الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
السهولة والسخرية في قصيدة -شكوى إلى الوزارة- خالد نزال
رائد الحواري
2018 / 12 / 12الادب والفن
السهولة والسخرية في قصيدة
"شكوى إلى الوزارة"
خالد نزال
الأديب يتألق عندما يتحدث عن مأساته بشكل ساخر، ويتألق أكثر عندما يقدمها بلغة سلسة وممتع بذات الوقت، فما بالنا إن استخدم أكثر من صوت؟، اعتقد أننا بأمس الحاجة إلى مثل هذا النوع من الأدب، لأنه يفرحنا ـ رغم الألم ـ وهذا الفرح بالتأكيد له آثار نفسية إيجابية علينا، تخلصنا مما علق بنا من أدران وتشويهات، يقول الشاعر:
"ألا هبي بلطفك فامنحينا (زيادات) ترد الروح فينا
وزراتنا .. نبثك من هموم فأنت الأم إذ نحن البنونا
نعد الشهر يوما بعد يوما كما انتظر الأذان الصائمونا
لنقبضها (شواكل) ليس تكفي لباسا .. أو أزرا .. أو طحينا
ودينا قد تراكم كا شهر يسدد للكرام المحسنينا
فلا يبقى من (المعلوم) شيء ولو لشراء كيلو (مندلينا)" ص44، فهنا لغة سهلة وسلسة لكنها ساخرة وجميلة في ذات الوقت، فالسخرية والسهولة يلغيان/يخففان من حدة السواد والألم، ننوه هنا أن الصوت المتحدث هو صوت الشاعر، الذي يحدثنا عن همومه المادية.
لكن هناك صوت آخر يرده الشاعر، أو ينقله لنا الشاعر يتمثل بهذا القول:
"ولكن رب يؤس ساق خيرا كما قد قال بعض العارفينا
فراتبنا يرد عنا ويكفينا شرور الحاسدينا
وما حفظ النقود لنا بهم ولا المتسولون بمزعجينا
ولا تدنو (الضرائب) من حمانا ولا نخشى اللصوص المجريمنا
وماذا يبتغي لص غبي بيت فيه قوم معدمونا"
نعيش على التقشف في خشوع على نهج التقاة الزاهدينا" ص44و45،
الكلام فيما سبق لبعض العارفين/الحكماء، الذين يمتلكون القدرة على التحليل وتبيان الخير من الشر، طبعا هذا الكلام جاء بشكل ساخر من الحال، من الواقع الذي يعيشه المعلم، فهو جاءت على لسام (العارف/الحكيم) الذي يسخر من الواقع بهذا الشكل الجميل والممتع.
ويسمعنا الشاعر وصوت آخر غير ما سمعنا، يتحدث لنا عن همومه بهذا الشكل:
"نباتيون من دون خيار ـ ولكن، تكثر الجلطات فينا
وأمراض بلا عدد وحصر ونهرم قبل سن الأربعينا
ومنا من يصاب بهلوسات إذا ما انضم للمتقاعدينا
جنينا المر والأشواك دهرا ويجبي غرينا عنبا .. وتينا
وكأن الكون يجري في سباق ونحن عليه كالمتفرجينا" ص45، فهناك الطرح مباشر وصريح، على النقيض مما سبق، فعندما تحدث الشاعر في المقطع الأولى كان يحمل بين ثنايا كلامه شيء من تقديم محاسن الوزراء "ألا هبي بلطفك فمنحينا/ فأنت الأم إذ نحن البنونا" والخطاب الثاني جاء ساخر من العارف/الحكيم، والثالث جاء بلغة واضحة وصريحة ومباشرة.
بعد هذا الحطاب المزعج والمنفر للمتلقي وللوزارة يتقدم صوت جديد يتحدث بلغة أخرى:
" وزراتنا أليك اليوم نشكو وفي الشكوى عزاء المفلسينا
وعدنا (زيادة) قبل عام فبشرنا البنات مع البنينا
وما زلنا على حر انتظار فهل تتكرمين فتسعفينا
فالصوت الرابع جاء على تباين مع الأصوات الأخرى، فهو يذكر الوزارة بوعودها، وفي ذات الوقت يربط تلك الوعود بفرح البنين والبنات، فمكن خلال الهم الاقتصادي يعد أحد الهموم الأساسية التي تثقل كاهل الموظف، فرغم أن المقاطع الأربعة جاءت تتحدث عن الهموم إلا أن لكلا منها شكل وطريقة خاصة في الحديث، وهذا ما يحسب للشاعر "خالد نزال" الذي امتعنا بتعدد الأصوات وبالطريقة التي قدم فيها عمومه.
القصيدة منشورة في كتاب "نفحات من مرج ابن عامر، منشورات المركز الفلسطيني للثقافة والاعلام، جنين، 1999.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فودكاست الميادين| مع الممثل والكاتب والمخرج اللبناني رودني ح
.. كسرة أدهم الشاعر بعد ما فقد أعز أصحابه?? #مليحة
.. أدهم الشاعر يودع زمايله الشهداء في حادث هجوم معبر السلوم الب
.. بعد إيقافه قرر يتفرغ للتمثيل كزبرة يدخل عالم التمثيل بفيلم
.. حديث السوشال | الفنانة -نجوى كرم- تثير الجدل برؤيتها المسيح