الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سبعة، حزب أم منصة؟

فؤاد سلامة

2018 / 11 / 27
المجتمع المدني


منذ أكثر من سنتين بقليل يَعِدُ حزب سبعة من يحضرون "عروضاته" الإعلانية، بأنه سيكون هناك مؤتمر يحضره مئات المندوبين المنتخبين عن المناطق والقطاعات، مندوبين يجتمعون ويتناقشون ويطرحون أفكارا وبرامج وينتخبون في الختام قيادة سياسية جديدة.
بعد مضي أكثر من سنتين على انطلاق حزب سبعة تراجعت فكرة المؤتمر والانتخابات وتم الاستعاضة عنها بفكرة تصويت إلكتروني من المحتمل أن تكون شبيهة بأشكال التصويت التي تحدث على السوشل ميديا.

لا بد من التوضيح أن حزب سبعة هو حزب معارض، وقد شارك بصفته هذه في الانتخابات النيابية الأخيرة بالتحالف مع مجموعات الحراك المدني، وقدم عموما أداءً مقبولا في الدوائر التي كان له فيها مرشحون. وأعضاء حزب سبعة يتمتعون عموما بسمعة عطرة وهم منفتحون، دمثو الأخلاق، وغير متزمتين فكريا.
في نقاش مؤخرا مع قياديين في حزب سبعة تم تبني وتبرير فكرة المؤتمر الإلكتروني بشكل علني، وهي ربما كانت مطروحة منذ أشهر.

ما أعطاه الصديق ريبال زوين أحد مؤسسي حزب سبعة من مبررات للمؤتمر الإلكتروني هو نتيجة طبيعية لتسلسل منطقي لفكرة ساذجة هي فكرة "المنصة" السياسية. بحسب هذه الفكرة حزب سبعة هو حزب حديث وغير مؤدلج، وبسبب ذلك فهو يعمل بآليات مختلفة عن الأحزاب التي أصبحت كلها تقليدية وغير عصرية.
السبب المعلن لرفض فكرة المؤتمر العادي والانتخابات العادية هو أنهما فكرتان تجاوزهما الزمن، وهما تنتميان لعالم الأحزاب المؤدلجة التي تنتمي بدورها للماضي.

في مكان آخر أعلن أمين عام حزب سبعة أنه يعزف عن الترشح للأمانة العامة، ويدعو لترشيح شخص آخر يحل محله، شخص سيتم انتخابه على الأرجح إلكترونيا أيضاً.
على ما يبدو فإنه يتم الاستغناء لدى حزب سبعة عن كل مظاهر الديمقراطية "القديمة" أي العلنية والمادية والمباشرة، ويتم استبدالها بالكامل بديمقراطية شكلية تنتمي للعالم الافتراضي الهش والغامض.

لدى حزب سبعة ثمانية آلاف منتسب إلكتروني كما يقولون، كل هؤلاء الأعضاء لن يحضروا أي مؤتمر ولن يساهموا بأي نقاش معمق أو صراع أفكار وبرامج ولن ينتخبوا قيادة جديدة على قاعدة الأكثرية والأقلية. كما أنهم سينتخبون الأمين العام الجديد للحزب بشكل إلكتروني من دون أن يقرأوا شيئا للمرشح باستثناء بعض الشروحات البسيطة والتعريفات السريعة!
وربما في آخر الأمر يصر بعض المنتسبين على إعادة انتخاب الأمين العام السابق بسبب "ضرورات" المرحلة والظروف الصعبة وإمكانياته المادية المعروفة والتي صرًح أنه وضعها في خدمة الحزب.

المؤتمر الإلكتروني الذي لا يحصل فيه أي نقاش علني وأي طرح لوثائق سياسية، هو بدعة جديدة في عالم الأحزاب، وهو سيؤدي حتما إلى انتخاب من هم معروفون والذين يتكلمون نفس الكلام "المؤدلج" والساذج عن "المنصة" الإلكترونية غير المؤدلجة لحزب سبعة.
لا بد من توجيه نقد جذري لهذا التصور التقني- الأداتي لحزب ينشأ ويستمر كمنصة ليس لها أي مشروع سياسي واضح، ولا تمتلك رؤية سياسية محددة المعالم، بل فيها خليط من الأفكار والمفاهيم تنتمي إلى عالم التسويق وليس لعالم المفاهيم السياسية وصراع الأفكار والبرامج. المنصة بهذا الشكل ستستمر كما كانت، سلةً يمكن أن نضع فيها كل شيء أو لا شيء.

لا يتردد مسؤولو الحزب عادة عن حث المناضلين والتغييريين باختلاف مشاربهم على الانضمام لحزبهم بأفكارهم وبرامجهم من أجل إغناء الحزب ووضع أفكارهم موضع التطبيق. بالنسبة لهم فإن حزب سبعة قادر على استيعاب جميع الطامحين إلى التغيير بغض النظر عن الرؤية الواضحة للدولة والنظام اللذين يُراد بناؤهما مكان ما هو قائم. هذا التصور عن المنصة الإلكترونية شبه الفارغة فكريا، كان يمكن التسامح معه لسنة أو سنتين هما سنتا التأسيس والبحث عن الموقع والهوية، ولكن بعد كل هذا الوقت حان أن تمتلئ تلك المنصة بالأفكار الواضحة والمقترحات الدقيقة والبرامج المحددة، وإلا تحولت إلى منصة عائمة على السطح لافتقارها لأية حمولة سياسية -اقتصادية -اجتماعية. عمليا نكون قد صنعنا غربالا كل شيء يمر عبره ويسقط منه ولا يبقى غير بعض النوايا الحسنة والوعود بجمهورية فاضلة، وعود يسهل إخفاء غايات الاعتلاء والطموحات السياسية خلفها.

الهيئة التنفيذية القديمة لحزب سبعة تشكلت بقرار إداري أو تم تركيبها بقرارات إدارية متتالية خرج بموجبها أشخاص ودخل أشخاص، ولكن ما هو معيار الدخول والخروج؟ ربما لا يوجد غير قرارات إدارية لمجلس إدارة يعمل على طريقة الشركات "الناجحة" كما ذكر الصديق ريبال زوين. أليس هناك من نموذج يقتدي به حزب سبعة غير نموذج الشركات الناجحة؟ وما هو معيار نجاح شركة سبعة؟ هل هو فوز الإعلامية بولا يعقوبيان في الانتخابات النيابية، أو هو وجود رقم ثمانية آلاف منتسب إلكتروني حتى الآن، على طريق أن يصبح حزب سبعة بعد عشر سنوات أكبر حزب في لبنان؟

بإمكان أي مجموعة أن تُنَسِّب ثمانية آلاف فرد لا تطلب من معظمهم غير ملئ استمارات إلكترونية بعد اطلاعهم على سلسلة من الشعارات الرائجة والوعود الزهرية والكلام الجميل. وأما فوز بولا يعقوبيان الذي يعتبره حزب سبعة دليلاً على نجاح الحزب في إيصال مرشحين إلى البرلمان، فهو كما يبدو غير مرتبطٍ بالدعم الذي تلقته يعقوبيان من حزب سبعة، كما أصبح معروفا أن النائب يعقوبيان تُدين بنجاحها لشخصيتها المميزة ولتحالف وطني أكثر مما تُدين لحزب سبعة.
كلامي أعلاه لا ينتقص من أهمية الحزب المذكور وصدق وجدية أعضائه، ولكن ما يجدر تركيز الاهتمام عليه برأيي، هو المشروع السياسي الذي يحمله حزب سبعة ومدى جدية هذا المشروع وتطابق الأساليب المتبعة مع الغايات المعلنة، هذا إذا كنا نتمنى النجاح لحزب يعلق أفراده آمالاً كبيرة عليه لبناء قطب معارض قوي يعجل بقيام دولة حديثة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيتو أميركي ضد مشروع قرار منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في


.. بن غفير: عقوبة الإعدام للمخربين هي الحل الأمثل لمشكلة اكتظاظ




.. تاريخ من المطالبات بالاعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية في ا


.. فيتو أمريكي ضد منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم الم




.. هاجمه كلب بوليسي.. اعتقال فلسطيني في الضفة الغربية