الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مئوية الحرب العالمية الأولى ، أين نحن من السلام !؟

عبدالله صالح
(Abdullah Salih)

2018 / 12 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


يوم الحادي عشر من شهر نوفمبر من هذا العام مرت الذكرى المئوية لانتهاء الحرب العالمية الأولى ، تلك الحرب التي اندلعت يوم 28 / 7 / 1914 وانتهت رسميا في الساعة الحادية عشر صباحا يوم 11 / 11 / 1918 بانتصار الحلفاء فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة وحلفاءهم على المانيا وامبراطورية النمسا والمجر والامبراطورية العثمانية وحلفاءهم في دول المركز وسقوط حكم القياصرة في روسيا في شباط 1917أعقبها انتصار الثورة الاشتراكية على يدالبلاشفة بقيادة لينين في نفس العام .
هذه الحرب كلفت البشرية حوالي 11 مليون جندي و 26 مليون مدني قتلوا باسلحة تقليدية! ثم، وبعد انتهاء الحرب وكنتيجة مباشرة لها، انتشر وباء سُمي بـ ( الانفلونزا الاسبانية ) الذي فتك بحياة ما يقارب بين 50 الى 100مليون انسان معظمهم من الاصحاء عكس بقية الأوبئة التي تفتك بالأطفال وكبار السن .
سُميت هذه الحرب بـ " آخر الحروب " نظرا للتكلفة البشرية الهائلة التي صاحبتها آنذاك وتصميم وتعهد الدول المشاركة فيها ، المنتصرة والمهزومة على حد سواء، على التمسك بالسلام والابتعاد عن الحروب في حل النزاعات ، وجاء تأسيس عصبة الأمم بعد تلك الحرب مباشرة بناء على هذا التعهد .
يوم الاحد الحادي عشر من نوفمبر هذا العام ،أقيمت في باريس، وبمشاركة أكثر من 60 زعيما ورئيس دولة إحتفالات كبرى بهذه المناسبة وخطب الرئيس الفرنسي ماكرون في هذا الجمع منهياً كلمته بعبارة ( عاش السلام )!.... للوقوف عند هذه العبارة لا بد وان نلقي نظرة على التاريخ الذي تلى هذه الحرب ولحد يومنا هذا ليَتبينَ لنا صحة ما قاله ماكرون نيابة عن الدول المشاركة ولنرى عن أي سلام يتحدث هذا الأخير !؟.
صحيح ان الدول المشاركة في الحرب الاولى قررت انهاء الحروب ولكن ذلك لم يكن سوى خدعة وذر للرمال في العيون ، فتلك الدول وما أن حطت الحرب أوزارها إلا وبدأت تتهيأ لحروب أخرى ولازالت هذه السياسة فاعلة الى يومنا هذا وابسط دليل على ذلك الميزانيات الضخمة المخصصة لما يسمى بـ " وزارة الدفاع " في كل دولة وفي مقدمتها " الدول العظمى " فمثلا أمريكا انفقت على حروبها منذ عام 2001 ولحد الآن ستة تريليون دولار ! وسباق التسلح الذي لم يتوقف يوما ودخول العديد من الدول الى نادي الدول التي تمتلك القنبلة النووية كإسرائيل والهند وباكستان وسعي العديد من الدول الأخرى كإيران لامتلاكها بحجة ان هذا السلاح المدمر ما هو الا " للردع " وليس للهجوم !.
الحروب توالت ولاتزال وستبقى مادامت الأنظمة الرأسمالية الإمبريالية قائمة لأن الحروب هي إحدى وسائل ديمومة واستمرار تلك الأنظمة ، فبعد حوالي عشرين عاما فقط على إيقاف الحرب العالمية الأولى التي نحن بصدد الحديث عنها ، وكنتيجة حتمية لظهور وانتعاش الفاشية والنازية في كل من إيطاليا وألمانيا واسبانيا من جهة والاستعدادات العسكرية الجارية على قدم وساق في الدول الكبرى للتهيؤ لأية معركة متوقعة ، اندلعت حرب عالمية أخرى وبالتحديد يوم 1 / 12 / 1939، تلك الحرب التي استمرت حوالى اربع سنوات شارك فيها أكثر من 100 مليون شخص من أكثر من 30 بلداً واودت بحياة ما بين 50 – 80 مليون قتيل خصوصا عند استخدام اكثر الأسلحة فتكا كالقنبلة النووية من قبل أمريكا ضد اليابان في مدينتي هيروشيما وناكازاكي . جاءت هزيمة المانيا وحلفاءها من دول المحور في الحرب الكونية الثانية يوم 2 / 9 / 1945 حين وقعت المانيا النازية وثيقة الاستسلام والتعهد مجددا بالكف عن الحروب في حل النزاعات وتأسست الأمم المتحدة على انقاض عصبة الأمم التي فشلت في إحلال السلام في العالم.
بعد انتهاء هذه الحرب، ورغم كل الادعاءات ، فان الحروب الاخرى لم تتوقف بل استمرت بشكل أو بآخر في هذه البقعة من العالم أو تلك والى يومنا هذا ، فالحرب الكورية التي اندلعت في الخمسينات من القرن الماضي بعد سنوات على إيقاف الحرب العالمية الثانية وادت الى تقسيم البلد شمالا وجنوبا ، ثم جاءت الحرب الفيتنامية في الستينات من نفس القرن ، والحرب بين الدول العربية وإسرائيل أواخر الستينات وبداية السبعينات ، والحرب الإيرانية العراقية في الثمانينات ، ثم حربي الخليج الأولى والثانية في التسعينات ، والحرب في أفغانستان والصومال وحروب افريقيا التي لم تنقطع حتى الآن ثم احتلال العراق من قبل أمريكا وحلفاءها والحروب التي تلت بعد " الربيع العربي " وشملت كل من ليبيا واليمن وسوريا والعراق ولازالت مستمرة لحد الآن وظهور وحش بشري آخر نتيجة لسياسات ومتطلبات مصالح الدول الأمبريالية وحلفاءها الاقليمين أي ظهور داعش والدمار الذي صاحب تواجده ثم القضاء عليه عسكريا .
إذا الحروب تتوالى دون إنقطاع لانها ببساطة السمة الملازمة للنظام الرأسمالي العالمي المبني على الاستغلال والجشع وتقسيم العالم الى مناطق نفوذ لجني اكبر ما يمكن من الأرباح على حساب حياة ومعيشة الملايين من البشر ، هؤلاء الذين يدفعون ضريبة تلك الحروب ليجني ثمارها حفنة من الرأسماليين .
الآن حان الوقت لنسأل ماكرون وزملاؤه : عن أي سلام تتحدثون ؟ أولستم انتم من طرح، واثناء قيام نفس هذه الاحتفالات ، فكرة انشاء حلف أوروبي ؟ أوليس كبيركم ترامب الذي هدد بالانسحاب من حلف شمال الأطلسي ما لم تدفعوا مستحقاتكم للحلف المذكور ؟ والسؤال الأخير لِمَ هذه الاحلاف العسكرية ؟ هل هي حقا للسلام الذي تتحدثون عنه أم لحروبكم التي لا تتوقف !؟
طالما وُجدَ النظام الرأسمالي الامبريالي وجدت الحروب ولا نهاية لتلك الحروب سوى بنهاية ذلك النظام الطبقي . أدوات الانتصار في الحرب على هذا النظام موجودة ومنذ زمن ليس بقريب ، إلا أن ما ينقص هذا الانتصار هو وحدة الطبقة العاملة ،حفارة قبر هذا النظام ، وحدة لن تأتي من فراغ بل بوجود حزب طليعي شيوعي قادر على توحيد تلك الصفوف والسير في قيادتها نحو هزيمة النظام الرأسمالي والقضاء عليه وبناء المجتمع الاشتراكي، ذلك المجتمع والنظام القادر على إبعاد البشرية والى الابد عن الحروب والتأسيس لغد مشرق لكل الأجيال ، انها مهمة ليست بالسهلة ولكنها غير مستحيلة .

ملاحظة / الاحصائيات والأرقام مأخوذة من صفحة (ويكيبيديا – الموسوعة الحرة )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قبل عمليتها البرية المحتملة في رفح: إسرائيل تحشد وحدتين إضاف


.. -بيتزا المنسف- تثير سجالا بين الأردنيين




.. أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط


.. سفينة التجسس بهشاد كلمة السر لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر




.. صراع شامل بين إسرائيل وحزب الله على الأبواب.. من يملك مفاتيح