الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من ارسل فرج الله الحلو للموت؟ ومن قتله؟ ولماذا؟

جورج حداد

2018 / 12 / 5
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


ان قضية قتل القائد الشيوعي الكبير الشهيد فرج الله الحلو هي من اهم القضايا في تاريخ الحزب الشيوعي السوري ـ اللبناني والحركة الشيوعية العربية والعالمية.
والحزب الشيوعي اللبناني ـ المعني الاول بهذه القضية ـ لم يعطها حقها التاريخي الا من باب الشجب المعنوي لقتله والتعظيم المعنوي الشخصي للشهيد فرج الحلو. وحتى الان يعلق الحزب الشيوعي اللبناني صور الشهيد فرج الله في مؤتمرات الحزب وفي مكاتبه. ومع ذلك لم يجر الى الان اي تحقيق وتقييم سياسي ـ تاريخي ـ حزبي لقضية ارسال فرج الله الحلو الى الموت وقتله والمتاجرة بدمه وطمس الحقيقة في قضيته.
وانا لا ادعي انني ألم بكل حيثيات هذه القضية الكبرى. ولكن مما اذكره من المعلومات، وتأسيسا على التحليل السياسي المنطقي، اسمح لنفسي بأن ارسم اللوحة التالية عن هذه الجريمة النكراء في تاريخ الحركة الشيوعية اللبنانية والعربية والعالمية وفي التاريخ العربي والعالمي برمته:
اولا ـ مسؤولية القيادة البيروقراطية السوفياتية واداتها المخابراتية
في رأيي المتواضع ـ وهذه مسألة تاريخية فكرية تحتاج الى مناقشة خاصة ـ منذ اغتيال لينين مسموما في 1924 واستيلاء خائن الشيوعية الاكبر المجرم ستالين وعصابته على السلطة في الاتحاد السوفياتي، لم يعد النظام السوفياتي نظاما اشتراكيا (جماهيريا او شعبيا بقيادة البروليتاريا وحزبها الشيوعي من ضمن المفاهيم الاشتراكية العلمية التي تعبر عنها نظريا الماركسية ـ اللينينية) بل تحول، بفعل الانقلاب الستاليني، الى نظام بيروقراطي تفرض فيه البيروقراطية الحاكمة، والمتسلطة على الحزب والدولة، دكتاتورية الطبقة البيروقراطية المعادية للاشتراكية وللحزب الشيوعي وللبروليتاريا وللجماهير الشعبية الكادحة. وقد حولت البيروقراطية السوفياتية النظرية الشيوعية او الاشتراكية العلمية الى خطابية ديماغوجية جوفاء لتبرير وتغطية خيانتها ودكتاتوريتها، ولترتكب جرائمها الكبرى باسم "الشيوعية!". وكانت الاجهزة القضائية والامنية المشبوهة هي القبضة الحديدية التي بواسطتها تم التطبيق العملي للدكتاتورية البيروقراطية.
بعد هذه الاسطر الضرورية علي القول ان القيادة البيروقراطية السوفياتية لم تكن راضية عن فرج الله الحلو لانه كان معارضا للسياسة البيروقراطية السوفياتية التي سبق وايدت تقسيم فلسطين واقامة الدولة اليهودية على ارضها. وحينذاك ـ في 1947 ـ اعترض فرج الله الحلو على الموقف السوفياتي (الستاليني) من تقسيم فلسطين وانشاء دولة اسرائيل، فجرى ابعاده عن قيادة الحزب واضطهد وأذل من قبل القيادة البكداشية العميلة للكا جي بي (التي كان يعود لها قيادة الاحزاب الشيوعية في العالم). وفي 1958 كان فرج الله الحلو مؤيدا للوحدة العربية ومعارضا للدكتاتورية الناصرية. في حين ان القيادة البيروقراطية السوفياتية كانت معارضة للوحدة العربية بالمطلق، وتتحجج بمعارضة الدكتاتورية كمدخل لمعارضة وافشال الوحدة.
ان هذا الاختلاف الجوهري بين القائد الشيوعي فرج الله الحلو والقيادة البيروقراطية السوفياتية، حول المسألة القومية العربية (الوحدة وقضية فلسطين) تجعل من مصلحة القيادة البيروقراطية السوفياتية "ازاحة" فرج الله الحلو حتى بالتصفية الجسدية. ومنذ ان قامت الستالينية بقتل لينين ثم تحنيط جثته وتحويله الى "موميياء مقدسة"، وتحويل الماركسية ـ اللينينية الى "نص ديني ميت" يستخدم كستار لتغطية الدكتاتورية البيروقراطية وجرائمها التي قامت على "مبدأ ستاليني الساسي" يقول "ان افضل شيوعي هو الشيوعي الميت"، منذ تم ذلك والبيروقراطية السوفياتية (الستالينية والنيوستالينية) لها باع طويل في تكتيك "قتل القتيل والسير في جنازته". وهذا ما طبق على فرج الله الحلو. وليس من المستبعد ان تكون الكا جي بي ارسلت اشارة الى المخابرات الناصرية ـ السراجية (مباشرة او بواسطة اي مخابرات غربية او اسرائيلية) بالموافقة على اعتقال، اذا لم يكن واغتيال فرج الله الحلو، وان الكا جي بي ستقوم بما عليها، لتحقيق هذا الغرض.
ثانيا ـ دور النظام الناصري في تصفية فرج الله الحلو:
هل كان عبدالناصر شريكا او على علم بقتل فرج الله الحلو و"طنّش" لحفظ ماء وجهه شخصيا ووجه نظامه؟
حينما كان عبدالناصر في زيارة الهند سنة 1960 سأله الصحفي الهندي المشهور كارانجيا (لا اذكر باقي اسمه) عن فرج الله الحلو، فنفى عبدالناصر اعتقال فرج الله الحلو او وجوده في "الجمهورية العربية المتحدة". اي ان عبدالناصر كذب وتستر على نظامه، وهو كان يعلم بأن فرج الله الحلو كان قد قتل. فلماذا تستر عبدالناصر على الجريمة؟
ان عبدالناصر كان رمزا للنظام الناصري. ولكنه ـ كشخص ـ كان جزءا من "النظام". والبحث والتقييم يجب ان يتوجه نحو "النظام" اكثر منه نحو "الفرد".
ان النظام الناصري، ولاحقا البعثي في سوريا والعراق، و"العرفاتي" في منظمة التحرير الفلسطينية، و"جبهة التحرير الوطني" في الجزائر الخ... هي منظمات وانظمة بورجوازية صغيرة نصف ـ ثورية، متذبذبة، وصولية، تناضل ضد الامبريالية والصهيونية والرجعية ليس لاجل التحرر الكامل بل لاجل التفاهم مع الامبريالية والصهيونية والرجعية، والحصول على مكاسب سلطوية للبورجوازية الصغيرة، خصوصا للمرتزقة العسكريتارية. واذا كان عبدالناصر (او بن بله او صلاح جديد او ياسر عرفات او اي زعيم "وطني" اخر) اكثر عفة واستقامة ونظافة يد من غيره، فهذا لا يغير بشيء جوهر الامر. والمحاكمة السياسية الاساسية يجب ان تكون للنظام والتنظيم وليس لهذا الفرد او ذاك.
من وجهة النظر هذه فإن النظام الناصري (كأي نظام او تنظيم وطني بورجوازي صغير آخر) كان نظاما تفاهميا. وبصرف النظر عن اماني ومطامح جماهيره ذاتها، كان نضاله يتمحور حول رفع وتحسين شروط تفاهمه مع الامبريالية والصهيونية والرجعية، وليس حول التحرر التام والناجز.
ومن زاوية النظر هذه كان النظام الناصري يتحدث عن تحرير فلسطين وعن الوحدة العربية وعن الاشتراكية العربية، ديماغوجيا فقط، وكوسيلة تعبئة سياسية تضليلية للجماهير، وكوسيلة ضغط سياسي على جبهة الاعداء لتحسين مواقعه فقط.
اما في الواقع فإن النظام الناصري (كالبعثي و"التحريري الوطني الجزائري" و"العرفاتي") فلم يكن مع تحرير فلسطين بل كان يعترف باسرائيل، ولم يكن مع الوحدة القومية العربية، لان الوحدة الحقيقية تعني تحرير فلسطين وتحويل الدولة العربية الموحدة الى قوة جبارة على الساحة الدولية وهو ما لا ترضى به القوى الامبريالية العالمية المهيمنة. ولم تكن ترضى به البيروقراطية السوفياتية الستالينية والنيوستالينية.
ومن زاوية النظر هذه فإن النظام الناصري ذهب الى سوريا ليس لتحقيق الوحدة العربية وتحرير فلسطين، بل ذهب عمليا لتقريف الجماهير الشعبية بالوحدة وبشعار تحرير فلسطين ولتهيئة الارضية في سوريا والعراق للحكم الدكتاتوري الناصري او البعثي، البورجوازي الصغير الفاسد والسافل والفاشستي.
ومنذ الايام الاولى للوحدة السورية ـ المصرية رفع الماسوني محمد حسنين هيكل (المرشد الاول لعبدالناصر) شعار: انتهت المعركة مع الاستعمار وبدأت المعركة مع الشيوعية!
وتأسيسا على هذا الشعار تم قتل فرج الله الحلو، سواء بعلم مسبق من عبدالناصر ام بعلم لاحق. فهو في الحساب الاخير "وافق" على القتل، حيث ان "الجمهورية العربية المتحدة" بكل عظمتها لم تجر اي تحقيق في جريمة قتل فرج الله الحلو، بل على العكس ان عبدالناصر ذاته تستر على الجريمة وحمى القتلة. وبعد الانفصال واعتقال المجرم عبدالحميد السراج في سوريا، فإن المخابرات المصرية "الناصرية" قامت بتهريبه من السجن في سوريا والمجيء به الى لبنان (بمساهمة الضابط اللبناني الكبير السيد سامي الخطيب، وللاسف الشديد بمساهمة ايضا من الزعيم الوطني اللبناني كمال جنبلاط كما تقول بعض الروايات) ثم تم تهريب السراج الى القاهرة حيث استقبله عبدالناصر كبطل "قومي" "ناصري" وبهذه الصفة عاش السراج في مصر ومات في القاهرة سنة 2013 حيث دفن كبطل ناصري.
وعلينا ان نؤكد ان النظام الناصري قتل فرج الله الحلو ليس لانه شيوعي بشكل عام، بل لانه كان بالتحديد شيوعيا وحدويا جذريا، اي مع الوحدة العربية المعادية جذريا للامبريالية وللصهيوينة ولوجود الدولة اليهودية (اسرائيل).
ويتأكد ذلك من المقارنة التالية:
كان فرج الله الحلو من رجال الصف الثاني بين القادة الشيوعيين في سوريا ولبنان. وكان القائد الشيوعي الاول والابرز خالد بكداش. وكان خالد بكداش نائبا عن دمشق وذا شخصية معروفة جدا باسمه وبصورته. وهو لم يذهب الى البرلمان في 21 شباط 1958 ولم يصوت على الوحدة. ومع ذلك لم يداهَم ولم يعتقل. وابتاعوا له وللمرحومة زوجته الرفيقة وصال فرحة تذكرتي طائرة، وذهبا الى المطار وسافرا بالطائرة من مطار دمشق الدولي الى براغ (او موسكو) ولم يجر اعتقاله في المطار.
اما فرج الله الحلو الذي كان وجهه غير معروف فقد كان عناصر المخابرات ينتظرونه في البيت الحزبي السري الذي ذهب اليه واعتقل فيه ومات بعد بضع ساعات تحت التعذيب الوحشي.
فلماذا قام النظام الناصري بتهريب الشيوعي الابرز خالد بكداش، وترصّد الشيوعي من الصف الثاني فرج الله الحلو وقتله العمد.
ثالثا ـ مسؤولية خالد بكداش:
كان خالد بكداش البيدق الاول للبيروقراطية السوفياتية في الحزب الشيوعي السوري ـ اللبناني. ولكن بالاضافة الى تنفيذ بكداش للسياسة البيروقراطية السوفياتية غير الراضية عن فرج الله الحلو منذ 1947 حينما عارض قرار تقسيم فلسطين وتعاطف مع ما سمي "التيتوية"، ثم وقوفه بصدق الى جانب الوحدة القومية العربية؛ فإن خالد بكداش شخصيا كان له مصلحة ذاتية باستبعاد فرج الله الحلو من القيادة الحزبية. اذ من المعروف ان خالد بكداش، ومنذ عهد ستالين، كان يمارس سياسة "عبادة الفرد". وكان الهتاف الحزبي المفضل عنده "خالد بكداش يا ابن الامجاد ـ عندك رجال بأرواحا بتفادي". وكان بكداش له شخصية قوية وكاريزما ويفرض سيطرته على جميع القادة الاخرين ويلزم الحزب بالسياسة التي يكون هو موافقا عليها. وكان المعارض الوحيد له (في المفاصل السياسية الرئيسية، كموضوع تقسيم فلسطين وموضوع الوحدة العربية، والدمقراطية الحزبية) فكان فرج الله الحلو. ولكن فرض الهيمنة البكداشية على الحزب كانت مرهونة بوجود بكداش شخصيا. اما في حال غيابه فإن امكانية سير القيادة الحزبية في خط فرج الله الحلو وتقليص نفوذ بكداش والبيروقراطية السوفياتية، هذه الامكانية تصبح كبيرة جدا. وكان بامكان بكداش ان يأتي ويعيش في لبنان مع زوجته بشكل سري. ولكن هذا يتطلب تضحيات كثيرة وتقشفا كبيرا، وهو ما لم يكن بكداش مستعدا له لانه كان معتادا على العيش كبيك او باشا. كما ان العيشة السرية في لبنان ستصعّب اتصالاته مع البيروقراطية السوفياتية. ولذلك فإن السفر الى احدى دول المعسكر الاشتراكي هو الافضل. وحينذاك تبقى مسألة ازاحة فرج الله الحلو حتى لا يجر الحزب خلف مواقفه الشيوعية المبدئية. اما القادة الشيوعيون الآخرون فأمرهم سهل. وهم مطايا طيعة وقابلة للتطويع بسهولة.
رابعا ـ مسؤولية القيادة الشيوعية اللبنانية:
في كتاباتي السابقة عن اعتقال واغتيال الشهيد الكبير فرج الله الحلو؛ وفي كتابات المرحوم عزيز صليبا والمرحوم يوسف خطار الحلو يذكر ان المرحوم خالد بكداش كان يصر على ان يغادر فرج الله الحلو لبنان وان يذهب الى سوريا لاستلام مسؤولية قيادة الحزب في سوريا، في الوقت الذي كانت فيه المخابرات في سوريا تشن حملة اعتقالات واسعة ضد الشيوعيين، وكان الحزب يسحب جميع كوادره واعضائه المعروفين من سوريا الى لبنان. وقد اتصل خالد بكداش اكثر من مرة بالتلفون من الخارج سائلا: "ألم يذهب فرج الله بعد الى دمشق؟".
ومع انه كان بالامكان ـ كتقنية تنظيمية ـ قيادة بقايا المنظمات الحزبية السورية من لبنان باشراف فرج الله الحلو وغيره من القادة الحزبيين اللبنانيين والسوريين، فإنه جرت الموافقة على ان يذهب فرج الله الحلو الى سوريا بالرغم من الخطر الشديد عليه. فلماذا وافقت القيادة الشيوعية اللبنانية على تلبية طلب خالد بكداش بارسال فرج الله الحلو عمليا الى الموت، وهو ما جرى؟
الجواب المنطقي، برأيي المتواضع: ان قيادة الحزب الشيوعي في لبنان كانت تتألف من اشخاص انتهازيين، وصوليين، العمل القيادي الحزبي بالنسبة لهم ليس اكثر من "وظيفة" بما لها من مكاسب وامتيازات معنوية (الوجاهة) ومادية، ولم يكونوا مناضلين حزبيين بالمعنى النضالي الجماهيري. وكانوا يحصلون على تلك الامتيازات بفضل ذيليتهم لبكداش وللبيروقراطية السوفياتية ومخابراتها. ولم يكونوا مستعدين ومؤهلين لخوض الكفاح الجماهيري والامساك بالقضايا المطروحة امام حركة الثورة العربية وعلى رأسها القضية القومية (الوحدة والقضية الفلسطينية) وقضية النضال لاجل استلام السلطة. فبالسير خلف بكداش والبيروقراطيية السوفياتية كانوا "يحققون شيوعيتهم" وهم بغنى عن كل هذا "الوجع راس" الكفاحي الجماهيري والثوري. وبغياب خالد بكداش شخصيا، فإن فرج الله الحلو كان سيحمل لهم كل هذا "الوجع راس" ويعرضهم لخطر مواجهة السلطة المعادية وكل جبهة الاعداء من مخابرات غربية واسرائيلية وقوى رجعية، وخطر الاعتقالات والتعذيب والاغتيالات. ولهذا كان عليهم التخلي عن الحياة السهلة (مع الوجاهة) و"شم النسيم" واخذ قسطهم من "الراحة" والفرفشة والليالي الملاح في البلدان الاشتراكية، كلما عنّ لهم ذلك. ولهذا كان من مصلحتهم ـ كي يحتفظوا برؤوسهم وراحة بالهم ومراكزهم القيادية بكل ما لها من وجاهة وامتيازات ـ ان يزيحوا فرج الله الحلو من طريقهم، وان يرسلوه الى الاعتقال (على الاقل!). ولهذا وافقوا او صوتوا لجانب تنفيذ مطلب خالد بكداش بارسال فرج الله الحلو الى سوريا حيث كانت المخابرات الناصرية ـ السراجية تنتظره.
معطيات وأسئلة:
ـ1ـ كانت زوجة عبدالحميد السراج سيدة كردية. فهل كان السراج على علاقة بواسطة زوجته بعائلة خالد بكداش الكردية؟
ـ2ـ هل قام السراج بتهريب خالد بكداش؟ مقابل قيام خالد بكداش بتسليمه فرج الله الحلو؟ (خدمة بخدمة!). سيما وان الاثنين (السراج وبكداش) كانا ضد الوحدة الصحيحة ويعمل كل منهما ضدها من موقعه وبطريقته!
ـ3ـ وهل كان تهريب خالد بكداش وتسليم فرج الله الحلو للموت صفقة مخابراتية سوفياتية ـ ناصرية؟
ـ4ـ مع بداية الحملة الناصرية ـ السراجية لملاحقة وصيد الشيوعيين، وقبل اعتقال فرج الله الحلو ظهر عميل للمخابرات هو رفيق رضا (وكان معروفا ككادر قيادي في الحزب الشيوعي السوري ـ اللبناني، وهو من طرابلس وكان مفروزا الى سوريا). وكان الخائن رفيق رضا يشارك في ملاحقة الشيوعيين واعتقالهم والتحقيق معهم وتعذيبهم جنبا الى جنب عناصر الامن والمخابرات. وكان رفيق رضا يعرف بوجود بيت سري للحزب يأتي اليه فرج الله الحلو. ويتهم الحزب رفيق رضا بأنه كان مسؤولا عن اعتقال فرج الله الحلو.
ـ5ـ كان للحزب بيت سري في دمشق، يستخدمه فرج الله الحلو. وكان ذلك البيت مستأجرا من قبل شخص يدعى صبحي الحبل، وكان (حينذاك) عضوا في الحزب، وهو من طرابلس وكان مفروزا الى سوريا. ويتهم الحزب صبحي الحبل ايضا بأنه سلـّم فرج الله الحلو. ولكن صبحي الحبل يقول انه كان قد اعتقل قبل فرج الله الحلو بشهرين او ثلاثة اشهر. وان البيت السري كان قد انكشف للمخابرات التي وضعت يدها على البيت وانتظرت قدوم فرج الله الحلو الى ذلك البيت. ويقول صبحي الحبل انه فوجئ بمجيء فرج الله الحلو الى ذلك البيت، وانه ـ اي صبحي الحبل ـ قد افرج عنه من السجن بعد الانفصال وسقوط الوحدة.
ـ6ـ هل كان الرفاق خالد بكداش واعضاء قيادة الحزب في سوريا ولبنان يعلمون بخيانة رفيق رضا، وباعتقال صبحي الحبل، وبانكشاف البيت السري الذي ذهب اليه فرج الله الحلو، قبل ذهابه الى دمشق؟
ـ7ـ بعد بدء الحملة ضد الحزب في سوريا، سحب الحزب غالبية كوادره واعضائه المعروفين الى لبنان. وكان فرج الله الحلو احدهم. وعمل في التحرير الصحفي في الصحافة الحزبية بالاضافة الى عمله التنظيمي الحزبي.
ـ8ـ تقرر ان يعود فرج الله الحلو الى سوريا ابان الحملة المعادية للحزب. فلماذا؟
ـ9ـ هل كانت عودة فرج الله الحلو الى سوريا بقرار من الامين العام الرفيق خالد بكداش؟ ام بقرار من القيادة الحزبية؟ ومن هم اعضاء تلك الهيئة؟ وهل كان يوجد آراء معارضة لذهاب فرج الله الحلو الى سوريا؟ ام ان فرج الله الحلو هو الذي قرر العودة الى سوريا وووافقت القيادة على قراره؟
كل هذه النقاط يجب توضيحها.
سيناريو الجريمة:
أ ـ كتب عزيز صليبا ويوسف خطار الحلو ان خالد بكداش اتصل عدة مرات ببيروت طالبا عودة فرج الله الحلو الى دمشق.
ب ـ تنفي الرفيقة المرحومة وصال فرحة ذلك وتقول ان خالد بكداش كان معارضا لذهاب فرج الله الحلو الى سوريا، وان ارساله الى سوريا كان بقرار من القيادة الحزبية في بيروت.
ج ـ يقول الاستاذ ر. واكيم (وهو عضو قديم سابقا في الحزب، وكان على صلة بعائلة المرحوم الرفيق طنوس دياب، الذي كان عضوا في المكتب السياسي للحزب)، ـ يقول ان فرج الله الحلو قضى ليلته الاخيرة في بيت طنوس دياب. وفي صباح اليوم التالي صعد في السيارة مع جورج دياب، شقيق طنوس، الذي اوصله الى دمشق. وكان جورج يعمل في توزيع المطبوعات، وبهذه الصفة كان يملك تصريحا للدخول الى سوريا.
د ـ أوصل جورج دياب فرج الله الحلو الى دمشق وانزله في مكان ما فيها، وتابع سيره الى عمله، وذهب فرج الله الحلو بمفرده الى البيت الحزبي السري، حيث كان رجال المخابراتت في انتظاره، فاعتقل، واقتيد الى التحقيق، وكان الخائن رفيق رضا حاضرا، وبصق فرج الله الحلو في وجهه، وتعرض فرج الله الحلو للتعذيب بالرغم من انه قال لجلاديه انه يعاني من مرض القلب واراهم الدواء في جيبه، ولكنهم لم يأبهوا لذلك ونفخوه بالهواء من الخلف، وداس الجلادون على بطنه المنفوخة ليمزقوا احشاءه، ولم يتحمل فرج الله الحلو التعذيب ومات بعد بضع ساعات، فأخذت الجثة الى احدى ضواحي دمشق حيث دفنت، ووضعت حراسة على القبر لعدم سرقة الجثة وكشف الجريمة لان السلطات قررت نفي اعتقال فرج الله الحلو. وفي الليل اشتبه الحارس بسيارة تحوم حول المكان بشكل مشبوه فقرر الجناة نبش الجثة واخذوها الى احدى الشقق حيث قطعوها واذابوها بالاسيد في حوض الاستحمام لاخفاء اي اثر للجريمة. وقد ادلى القتلة بهذه المعلومات بعد اعتقالهم بعد وقوع الانفصال وسقوط الوحدة. ومما جاء في اقوالهم انهم ابلغوا فورا كل شيء لمسؤوليهم الذين ابلغوا بدورهم عبدالحميد السراج. ويقال ان القتلة الصغار كانوا ضباطا بعثيين، وهذه طعنة في الظهر لجميع البعثيين الشرفاء.
وقد اعتقل عبدالحميد السراج ايضا بعد سقوط الوحدة والانفصال، وقامت المخابرات المصرية بتهريبه من السجن كما اسلفنا. اما القتلة الصغار من الضباط البعثيين فقد صدرت بحقهم احكام خفيفة، ومع ذلك تم الافراج عنهم بعد استلام البعثيين السلطة في اواسط الستينات من القرن الماضي.
وجريمة اغتيال المناضل والقائد الشيوعي الكبير فرج الله الحلو هي لطخة عار لن يمحوها الزمان في وجه النظام الناصري والنظام البعثي في سوريا، كما في وجه خالد بكداش وقيادة الحزب الشيوعي السوري ـ اللبناني التي تطمس حتى الان هذه الجريمة الكبرى بحق الحركة الشيوعية والحركة الثورية العربية بمجملها.
ـ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري


.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا




.. Zionism - To Your Left: Palestine | الأيديولوجية الصهيونية.


.. القاهرة تتجاوز 30 درجة.. الا?رصاد الجوية تكشف حالة الطقس الي




.. صباح العربية | الثلاثاء 16 أبريل 2024