الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأنانية المفرطة تفتك المجتمع ، و تفتت الوطن .

يوسف حمك

2018 / 12 / 7
الادب والفن


( ما استحق أن يولد ، من عاش لنفسه فقط ) . عبارةٌ رائعةٌ قالها مصطفى كامل .
الأضواء تسطع دائماً على المتسلقين لسلم الشهرة ، و الذين تهب عليهم رياح المجد .
القمم الشاهقة لا يمكن لأيٍّ كان الوقوف عليها أو بلوغها .
مع أن الكثيرين ممن يمتلكون مقومات النجاح ، و لديهم عوامل بلوغه ، و الذين دواخلهم تضج بالحنكة الكفيلة للصعود عالياً ، يرفضون بريق الشهرة على النقيض من الذين يهرولون للوصول إليها بأي ثمنٍ .

من يعرض نفسه للبيع من أجل الشهرة ، ليس كمن يرفضها ، إذا كان ثمنها التخلي عن الكرامة و بيع الضمير .
و من يسترخص قلمه ليكون صيته مدوياً ، ليس كمن يرضى أن يكون مطمور الصيت . ليبقى قلمه حراً ، لا مأجوراً .
و تاجر المواقف ليس كمن يرفض التنازل عن مبادئه ، مقابل المغريات ، و بريق الإغواء .
بائع الوطن و هادمه ، ليس كالمضحي عنه ببذل الروح و المال و بانيه .

من يعيش عبداً ذليلاً ، ليس كمن يموت من أجل غيره ، أو نقل الحقيقة ، أو لهدفٍ نبيلٍ .
و ليس كل من يقف على خشبةٍ مضيئةٍ مجده وهاجٌ كجمر الغضا .

أغلب المشهورين نرجسيون . شهرتهم ما هي إلا فرقعةٌ إعلاميةٌ يسمع دويها ، ثم تخرس منتهى الخرس . و بريقهم فرقعةٌ ممتلئةٌ بالوهم و الخداع و الغش ، ثم تنطفئ سريعاً .

مدح المستبد بروعة الكلمات و بديع المعاني ، قد يندرج ضمن الكتابات الخالدة . كما الطغاة يخلدهم التاريخ .
فمعظم الخالدين جبابرةٌ طغاةٌ أعداءٌ لشعوبهم و مصاصو دمائها .
ألم يُحْرَقْ حكام شرقنا المنبوذ بلهيب نار طغيانهم ؟ّ! و لو أن التاريخ خلدهم في أسوء صفحاته .
فما بالك بصعلوكٍ يذل نفسه متلصصاً ليحصل على وظيفةٍ ، أو عميلٍ سريٍّ من الدرجة العاشرة ليتبؤَّ منصباً متواضعاً ، فينفش ريشه كديكٍ يمشي متبختراً بين الناس مغروراً .

من أراد أن يعمل لذاته فقط ، و يعيش لنفسه ، كان الأولى به أن يبقى حبيساً داخل رحم أمه .
فخروجه خطأٌ بيولوجيٌّ ارتكبته الطبيعة بالاشتراك مع الرحم المخدوع .

من كان حبه لنفسه يعادل كرهه للناس - مهما علا شأنه - سيخر ساقطاً و هو في أوج مجده ، و يهبط ذليلاً من دناءة أفعاله و خسة أخلاقه . و الشر قد ينتصر فترةً ثم يسقط عنه القناع .
و التاريخ قد يخلد الطالح قبل الصالح ، و الفاسد قبل العادل ، و المذنب الشرير قبل البريء العفيف .
و باعتبار أن للخالدين صفوتهم و أخيارهم ، كما لهم أشقياؤهم ، فالتاريخ يرمي الفاسدين في مزبلته ، ليخلده في حاوية قمامته .
أما العادل المتفاني فيخلده في أعلى الدرجات و أرفع المنازل .
خلودٌ له سحره الخاص ، و مذاقه الطيب .

و الأنكى هناك من يسرق عصارة صيرورة التاريخ ، و ينسبها لفردٍ . أو ينتزع تضحيات شعبٍ بأكمله ، أو نضال أجيالٍ متعاقبةٍ ، أو أيديولوجيةً فيلصقها بشخصٍ لجعله زعيماً أوحداً ، ليخلده التاريخ .

بئس الخلود الذي يرسخ فكرة العبودية ، و يحد من حرية العقل ، و يعيق توسيع فضاء الفكر ، ليعرقل تقدم التاريخ أو يعطب عجلته بغية إيقافه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة