُتوسِّطة وكم بلغت التكاليف؟ وأين المناهج الدراسيَّة، سواء للمرحلة المُتوسِّطة الجديدة أو الأساس أو حتَّى الفصل الدراسي التاسع المُضاف حديثاً؟ ومن الذي أعدَّ تلك المناهج ومتى؟ وهل تمَّ قياسها/تَعْييرها، وكيف تمَّ القياس ونتائجه، ومن الذي وضع المعايير، وعلى مَنْ تمَّ القياس (التلاميذ+المُعلِّمون) ومتى؟ وما هي نتائج التقييم والمُعالجات؟ وأين المُعلِّم الذي سيقوم بتدريس تلك المناهج؟ وهل تمَّ تأهيله (تربوياً/أخلاقياً وأكاديمياً) للقيام بتلك المُهمَّة؟ خاصَّة وأنَّ وزارة التربية كانت وقتها، ولا تزال، تشكو (قِلَّة) المُعلِّمين! والسؤال الأخطر، بأي منطق أو شريعة أو قانون يجمعون الطفل الصغير مع الصِبْيَة البالغين، في مكانٍ واحدٍ دون رقابة؟! فاستشاطت المُسْتَوْزِرَة المُتأسلِمة غضباً ولم تُجِبْ على أيٍ من الأسئلة، وتَرَكَت البُؤساء/المُتملِّقين يُبرِّرون نيابةً عنها، بما يُؤكِّد إصرارهم على التدمير والتضليل!
وتَنْدَرِجْ (كِذْبة) مُعتز موسى قبل شهر ونصف، ضمن تخديرات/تضليلات المُتأسلمين بشأن السُلَّم التعليمي، حيث أوردت الشروق وغيرها من وسائل الإعلام الإسْلَامَوِيَّة، في 16 أكتوبر 2018، أنَّ مُعتزاً هذا (طَالَبَ) بعودة السُلَّم التعليمي السابق، تبعاً لتوصيات مُؤتمر التعليم عام 2012، و(أكد) على تجويد طباعة الكتاب، و(نادى) بمُعالجة إشكالياته! وهذه في مُجملها تصريحاتٌ (فوضويَّة/إلهائيَّة)، فهل رأيتم رئيس وزراء (مُحترم/صادق)، يتعامل مع مرؤوسيه/الوزراء بعباراتٍ مثل (طَالَبَ، أشَارَ، أكَّدَ، نَّادَى)؟! من الذي سيتَّخذ القرار إذا كان هَرَمَ السُلطة التنفيذيَّة (يُنادي ويدعو)؟! ولو كان صادقاً لَوَجَّه وزير التعليم مُباشرةً، وحَدَّد له سَقفاً زمنياً للتنفيذ، وفقاً لخططٍ واضحة المعالم، تشمل الجوانب الماليَّة والفنيَّة والبشريَّة، كتكاليف بناء/تشييد المدارس (المُنفصلة) لكل مرحلة، ومناهجها وتقييمها وتقويمها، وتدريب وتأهيل المُعلِّمين أخلاقياً/تربوياً وأكاديمياً، وتأمين رواتبهم وغيرها من المُتطلَّبات، وهي تحتاج ميزانيات ضخمة غير مُتوفِّرة لـ(مُعتز) الآن! ولو كان جَادَّاً، لَأمَرَ بدراسة/معرفة أسباب تأجيل (قرارات/توصيات) مُؤتمر التعليم المُقام عام 2012، وحَاسَبَ المسئولين عن (تعطيلها)!
قد يقول قائل بأنَّ الشذوذ قديمٌ في السُّودان كغيره من الدول، وأنَّ اغتصاب الأطفال يتم عبر الجيران أو داخل الأسرة/العائلة وغيرهم، ولا ينحصر فقط في مدارس الأساس. أقول نعم الشذوذ موجودٌ في السُّودان منذ القِدَم، لكنه كان محدوداً في إطارٍ مُعيَّن، ولم يكن بالمُستويات المُرعبة الماثلة، وإذا رجعنا لأسبابه الأُخرى (غير الاعتداء)، كالاعتبارات الفسيولوجيَّة والنفسيَّة والبيئة المُحيطة، فسنجدها لا تتناسب مع ارتفاع هذه الظاهرة، حتَّى لو تُوفَّرت (مُجتمعة)! وبالنسبة للتحرُّش/الاعتداء الجنسي داخل أو خارج المدرسة، فقد استندنا في رأينا على دراسةٍ ميدانيَّةٍ (حقيقيَّة)، مُستوفية لجميع شروط البحث العلمي الرَّصين، لنضمن التشخيص (الدقيق) غير القابل للتأويلات أو الأمزجة الشخصيَّة، بخلاف أنَّ الأمر الوحيد الذي استجدَّ علينا هو هذا السُلَّم التعليمي الكارثي، الذي (وَفَّرَ) جميع عوامل الشذوذ، بدءاً بِجَمْعِ الأطفال الصغار مع الصِبية البالغين المُمتلئين بالرغبة الجنسيَّة، تبعاً لمرحلتهم العُمريَّة الحَسَّاسة، والأخطر (تكرار) التَعَدِّي الجنسي على الضحيَّة، وفقاً لتأكيدات الذين استقصيناهم بأنَّ المُعتَدِي الأوَّل كان يُكرِّر اعتداءه، ويدعو بقيَّة زُملائه للتَمَتُّعِ بالضحيَّة من بعده، بعدما يَنْكَسِر الطفل ويفقد مُقاومته، ويُصبح مُستسلماً للآخرين.
إنَّ دهشتي/صدمتي كبيرة من الآباء، الذين لم يستشعروا (المِحْرَقة) التي يرمون فيها فلذات أكبادهم يومياً، واتساءل كيف يقبلون بقاء أطفالهم مع الصِبية البالغين لمُدَّة سبع ساعات في اليوم، ينفردون بهم في المدرسة أو خارجها، وينالون من طفولتهم ويُحطِّمون مُستقبلهم؟! وفي الواقع، نحن نخسر (الفاعل) و(المفعول به)، فكلاهما سيُصبح (شاذاً) بعدما يَفْقِد (فِطْرَته) السَّليمة، وسنفقد مُساهمته (الفاعلة) إنسانياً ومُجتمعياً. فبحسب إفادات المُتخصِّصين في هذا الشأن، فإنَّ الشاذ يتبرمَج على أفكارٍ خاطئة، تبعاً لاختلال الرُّوح وتغيير الغريزة، وإدمان/اعتياد الجسد على الاختلالات السُلوكيَّة، عقب تَغَيُّر الفطرة السليمة والميل الشهواني لما هو مُتماثل جنساً، فيَنْصَبَّ اهتمامه على (إشباع) رغباته المُختلَّة، ويَعْجَز عن المُقاومة رغم (رفض) الكثيرين لذلك الواقع! ولقد أكَّدنا كثيراً بأنَّ المُشكلة ليست في (مُسمَّى) المرحلة الدراسيَّة، وإنَّما (فَصْلُ) التلاميذ طِبقاً لأعمارهم، حِفاظاً عليهم وحمايةً لهم باعتبارهم (نِعمة وأمانة)! وبدلاً من الحَسرة على (ضحايا) الشذوذ، والسُخرية منهم والتَهَكُّم عليهم، لنعمل على إيقاف هذا النَّزيف وإغلاق (رَّافده) الرئيسي، مُمَثَّلاً في السُلَّم التعليمي الإسْلَامَوِي الكارثي، ولنبدأ بإيقافهم عن الدراسة حتَّى يتم إعادة (فرز/تشكيل) التلاميذ في مدارسٍ مُنفصلةٍ وفقاً لفئاتهم العُمريَّة، وبالتوازي نعمل على احتواء ومُعالجة (الضحايا)، وإرجاعهم لخِدمة أنفسهم ومُجتمعهم وبلدهم.
إنَّ هذه مسئوليَّة تَضامُنيَّة بين أولياء الأمور/الآباء والمُجتمع، وهو حَقٌ أصيلٌ لأولئك (اليُفَّع)، بأن يَنشأوا بفِطْرَةٍ طبيعيَّةٍ سليمةٍ كبقيَّة الخَلق، يُحَقِّقون آمالهم ويرسمون طموحاتهم دون عُقَدٍ وأمراضٍ نفسيَّة. ومن واجبنا ومسئولياتنا إفشال استراتيجيَّات وخِطَطْ المُتأسلمين، الرَّامية لإفساد وتدمير أبنائنا بالشذوذ وانتهاك الرجولة وقتل النخوة والمخدَّرات والتجهيل، وحَرصهم على صناعة شعب خانع وذليل، ومُشتَّت وتائه وشاذٍ فكرياً/سلوكياً، بعدما ضَمِنوا لأبنائهم مَساراتٍ حياتيَّةٍ وتعليميَّةٍ (آمنة)، وليتنا نستشعر خُبثهم وحقدهم واستهدافهم لأبنائنا، ونعمل لإيقافه وتحجيمه بمسئوليَّةٍ وجِدِّيَّة عاجلاً غير آجل. ولقد مَنَعَ بعضنا أطفاله من المدرسة لعجزه عن توفير وجبة الإفطار، والأولى مَنْعَهُم حفاظاً عليهم من الشذوذ، ولتكن هذه شرارة لتغييرٍ شاملٍ لكل أوضاعنا الماثلة، وهذا ممكنٌ جداً لو تَوفَّرت الإرادة واتَّحدنا جميعاً لتحقيق هذا الهدف (الحتمي) النبيل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. امتعاض واعتراض وغرامات.. ما رأي الشارع العراقي بنظام المخالف


.. عبد الله حمدوك: لا حل عسكريا للحرب في السودان ويجب توحيد الم




.. إسرائيل أبلغت دول المنطقة بأن استقرارها لن يتعرض للخطر جراء


.. توقعات أميركية.. تل أبيب تسعى لضرب إيران دون التسبب بحرب شا




.. إبراهيم رئيسي: أي استهداف لمصالح إيران سيقابل برد شديد وواسع