الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التجنيد الإلزامي المبررات والحاجة الفعلية

وليد خليفة هداوي الخولاني
كاتب ومؤلف

(Waleed Khalefa Hadawe)

2018 / 12 / 11
الارهاب, الحرب والسلام


1- التعيين على الملاك الدائم والحاجة الأمنية:
إن التعيين على الملاك الدائم يعتمد على الملاكات المقررة والدرجات الشاغرة ، الملاك الدائم يعني أن يستمر المعين في الخدمة مدة حتى بلوغه سن ال63 سنة من العمر ،ضمن ملاك من الدرجات الوظيفية المغطاة بالراتب من قبل وزارة المالية .وتلك الاستمرارية تمثل حالة ايجابية، حيث يزداد رجل الشرطة او العسكري كل يوم بخبرات مضافة تزيد من كفاءته في أداء الواجبات المناطة به، لكن التضخم في الاعداد الكبيرة من الشرطة والجيش او الحشد الشعبي او قوات البيشمركة يشكل عبئا كبيرا جدا على ميزانية الدولة ويمتص كل الاموال التي يمكن استثمارها في سبيل خلق البناء والاعمار في البلد .
غير ان الدولة لا تجد مناص لها من زيادة تلك الإعداد من المقاتلين عندما تجابه ظروفا امنية صعبة تستوجب تلك الزيادات .أذ إن الوضع الأمني يتطلب تغطية كامل المساحة الجغرافية ومسك الأرض المطهرة من الإرهابيين للحيلولة دون تسللهم إلى الأحياء السكنية بعد تطهيرها من الإرهابيين وتنفيذهم جرائم إرهابية جديدة فيها، وهذا يتطلب نشر المزيد من رجال الشرطة او الجيش.
ففي البيئات غير الإرهابية قد لا تشاهد رجل شرطة أو دورية عند مرورك بمدينة طولا أو عرضا، اذ ينصرف الناس لأداء أعمالهم الاعتيادية ،ولا يسجل من الجرائم إلا القدر الذي يمثل إفرازا طبيعيا للحياة في المجتمع.
لكن الحاجة الأمنية قد تتطلب أضعاف العدد المطلوب للملاك الامني الاعتيادي (في وقت السلم) من رجال الشرطة او الحيش لضبط الأمن في البيئة الارهابية . وعلى الرغم من أن التضحية بالأموال كأجور ورواتب لا يمكن قياسها بما تهدر من دماء وتخريب عند وجود خطر يهدد الامن من قبيل داعش او ما يمس سيادة البلاد.لذلك فالصرف في المجال الامني يعتبر استثمارا ، ناهيك عن المردودات المالية التي تتحقق عن بعض النشاطات الخدمية للشرطة على سبيل المثال رغم كونها دائرة امنية خدمية كالأموال المتحققة من تحرير الوثائق او رسوم جوازات السفر وإجازات السوق وجباية الغرامات عن المخالفات المرورية أو قانون تنظيم محلات السكن والمنافذ الحدودية وغيرها. اذ انه لا يمكن للمستثمرين أو لحركة البناء أو الأعمار أن تبني طابوقة واحدة دون وجود الأمن. ولا يمكن انتاج برميل نفط واحد مثال ذلك استيلاء داعش على حقول النفط في نينوى والانبار وصلاح الدين وغيرها .
غير إن المسالة التي تطرح نفسها هي إن الأعداد الفائضة عن الملاك والتي ربما تبلغ عدة أضعاف الملاك المقرر في السلم والمدمجة ضمن الملاك المقرر بسبب محاربة الارهاب ، تلك الاعداد قد تصبح مشكلة في المستقبل تخلق حالة من البطالة المقنعة وهدرا كبيرا في المال العام . لذلك فان الموضوع يتطلب إيجاد حالة تسمح بان يتواجد العدد اللازم من رجال الشرطة في الوضع الأمني الصعب مع إمكانية التخلص من العدد الفائض من رجال الشرطة عند عودة الوضع الأمني للحالة الطبيعية ،دون أن يترك ذلك أية التزامات مادية أو تبعات قانونية على الدولة او خزينتها .
لذا فان الكلام في موضوع مخاوف النمو الكبير في عدد رجال الشرطة إنما يقع تحسبا للمستقبل وبعد عودة الأمن إلى وضعه الطبيعي ، إذ يتعذر تسريح عشرات الآلاف من رجال الشرطة المطوعين على الملاك الدائم دون ان يبلغوا سن التقاعد ، وان التفكير المطروح هو العودة الى التجنيد الالزامي، للتعويض عن التطوع في الملاك الدائم، سواء كان في الشرطة او الجيش، او الحل البديل الثاني ان يتم التعاقد لعدة سنيين ثم الاستغناء عن المتعاقدين في الظروف السلمية ومن تاريخ انتهاء عقودهم ، ولكن الحل الامثل هو التجنيد الالزامي .
2- ويمكن بيان المحاذير الناتجة عن الزيادات غير المبررة في عدد أفراد الشرطة او رجال الامن عموما وفقا لما يلي :-
أولا- ترهل الملاكات و الموجود البشري.
ثانيا- إشاعة الفساد الإداري نتيجة لتخلف البعض عن أداء الواجبات وفقـــــــــــــــــــدان المسؤوليات.
ثالثا- هدر المال العام حيث إن الرواتب التي تدفع للأعداد الزائدة من رجال الشرطة يمكن أن تسهم في عملية البناء والتنمية.
رابعا- الافتقار إلى التدريب والتجهيز لان التطوع الكبير السريع لا يتيح المجال لذلك.
3- فكرة التجنيد الإجباري المقترح :
أ- إن فكرة التجنيد الإجباري المقترح تتضمن المبادئ الآتية:
أولا- ان البلد بحاجة الى تدريب ابناءه للاستعداد للانخراط في صفوف الجيش او الشرطة عند الحاجة وايجاد احتياطي كبير مدرب يساعد على الدفاع عن وحدة العراق وثرواته عندما يوجد خطر داخلي او خارجي يهددها .فالبلد الذي لا يدافع عنه ابناءه لا يجد من يدافع عنه لا بل يطمع الطامعون في ارضه وثرواته . خاصة ما هو مترشح من افكار عدوانية او انفصالية في الوقت الحاضر ، ولا بد لكل مواطن يشعر ان العراق يعيش في ضميره ان يعمل على ترسيخ هذه الافكار. ان وجود احتياطي مدرب بالملايين لبلد ما يجعل تحسب الاعداء الف مرة عند محاولة الاعتداء عليه او اغتصاب جزء من اراضيه
ثانيا – ان هذا الاحتياطي عند عدم وجود حرب يكون عاملا في بناء المجتمع والتنمية ويعطي موارد لخزينة الدولة من مردودات الضرائب وغيرها نتيجة النشاط الاقتصادي بدلا من تواجده قوة تعيش على خزينة الدولة .
ثالثا- ان وجود السني مع الشيعي والكردي مع العربي والمسيحي مع المسلم والايزيدي في حضيرة او فصيل واحد او فوج واحد نتيجة للتجنيد الالزامي يعزز بينهم روابط الاخوة والمودة والمساواة ويبعد عنهم الافكار الطائفية
رابعا- أن يعتمد التجنيد على فئات عمرية يجري قبول جميع أو جزء من مواليدها للتدريب في الجيش، ويخصص جزء اخر لسد النقص الحاصل في الشرطة .وبذلك فان التجنيد سوف يعتمد على عدد ضمن امكانيات التدريب والاسكان للجيش، وكلما تنتهي مدة تجنيد وجبة تسحب وجبة اخرى ، على ان يتم التوزيع فقط في الجيش والشرطة ليأخذوا التدريب الكافي .
خامسا- ضهور بوادر للتميع في بعض الشباب في المجتمع ، فالمعروف ان الجيش مصنع للرجال بسبب ما يقاسي المتدرب من قساوة التدريب وبما يبث فيهم من قيم ومبادئ الرجولة ، سواء في ساحات التدريب او القتال .فليس غريبا ان نطالع على اليوتيوب شبابا من بعض ابناء بلدنا وهم يضعون على شفاههم احمر الشفايف المستخدم من قبل النساء للتشبه بالنساء فلو صقلوا جيد في المؤسسة العسكرية ،وتعلموا خشونة الحياة، فأنهم بالتأكيد سوف لن يمارسوا مثل هذه السلوكيات. فالتفكك والتسيب ناتج عن غياب دور المربي للبعض ،خاصة وقد تيتم الالاف من الشباب بسبب الحروب التي خاضها البلد مع بلدان الجوار او الاقتتال الطائفي الداخلي .
سادسا- بالنسبة لوزارة الداخلية يجري تخصيص نسبة من المجندين لسد الدرجات الشاغرة ويمكن أن تعتمد دوائر الشرطة الآتية على التجنيد الالزامي في سد الشواغر في :
1)قيادة قوات الحدود.
2)أفواج الطوارئ.
3)الشرطة الاتحادية.
4) شرطة النفط.
او في الدوائر الاخرى عند وجود فنيين او خبرات علمية او مهنية اخرى في المجندين .
سابعا – إن مدة التجنيد الإلزامي ومقدار الراتب يحدد من قبل الجهات المختصة في الجيش بالتشاور مع الجهات المختصة في وزارة المالية وغيرها -
ثامنا- منح الشهداء والجرحى من المجندين إجباريا الحقوق التي تمنح لأقرانهم المتطوعين في الخدمة.
تاسعا – ايقاف التعيينات في الدوائر الامنية (الجيش والشرطة وغيرها ) واشغال محلهم من المكلفين بالخدمة الالزامية لحين وصول الملاكات ،لحالة التوازن بين الحاجة الفعلية في وقت السلم وحاجة التضخم في وقت الحرب ، من خلال التقاعد او الخروج من المسلك لأسباب صحية وغيرها ، واقتصار التعيين على الحالات الملحة لأغراض التطوير . مع العلم ان المبالغ المتوفرة جراء عدم التعيين ستذهب للبناء والاعمار وفتح المصانع وتشغيل المواطنين .
ب- إن ايجابيات التجنيد الإجباري ما يلي :
أولا- الحصول على شريحة شابة قادرة على العطاء .
ثانيا- إزالة الشكوك والاتهامات حول الطائفية والقبول المتوازن لكافــة الطوائف وخلق حالة من الرضي والقبول لجميع شرائـــــــــــح المجتمع.
ثالثا – منع حالات الفساد الإداري في التجنيد.
رابعا- عدم تحميل أجهزة وزارة الداخلية تبعات مالية ثقيلة لا على المدى القريب ولا على المدى البعيد. عند التخلص من الترهل في الملاكات ،اذ إن راتب الشرطي على الملاك الدائم يعادل اكثر من راتب اثنين من المكلفين بالتجنيد الالزامي كما أن إمكانية تسريح المجند بعد انتهاء مدة خدمته أمر سهل وقانوني وبالتالي لا يرهق كاهل الوزاره.
خامسا- يمكن أن يضاعف عدد المنتسبين إلى الجيش أو الشرطة ويعزز روح المواطنة والدفاع عن الوطن لدى الجميع ويقضي على النعرات الطائفية.
سادسا- إن مضاعفة عدد المجندين سيحقق عدة أهداف في آن واحد حيث سوف يؤدي إلى تعزيز القبضة الأمنية على الأمن وتسريع القضاء على الإرهاب وتوزيع الرواتب على الكثير من العوائل الذين يشمل ابناؤها بالتجنيد ، كما ان ذلك يوحد كلمة الشعب ضد الإرهاب حيث إن أبناء الجميع هم في الخدمة ولا يقتصر على طائفة أو فئة وبالتالي سوف يوحد كلمة الشعب ضد الارهاب .
4- الخلاصة :
إن الدراسة تستهدف إيجاد افكارا للاستفادة من خدمات الشباب في سن الخدمة الإلزامية لخدمة امن العراق، ولكن ليس وفقا لمبدأ لزمن النظام البائد حيث يجيش الشعب ضد جيرانه لشن الحروب، وإنما هنا التجنيد للدفاع ضد الإرهاب، وضد من يطمع في ثروات العراق او وحدة اراضيه . حيث سيوفر جيش احتياطي مدرب للدفاع عن ارض العراق ووحدة اراضيه في اية لحظة ،
فإن طرح الموضوع بهذا الشكل سيؤدي إلى إنضاج ما تم مناقشته في البرلمان العراقي من اجل دعم المسيرة الأمنية المتصاعدة والإنجازات الايجابية المتحققة على الصعيد الأمني وفتح ابواب التنمية والتقدم والبناء ، ومن الله التوفيق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجوم إسرائيل -المحدود- داخل إيران.. هل يأتي مقابل سماح واشنط


.. الرد والرد المضاد.. كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟ و




.. روايات متضاربة حول مصدر الضربة الإسرائيلية لإيران تتحول لماد


.. بودكاست تك كاست | تسريبات وشائعات المنتجات.. الشركات تجس الن




.. إسرائيل تستهدف إيران…فماذا يوجد في اصفهان؟ | #التاسعة