الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللفظ والمضمون في قصيدة -من أنا- سلطان الخضور

رائد الحواري

2018 / 11 / 28
الادب والفن


اللفظ والمضمون في قصيدة
"من أنا"
سلطان الخضور

احيانا يستوفنا النص الأدبي عندما نجد اللفاظ والمضمون متوحدان/منسجمان معا، وهذا التوحد والانسجام يشير إلى تماهي الشاعر مع قصيدته، وهو ما يجعلنا نتأكد أن هناك حالة علاقة استثنائية بين القصيدة والشاعر، فيبديا وكأنهما تشاركنا معا في إخراج القصيدة للحياة، فالقصيدة كانت تشكل حالة مخاض للشاعر، وهو من حافظ على كينونتها واستطاع أن يبقيها حية لنتلقاها بهذا الشكل السلس.
العنوان "من أنا؟" يعطينا فكرة عن مضمون وشكل القصيدة، فهو يقدم لمعرفة الشاعر، فمن هو هذا الأنا الذي أرادنا "سلطان الخضور" أن نعرفه؟
"قطرات مياهكما
أيها الرافدين
أنا فيها قطرة"
نجد الحياة حاضرة من خلال "قطرات الرافدين" فهنا اللفظ والمضمون يخدم فكرة لحياة، فالماء يعني أن الخضرة والحياة حاضرة، كما أن الصورة جاء سهلة وواضحة، وهذا ينسجم مع العنوان البسيط الذي أرادنا الشاعر معرفته.
"ووريقات الأرز
يا لبنان
تبعث فينا الهمة"
بعد العراق ينقلنا الشاعر إلى لبنان، وما فيه من خضرة، وهذا الدقة في التقديم ـ الماء أولا ثم الخضرة/الربيع ـ يشير إلى أن العقل الباطن عند الشاعر منسجما مع حالة والوعي، لهذا قدم الماء على الخضرة، وجعل العراق يتقدم على لبنان، فمكانة العراق وحجمه وأثره وفاعليته تتقدم على لبنان، وهذا يجعلنا نتأكد أن القصيدة لم تخرج من العقل الواعي للشاعر فقط، بل نجدها حاضر في العقل الباطن أيضا.
"أما أنت
يا أردن.... أنا
ونسيمك فيه أنا نسمة
ورمال الصحراء
أحببتها
وسقيت لها من دمي نخلة"
هذا المقطع أطول من المقاطع السابقة، ونجد فيه ألفاظ قاسية "رمال، صحراء، دمي" ونجد نقاط تشير إلى كلام لا يريد الشاعر البوح به، ونجد المذكر يضم/يحتوي المؤنث "ونسيمك فيه أنا نسمة" وهو يشير ـ في العقل الباطن ـ إلى هيمنة الذكر على الأنثى، ونجد فعل "احببتها" تبعه لفظ قاسي "دمي" وهذا يشير إلى أن هذا الحب فيه شيء من القسوة، لهذا هو مختلف عن حالة القطرات في الرافدين وورقات الأرز.
"وقرأت
ملامح وجهك يا بردى
فوجدت بها همة"
هذا المقطع يشير إلى أن هناك مواجهة، تحتاج لهمة، والشاعر يرى النصر أكيد، لهذا لم يستخدم أي لفظ قاس أو مؤلم، بل نجده يستخدم الثقة واليقين بالنصر، بالتخلص من حالة الصدام، لهذا يستخدم الفاظ "قرأت، ملامح، وجهك، يا، فودت، همه" "وقرأت" تعطينا معنى المعرفة المبنية على العلم، وملامح وجهك" تعطي معنى الجمال والخير الذي يحفز (أهل بردي" ليكونوا أكثر "همة".
"أما أنت يا نيل
في القلب تبقى
ويبقى مكانك في القمة"
أيضا نجد الألفاظ بيضاء كما هو الحال في الرافدين والأرز وبردى، وهنا يستوقفنا لفظ "في القلب، رغم عدم وجود أي شوائب تُوجب/تستدعي استخدام هذا اللفظ، وهنا يستوفنا لفظ "أحببتها" السابق، وكأن الشاعر أراد أن يعطي لنفسه دفعة تجعله يلتصق/يتوحد أكثر مع الأردن والنيل، وهذا ناتج عن شيء غير عادي/سوي يمران به، لهذا خصهما بلفظ الحب والقلب.

"الأقصى يصرخ
واعرباه
أنا في سمائكموا نجمة
هيا "تتصافح أيدينا
لنداوي معا
جرح الأمة"
الأقصى هو الجزء المتبقي من الهلال الخصيب، والشاعر لم يستخدم نهر أو مصدر مياه أو خضرة كما جاء عن الرافدين والأرز والأردن والنيل، وكتفى بلفظ الأقصى، علما بأنه كان يمكن أن يستخدم مثلا بحر الجليل أو المتوسط، ولم يستخدم "كنسية القيام أو المهد، وهذا يحسب على الشاعر الذي أهمل/نسى هذا الأمر، وركز على الأقصى كمكان مقدس للمسلمين فقط، وهناك ألفاظ قاسية "يصرخ، واعرباه، جراح" وهذا ينسجم مع حالة الأقصى، لكن الجميل في القصيدة أن النداء جاء على لسان الأقصى، وليس على لسان الشاعر، مما أبعده عن المباشرة وهذا يحسب للشاعر.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر على الفيس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ربنا يرحمك يا أرابيسك .. لقطات خاصة للفنان صلاح السعدنى قبل


.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف




.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي


.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال




.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81