الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطاغية العربي

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2018 / 12 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


هل الطغيان ماركة عربية إسلامية اصيلة مسجلة ؟
وهل اصل مرض الطغيان ، جينة او فيروس يسكن الخلايا ، والعقول ، والدم العربي الأكثر من مُكلس ؟
وهل قدر العرب ، وهنا لا افرق بين الحكام الطغاة ، والشعوب المازوشية التي تتلذذ الطغيان ، هو العيش في الطغيان ؟
لماذا تطرد الشعوب الحرة طغاتها ، ولماذا تتمسك ، وتتشبث الشعوب العربية ، والإسلامية بطغاتها ، ومستبديها ، وجبابرتها المرضى ؟
لماذا حين تحصل هبّة ، او انتفاضة ، ولا أقول ثورة ، وتنجح في إزاحة الطاغية ، تأتي بطاغية اكثر منه طغيانا ، سواء من طغاة النظام الذي طردوا طاغيته ، او باستقدام نظام آخر لا يختلف عن سابقه في ممارسة الطغيان ؟
لماذا الشعوب الحرة حين تتخلص من طغاتها بالموت او بالثورة ، تقيم الاهازيج ، والاحتفالات ، والافراح ، والمهرجانات ، ولماذا العرب والمسلمون ، حين يتخلصون من طغاتهم بالموت ، يبكون ـ ويولولون ، ويندبون ، وكأنهم فقدوا حجرا ثمينا ، او ذرة ماس او ياقوت ؟
الم تبكي الجماهير المصرية جلادها الذي اداقها الويل ، جمال عبدالناصر ؟
الم تبكي الخائن السادات ؟
الم تبكي الصهيوني حسني مبارك ؟
الم تطبل لطاغيتها الجديد السيسي ؟
الم تبكي الجماهير الجزائرية جلادها بومدين ؟
الم تتشبث بطاغيتها المريض عبدالعزيز بوتفليقة ؟
الم تبك ايران الخميني ؟
الم تكن الجماهير تندب خذها ،وتضرب سيقانها ، وترطم رأسها مع الحيطان ، لو مات القدافي ، او صالح ، او صدام في ليبيا ، واليمن ، والعراق موتة طبيعية ، غير موتتهم العصية ؟
الم تبكي جماهير الأردن عميل الصهيونية الملك حسين ؟
الم تبكي قبائل بنوهلال وبني سليم العروبية ، موت الحسن الثاني الذي اداق الشعب الزقوم ؟ ولن يبكيه لا آل الفاسي ، ولا من كانوا مستفيدين من الوضع على حساب الشعب والمال العام ؟
الم يبدأ الطغيان العربي الإسلامي ، منذ بداية اول حكم قريشي إسلامي ، حين ارغم النبي محمد ابنه بالتبني زيد على تطليق زوجته زينب ، وحين فعل ما طُلب منه ، دعاه لان يخطبها له ، ليتزوجها لنفسه بعد ان كانت زوجة لابنه ؟
الم يقتل خالد بن الوليد قائد جيوش المسلمين مالك بن نويرة ، ويطبخ رأسه في الزيت فوق النار ، لكي يختلي بزوجته الفاتنة ام تميم ؟
الم يمارس عمر السبي والسلب ؟
الم يستحوذ عثمان على بين المال ؟
الم يصل الطغيان قمته مع معاوية وذريته ، ومع الدولة العباسية والعثمانية ؟
الم ينتشي الطاغية بطغيانه فينتفخ كالطاووس ، وهو يشاهد الجماهير المُجوّعة ، والجائعة واقفة عن بكرة ابيها في الصيف القاحط ، او الشتاء البارد القارص، تلوح له ، وتهتف باسمه ، وتزغرد ، وتصيح من شدة الخوف عااااااااااااااااش ؟
لكن ما سبب طغيان الطاغي وتجبر المتجبر ؟ وما سبب انبطاح وتشبث المنبطحين بأهداب الطاغية المستبد ؟
السبب الرئيسي في سيادة الأنظمة الطاغية ، الرعوية والمستبدة ، هو شعور الناس بالخوف ، ومن المصير المجهول التي ينتظرها ، وما دامت هي كذلك ، فلا مناص لها من الاحتماء بمن تعتقد انه يحميها من خوفها المستمر الابدي .
السبب في ذلك سيادة الثقافة الأركاييكية ، والخرافة ، والتقليد الغارق في جذور الاستبداد . فالخوف من الطبيعة ، ومن الجن، والسحر، والنار ، جعل الجماهير مسكونة ، مهووسة بالخرافة ، والجذبة ، واللجوء الى الاضرحة والقبور ، للتبرك والشفاء ، والدعاء لبطريركها حاميها حراميها .
السبب ان تراث العرب والمسلمين ، تراث ماضوي ينفر من العقل ، ويتشبث بالخرافة التي تعتمد الاساطير المُكبلة لروح الابداع ، والخلق ، والتجديد .
الطاغي لا يسود لوحده ، بل تلحق به هيئات ومؤسسات ، هي التي تسهر على ممارسة طغيانه واستبداده .
يلتحق بالطاغي الحكومة ، البرلمان ، القضاء ، الجيش ، الجدرمة ، أجهزة الاستخبار والضبط ، وزارة الداخلية ، الأحزاب ، النقابات ، المجتمع المدني المُميّعْ ، الزوايا ، الاضرحة ، المواسم ، الأسواق الأسبوعية ، الجماعات الدينية ... لخ .
فهل من خلاص من أنظمة الاستبداد والطغيان ؟
وهل بالإمكان تغيير الحال والاوطان ، والقضاء على نظام بارع في انتاج العبيد والرعايا ، وتقاليد الذل المدانة منذ زمان ؟
لا حل ولا مخرج ، من ثورة شاملة على التراث ، المحنط اللاّجم للعقل ، والمهووس بالنقل . فبدون الثورة على التراث الناتج للعبيد ، الذين يقبلون الطغيان ، ويهيمون عشقا في الاستبداد ، يستحيل الحديث عن النظام الديمقراطي .
ان اميركا لم تحقق نماءها وازدهارها، الاّ حين ثارت على الكاثوليك وانشأت البروتستانية .
واوربة لم تأخذ بأسباب نهضتها ، الاّ بفضل أولئك الذين ثاروا على الكنيسة ، ومن داخل الكنسية نفسها ، فيما عرف بحركة الإصلاح الديني ، وتحضرنا أسماء وازنة أمثال مارتن لوثر ، كلفن ، زونجلي ، ارزمس .... لخ ، وغيرهم من المفكرين الذين مزقوا الغلاف الزائف للحقيقية ، وخلقوا المناخ الملائم لتقدم العلوم الإنسانية والتجريبية .
فهل مفكرينا عجزوا في الاقتداء بركب العقل وتطليق النقل ؟
المفكرون الإسلاميون ، قليل منهم من فطن لدور العقل على النقل في احداث الثورات ، والقضاء على الاقطاع والطغيان ، لان الأغلبية الساحقة منهم ، التزمت بحرفية النص ، فكانت النتيجة انْ جمدوا الفكر ، واسرفوا في التأويل ، فركبوا متن الشطط ، والتقى الراديكاليون المحافظون ، وااليبراليون المتطرفون ، عند نتيجة واحدة ، هي الاغفال او التغافل ، عن حقيقة العلاقة بين العقل الفعال ، والعقل المنفعل .
فبدون ثورة على المساجد ، ومن داخل المساجد ، قدوة بأوربة وامريكا ، سيبقى الطاغية العربي يمتح من ثقافة التجميد ، وطقوس التكبيل والتحنيط ، وسيبقى العبيد ينتجون ولا يستفيدون ، وفي مجتمعات كهذه تقدس المظاهر القروسطوية ، والتقاليد الغابرة ، يستحيل الحديث عن الدولة الديمقراطية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تكتل- الجزائر وتونس وليبيا.. من المستفيد الأكبر؟ | المسائي


.. مصائد تحاكي رائحة الإنسان، تعقيم البعوض أو تعديل جيناته..بعض




.. الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الألعاب الأولمبية في فرنسا


.. إسرائيل تعلن عزمها على اجتياح رفح.. ما الهدف؟ • فرانس 24




.. وضع كارثي في غزة ومناشدات دولية لثني إسرائيل عن اجتياح رفح