الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما بين عبودي الطنبورجي وعبود الطبرجي ... هل قُتلت المسيحية في الموصل وضاع تاريخها العريق

يعقوب يوسف
كاتب مستقل

(Yaqoob Yuosuf)

2018 / 11 / 28
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ما بين عبودي الطنبورجي وعبود الطبرجي ... هل قُتلت المسيحية في الموصل وضاع تاريخها العريق
بدايةً من هو عبودي الطنبورجي
المعمار عبودي الطنبورجي واحد من مسيحيي العراق الذين كان يضرب به المثل في الإخلاص والمحبة والكرم والنزاهة المقترنة بالأبداع، والأكثر أهمية انهم جميعا كان يضرب بهم المثل في التعايش السلمي والتآلف الاجتماعي بين المسيحيين والمسلمين في هذه المدينة التي عانت على مر العصور من المشاكل الطائفية والعنصرية بين مختلف الأديان والطوائف والقوميات، وهكذا إذا اردت ان تعطي مثلا للوجه المشرف لمدينة الموصل وارثها الحضاري العريق، يشار الى ما كان يقدمه هذا المعمار من إنجازات في خدمة المدينة ومعابدها وبقي الرجل يستشار في اعمال البناء خاصة القديم والآثاري منها حتى وفاته في بداية السبعينات من القرن الماضي.
.
كان عبودي طنبورجي واحدا من أهم البنائين في المنطقة الشمالية الى جانب كل من نوري غزالة وفتوحي قاقو ويوسف فندقلي واسطيفان عيسى وبهنام جردق وعبو السمعان وخضر ويوسف العبيدي ونعوم حنا الأسود، وهؤلاء كلهم كانوا من المتخصصين في اعمال المرمر والحلان التي كان المسيحيين وحدهم يمارسونها في العراق الى ان دخلت المكننة في قطع المرمر والحلان في منتصف السبعينات.
وقد وقع اختيار متصرف الموصل (المحافظ) السيد تحسين علي على عبودي طنبورجي لترميم فجوة في جدار المئذنة كانت تهدد بانهياره، كونه الأكثر معرفة في بناء الجوامع والكنائس، كون هذا الجامع يعود الى فن البناء الاتابكي التي يعود بنائه الى عام 1227م ويتميز بالأعمدة الرخامية المنقوشة بالزخارف إضافة الى مئذنته المحدبة، ونظرا لخطورة العمل واهميته تم العمل بحضور وفد من دائرة الاثار العامة،
إضافة الى كرمه المتمثل في رفضه ان يستلم أي مبلغ لقاء عمله ويشار دائما الى مقولته المعروفة:
(أنا آخذ أجوري من صاحب البيت) ولأن المنارة صاحبها الرب سبحانه تعالى فلن استلم اي مبلغ،
وفعلا بعد انجاز العمل طلب المتصرف ان يكرمه، لكنه رفض بل وقام بدفع أجور العمال اللذين ساعدوه في العمل مضاعفة من جيبه الخاص، مما كان له وقعه الكبير لدى أهالي الموصل.
وهذا العمل كان له أهميته الكبيرة في الدولة العراقية التي كانت تعاني من قلة التخصيصات المالية بسبب الظروف الاقتصادية التي كانت تعاني منها الدولة العراقية آنذاك، وغالبا ما كانت هذه الأجور يتم تسديدها عبر التبرعات.
او يدفعها المتصرف من جيبه الخاص إذا كان من الاسر الميسورة كعائلة الصابونجي على سبيل المثال.
كم اود ان اشير أيضا الى معلومة مهمة جدا على العكس مما يجري اليوم من اعمال النهب والثراء باسم بناء المساجد والحسينيات، وهوان الدولة العراقية في ذلك الوقت وحتى بعد ثورة 14 تموز 1958 كان من النادر جدا قيام الدولة ببناء المساجد او الجوامع وكان دائما ما يقال لمن يريد ان يبني جامعا او مسجدا ان الأوقاف ليست لديها تخصيصات ويتم إنجازها بالتبرعات.
.
اذن فما احوج مدينة الموصل الجريحة اليوم الى إعادة لملمة اللحمة الوطنية لها من خلال التذكير بالموروثات الوطنية وتجسيد الدور الذي قامت به كل شرائح ومكونات المجتمع الموصلي في بنائها وتطورها عبر العصور خاصة عندما يتم ذكر هذا النوع من الروايات التي كان لها تأثير كبير جدا في الموصل لفترة طويلة، بدل ان نسردها كقصص بطولية خالية من مغزاها الحقيقي، وتجريدها من فكرها الإنساني التربوي وتحويلها الى رواية من قصص ألف ليلة وليلة الخرافية. فيتم الحديث عن الافعى التي قتلها اثناء عمله وغير ذلك من الصعوبات التي واجهها، دون التطرق الى كونه مسيحي وهذا الأهم في هذه الظروف التي تعيشها مدينة الموصل وكما ذكرت أعلاه العمل على خلق لحمة وطنية لإعادة بناء هذه المدينة العريقة.
.
ففي برنامج لأحدى القنوات الفضائية عن احداث الموصل المؤلمة تطرقت مقدمة البرنامج الى قصة صيانة جامع الحدباء او الجامع الكبير الذي دمر في معركة تحرير المدينة من عصابات داعش، ولا اعرف إذا كان تغيير اسمه الى عبود الطبرجي كان للاختصار ام لسبب آخر، خاصة وهي تخاطب اسرة مزقتها الطائفية الداعشية فقتلت رب الاسرة وقتلت زوجته لأنها شيعية وشردت اطفاله.
.
المهم فإن كلمة الطنبورجي تعني انه ينتمي الى عائلة كانت تمارس صناعة الة الطنبورة الموسيقية المعروفة بالفارسية تنبور والتي تم تحريفها في اللغة العربية.
اما الطبرجي فتطلق على صانع الفأس ويسمى في بلاد فارس الطبرزين وهو نوع من الفؤوس، وهي من آلات القتال، ومن منا لايتذكر المجرم (أبو طبر).
اما عبارة عبود بدل عبودي يا سيدتي فلا يغير من الاسم في شيء سوى ان اسم عبود غالبا ما يقصد بها الفتوة أي ربما يتناسب مع حملة (الطبر)،
كما ان اسم عبودي هو اسم عراقي معروف ومحبوب في كل مناطق الوطن بامتياز، واذكرك بالأغنية التراثية العراقية (عبودي جاي من النجف)

- ان الموصل اليوم احوج ما تكون الى إدارة نظيفة خلاقة قادرة ان تجمع أهالي الموصل في حفل حول المناطق المدمرة وتقول لهم هذا هو الخراب الذي انجزه التعصب والتطرف فاذا أردنا بناء الموصل الجديدة علينا ان نصفي عقولنا وافكارنا وافعالنا من الماضي ومآسيه كله ونضع أيدينا جميعا لمستقبل جديد.

- ام ان المقصود فعلا هو غسل عقول أبناء المدينة من كل تاريخهم العريق وان المدينة قد تم اغلاقها طائفيا تماسيا مع الأوضاع المزرية التي يمر بها العراق، وان مسألة اعتبار ان داعش تمثل الإرهاب مجرد كلمة لا قيمة لها ولفترة زمنية حالها حال القاعدة وغيرها وان القادم أسوأ بمسميات جديدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا زادت الجزائر إنفاقها العسكري بأكثر من 76 في المئة؟


.. لماذا تراجع الإنفاق العسكري المغربي للعام الثاني على التوالي




.. تونس: هل استمرار احتجاز المتهمين بالتآمر على أمن الدولة قانو


.. ليبيا: بعد استقالة باتيلي.. من سيستفيد من الفراغ؟ • فرانس 24




.. بلينكن يبدأ زيارة للصين وملف الدعم العسكري الصيني لروسيا على