الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقف الملفق (محمد شحرور نموذجاً)

وفاء البوعيسي

2018 / 11 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في الفيديو المرفق [1] يتبنى السيد شحرور، نظرية الانفجار الكبير، ويسندها إلى القرآن، وتحديدًا سورة الفجر، إلى حد أن يعمد إلى لّي كلمة الفجر من عنقها، ليحولها بقدرة قادر إلى نظرية الانفجار الكوني، ويجعل من الليالي العشر، المراحل الضرورية التي يتطلبها الكون لتشّكل الضوء، أما الشفع والوتر فهما مادة الهيدروجين.
مبدئيا، يهمني أن أؤكد على أنني أشجع مسألة إعادة قراءة القرآن قراءة علمية بشرية خالصة، بأن نسِلكه في مجرى العلوم الإنسانية والتطبيقية الحديثة، وأن نضعه في مختبرات التاريخ، والجغرافيا، وعلم الاجتماع، وعلم النفس، والفيزياء، والفلك، والأنثربولوجيا ... إلخ، لكنني حتمًا أعارض التنطع والتهافت في قراءته، كما أعارض التكريس المستمر لمبدأ الإعجاز العلمي في القرآن، وتلفيق أي نظرية علمية له، لأني كنت وما زلت أرى أن القرآن مجرد نص تعبدي، لذا فهو عندي يخلو من المعارف والعلوم التطبيقية أو الإنسانية.
إن رفضي لطرح السيد شحرور، سببه تخليه المفضوح عن الصرامة المطلوبة بالمنهج العلمي في البحث، فهو يقينًا يفتقد إلى التخصص المطلوب في هذا المجال، وسيرته الشخصية المعروضة على موقعه، تخلو تمامًا مما ما يدلل على حيازته على تخصصٍ معتبر في الدراسات الإسلامية [2] فالسيد شحرور، لا يعتني ألبتة بوجوب البرهنة العلمية على كلامه، بل أنه يتحرز من وجوب تقديم البرهان، لأنه ببساطة في حالة تصديق لما يقول، وعباراته كلها مزكية للآيات التي تناولها، بدل أن تكون مشككة أو موضوعية، والحقيقة أن موقفه من الإعجاز العلمي، منبطح تمامًا لمنهج وموقف الدكتور زغلول النجار وبقية القائلين بوجود هذه الأكذوبة الفجة، وهم الذين جعلوا التقّول في القرآن، .حرفًة يتقاضون عليها مبالغ طائلة من مراكز علمية بالخليج.
إن نظرية الانفجار الكبير، هي نظرية من جملة نظريات ُمختلف حولها في الأوساط العلمية، حاولت تفسير نشأة الكون وسائر الموجودات فيه، ومن قرأ عن هذه النظرية، سينتبه ولا شك، إلى أنها لا تقول أبدًا بوجود خالق للكون، كما لا تقول بوجود هدف وغاية من إحداث الانفجار، والسماء فيها ليست السماء التي يعرفها المؤمنون ألبتة، إذ لا وجود مادي لها، أو حمولًة ترتهن للرفع والخفض بواسطة أعمدٍة ما، أو أنها جسم يتعرض للفتق والطي والانشقاق، وأنها قد تسقط على الأرض أو غيرها، أما النجوم بالفضاء، فتنتشر على مساحة تقدر بترليونات من السنوات الضوئية، وهي ليست قناديل معلقة بكابٍل ما، لتضيَء عتمة كوكب، هو أصغر من أصغر ذرة رمل على شاطئ منسي من شواطئ بنغازي، أو لترجم الجن وترديهم قتلى إذا اقتربوا منها لاستراق السمع، لأنه لا وجود لكينونة عاقلة خلف ما ُيسمى سماًء كي تتكلم فتسمعها الجن، والقمر ليس ساعة يد لأمة دونًا عن بقية الأمم، كي تتحرى بها ظهوره عند الصيام، وعند الفطر، وبمواسم الحج والعمرة، واحتساب الأشهر الحرام والأشهر الحلال، والكون ليس مسخرًا لأحد بما فيهم البشر، فالبشر فصيلة حيوانية ثديية حّلت متأخرًة بالأرض، وهم لم يكتسبوا القدرة على الفهم والنطق، إلا بعد ملايين السنين من التطور، ولأن النظرية لا ُتعطي أي فرادة لكوكب الأرض ولا تمنحه امتيازًا ما على غيره، فهي مجرد كوكب صغير تافه في مجرة صغيرة وتافهة، من ضمن عشرة مليارات من مجرات أخرى إن لم يكن أكثر.
إن الطرح الذي تبناه شحرور وغيره، يقوم على تلفيق نظرية غير محسومة كليًا للقرآن، وجعلها هي التصور الكلي والمحسوم لعملية الخلق فيه، بل أنه لا يتورع عن أخذ ما يلائم القرآن منها وطرح الباقي جانبًا، وبهذا يكون السيد شحرور، قد اعتدى على هذه النظرية، وأخذ منها ما يعزز فكرته المسبقة، وتجاهل تمامًا ما يصادمها، وهذا هو دأب أصحاب نظرية الإعجاز العلمي، فهم لصوص فكر بمسوح دينية، ليسوا بارعين حتى في السرقة العلمية.
إن ما دفعني لإثارة هذا الموضوع بهذه الصيغة الحادة، هو اندفاع جيل الشباب من أولادنا وراء خرافات هذا الرجل الرثة، دون أن يكلفوا أنفسهم عناء القراءة لما يطرحه من مواضيع من مصادر أخرى، حتى تتكون لديهم فكرة متوازنة عن أي مسألة ُتطرح عليهم، هؤلاء الذين يعانون من كسل القراءة، ولا يحوزون على ترف الشك والمراجعة لما ُيضخ إليهم عبر الفيس بوك من معلومات، الفيس بوك الذي بدأ ينتج لنا عقولاً تستهلك المعلومات كما ُتستهلك الأطعمة السريعة الفاسدة، فتنتج أدمغة مترهلة، ومسممة بالتحيز، عاجزة عن التفكير في جميع الاتجاهات، والسبب قبلها هو نوعية التعليم التي تلقاها هؤلاء، في مدارس الأنظمة العربية الفاسدة، التي تفتقر للنقد والتحليل وتقوم على محض التلقين والتلقي.
المراجع
‏[1] https://youtu.be/6azFsbEQ62Q
[2] أنظر السيرة الذاتية على الموقع الشخصي https://shahrour.org/?page_id=2

وفاء البوعيسي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وجه نظر
جلال العبار ( 2019 / 2 / 2 - 04:22 )
المسلم لا يمكن ان يؤمن بالانفجار لان الله لم يقل ان الذى حصل هو الانفجار ف)
 الله يقول  الذى حصل هو الخلق وليس انفجار)
لان الانفجار يعنى الدمار ونهاية الشئ )
ثم الله لا يحتاج إلى الانفجار طالما يستطيع ان يخلق يقول لشئ كن فيكون بدون انفجار 


2 - وجه نظر
جلال العبار ( 2019 / 2 / 2 - 13:13 )
طريقه الخلق الذى قال عليها الله هى الفطر
قال بل ربكم رب السموات والأرض الذى فطرهن ض
فطره الله التى فطر الناس عليها
فهل الناس خلقوا عن طريق الانفجار
والفطر هو انشقاق الشئ وخروج من شئ آخر مثل النبات فطر الأرض بدون اى انفجار


3 - تعليق
جلال العبار ( 2019 / 2 / 21 - 05:12 )
القران كتاب هدى فقط ويفرض شروط مقابل الجنه مثل لا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين ولا اعتقد انه يحتاج إلى فيزياء او كيمياء وانفجارات


4 - سؤال
جلال العبار ( 2019 / 3 / 1 - 11:10 )
سلام استاذه وفاء
سؤال الله يقول خلقت الإنسان من تراب هل العلم يثبت او ينفى او هل العلم لم يصل إلى هذه المعلومه بعد او لم يعرف العلم من أين أصل الإنسان


5 - توضيح
جلال العبار ( 2019 / 3 / 1 - 21:32 )
فى سنه ايام وليس فى عشر ليالى كما يقول شحرور ان ربكم الله الذى خلق السماوات والأرض فى سته ايام
من سوره الأعراف ايه 54


6 - شهاب وليس نجم
جلال العبار ( 2019 / 3 / 4 - 05:49 )
كثير من الناس يعتقدوا أن النجم هو الذى يتبع الشيطان وهذا غير الصحيح الذى يتبع الشيطان هو شهاب وليس نجم بدليل لايه()
  إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ )
سورة الحجر الاية رقم 18)
والشهاب شي صغير يستطيع حتى الإنسان يحمله بدليل موسى عليه السلام أخذ من النار شهاب )
إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ )
سورة النمل الاية رقم 7

اخر الافلام

.. إسرائيل تقرر إدخال 70 ألف عامل فلسطيني عبر مرحلتين بعد عيد ا


.. الجيش الإسرائيلي يدمر أغلب المساجد في القطاع ويحرم الفلسطيني




.. مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح


.. يهود أمريكا: نحن مرعوبون من إدارة بايدن في دعم إسرائيل




.. مجلس الشؤون الإسلامية في أمريكا: الرد القاسي على الاحتجاج ال