الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاقتصاد العالمي يتراجع بسبب الحرب التجارية

جورج حداد

2018 / 12 / 3
السياسة والعلاقات الدولية


إعداد: جورج حداد*


بدأت الحرب التجارية التي شنتها ادارة ترامب ضد الصين تعطي نتائجها السلبية على الاقتصاد العالمي برمته. ويقول الخبراء ان العلاقات السلبية بين الولايات المتحدة والصين سوف تؤثر على جميع البلدان. وتتوقع منظمة التجارة العالمية ان التبادل التجاري العالمي سينخفض 2%. اما منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (الاوروبية) فتتوقع ان ينخفض التوظيف في البيزنس حوالى 3% تحت المعدل الوسطي. ولم يكن يوجد اي حظ للتوصل الى عقد صفقة بين الولايات المتحدة والصين في قمة العشرين الكبار في الارجنتين.
والاقتراحات بتنازلات متبادلة التي قدمتها الصين كان يمكن ان تكون بداية جيدة للتسوية الا انها لم تحظ بقبول ادارة ترامب.
وقد ظهرت الشركات الاوروبية الكبرى بنتائج مخيبة للآمال في الثلاثة اشهر الثالثة من السنة الجارية. والسبب هو ارتفاع اسعار الخامات وزيادة الضرائب الجمركية.
وتشير المعطيات ان المواجهة لن تنتهي قريبا وسيكون لها نتائج صعبة للاقتصاد العالمي بمجمله.
ويقول لورنس بون، الخبير الاقتصادي الرئيسي في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ان الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين ستسبب بتأخير الاقتصاد العالمي حتى سنة 2021، ذلك ان الضغط المتوقع على الاسعار يمكن ان يجبر "الفيديرال ريزيرف" الاميركي على تشديد سياسته المالية، كما تحذر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، الاوروبية.
وفي احدث توقع لها تلاحظ المنظمة ان القيود المتبادلة بين اميركا والصين يمكن ان تؤدي الى كارثة حقيقية للاقتصاد العالمي، كما كتبت Financial Times. "ولم يعد يجري الحديث عن نمو اكثر ضعفا، بل عن تراجع"، كما يقول لورنس بون، الخبير الاقتصادي الرئيسي في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وحسب رأي هذا الخبير فإن التحديات الان هي اكبر من المعتاد بسبب تفاقم التوتر في القطاع التجاري العالمي ولان الرساميل تنسحب من البلدان النامية نحو البلدان التي تقوم بتطبيع سياستها العملوية.
وتتوقع المنظمة ان يتراجع الاقتصاد العالمي من نسبة 3.7% هذه السنة الى نسبة 3.5% في سنة 2019 و2020.
وتؤكد منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ان ازدياد التوتر بسبب الحرب التجارية يمثل احد المخاطر الرئيسية على تطور الاقتصاد العالمي.
والتعرفات التي تفرضها الان كل من اميركا والصين سوف تؤثر على الانتاج في جميع بلدان المنظمة.
واذا نفذت اميركا خطتها لفرض ضريبة 25% على بضائع صينية بقيمة 200 مليار دولار بدءا من شهر كانون الثاني القادم، وردت الصين على الضربة بمثلها، فهذا سيزيد اسعار المواد الاستهلاكية في اميركا بمقدار 0،6%. والنتيجة هي زيادة عدم الامان بالنسبة لمشاريع توظيفات البيزنس في جميع ارجاء العالم.
وفي مثل هذا التطور للاوضاع فإن الانتاج القائم العالمي سوف ينخفض 0.8% عما كان متوقعا لسنة 2021، اما بالنسبة لاميركا فسيكون 1% اقل، كما ستكون النتائج اصعب بالنسبة للصين كذلك. والتجارة العالمية ستنخفض 2%، وتوظيفات البيزنس في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ستكون حوالى 3% ادنى من المستوى المتوسط.
وقد خفضت المنظمة توقعاتها للنمو الاقتصادي للبرازيل، روسيا، تركيا وجنوب افريقيا. واشارت ان ارتفاع نسبة الفائدة سوف يؤدي ايضا الى زعزعة الاسواق المالية وان يدفع المستثمرين الى اعادة النظر في المخاطر والتقلبات التي يمكن ان يتحملونها.
وبالنسبة للمستهلكين الاميركيين فإن زيادة الضرائب الجمركية سوف تؤدي الى ارتفاع الاسعار، كما تتوقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. واذا اثرت التعرفات على قسم اكبر من السلع فإن السياسيين سيتجهون نحو اتخاذ اجراءات.
وتأخذ المنظمة في الاعتبار خطر تباطؤ الاقتصاد في الصين وتذبذب اسعار النفط، وعدم الامان بعد Brexit وعدم استقرار عدد من البنوك في منطقة اليورو. وهي تدعو الحكومات ان تخطط برامج يمكنها ان تطورها بسرعة، اذا ظهرت ضرورة لتنسيق حوافز مالية مشتركة. و"بوجود مستويات مرتفعة لدين الدولة من الصعب استخدام السياسة المالية بنفس الطريقة كما كان من قبل، والاستنتاج المنطقي هو ان البلدان المعنية ينبغي ان تبحث سوية مشاكلها"، كما يقول لورنس بون.
ولم تبدل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية توقعاتها بالنسبة لاميركا في السنتين القادمتين، وهي تتوقع ان يتباطأ الاقتصاد الاميركي حتى 2% سنة 2020.
وبالنسبة للصين توقعت المنظمة انكماش نموها من 6.6% الى 6%، وهو ادنى مستوى لها منذ 30 سنة.
والصفحة الاكثر قتامة هي المتعلقة بمنطقة اليورو، حيث يتوقع ان ينكمش النمو من 2% كما كان متوقعا الى 1.6% سنة 2020 بالرغم من السياسة العملوية المخففة.
وفي بريطانيا يتوقع ان لا يتعدى النمو 1.4% سنة 2019.
واسعار السلع والخدمات ستواصل ارتفاعها و"تأكل" ريعية التوظيفات الرئيسية.
والاقتصاد الالماني سيسبب الصداع للبنك المركزي الاوروبي الذي سيعمل للمحافظة على مستوى نسبة الفائدة.
ويحسب البنك المركزي الاوروبي ان تأخر الاقتصاد في منطقة اليورو هو نتيجة لعدم الاستقرار العالمي ولفقدان الثبات الايجابي.
هذا واخذ الوضع الاقتصادي المتدهور ينعكس على مستوى المعيشة وخرجت في فرنسا مظاهرات عنيفة ضد الغلاء وتدهور مستوى المعيشة واتساع البطالة. وبرزت في الاحتجاجات ظاهرة السترات الصفراء وهم مجموعات غير منظمة من المحتجين المستقلين الذين لا يتبعون لاي حزب او نقابة، مما يجعل قمعهم وضبطهم ولجمهم اكثر صعوبة امام قوى الامن والسياسيين والاحزاب والنقابات المدجنة. وانتقلت الاحتجاجات وظاهرة السترات الصفراء الى بلجيكا ويتوقع ان تتوسع اكثر.
ويرى بعض المراقبين ان الطامة الكبرى ستكون اذا ارتدت كرة النار الى اميركا ذاتها التي دشنت الحرب التجارية العالمية. ففي ازمة سنة 2008 ـ 2009 لجأت اميركا الى الحل المالي برفع سقف الدين العام وطباعة كمية كبرى من الدولارات الورقية بدون تغطية ذهبية. اما الان فهي لا تستطيع فعل ذلك لانه سيؤدي الى التضخم ورفع الاسعار وتخفيض الاجور الفعلية وانتشار البطالة وتدني مستوى المعيشة، وبالتالي الى انفجار الاحتجاجات الشعبية والسترات الصفراء وحرب الشوارع في مختلف المدن الاميركية. وادارة ترامب تؤجل انفجار الازمة في اميركا بالضغط على السعودية وزعانفها النفطية وبيعها الاسلحة واستحلابها ماليا. فكم سيمتد حبل الانقاذ السعودي لاميركا ترامب؟ وألن ينقطع هذا الحبل بالمنشار الذي قطع جسد جمال الخاشقجي؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي على مركز رادارات في سوريا قبيل الهجوم على مدينة


.. لماذا تحتل #أصفهان مكانة بارزة في الاستراتيجية العسكرية الإي




.. بعد -ضربة أصفهان-.. مطالب دولية بالتهدئة وأسلحة أميركية جديد


.. الدوحة تضيق بحماس.. هل تحزم الحركة حقائبها؟




.. قائد القوات الإيرانية في أصفهان: مستعدون للتصدي لأي محاولة ل