الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لقاء جنيف : أي مخرج .. أي نتيجة ؟

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2018 / 12 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


انتهت الجولة الأولى من المفاوضات بين النظام المغربي ، وبين جبهة البوليساريو ، وبحضور وفدي النظام الجزائري والنظام الموريتاني ، دون ان تسفر على تقدم ملموس ، اللهم دعوة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة لجميع الأطراف ، بتجديد لقاء ثاني في الربع الأول من يناير القادم .
من خلال استطلاع موقف الأطراف ، هناك تناقض في التأويل ، كما هناك معركة تجري بين المتفاوضين ، تسمى بمعركة حرق الاعصاب ، للتأثير نفسيا على موافق الخصم ، بما يدفع به الى ارتكاب هفوة او خطأ ، يركب عليه الطرف الآخر ، لتبرير انسحابه من المفوضات ، دون تحميله نتيجة وأسباب الانسحاب ، اذا كانت الإجراءات ، او المفاوضات تسير ضد مصلحة خصم .
فبعد ست سنوات من الجمود ، وبفعل الضغوط الدولية ، وعلى رأسها ضغوط البيت الأبيض الأمريكي ، الذي هدد بسحب المينورسو ، وفرض تقليص مدة تجديد وجودها ، لستة اشهر بعد ان كانت سنة ، وهو اجراء القصد منه الضغط على النظام المغربي ، اجتمع بجنيف وفدا اطراف النزاع ، تطبيقا للقرار 2440 الصادر عن مجلس الامن في أكتوبر الأخير ، والذي من جديده ، التساوي بين اطراف النزاع في المعاملة والتصور ، وتحميل أي طرف المسؤولية عند الاخلال بمقتضيات القرار 2440 .
لكن هل يمكن تصور حصول جديد من لقاءات جنيف ، او ان اللقاء في كل جولاته ، سيكون تكرارا للقاءات مانهاتن بالولايات المتحد الامريكية ؟
عند قبول اطراف النزاع ، وبضغط امريكي ، الدخول في مفاوضات مباشرة ، وبدون شروط مسبقة ، كانت حسابات الأطراف متناقضة ، وكان الأساس ، ليس هو المفاوضات ، بل كان التحايل على الوقت ، بغية خلق أوضاع تربك عملية التفاوض ، التي رغم وجود النظام المغربي بجنيف ، فانه يرفض وصف اللقاءات بالمفاوضات ، ويسميها ب الطاولة المستديرة ، وهو ما يتعارض كليا مع منطوق القرار 2440 .
النظام المغربي متمسك بحل الحكم الذاتي ، ويرفض أي حل قد ينتهي بالاستفتاء وتقرير المصير تحت اشراف الأمم المتحدة . والنظام المغربي حين يعارض تقرير المصير ، فذلك لأنه سلاح ذو حدين . فمن جهة ، انْ تم تنظيم الاستفتاء ، فان نتيجته ستصب في الاستقلال وبنتيجة 99 في المائة ، وإذا كانت للنظام من شكوك ، فما عليه الاّ تنظيمه وسيرى بأم عينيه النتيجة ، ومن جهة ، فذهاب الصحراء بالاستفتاء ، سيكون حجة عليه ، ستسبب في اضطرابات ستهز كيان النظام بالكامل ، ولن يجد من الغربيين من سيدافع عنه . لذا فنزاع الصحراء مرتبط بوجود النظام كنظام ، وهو ما يخيف النظام ليقينه بنتيجة الاستفتاء التي ستكون في غير صالحه . ألم يقل الحسن الثاني " سيطرنا على الصحراء ولم نملك قلوب الصحراويين " ، وهو اعتراف برفض هؤلاء العيش تحت ظل نظام متجبر ، ومعتدي ، وحگارْ ، وغير ديمقراطي .
اما جبهة البوليساريو فهي تتمسك فقط بحل الاستفتاء وتقرير المصير ، بحجة احترام الشرعية الدولية ، المسطرة في كل قرارات الجمعية العامة ، وقرارات مجلس الامن .
لكن ما يثير السخرية هو حضور النظام الجزائري ، والنظام الموريتاني في شخص وزيري الخارجية لقاءات جنيف . ونحن نتساءل : ما هي الصيغة القانونية لحضور اطراف منحازة في الصراع ، وليست محايدة . ان الجزائر وموريتانية تعترفان بالجمهورية الصحراوية ، وتدافعان عنها . فكيف سيكون تدخلهما ، خاصة تدخل وزير خارجية الجزائر الذي اعتبر مجيئه لجنيف بمثابة تسلية حين قال " جين انضحكوا اشوية " . فهل القصد من الضحك ، هو ضحك على الصحراويين ، ام على الأمم المتحدة ، ام على مجلس الامن ، ام على السيد كوهلر ممثل الأمين العام ؟
وكيف سيكون التدخل الجزائري . هل سيقنع الصحراويين بالتخلي عن الاستفتاء وتقرير المصير ، ويحثهم على قبول الحكم الذاتي طبقا للسلطات التي ستحددها الأمم المتحدة ، وليس تلك التي سيقترحها النظام المغربي ، ام انه سيقنع هذا الأخير بالتخلي عن حل الحكم الذاتي الذي ترفضه الجبهة ، ويشجعه على قبول الاستفتاء ؟
ولماذا حضور النظامين الجزائري والموريتاني ، وليس حضور اسبانيا التي كانت تحتل الإقليم ؟
المفاوضات فاشلة مسبقا ، بسبب تعارض مواقف ومصالح الأطراف .
النظام المغربي لن يقبل بحل الاستفتاء ، لان نتيجته ستصب في غير صالحه ، وهو يعرف ان ذهاب الصحراء تعني سقوطه . فهل سيقبل الانتحار عن طيب خاطر ؟
والجزائر التي تدعم الجبهة ، لن تقبل بحل الحكم الذاتي ، لأنها ان قبلت به ، يعني انتصار النظام المغربي على النظام الجزائري . فهل سيقبل النظام الجزائري الانتحار عن طيب خاطره ؟
والجبهة بدورها ، لن تقبل بحل الحكم الذاتي ، لأنها ان قبلت به ، ستكون قد انتحرت امام الصحراويين المتمسكين بالجمهورية الصحراوية ؟
المفاوضات الجارية اليوم بجنيف ، هي نوع من العبث السريالي ، الذي تستفيد منه كل الأطراف . فالجميع يلعب على الوقت الذي لن يزيد الاّ معاناة لصحراويي تندوف المحرومين من ابسط شروط الحياة ، وبما فيها حرمانهم من الشغل في الجزائر .
السؤال : ما العمل ؟
الحل بيد الولايات المتحدة الامريكية ، وهي توظفه لإهانة الأنظمة ، وللّعب على تناقضاتها ، لاستنزاف كل المنطقة المغاربية ، وطالما ان الوضع هكذا ، فأمريكا ليست متسرعة من امرها .
فهل سيتمر النزاع لخمسة وأربعين سنة قادمة ، بلا سلم و بلا حرب ؟
الحل سيكون مع التجديد للرئيس الأمريكي بولاية رئاسية ثانية ، وهي مؤكدة ، وفوزه مضمون ، لأنه جلب لأمريكا ملايير الدولارات ، وجعل منها تتبوأ اول واكبر دولة مهابة في العالم .
ان نهاية 2019 ،وبداية 2020 ستحمل صدمات قاسية ، ستقف وراءها واشنطن لازمة الصحراء الغربية ، والتي لن تنتهي الاّ بالاستفتاء وتقرير المصير طبقا للشرعية الدولية ، وتحت اشراف الأمم المتحدة ، لا عطاءه مصداقية دولية وقانونية .
الحل بيد أمريكا ، ومفاوضات جنيف ، مثل مفاوضات ما نهاتين ، هي عبث سريالي ، يخدم مصالح النظام المغربي ، والنظام الجزائري ، وقيادة الجبهة ، ويضر في الصميم صحراويو تندوف ، وكل شعوب المنطقة .
فإلى متى حل الشعوب ؟ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليار شخص ينتخبون.. معجزة تنظيمية في الهند | المسائية


.. عبد اللهيان: إيران سترد على الفور وبأقصى مستوى إذا تصرفت إسر




.. وزير الخارجية المصري: نرفض تهجير الفلسطينيين من أراضيهم | #ع


.. مدير الاستخبارات الأميركية: أوكرانيا قد تضطر للاستسلام أمام




.. وكالة الأنباء الفلسطينية: مقتل 6 فلسطينيين في مخيم نور شمس ب