الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شعر الأحراش : شعر رعاة البقر الأستراليون

محمد نجيب السعد

2018 / 12 / 3
الادب والفن


تعود بدايات شعر الأحراش الأسترالي ( و هو النسخة الأسترالية لشعر رعاة البقر ) الى بدايات الأستيطان البريطاني ووصول الأسطول البريطاني في يناير من العام 1788 الى تلك القارة و تأسيس مستعمرة نيوساوث ويلز التي كان معظم سكانها ولحوالي نصف قرن تقريبا ( 1788-1823) من السجناء المنفيين. بدءاً من عام 1793 بدأ المستوطنون في الوصول الى المستعمرة . لم تكن هناك مدارس في المستعمرة و أقتصرت أعداد المتعلمين على من جاء الى أستراليا و هو يعرف القراءة و الكتابة ، لذلك لم تكن هناك حاجة الى الصحف أو الأشياء المكتوبة و إكتفى الناس بالتواصل الشفوي أو الملاحظات التي كانت تكتب في اللوحات داخل محلات البقالة .
كانت المزحة و القصة شكلين رائجين للترفيه في تلك الفترة و حيثما كان هناك تجمع للناس . اصبحت القصة أداة للمنافسة و حاول القصاصون هزيمة بعضهم البعض . هذه القصص التي كانت تعرف باسم ( YARN و هي قصة طويلة عن أحداث فنتازية غير مقنعة) أصبحت أكثر طولا ، وبالتالي أكثر صعوبة في التذكر .و دخلت القافية في القصص لمساعدة المؤلفين على حفظها. و تطور هيكل القصص أكثر قليلا عندما بدأ المؤلفون في كتابة مقدمات قصصهم شعرا مما زاد في سهولة الحفظ و التذكر . نتيجة لهذه التغييرات ، ولد شعر الأحراش الأسترالي. آلف البحارة الأنجليز و الأستراليون الأميون أغان موزونة و مقفاة و يعتقد أن تلك الأغاني أثرت بشكل أو أخر في تطور شعر الأحراش.
بدأ العديد من المستوطنين (غير السجناء) مشاريع تجارية لتلبية احتياجات السجناء والحراس والجنود والموظفين الإداريين للمستعمرات. لقد وفرت تلك المشاريع الطعام و الملابس و الأخشاب و الخيول والثيران للنقل ، بالإضافة إلى الضروريات الأخرى. وظفت تلك المشاريع عددا كبيرا من السجناء خلال تمتعهم بفترة الاجازات و بدأت أعداد السكان في المدن و التجمعات الريفية في الأزدياد . تعكس موضوعات شعر الأحراش إهتمامات ومواقف المجتمع في المستعمرات ، و هي موضوعات كانت متنوعة جدا لأن كل ما كان يثير أهتمام الجمهور تراه موجودا في شعر الأحراش ، فترى القصائد الفرحة جدا و المأساوية جدا جنبا الى جنب مع القصائد التي تتحدث عن اليومي من الاحداث.
يعتبر شعر الأحراش في المستعمرات أول ثقافة محلية في أستراليا. في حين كان شعر الأحراش الشفهي متوفرا بكثرة ، فإن شعر الأحراش المكتوب كان يتطور ببطء مع قصص الناس والأحداث الجارية في جميع أنحاء المجتمع لأسباب ترتبط في المقام الأول بضعف التعليم وقلة المتعلمين. كان الأثرياء وحدهم القادرين على دفع تكاليف عدد قليل جداً من المدرسين الخاصين المتوفرين لتعليم أطفالهم. بُذلت جهود متضافرة في ثلاثينيات القرن التاسع عشر لتوفير تسهيلات تعليمية للأطفال في المستعمرات ، عن طريق إنشاء مدارس عامة ، كانت تديرها الدولة. كما تم إنشاء مدارس مستقلة تديرها الكنائس بمختلف طوائفها . لم يصبح التعليم إلزامياً للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و 13 سنة الا في العام 1875 ، ولكن العديد من الأطفال لم يلتحقوا بالمدارس لأن التعليم بالنسبة لمعظمهم لم يترجم إلى وظائف أفضل أو أجور أكثر.
في عام 1802 ، تم تعيين جورج هوي (1769 - 1821) ، وهو سجين لديه بعض مهارات الطباعة ، مسئولا عن المطبعة الحكومية وكلف بمهمة إخراج أول المطبوعات في أستراليا. منذ الخامس من مارس من عام 1803 ، سُمح لجورج هوي بطباعة أول صحيفة أسبوعية في أستراليا تحت أسم Sydney Gazette و New South Wales Advertiser. كانت تحتوي بشكل أساسي على إعلانات رسمية ، ومواعيد وصول و مغادرة السفن ، بالإضافة إلى إعلانات عامة (أخرى) ، والأخبار المحلية وغيرها من الأمور المثيرة للاهتمام. كان تداول هذه الصحيفة محدودا جدا حيث لم يكن هناك سوى عدد قليل من الناس في المستعمرة يعرفون القراءة و الكتابة أو الذين كانوا مهتمين بالمحتوى الذي كان يخضع الى رقابة صارمة . أحتوت الجريدة على بعض الأشعار التي خضعت بدورها الى رقابة شديدة . لم يتم تقديم معظم شعر الأحراش الذي كتب خلال هذه الفترة للنشر لعدم أنطباق شروط الرقابة عليها . استمرت الرقابة من قبل الحكومة حتى عام 1824 ؛ في وقت لاحق ، و في غضون عشر سنوات تم تأسيس أكثر من أربعين صحيفة في جميع أنحاء المستعمرات الأسترالية. ومع ذلك ، فإن الكثير من تلك الصحف لم تستطع الاستمرار بسبب قلة عدد القراء . لم يزد مستوى محو الأمية في المستعمرة إلا قليلاً ، حيث كان هناك نسبة ستة وثمانين في المائة من السكان هم من السجناء .

كان هناك عدد قليل من السجلات العامة ولم تعكس الصحف بدقة مواقف المجتمع والقيم لأنها كانت لا تزال تخضع للرقابة من قبل الإدارة التي تسيطر عليها بريطانيا. ومع ذلك ، نقل شعر الأحراش تجارب الناس و أحاسيسهم . وبينما لم يكن شعر الأحراش دقيقًا في جميع الاحوال ، عكست بعض القصائد أساليب حياة الناس ، وعكست مواقف المجتمع وقيمه. وبالتالي ، يمكن استخدام الشعر بالاقتران مع مصادر أخرى ، للحصول على منظور أكثر دقة لتاريخ أستراليا الحديث.
خلال السنوات الخمس والعشرين التالية ، أكمل العديد من المدانين عقوباتهم وحصلوا على عفو مشروط، يمكنهم من الزواج بعد الحصول على موافقة الحاكم . مع زيادة عدد السكان في المستعمرات ، تغيرت المواقف العامة حول أهمية التعليم ؛ وبالتالي ، زاد الطلب على المدارس الإضافية. ومع ازدياد عدد تلك المدارس تراجعت نسبة الأمية و أزداد أقبال الناس على الصحف والمجلات. على الرغم من إلغاء الرقابة لأكثر من خمسين عامًا ، إلا أن معظم الصحف لا تزال تنشر موادًا تتفق مع وجهات نظر المؤسسة البريطانية بما في ذلك الأخبار والإعلانات والشعر وغيرها من الأمور المثيرة للاهتمام.
في عام 1880 ، أسس جول فرانسوا أرشيبالد بالشراكة مع جون هاينز صحيفة Bulletin وظهر العدد الأول في الحادي والثلاثين من يناير. بدأ أرشيبالد مسيرته المهنية كمتدرب في مطبعة ، ثم عمل في توصيل الصحف بالأضافة الى كونه صحفي وكاتب. وفي وقت لاحق ، عمل في مناجم الذهب في مايتاون ، مع السكان الأصليين وعمال أيرلندين وألمان وفرنسيين وصينيين و آخرين جاؤا الى استراليا في فورة تشبه حمى الذهب .
حققت ال Bulletin نجاحًا فوريًا يعود الى إدارة أرشيبالد الجيدة ، الذي أفترض الجميع قراء لصحيفته . لم يطبق أرشيبالد الرقابة ذاتها التي كانت تستخدمها الصحف والمجلات الأخرى في ذلك الوقت و نشر مساهمات القراء من مقالات و قصص قصيرة و صور الكاريكاتير والشعر مهما كانوا ، بما في ذلك السياسيين و رجال الأعمال و المحامين و معلمي المدارس و رجال النقابات و ملاكي الأراضي و و رعاة البقر و عمال جز صوف الأغنام و عمال المناجم أو الكتاب المستقلين. كما قام أرشيبالد بنشر الأخبار السياسية والتجارية الجيدة ، و الشائعات حول الدوقيات ورؤساء الأساقفة ، بما في ذلك أخر الأحداث من المدن الأسترالية وكذلك من لندن وباريس ونيويورك وموسكو. أستخدم شعراء الأحراش تلك المواضيع في القصائد التي كتبوها .
ومع أزدياد توزيع ال Bulletin ليشمل جميع قطاعات المجتمع ، توسعت قاعدة شعراء الأحراش لتشمل بالأضافة الى ملاكي الأراضي و رعاة البقر المحامين والسياسيين ، الذين استخدم بعض منهم شعر الأحراش لتسويق أرائهم السياسية . لم يقم أرشيبالد بنشر الشعر الذي ساهم به القراء فحسب بل دفع ثمن القصائد التي اعتبرها جديرة بالاهتمام ، والتي كان أبرزها ، أندرو بارتون (بانجو) باترسون (1864 - 1941) و كان محاميا وهنري لوسون (1867 - 1922) و هو عامل بناء و معلم رسم. كانت ال Bulletin عبارة عن قناة تربط بين مدن أستراليا مع المجتمعات الريفية ؛ وبالتالي ، ساهمت في تعزيز مكانة شعر الأحراش كثقافة شعبية في جميع أنحاء الولايات الأسترالية. على الرغم من أن شعر الأحراش لا يزال يغطي قصصًا من جميع مناحي الحياة ، الأ أن الصورة الرومانسية للريف كانت تحتل مكانا بارزا فيه .
كانت السنوات التي سبقت الاتحاد الفيدرالي في الأول من كانون الثاني / يناير 1901 أوقاتاً عصيبة في تاريخ أستراليا مع تزايد المواجهة بين المؤسسة البريطانية الحاكمة وأنصار أستقلال الولايات و أنصار الحكم الوطني الفيدرالي . استخدم العديد من شعراء الأحراش ذوي الآراء السياسية شعرهم كوسيلة لنشر آرائهم المؤيدة و المناهضة للأدارة البريطانية . سجلت الوثائق العامة والصحف والكتب أحداث تلك الفترة من التاريخ الأسترالي ، مع ذلك يبقى شعر الأحراش المرآة الحقيقية للمجتمع في تلك الأيام . كانت ال Bulletin مؤثرة للغاية في الثقافة والسياسة الأسترالية من حوالي عام 1890 حتى عام 1917 ، و هي الفترة التي تسمى مدرسة ال Bulletin في للأدب الأسترالي.

ظل شعر الأحراش شكلاً بارزًا من الثقافة الشعبية على الرغم من أن أشكالًا أخرى من الترفيه كانت تتطور مع اختراع تقنيات جديدة مثل السينما في عام 1896 ، والإذاعة في عام 1923 ، والجرامافون في عام 1925. على الرغم من أن هذه التقنيات وغيرها تتنافس مع شعر الأحراش كنشاطات ثقافية ترفيهية الا إنها لم تؤثر بشكل كبير على شعبية شعر الأحراش .
بدأ البث التلفزيوني المنتظم في أستراليا في عام 1956. ومنذ ظهوره ، سيطر التلفزيون بشكل متزايد على الترفيه الشعبي في أستراليا ووقت الفراغ للأستراليين الذين لاحظوا تراجع كتابة وقراءة شعر الأحراش كتجربة شعبية. لحسن الحظ ، بقيت مجموعة صغيرة من شعراء الأحراش حاولت الأبقاء هذا ديمومة هذا الفن بالرغم من قلة فرص النشر أو قراءة قصائدهم في المهرجانات بسبب المنافسة القوية من قبل أشكال الترفيه الثقافي الشعبي الآخرى.
في الثمانينات من القرن الماضي ، بدأ شعر الأحراش بالعودة من جديد عندما قام نفر صغير من شعراء الأحراش بقراءة قصائدهم في مهرجان تامورث للموسيقى الريفية (المعروف سابقًا باسم أسبوع موسيقى الريف) الذي أصبح يتمتع بشعبية متزايدة كل عام. في كانون الثاني / يناير 1994 ، تم تأسيس جمعية شعراء الأحراش الأستراليين في تامورث في نيو ساوث ويلز خلال أسبوع موسيقى الريف. الهدف من الجمعية هو تشجيع و تطوير شعر الأحراش في أستراليا. تطورت الجمعية لتصبح منظمة وطنية أتقدم خدماتها في جميع أنحاء أستراليا.
واليوم ، يستمر تطور شعر الأحراش من خلال العشرات من الأندية التي تعنى بشعر الأحراش في المدن والبلدات والمجتمعات الريفية في جميع أنحاء أستراليا. وعلاوة على ذلك ، فإن العديد من الفعاليات والمهرجانات تشمل شعر الأحراش في برامجها الترفيهية.
يُعرّف شعر بالأحراش الأسترالي بأنه شعر موزون و مقفى عن أستراليا والأستراليين و طريقة الحياة الأسترالية و هو يمتاز بشكل عام بما يلي :
1. أنه يحكي قصة ، تجري وقائعها في الأحراش الأسترالية ، وعادة ما تركز على شخصية واحدة مركزية لكنها قد تشمل أكثر من ذلك.
2. يستخدم الصور البلاغية المختلفة من أستعارة و تشبيه و غيرها ، وربما الحوار ، لإعداد المشهد والأحداث والشخصيات ورسم صورة قوية في رأس القارئ.
3. يكتب في بحر و قافية منتظمين
4. يكتب هذا النوع من الشعر عادة من اجل القراءة و الاستماع ، لذلك يتم اختيار كلمات خاصة لإعداد الاجواء . على سبيل المثال ، يمكن لسلسلة من الكلمات التي تحتوي على صوامت قصيرة و صوائت قوية أن تخلق مزاجا متوترًا أو سريعا ، في حين أن سلسلة من الصوامت الطويلة و الصوائت اللينة يمكن أن تثير مزاجًا هادئًا أو متأملا.
6. يتبع في بناءه بنية القصة من بداية و تطور الحدث ثم النهاية.
7. تتيح النهاية للقارئ أو المستمع فهم تطور الاحداث بالعلاقة مع البطل و الشخصيات الأخرى و كذلك فهم الرسالة أو الرسائل التي بعثها المؤلف .
يمكن استخدام العديد من المصادر لتسجيل التاريخ الأسترالي. استخدم الأستراليون الأصليون التواصل الشفاهي و الرسم على الصخور لنقل تاريخهم عبر الأجيال. بينما ينعكس التاريخ الأسترالي منذ الاستيطان الأوروبي في شعر الأحراش الذي يكشف المواقف والأفكار والأحداث المجتمعية في أيام الاستيطان الاستعماري. تم حجب السجلات العامة والصحف رسمياً من قبل المؤسسة البريطانية الخاضعة للرقابة لما يقرب من أربعين عاماً واستمرت آثار الرقابة بشكل عام لأكثر من سبعين عاماً. و أضطرت معظم الصحف الى محاباة المؤسسة البريطانية الحاكمة . لذلك يصبح من المعقول أن يكون شعر الأحراش النافذة او المرآة التي عكست الحياة العامة بدقة أكبر في شعر الأحراش المبكر والتي لا تزال سارية اليوم. أهمية دور الأحراش في التاريخ الأسترالي من أيام الأستعمار الأولى حتى يومنا هذا لا يمكن المبالغة في تأكيدها.
++++++++++

"الرجل من نهر سنوي " هي قصيدة لشاعر الأحراش الأسترالي المشهور أندرو بارتون "بانجو" باترسون ( 1864 –1941 ) هو شاعر وصحفي ومؤلف أسترالي. كتب العديد من القصائد والأغاني عن الحياة الأسترالية، وركز بشكل خاص على المناطق الريفية ، بما في ذلك منطقة بينالونغ في نيوساوث ويلز ، حيث أمضى معظم طفولته. ومن أبرز قصائد باترسون ( الرجل من نهر سنوي ) التي نشرت للمرة الأولى في صحيفة The Bulletin ، الأسترالية في 26 أبريل 1890 ، ونشرت مرة أخرى في مجموعة باترسون المعنونة The Man from Snowy River & Other Verses للناشر Angus & Robertson في أكتوبر 1895 .
تروي القصيدة قصة المطاردة للقبض على مهر فرس سباق مشهور فر من صاحبه و التحق بنفر من الخيول البرية في منطقة الأحراش القريبة من الجبال . في نهاية المطاف تنزل تلك الخيول البرية واد شديد الانحدار ، تضطر معها فرقة المطاردة الى التخلي عن مهمتها ، باستثناء شاب منهم ( بطل القصيدة ) كان يمتطي حصانا صغيرا ينجح في اللحاق بالخيول و القبض على المهر الهارب .
استخدم الشاعر باترسون اللغة العامية الأسترالية و الصور الشعرية من تشبيه و أستعارة و غيرها ، أضافة الى الطبيعة الأسترالية التي تتسم في بعض مواقعها بدرجة كبيرة من الخطورة كخلفية لاستحضار حكاية عن الشجاعة والمثابرة والتحمل والمفاهيم الأسترالية حول العمل الجماعي و الشجاعة و المثابرة و التحمل و النزاهة. إنها قصة المستضعف الذي يرتقي إلى المناسبة وينتصر.
تقع القصيدة في 13 مقطعًا ، يحتوي كل منها على ثمانية أسطر. تتحرك القصيدة بأكملها على إيقاع منتظم وسريع يمكنك من خلاله سماع الخيول البرية التي تسير بسرعة كبيرة ، وذلك بسبب كثرة استخدام الحروف الصائتة المشددة . توظف القصيدة المحاكاة الصوتية ( onomatopoeia ) الجناس الأستهلالي القوي ( alliteration ) . هذه الميزات ، جنبا إلى جنب مع القافية ( ABAB CDCD ) تنتج قصيدة موسيقية جميلة . نظرا لأهمية بانجو باترسون في أستراليا وضعوا صورته في العملة من فئة 10 دولارات أسترالية ، بالأضافة الى القصيدة كاملة و عدة مرات بشكل صغير جدا لمنع التزوير .

++++++++++++++++++++++

دبت حركة في المزرعة ،
أشاعة تقول أن مهر أولد ريجرت ، و كان يساوي ثروة طائلة
قد فر، وانضم إلى خيول الأحراش ،
لذلك تجمع الفرسان للمشاركة في المطاردة
جميع الخيالة المهرة من المزارع القريبة و البعيدة
تجمعوا في ليلة و ضحاها ،
لأن فرسان الأحراش يحبون المطاردات الصعبة
حيث تتجمع خيول الأحراش البرية ،
والحصان الاصيل يشم بفرح رائحة المطاردة.

كان هناك هاريسون ، الذي جمع الكثير من المال عندما فاز باردون@ بالكأس ،
كان رجلا عجوزا بشعر ابيض ثلجي .
لكن قلة من الناس استطاعوا الصمود أمامه عندما يغلي دمه
كان يذهب إلى أي مكان يصله رجل و حصان .
و هناك كلانسي الذي جاء من مزرعة أوفرفلو ليقدم المساعدة،
لا يوجد فارس مسكت يدياه العنان أفضل منه ؛
لم يوقعه حصان الارض قط ،
تعلم الركوب بينما كان يقود الماشية في السهول .

و كان هناك أيضا فارس شاب يمتطي وحشا صغيرا شرسا ،
كان وحده سباق خيل مصغر
حصانه من أصول برتغالية استورد من تيمور -
وهو خيُال مشهور بين فرسان الجبال .
لقد كان قاسياً وصعب المراس و نشيطا - من النوع الذي لا يهاب الموت -
كانت هناك شجاعة تكمن في خطوا ته السريعة اللهوفة؛
وكان الشجاعة تشع من عينيه الساطعتين و الناريتين ،
و رأس يطاول فخرا و نبالة .

الا انه كان ضئيلا و ضامر الجسد ، مما يشكك الأخرين في قدرته على البقاء ،
وقال الرجل العجوز ، " حصانك هذا لن يصمد أبداً
في المطاردات الطويلة والمتعبة ، أفضل لك أن تتراجع ،
هذه التلال صعبة للغاية بالنسبة لك."
لذلك وقف ينتظر حزينًا يعتريه الندم – كان كلانسي الوحيد الذي وقف الى جانبه
وقال: "أعتقد أننا يجب أن ندعه يأتي.
أنا أضمن أنه سيظل معنا عندما نحتاجه في النهاية ،
لأنه و حصانه تربيا في الجبال ."

" أنه ينحدر من منطقة نهر سنوي ، قرب جبل كوسيوسكو ،
حيث التلال شديدة الانحدار ووعرة كثيرا ،
حيث تطلق حوافر الحصان الشرار عند كل خطوة لها فوق الحجارة الصوانية ،
والرجل الذي يصمد هناك هو رجل جيد بما فيه الكفاية.
و فرسان نهر سنوي جعلوا من الجبال سكنا لهم ،
حيث يجري النهر بين تلك التلال الكبيرة ؛
لقد رأيت الكثير من الفرسان منذ أن بدأت بالترحال ،
لكني لم ارى مثل هؤلاء الفرسان في أي مكان ".

فذهب معهم - وجدوا الخيول عند مجموعة من اشجار الميموزا الكبيرة -
الا أن الخيل فرت صوب الجبل ،
أطلق الرجل العجوز أوامره ، "أيها الفرسان ، إعدوا بخيولكم سريعا،
لا تستعرضوا بها الآن.
و عليك يا كلانسي ، أن تقودهم صوب اليمين .
وعليك ان تكون جريئا و لا تخشى السقوط ،
لأنه ما من فارس منا سيرى الخيول
إذا ما وصلت وراء تلك التلول .

لذا ركب كلانسي ليقودهم - كان يجري بحصانه على الجناح
حيث يتواجد أفضل و أجرأ الخيالة ،
قاد حصانه الأصيل متجاوزا الأخرين ، ورردت الجبال صوت سوطه ،
أصبح وجها لوجه مع الخيول
توقفت الخيول للحظة ، بينما كان يلوح بسوطه اللعين ،
لكنهم رأوا جبلهم المحبوب كاملا أمامهم ،
وانطلقوا بقوة و بشكل مفاجيء ،
صوب حافة الجبل و أختفوا .

تبعتهم فرقة المطاردة ، حيث كانت الأودية عميقة وسوداء
مدوية وقع الخيول ،
وأيقظت السياط الأصداء ، لتجيبها الأخيرة
من المنحدرات والصخور التي تدور فوق الرؤوس.
وصعدت الخيول ،
حيث تنتشر أنواع من شجر اليوكالبتوس ؛
وتمتم الرجل العجوز بضراوة ، "قد نودع الخيول ،
أذا ما وصلت الى النهاية الثانية من المنحدر ."

عندما وصلوا إلى قمة الجبل ، توقف الجميع ، حتى كلانسي
كانت الحافة مهيبة تجعل الشخص الأكثر جرأة يحبس أنفاسه ،
غطت الأحراش القمة بشكل كثيف ، وكانت الأرض التي غطتها الأحراش
مليئة بجحور الومبات@ ، و أية زلة تعني الموت.
لكن الرجل من نهر سنوي سمح لمهره بالمرور ،
و لوح بسوطه و صاح ،
ونزل بالمهر سريعا إلى أسفل الجبل مثل السيل ،
بينما وقف الآخرون يتطلعون وقد امتلكهم الخوف .

طارت الحجارة الصوانية ، ولكن المهر ثابت القدمين ،
أزاح الخشب بخطواته ،
والرجل من نهر سنوي لم يتحرك في سرجه -
كان من الرائع أن نرى الفارس فوق حصانه .
يمر فوق الشجيرات و لحاء الشجر المتناثر على الأرض المتكسرة ،
مضى مسرعا على السفح ؛
ولم يسحب اللجام إلى أن نزل بسلام ،
في أسفل ذلك الوادي الرهيب .

كان بين الخيول وهي تتسلق التل الآخر ،
وسط ذهول الواقفين على الجبل ،
رأوه يلوح بسوطه بقوة ، كان بين الخيول حينها ،
يعدو سريعا وراء الخيول في المنطقة المفتوحة .
ثم غاب عن ناظرهم لبرهة من الوقت ، حيث يلتقي أخدودان في التلال
و عندما ظهر ثانية
فوق تلة قاتمة وبعيدة ما زالت الخيول البرية تجري ،
و الرجل من نهر سنوي يلاحقها .

ركض خلفها وحيدا حتى غطى الزبد جوانبها
تبعها مثل كلب مسعور ،
حتى توقفت الخيول متعبة و مهزومة ثم أدار رؤوسها صوب الديار ،
ووحده ودون مساعدة أعاد الخيول
لكن مهره الجبلي القوي كان بالكاد يمشي ،
غطته الدماء من الورك إلى الكتف حتى الحافز بسبب وخز راكبه.
لكن عزمه لم يتراجع ، وشجاعته كانت تفور ،
لأن خيول الجبل لم تخلق جبانة مطلقا .

و عند كوسيوسكو ، حيث ترتفع التلال المكسوة بالصنوبر
و حافاتها المسننة التي تبدو مثل أسوار القلعة ،
حيث يكون الهواء صافيا ، والنجوم البيضاء تلمع بوضوح
في منتصف الليل في السماء الباردة ،
وحيثما تفرش أسرًة القصب وتتأرجح حول مزرعة أوفر فلو" مع النسيم ،
والسهول المتعرجة واسعة ،
أصبح الرجل من نهر سنوي كلمة كثيرة التداول اليوم ،
والفرسان يحكون قصة مطاردته .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصدمة علي وجوه الجميع.. حضور فني لافت في جنازة الفنان صلاح


.. السقا وحلمى ومنى زكي أول الحضور لجنازة الفنان الراحل صلاح ال




.. من مسقط رأس الفنان الراحل صلاح السعدني .. هنا كان بيجي مخصوص


.. اللحظات الأخيرة قبل وفاة الفنان صلاح السعدني من أمام منزله..




.. وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما