الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل السوريون عرب؟ هل أنت عربي؟ المنطقة بين العرب والمستعربين

نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)

2018 / 11 / 28
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


هل السوريون عرب؟ هل أنت عربي؟ المنطقة بين العرب والمستعربين


تشكّل اللغة وتوابعها من اللكنة والمصطلحات والمفردات الأساس الجيني والإثني للجماعة البشرية الواحدة المتجانسة بأعلى مراحلها(القومية) وتقوم وقامت همروجة وفرضية العروبة والاستعراب على أن العرب(سكان الإقليم الذي يطلقون عليه طوباوياً اسم الوطن العربي)، هم أمة واحدة تجمعهم لغة واحدة يعتبرونها أحد حجج وجود "القومية العربية" ينطقون بها جميعاً ويبنون على ذلك افتراضهم بأن سكان الإقليم من أصل وجذر إثني واحد...هكذا
ولقد كان لسوريا، وبكل أسف، وعلى يد مغامرين طوباويين حصة الأسد من كارثة الفكرة القومية التي حاولت إلغاء الكيان والهوية الوطنية السورية النادرة والمتنوعة وصهرها وإلحاقها بكيان سياسي افتراضي لم يكن يوماً موجوداً ولا تشكل الإمبراطوريات العسكرية ولم تشكل عبر التاريخ أي كيان سياسي وهو ما بنى عليه القوميون العرب مشروع الوطن العربي.
لنأخذ السوريين، والحالة السورية فإذا كان، مثلاً، كل السوريين عرباً كما تلهج الأساطير والأدبيات والأهازيج البعثية ومواويل المستعربين فلماذا لا يتحدثون وينطقون بلغة ولهجة البدو العرب سكان الجزيرة العربية حيث معقل وموطن العرب البدو الأصلي ولماذا تتواجد عشرات اللهجات واللكنات غير البدوية ذات الأصول والترمينولوجيا التي لا علاقة لها بلهجة البدو العرب الوافدين لسوريا مع الغزاة المحتلين العرب، وتمكن ملاحظة جماعات بشرية سورية تنطق بتلك اللهجة البدوية تحاكياً ومطابقة تامة للهجة ولغة سكان الجزيرة العربية وكما هو بدهي في علوم السوسيولوجيا فاللغة هي خاصية إثنية شبه جينية لقوم وجماعة بشرية يتم توارثها وتناقلها عبر الأجيال ومهما تطورت فلا تفقد سماتها الأساسية ومخارجها اللسانية التي تعكس الانتماء لجماعة وقوم ما يمكن تحديد أصولهم الإثنية في كثير من الأحيان من خلال نطق وطريقة إخراج اللغة والحروف كما هو الحال بالنسبة للأمريكي والبريطاني والأسترالي والنيوزيلندي والهندي رغم أنهم جميعاً يتكلمون اللغة الإنكليزية الجامعة لهم فهل يجوز القول أنهم من أصول واحدة لمجرد تحدثهم لذات اللغة مع وجود فوارق اللكنة واللهجة التي تحدد الانتماء الإثني؟
هذا هو الحال أيضاً بالنسبة لكل الدول العربية التي احتلها واستعمرها البدو الغزاة العرب الأوائل بالعراق ومصر وشمال إفريقيا والسودان حيث تتباين وتتنوع اللهجات واللكنات وحتى اللغات التي لا تنتمي للغة البدو الغزاة سكان الصحراء ما يوجب التفريق تماماً بين السكان العرب البدو الأصليين والمستعربين وهم تلك الشريحة من غير الأصول العربية التي اندمجت عبر الأجيال وذابت خصائها الإثنية واضمحلت هويتها الإثنية واندمجت بفعل عملية التطهير العرقي والثقافي التي قام بها المستعمر والمحتل العربي عبر قرون ليلغي الذوات والسمات والخصائص الإثنية للشعوب تحت الاحتلال البدوي ولتأخذ هوية "عربية" لكنه لم يبستطع أن يزرع "جينياً" تلك اللهجة واللكنة البدوية العربية الأصلية بالشيفرة الوراثية للمستعربين الذين حافظوا واستمروا باستعمال لهجاتهم ولكناتهم المحلية التي تميزهم وتفرزهم بشكل واضح ولا لبس فيه عن السكان من أصول وأبناء المستعمرين والغزاة العرب الأصليين اليوم، وهم من غير أصول بدوية وإثنية عربية خالصة، أي الذي ينسبون أنفسهم للعرب ولكنهم لا يتقنون ولا يجيدون الحديث باللكنة واللهجة البدوية، وحتى لا يتقنون اللغة العربية بشكل جيد، يشكلون الغالبية العظمى من السكان وطغت مثلاً اللهجة الشامية التي تفتقر وتتناقض بالمطلق مع أساسيات اللغة واللهجة البدوية العربية الأصيلة على المشهد اللغوي وباتت اللهجة المحكية تقريباً لكثير وقد يجد، مثلاً، العربي البدوي والشامي والحلبي صعوبة في فهم وتواصل أحدهم مع الآخر رغم الافتراض القائم بأنهم يتكلمون لغة عربية وهم عرب وينطبق ذات الأمر على المصري والجزائري والتونسي والأمازيغي حيث يستحيل أحياناً فهم لهجاتهم ولكناتهم "العربية" رغم اعتقادهم بأنهم يتكلمون لغة عربية من السكان مع عدم إنكار تواجد اللهجة واللكنة البدوية العربية والحلبية والساحلية في الحياة العامة والتي تشكل كل واحدة منها مادة خصبة لدراسات وأبحاث أنثروبولوجية ولسانية وإثنية وووو لا دسمة جميلة وراقية لا تنضب ولا تنتهي ولا يشبع منها ذوق وعقل باحث نهم...
حافظ العرب الأصليون على لهجتهم ولغتهم وتوارثوها عبر الأجيال وبقيت تلازمهم ونراهم يتكلمون بها ويتميزون بها عن لهجات ولكنات المستعربين الذين يشكّلون –أي المستعربين-، اليوم الغالبية العظمى من سكان الإقليم وهم بالقطع ليسوا من ذات النسل والجذر الإثني والأصول العربية ومن أحفاد الغزاة العرب المسلمين المحتلين الأوائل...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هنالك شيئ ما
صهيبي ( 2018 / 11 / 29 - 17:32 )
مع أني ضد كل ما هو عنصري وكل من يتغنى ويعلي من قيمة الأنساب والدم ولكن عندي سؤال للكاتب المحترم كيف تفسر غلبة مفردات اللغة العربية على كل سكان الوطن العربي وخاصة الافعال المستعملة يوميا من اكل شرب رقد نام .....الخ تقريبا كل العرب يستعملونها مع فارق في اللحن فقط وليس في جذر الكلمة وسؤال اخر كيف نصدق ان اقلية من العرب سادت كل تلك الاقوام وهنا فرضيتين اما ان تلك القلة من العرب لم تكن قلة كما تزعم بل كانت أغلبية كما أشارت اليها الكثير من الروايات التأريخية كابن خلدون أو أن تلك الاقوام ذابت كما ذاب الخاشقجي في سفارة بلاده بتركيا


2 - ولك ما تريد
نضال نعيسة ( 2018 / 11 / 30 - 07:00 )
هذا اعتراف منك بوجود مفردات اخرى وهذا حسن ويخدم المقال
والامر الآخر مرده لفهم آليات السلطة والحكم والادارة حيث ان طغما واقليات وافرادا حتى حكموا لفترات طويلة والا كيف نفسر حكم الاتراك للاغلبية العربية 400 عام؟